انضم خلال العام الفائت إلى قدامى مالكي اليخوت في أعالي البحار أسطول من البحارة الجدد الذين تخلت عنهم مكاتب شركات كانوا قد ألقوا فيها مراسيهم من قبل. وبسبب شهرة اليخوت، من حيث كونها حجيرات طافية بمنأى عن الجائحة، أصبح اليوم سوق بناء السفن "على نار حامية" على ما يقول رئيس إحدى شركات السمسرة الكبرى.

يكفي شاهدًا على ذلك ما تؤشر إليه بعض الأرقام: ارتفعت مبيعات القوارب الجديدة المجهزة بمحركات، بما في ذلك اليخوت، بنسبة 12% تقريبًا في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الفائت. لكن هذه النسبة لا تعكس العدد الضخم لليخوت التي يمتلكها أمريكيون والمسجلة في دول أكثر تساهلاً في إجراءاتها الضريبية.

في مارين ماكس MarineMax، أكبر وكيل في العالم لبيع القوارب واليخوت الترفيهية بالتجزئة، ارتفعت العائدات في الربع الأخير من سنة 2020 بنسبة 35% عما كانت عليه في الفترة نفسها من سنة 2019، محققة رقمًا قياسيًا بلغ 411.5 مليون دولار. أما على مستوى العالم، فحققت مبيعات اليخوت المستعملة، التي يزيد طولها على 78 قدمًا، في يناير كانون الثاني الفائت ارتفاعًا بنسبة 55% عما كان عليه الحال في الشهر نفسه من السنة الفائتة.

بينما تعاظمت ثروات قطاع اليخوت، غرقت شركات تنظيم الرحلات البحرية الترفيهية، فرزح عدد يصعب إحصاؤه من عمّال السفن والطهاة والمضيفات تحت وطأة البطالة. وإذ انهالت الطلبات على مالكي اليخوت، بلغ اليأس ببعض العاطلين عن العمل إلى عرض خدماتهم مجانًا. لكن حتى في هذه السوق المكتظة حد الغرق، تبقى المنافسة للفوز بطاقم اليخت المتميّز شرسة. بل إنها غذّت موجة جديدة من تدبير قديم في العالم البحري يُعد من المحظورات ويتمثّل باقتناص العاملين على متن اليخوت.

إنها ممارسة تستحق أن تحمي نفسك منها بوصفك مالك يخت لأن سعادتك في أعلى الهرم البحري المرتكز على المرتبة يعتمد إلى حد كبير على استقطاب فريق متميز والحفاظ عليه.

اقتناص الكفاءات على متن اليخوت

ثمة عالمان متوازيان في مسار توظيف طواقم اليخوت. يشكك العالم الأول، المكوّن من وكالات التوظيف، حتى في وجود ما يُسمى باقتناص الموظفين. يؤكد مايكل جايكوبز، المدير العام لشركة M/Y Crew Agency المتخصصة في التوظيف من أجل اليخوت الفارهة: "أن هذا القطاع يتحلى بمستوى عال من النزاهة. ثمة اتفاق نبيل بين مالكي اليخوت على عدم اقتناص موظفي مالك آخر." يقول جايكوبز معترفًا: "يحق لأي فرد أن يُنهي عقده على أن يقدم إخطارًا بذلك قبل شهر كامل. لكن أفراد الطاقم يبدون قدرًا كبيرًا من الولاء للقارب أو للقبطان. إنهم لا يقفزون من قارب إلى آخر."

بالرغم من أن سرقة طاقم اليخت تعكس حتمًا سلوكًا سيئًا، إلا أن وكالات أخرى تقرّ بأن بعض جهات التوظيف تلجأ إلى ذلك عندما تتجلى لديها الحاجة الماسة لملء الوظائف الشاغرة. تقول كلويه كوليت، كبيرة مسؤولي توظيف الربابنة ومساعديهم في وكالة YPI Crew في أنتيب بجنوب فرنسا: "نسمع عن اقتناص موظفي اليخوت." لكنها لا تلبث أن تضيف: "غير أن هذا السلوك لا يمت إلى أخلاقنا بصلة."

في المقابل، يقول وكيل اشترط للحديث عدم الكشف عن هويته إن اقتناص الموظفين ليس نادرًا بقدر ما توحي المزاعم. فبعض جهات التوظيف لا تتحلى بأي وازع خُلقي. بعد تحصيل رسوم توظيف أحد أفراد الطاقم على متن يخت ما، لا تتردد بعض الوكالات في "سحبه من هذا اليخت ونقله إلى آخر" على ما يقول هذا الوكيل لمجلة Robb Report. وإذا كان عدد طاقم اليخت كبيرًا ويحتكم إلى مستويات إدارية تعمل بنظام المناوبة، فإن المالك قد لا يتنبّه إلى ارتفاع معدل تبدّل العاملين على متن يخته، ولا يدرك من الجهة الواجب لومها.

على الرغم من تدفق الموظفين من قطاع شركات تنظيم الرحلات البحرية، إلا أن العاملين الأعلى تميزًا على متن اليخوت يدركون ارتفاع الطلب على خدماتهم، لا سيّما وأن عددًا متزايدًا من القوارب يجوب البحار. في معظم الحالات، لا يتنقّل أفراد الطواقم بين اليخوت من خلال وكالات التوظيف، بل باعتماد الأسلوب عتيق الطراز لتسريب المعلومات. تقول كايتي – لي غرانت، البالغة من العمر 30 عامًا، والتي تعمل أمينة حسابات على متن يخت فاره: "إنك تحظى في هذا العالم بشبكات صغيرة رائعة من أصدقاء الأصدقاء. لذا يجري الأمر عن طريق تناقل الأخبار. يمكنك أن تبحث عن وظيفة دون علم اليخت حيث تعمل. وعند استخدام المواقع الإلكترونية للوكالات، يمكنك الإشارة إلى أنك تبحث عن عمل بصورة سرية."

فضلاً عن ذلك، يرى العاملون على متن اليخوت أن تنقلهم المفرط يُعد مشروعًا في سوق عمل ينظر إليهم على أنه يتأتى استبدال غيرهم بهم. يقول جاي، مساعد القبطان الأول البالغ من العمر 30 عامًا والذي طلب ألا نذكر اسم شهرته: "يمكن الاستغناء بسهولة عن أفراد طواقم اليخوت. قد أستقيل اليوم ويستبدلون بي موظف آخر غدًا. ستجد دومًا من ينتظر عند رصيف الميناء للحصول على وظيفتك."

يقول جاي، الذي يعمل على متن يخت لإحدى العائلات في فلوريدا، إنه حصل مؤخرًا على فرصة لوظيفة قبطان أول من خلال أحد معارفه الذي اقتنصه سابقًا من وظيفته. يدرس جاي إذا ما كان يجدر به قبول هذا العرض الوظيفي، لا سيما وأن رب عمله الحالي قد حدّث للتو خياره إلى يخت بطول 150 قدمًا، وهو "وفي جدًا للعائلة" على ما يقول مضيفًا: "ما زلت أدرس الأمر، بانتظار أن أعرف قيمة الامتيازات التي سأحظى بها، ومسار اليخت، والراتب".

 

"يمكن الاستغناء بسهولة عن أفراد طواقم اليخوت. قد أستقيل اليوم ويستبدلون بي موظف آخر غدا. ستجد دوما من ينتظر عند رصيف الميناء للحصول على وظيفتك"

امتيازات مغرية

ينجح مالك اليخت والقبطان أحيانًا في إقناع أفراد الطاقم بالبقاء في عملهم عبر إغرائهم بزيادات على الرواتب وترقيات. لكن الطُعم الجديد الأهم يتمثل بعقود التناوب بالتساوي التي تسمح بفترة إجازة مدفوعة على اليابسة تساوي فترة العمل في أثناء الإبحار باليخت. (تقتضي معظم عقود التناوب الشائعة أن تساوي أشهر الإبحار ثلاثة أضعاف أو أربعة أضعاف أو خمسة أضعاف أشهر الإجازة.) أما الأجور، فلا ترتبط بالخبرة فحسب، ولكن بحجم اليخت أيضًا.

 قد يتراوح أجر عامل على السطح بين خمسة آلاف دولار وعشرة آلاف دولار شهريًا، فيما يمكن لراتب القبطان الشهري أن يتفاوت بين عشرة آلاف دولار على متن يخت بطول 140 قدمًا، و30 ألف دولار أو أكثر عند العمل على متن يخت يزيد طوله على 280 قدمًا. يقول جايكوبز: "إنه قطاع صغير جدًا ولا يعاني نقصًا في السيولة. إذا كان الموظف متميزًا، فإن مالك اليخت أو القبطان سيوليه رعايته. يكافئ مالكو اليخوت والربابنة على الجد في العمل ويوفرون الرعاية لطواقم يخوتهم من خلال الإجازات المدفوعة، والمناوبات، والرواتب المغرية. في معظم اليخوت الضخمة، يُعيّن على نفقة اليخت طاه خاص بطاقم العمل تدرّب في أحد المطاعم الحائزة نجوم ميشلان وتقتضي مهمته إعداد الطعام للعاملين على متن اليخت متى رغبوا في ذلك."

يقول لوكا ريغوسكي، مالك يخت مياما Miamaa البالغ طوله 105 أقدام، والذي سلّمته إياه شركة بينيتي في عام 2012: "إن استثمار جهد كبير لتحقيق التناغم بين أفراد الطاقم مجزٍ". طيلة الفترة الممتدة من شهر مايو أيار إلى شهر سبتمبر أيلول من كل سنة، يبحر ريغوسكي، البالغ من العمر 67 عامًا، عبر البحر المتوسط مصطحبًا معه أفراد عائلته وطاقمًا يقتصر على أربعة أفراد هم القبطان، والمضيفة (يبقى إسناد الأدوار بحسب الجنس شائعًا) التي عملت على متن هذا اليخت منذ إطلاقه، بالإضافة إلى طاه ومهندس. يقول ريغوسكي: "لطالما سعينا إلى بناء مجموعة تعاضدية متماسكة والحفاظ عليها."

يعتقد ريغوسكي، ابن بلدة لوغانو في سويسرا، أن "طاقم اليخت السعيد يجعل مالكه سعيدًا". أما متطلباته فيما يخص التوظيف، فتتمثل "أولًا، بالاحترافية المثبتة والجدية الملحوظة" على ما يقول مضيفًا: "أما الأمر الآخر، فإن كل مرشح للوظيفة يُقيّم بوصفه عضوًا في فريق ينبغي أن يتعاون مع أعضائه الآخرين ويتشارك معهم الحياة على متن اليخت." يوضح ريغوسكي أن التوظيف الموجّه الذي يأخذ التفاعل الحيوي بين أفراد المجموعة في الحسبان يضمن راحة البال.

لكن ريغوسكي يشكل استثناء على ما يُشاع عنه. فاليخوت الفارهة تشهد على ما يبدو تغيرًا مستمرًا في العاملين على متنها. بل إن مالكي اليخوت الأصغر حجمًا أيضًا، والتي لا تبحر طيلة السنة، يحتاجون على الأقل إلى ملء بعض المناصب الوظيفية الشاغرة لديهم سنويًا.

يُعرف عن العاملين على متن اليخوت أنهم يميلون إلى الانتقال من يخت إلى آخر في منتصف موسم الإبحار. وفيما تقتنص قوارب أخرى بعض العاملين عبر إغرائهم بأجور أعلى، يهرب آخرون من قبطان متنمّر، ويغادر قسم آخر "بدافع من نزوة ما" على ما تقول غرانت، وتضيف قائلة: "تستحوذ الفكرة على عقولهم ويسارعون إلى المغادرة. ومن ثم يتجلى الأثر التراكمي لهذا السلوك، وتكتشف فجأة أنك خسرت عشرة أفراد من طاقمك."

يستمر العاملون على متن اليخوت في تقصي الأفق بحثًا عن وظيفة أفضل. يقول طاه على متن أحد اليخوت الفارهة يبلغ من العمر 44 عامًا: "إن البحث عن عمل هو مهنتك الأخرى. ويجدر بك أن تتقن ذلك. إن هذا القطاع متقلب جدًا، لكني أستحسن هذا الوضع شخصيًا لأنه يتيح القيام بمجازفات. إذا كان وضع اليخت بائسًا، فما عليك سوى أن تحزم حقائبك." لكن هذا الامتياز الرئيس في حياة العاملين على متن اليخوت، أي إمكانية الانتقال من يخت إلى آخر، يُعد مصدر إزعاج بالغ لأرباب العمل الذين يحتاجون إلى احتساب رسوم التوظيف، وإعادة التدريب، والاعتبارات الأمنية، واتفاقيات عدم الإفصاح لكل فرد في طاقم اليخت.

تقول غرانت: "يؤثر مالكو اليخوت رؤية الوجوه نفسها. فالعاملون المنتظمون يعرفون الأمور الشخصية المفضلة للمالك. كلما تغيّر أفراد الطاقم، تجلت الحاجة إلى إعادة تدريب العاملين الجدد."

Getty Images/iStockphoto

Getty Images/iStockphoto

أفضل المقاربات

إذا كنت مالك قارب، فكيف يتأتى لك إذًا ان تحافظ على أفضل موظفيك؟  

ينصحك جايكوبز بأن تتحقق عند توظيف أحدهم من الأدلة التي تثبت الاستمرارية في العمل، والولاء، فضلاً عن "الخدمة الرفيعة، والتكتم الشديد، والإسراف في الالتزام بأخلاق العمل". إن الموظف الأفضل على متن اليخت لا يعرف أفضل مواقع الصيد في جزر إكزوما، أو أفضل منافذ بيع الكافيار في كولومبيا فحسب، بل يكون على استعداد أيضًا لتجاوز متطلبات وظيفته في سبيل مساعدة الفريق.

يصف جاي كيف أنه غالبًا ما يمد يد العون إلى رفاقه في المطبخ بعد انتهاء فترة مناوبته على السطح، فيعينهم على "تزيين أطباق الحلوى وتنظيف الصحون". يقول جاي إن أفضل مهندس عمل معه كان خبيرًا ميكانيكيًا سابقًا لدى شركة بورشه، وكان لا يتوانى عن المشاركة في أعمال التنظيف والمساعدة في المطبخ. وكان ثمة مهندس آخر يُعد الخبز الطازج للضيوف ولطاقم اليخت على حد سواء. إن هذه المكوّنات هي ما يصنع السعادة على متن السفينة.

يفوّض مالكو اليخوت في العادة مهمة الوقاية من اقتناص الموظفين إلى القبطان. لكن حذار من الوقوع قي خطأ الاعتقاد بأن هذا الربان الذي توليه ثقتك محصّن في مواجهة عرض وظيفي أفضل قد يتلقاه شخصيًا (لا يزال معظم الربابنة من الرجال) أو أنه لا يستقطب العاملين من يخوت أخرى.

قد يحدث ما هو أسوأ أيضًا. تقول جينيفر موسلي، التي تشغل منصب مساعد قبطان أول على متن اليخت الاستكشافي Dorothea III البالغ طوله 147 قدمًا، والذي تعود ملكيته إلى ستيفن غرين، سفير الولايات المتحدة الأمريكية سابقًا إلى سنغافورة، تقول: "يترك القبطان العمل، وإن كان ثمة موظفان متميزان في فريقه، فإنه سيحاول حتمًا اصطحابهما معه إلى اليخت الجديد". وفي بعض الأحيان، "قد يصطحب القبطان كامل أعضاء الفريق معه إلى يخت آخر" على ما تقول كوليت، خبيرة توظيف الربابنة ومساعديهم.

إذا كنت ترغب، بوصفك مالكًا لليخت، في أن ترى الفريق نفسه كلما جلست لتناول طعام الفطور، وإن كنت لا تود أن توضح مجددًا كيف تؤثر طيّ قمصانك وإعداد طبق البيض، فيجدر بك أن تسعى للانضمام إلى الجنس النادر من أرباب العمل الذين "يعاملون الموظفين على متن يخوتهم كأنهم أفراد من العائلة" على ما يقول كريس، القبطان المتمرّس الذي اشترط للحديث إلينا عدم ذكر اسمه الحقيقي. يقول القبطان: "نصفهم بأرباب العمل المنشودين. يواظب كل عامل في قطاع اليخوت على البحث عن رب عمله المنشود."

"إن البحث عن عمل هو مهنتك الأخرى. ويجدر بك أن تتقن ذلك"

أما إهمال العاملين على متن اليخت، أو السماح للقبطان بترهيبهم، فيُعد خطأ يكلفك طاقم اليخت. في نهاية المطاف، قد يكون الدافع إلى تنقل العاملين بين اليخوت ظروف العمل السيئة بقدر ما قد يكون العروض الوظيفية المغرية.

تتذكر ماريان (ليس اسمها الحقيقي)، البالغة من العمر 35 عامًا، والمضيفة السابقة على متن أحد اليخوت وتعمل اليوم وسيطًا لاستئجار اليخوت في فلوريدا، تتذكر وظيفتها الأولى التي شغلت فيها منصب مضيفة في قاعة الطعام على متن يخت بطول 200 قدم. وفي ذلك تقول: "كان الوقت المفضل لديّ طيلة اليوم عند إخراج القمامة، لأنه كان الوقت الوحيد الذي يتسنى لي قضاؤه على السطح الخارجي. يردد الآخرون دومًا أن العمل على متن يخت رائع حتمًا. لكني أذكر أني تساءلت يومًا فيما كنت أنظف مفصلة الحمام باستخدام عود أسنان وقطن: أهذه حياتي حقًا؟".

بعد وقت قصير، تقدمت ماريان إلى القبطان بطلب الحصول على وظيفة على السطح، لكنه أجابها قائلاً "مكان النساء في الداخل حيث يتولين الخدمة والتنظيف" على ما تقول ماريان مضيفة: "إنه سلوك شائع. علينا أن نحارب دومًا الاعتقاد السائد بأنه لا يحق للفتيات العمل على السطح."

لم تتحسن الأوضاع بعد أن انتقلت ماريان للعمل على متن يخت أصغر حجمًا. وفي ذلك تقول: "يعتقد بعض الربابنة أنهم فوق الجميع ويحق لهم أن يتصرفوا كيفما يشاؤون. تعرضت كثيرًا للتحرش. العمل على متن اليخوت صعب حقيقة. لا وجود لقسم موارد بشرية، ولا يمكنك إذًا الحديث إلى أحدهم. الإساءات الجنسية واللفظية شائعة جدًا". عندما تقدمت ماريان أخيراً بشكوى إلى مالك اليخت، نقل شكواها إلى القبطان، فخسرت عملها.

ثمة تنافس خفي، یستعلن أحیانا، على العاملین على الیخوت الفاخرة بین ملاكھا أو الشركات التي تعنى بتوظیفھم.

Getty Images/iStockphoto
ثمة تنافس خفي، يستعلن أحيانا، على العاملين على اليخوت الفاخرة بين ملاكها أو الشركات التي تعنى بتوظيفهم.

مهنة المتاعب

قد يكون توازن القوى بين القبطان ومالك اليخت مضطربًا على ما تقول موسلي، مساعد القبطان الأول التي عملت لدى العائلة نفسها طيلة 20 عامًا، فوجدت على ما يبدو رب عملها المنشود. تقول موسلي: "قد تسوء الأحوال الجوية ويقول القبطان إنه لا يجدر بنا الإبحار، لكن مالك اليخت يعارضه. ينبغي عندئذ للقبطان أن يقرر الخطوة التالية: هل هو مستعد لخسارة وظيفته؟ ينتهي الأمر بهما وسط العاصفة، وقد تتحطم أغراض على متن اليخت. عندما تبحر بشقة متحركة بقيمة ملايين الدولارات، لن يكترث البحر إذا ما سقطت الثريا من علوها".

فضلاً عن ذلك، يقوّض بعض مالكي اليخوت السلامة عندما يحرمون طاقم العمل من النوم على ما يقول كريس. يتذكر القبطان المتمرّس كيف أن أفراد الطاقم كانوا يتهيأون للنوم بعد العمل طيلة 18 ساعة فيما يحتفل مالكو اليخت فوق إحدى جزر البهاما. يقول كريس: "طُلب مني أن أحمّل زورق الخدمات بالألعاب النارية وأتوجّه إلى جزيرة خاصة تبعد عشرة أميال لإطلاق المفرقعات. إذا ما وقع حادث لأن أفراد الطاقم واصلوا العمل طيلة 22 ساعة دون أن يحظوا بقسط من النوم، فإن المسؤولية ستقع على عاتقي."

كما يطرح السلوك السيئ للضيوف مسألة حساسة أخرى. تقول أنيتا روجرز، مؤسسة شركة British American Household Staffing للتوظيف ورئيستها: "في غالب الأحيان، لا يكاد ينام الضيوف، لا سيّما إن كانوا مجموعة من الشباب الذين استأجروا اليخت لأسبوعين رغبة منهم في الاستمتاع بمباهج كثيرة." يمل الطهاة وكبار المضيفين من الرد على اتصالات طلب الطعام في أي وقت من الليل، فيما تتجاوز بعض الطلبات حدود المتوقع في الوظيفة. كما تشيع الحكايات عن ضيوف "يتحرشون" بأفراد الطاقم على ما يقول كريس، أو حتى يعرّضون بسلوكياتهم القبطان للاعتقال مثلما حدث مع بول تريبورو، القبطان المقيم في فلوريدا والذي عمل على متن يخوت عائلات رفيعة المقام في الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.

قد يحدث أيضًا أن يحاول الضيوف اقتناص موظفي اليخت للعمل على اليخوت الخاصة بهم. يقول جاي: "يرغبون أحيانًا في أن ترافقهم إلى الشاطئ لتشرف على خدمتهم، وفي أحيان أخرى يريدون تعرّف أفراد الطاقم". يعرف جاي ضيوفًا ظلوا على تواصل مع أفراد الطاقم، وعندما ابتاعوا يخوتهم الخاصة، "هاتفوا مساعد القبطان الأول ليعلموه بأنهم يبحثون عن قبطان."

تواجه اليخوت الفارهة خصوصًا مشقة في الحفاظ على موظفيها. تتذكر أنيتا روجرز أنها تحدثت خلال رحلة قامت بها مؤخرًا إلى سان بارتز إلى "بعض الموظفين الذي عملوا على متن يخت ضخم تعود ملكيته لملياردير روسي"، وإذ كانوا يتوقون بشدة إلى ملء وظيفة شاغرة أخرى بسرعة، أظهروا استعدادهم لأن يجري اقتناصهم. تقول روجرز: "لا يُعد العمل على متن اليخوت الفارهة موضع استحسان واسع النطاق، وإن كان كل فرد في طاقم اليخت يتلقى أجرًا ضخمًا. فهذه اليخوت فسيحة جدًا، ولا يسودها روح الفريق." تقول روجرز إن المشكلة تكمن في الطيش الملازم لامتلاك منجم ثروة تتراجع قيمته، مضيفة: "إذا كنت تمتلك يختًا بطول 400 قدم، فينبغي أن يتأتى لك تبديد هذه الثروة. ربما يطال هذا السلوك القائم على الاستغناء عن الثروة أفراد الطاقم أيضًا."

يقول ريغوسكي إن أترابه من مالكي اليخوت نادرًا ما يقاربون توظيف أفراد الطاقم والحفاظ عليهم "بالقدر المطلوب من المهارة والرعاية"، مضيفًا: "غالبًا ما أسمع تصريحات سلبية يدلي بها المالكون فيما يتذمرون من العاملين على متن يخوتهم. أرى شخصيًا أن كل مالك يحظى بطاقم اليخت الذي يستحقه."