رواد في مجالات مختلفة يكشفون عمن سيخلفهم في الجيل المقبل من المبدعين الملهمين. 

  

برونيللو كوتشينيللي

موريتزيو أوليفييرو

يشتهر برونيللو كوتشينيللي بوصفه مؤسس الدار الإيطالية المتخصصة في الأزياء الرجالية والنسائية التي تحمل اسمه، ورئيسها التنفيذي. يُلقب كوتشينيللي بملك الكشمير، وذلك في إشارة إلى أصول الشركة التي أنشأها بداية لبيع كنزات للسيدات تُحبك من الكشمير، والتي باتت اليوم تسجل إيرادات سنوية عالمية تبلغ 550 مليون دولار. موريتزيو أوليفييرو أستاذ في مادة القانون، وقد عُين مؤخرًا عميدًا لجامعة Università degli Studi di Perugia، ليشغل بذلك واحدًا من أعلى المناصب في الجامعة الإيطالية التي يمتد تاريخها عبر قرون. تقابل كوتشينيللي وأوليفييرو للمرة الأولى في الجامعة قبل 15 عامًا.

«ولد موريتزيو، مثلي، في قرية صغيرة. إنه يتحدر من عائلة متواضعة تقطن بالقرب من نابولي، وقد أتم دراسته في بيروجيا في جامعتنا العريقة. بإمكاننا أن نمضي الأمسيات معًا في الحديث لساعات عن الحياة عمومًا، وعن حياتنا، على غرار ما يفعله الناس في مقهى القرية.

لكننا لا نتحدث بإسهاب عن الشؤون اليومية. بل نتكلم عن القرن المقبل، أو عن القرنين المقبلين، وسبل الاضطلاع بدور وصي على الجامعة أو على شركتي. فكلنا أوصياء في مجالاتنا لفترة زمنية وجيزة للغاية، ويقضي واجبنا احترام هذا الدور.

أعتقد أن ثمة رابطًا قويًا بين عالم الأزياء وأي جامعة. إنه رابط روحي وخُلُقي ومعنوي، والأزياء بطبيعتها تفرض العثور على مصادر ملهمة لدى الأجيال الأكثر شبابًا. الآن وقد عُين أوليفييرو في منصب عميد للجامعة، صرت أقصدها للتنزه في أرجائها. أعمل في قطاع الأزياء منذ 40 عامًا، ولطالما حاولت ابتكار الأزياء المستوحاة من عالم الفلسفة. ولكني في اللحظة الراهنة، ألاحظ نهضة للمُثل العظيمة.

تعمقت معرفة أحدنا بالآخر من خلال ممارستنا لرياضة كرة القدم معًا مرة واحدة في الأسبوع تقريبًا. ألعب في خط الدفاع، بينما يلعب أوليفييرو مهاجمًا في خط الوسط، لذا غالبًا ما ألعب ضده. لا شك في أنه أفضل مني بعض الشيء، لكنه أصغر سنًا أيضًا. فأنا في السادسة والستين من العمر فيما هو يبلغ من العمر 51 عامًا. أفتقر إلى المهارات، لكني أركز على قوتي الجسدية في أثناء اللعبة. ودائمًا ما أقول له: «إن لم تكن لديك الرغبة في التعرض للدفع، فعليك ممارسة رياضة كرة الطاولة». أما كرة القدم فتتطلب بعض الخشونة.

إنني شغوف بالمسرح، وقد بدأ أوليفييرو يرافقني إلى العروض المسرحية. إنه مفتون بالموسيقا وربما كان ليعمل منسقًا للأغاني. عندما نجتمع في المنزل، يتولى أحيانًا تنسيق الموسيقا.»

 

كوستو (إلى اليسار) وواشنطن.

كوستو (إلى اليسار) وواشنطن.

 

فيليب كوستو

داني واشنطن

يُعد فيليب كوستو، حفيد الغواص الرائد جاك كوستو، مستكشفًا وناشطًا في الحفاظ على البيئة. إنه يوزع اليوم أوقاته بين إدارة منظمة إرث إيكو إنترناشيونالEarthEcho International  غير الربحية التي تعنى بتحفيز الشباب على العمل من أجل الاستدامة، والاستمرار في مسيرته التلفزيونية المزدهرة بوصفه مقدمًا لبرامج مثلCaribbean Pirate Treasure  (كنز قراصنة الكاريبي) على قناة Travel Channel المتخصصة في أمور السفر. شاركت داني واشنطن المتحدرة من ميامي في تأسيس منظمتها غير الربحية الأولى وهي لا تزال في الحادية والعشرين من العمر، وذلك بهدف إلهام الشباب الآخرين في مجال الحفاظ على الموارد البحرية. منذ ذلك الحين، حرصت واشنطن على تقديم مقاطع فيديو تعليمية وبرامج تلفازية حول مواضيع العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، فضلاً عن تنظيمها حملات واسعة النطاق تدعو إلى بحار ومحيطات أنظف وخالية من البلاستيك.  كان اللقاء الأول بين كوستو وواشنطن في عام 2009، وذلك في سياق حدث نظم في متحف الاكتشاف والعلوم في فورت لودردايل بفلوريدا.

 

"كوستو (إلى اليسار) وواشنطن."

 

«أتشارك مع داني مهاراتها في سرد الحكايات وشغفها العميق بعالم البحار والمحيطات، فضلاً عن الرغبة في إلهام الشباب. هكذا نشأ الرابط بيننا. بدأت داني مسيرتها في العمل مع الأطفال، على ما فعلت أنا أيضًا في عملي الأول من خلال منظمتي الخيرية إيرث إيكو التي تركز على الشباب والتعليم.

قد تبدو الأمور مصطنعة في أيامنا هذه، خصوصًا في وسائل الإعلام، حيث لا يبذل الأفراد أي مسعى إلا في سبيل كسب الشهرة أو الظهور على شاشة التلفاز. أما دوافع داني، فمشابهة لدوافعي، إذ إنها تعد الأمر وسيلة لتحقيق غاية، وليس غاية في حد ذاتها. فالسلوك الاجتماعي والظهور الإعلامي ليسا أكثر من أداتين.

لم تفلح الحركة البيئية في التوجه إلى جمهور أوسع من الناس. إنها تميل إلى التوجه لمعتنقي هذا المبدأ، فيما يكمن أحد أكبر التحديات في إيجاد سبيل لتوسيع نطاق الجمهور الذي يكترث لهذه المسائل ويتفهمها. في المرات الأولى التي التقيت فيها وداني، كانت برفقة أطفال عدة من طلاب المرحلة الابتدائية الذين قدموا إلى مركز الطبيعة Marjorie Stoneman Douglas Biscayne Nature لاختبار المحيط للمرة الأولى. ربما كان كثير من أولئك الأطفال يقطنون على مسافة ميل من المحيط، لكنهم لم يزوروه قط. كان من الرائع مشاهدة واشنطن وهي تصطحبهم إلى الخارج وتخوض معهم في المياه لرؤية الأعشاب البحرية أو الحيوانات بعد رفعها من الماء. إنها تعشق سرد القصص، وهي صادقة في ذلك، على ما ينعكس في مساعيها كافة.

يكفي شاهدًا على ذلك النظر إلى صفحتها على إنستغرام. إنها على استعداد للتعبير بجرأة أكبر. أصارع دومًا في مواجهة التحدي الذي يفرضه إيجاد التوازن بين الجد والمرح. أعتقد أنها تحقق ذاك التوازن على نحو أفضل مقارنة بي.

الواقع هو أنها نظيرة لي أكثر من كونها «خلفًا لي«، إذ إنها تحظى باحترامي إلى أبعد حدود. والأهم من ذلك هو أن الواحد منا يتعلم من الآخر.»

 

غرينشتاين (إلى اليسار) ورودريغز ويدهولم.

غرينشتاين (إلى اليسار) ورودريغز ويدهولم.

 

مادلين غرينشتاين

جولي رودريغز ويدهولم

 تشغل مادلين غرينشتاين منصب مديرة متحف الفنون المعاصرة في شيكاغو، وتشتهر بعلاقاتها الوطيدة في عالم الفنون، وبقدرتها على الجمع بين الفطنة التي يقتضيها دور أمناء المتاحف والدهاء التجاري. تولت أيضًا الخريجة السابقة من البرنامج الدراسي في متحف ويتني تنسيق جناح تشيلي في معرض بينالي البندقية. تشغل جولي رودريغز ويدهولم منصب مديرة متحف الفنون DePaul Art Museum، التابع لجامعة دي بول في شيكاغو، ورئيسة أمنائه. التقت السيدتان في عام 2008، عندما تسلمت غرينشتاين زمام إدارة متحف الفنون المعاصرة حيث كانت رودريغز ويدهولم تعمل آنذاك أمينة متحف متدربة. وكانت غرينشتاين هي من قامت بترقيتها إلى منصب أمينة متحف. 

«نشأت جولي في جو عسكري، فيما ترعرعت أنا في «بيئة القطاع النفطي« إذا جاز التعبير. عندما يتنقل المرء كثيرًا في طفولته، ينمو تقديره للحقيقة الكامنة في وجهات النظر المختلفة، وشرعية الشعوب والثقافات التي لا نعد جزءًا منها. كما أنه ليس بالإمكان تجنب الوقوع في مواقف غريبة، لأنك لما تفهم القواعد بعد، ما يجعلك أصيلاً جدًا، إذ لم يتسن لك خيار آخر غير التصرف وفقًا لطبيعتك. إننا نتشارك هذه التجربة.

نتشاطر الشعور بالامتنان والرغبة في العطاء. تُعد جولي واحدة من بين أمناء متاحف عدة توليت توجيههم، لكنها لم توفر أي مناسبة للارتقاء بنفسها والانضمام إلى هيئة التدريس في مدرسة معهد الفنون في شيكاغو.

أقدّر قوتها ووعيها الذاتي. إننا نتشارك هذه القيم، وكلتانا تمضي في مسار للتحسين المستمر.

تتميز جولي بعينين بنيتين واسعتين تشكلان سمة جسدية توازي حدة فضولها وتفاؤلها. كما أني تأثرت بحس المبادرة الذي تمتلكه. إنها تبادر إلى العمل من تلقاء نفسها وتتحلى بمنظومة خُلُقية قوية في مجال العمل.

نفتخر كلتانا بامتلاك حدس يساعدنا على رصد أي عمل سيشكل مأثرة فنية في المستقبل القريب. نتشارك أيضًا ميلاً راسخًا إلى الاستثمار في فنون الأمريكتين، خصوصًا تلك التي تبصر النور جنوب حدود الولايات المتحدة الأمريكية. ويبدو اليوم جليًا التزام الجميع بالتنوع والاندماج. قدمت جولي في عام 2007، مع بداية مسيرتها في منصب أمينة متحف، عرضًا كبيرًا حول الفنون المكسيكية المعاصرة. إنها تدرك في العمق حقيقة ما تكترث له. »

 

هيرتا (إلى اليسار) وأندريتي.

هيرتا (إلى اليسار) وأندريتي.

 

ماريو أندريتي

كولتون هيرتا

يُعد ماريو أندريتي، الاسم الأسطوري في عالم سباقات السيارات، السائق الوحيد الذي فاز في كل من سباق إندي 500، وسباق دايتونا 500، وبطولة العالم للفورمولا 1. حقق في مسيرته المهنية 111 فوزًا، وكان الأمريكي الأخير الذي يفوز بأحد سباقات الفورمولا 1 منذ عام 1978.

أما كولتون هيرتا، فهو، بوصفه ابن براين هيرتا، سائق سيارات سباق من الجيل الثاني. في عام 2019، أصبح كولتون أصغر شخص يفوز في سباق IndyCar Series، وكان آنذاك في الثامنة عشرة من عمره. التقيا بداية في عام 2003، عندما انضم براين إلى فريق السباق الخاص بابن أندريتي، وكان كولتون في الثالثة من عمره.

«لعل طفولة كولتون كانت تشبه حياة من ينشأ في عائلة عسكرية، ولكن في عالم سباقات السيارات، على ما كان عليه حال أطفالي. وفي صغره، كنت أدعوه سبايكي بسبب شعره القصير في جانبيه والطويل في الوسط وفقًا لتسريحة موهوك الشهيرة.

أرى فيه انعكاسًا لنفسي لأسباب عدة. أولاً: كان أداؤه ملهمًا من حيث كونه متسابقًا مبتدئًا عندما خاض موسمه الأول ضمن الفئة الأعلى في سباقات IndyCar. فاز في سباقين رئيسين، بما في ذلك السباق الأخير من الموسم. ولم يكن الفائز فحسب، بل كان أول المنطلقين وتصدر دورات السباق كلها تقريبًا. يشعر أحيانًا السائقون في خط الانطلاق الأول بالارتباك، إلا أنه تصدى للتحديات دون اقتراف أخطاء في القيادة. يتطلب ذلك شجاعة حقيقية.

لا أدري إذا ما كان يتأتى لي أن أدعي أنني كنت مندفعًا بالقدر نفسه، إلا أنني كنت أشعر برغبة ملحة في المضي قدمًا في هذا المسار المهني الذي شغفني. أرى أن كولتون يتمتع بهذا الميل نفسه. عندما تحفز المرءَ رغبة كهذه، فإنه لا يقبل المساومة على أهدافه.

حين بلغت المستوى الأعلى ضمن السباق في ستينيات القرن الماضي، وفزت بأحد السباقات في موسمي الأول، كنت في الخامسة والعشرين من عمري. كنت أعد يافعًا في مضمار هذه الرياضة. أما كولتون، فكان في الثامنة عشرة من عمره حين فاز بسباقه الأول قبل ستة أيام من ذكرى ميلاده التاسع عشر.

يتمايز كولتون بفصاحته ومستواه الإدراكي. يستطيع التواصل مع المهندسين بشأن كل ما يتعلق بأداء السيارة، والتعديلات الضرورية للاستفادة من إمكاناتها إلى أقصى حد ممكن.

خلاصة الأمر، إنه لا يمكن تعليم أحد أصول القيادة السريعة. فإما أن يمتلك هذه الموهبة أو لا يمتلكها. جل ما بوسعك تعليمه إياه هو الحد، قدر الإمكان، من الأخطاء. ثمة سائقون جيدون، وآخرون عظماء، ثم لدينا المتسابقون. وحده المتسابق يدرك جوهر الأمر، وكولتون يُعد متسابقًا حقيقيًا. إنه يرغب في التسابق، ولا يكتفي بالسباق الرئيس، بل يشارك أيضًا في سباقات تُنظم في أماكن أخرى عندما يتسنى له الوقت لذلك. هذا ما فعلته طيلة مسيرتي المهنية. عندما كنت أخوض سباقات الفورمولا 1، كنت لا أزال أشارك في سباقات IndyCar. إذا ما أردت التسابق، فإن ما عليك فعله هو خوض السباقات.

أشعر بأني أبدو وسيمًا عندما أقول إني أرى نفسي فيه. »

 

جايكوبز (إلى اليسار) ولوغا.

جايكوبز (إلى اليسار) ولوغا.

نيل ب. جايكوبز

نايثن لوغا

يشغل نيل ب. جايكوبز منصب الرئيس التنفيذي لسلسلة الفنادق الفاخرة سيكس سينسيز. بعد مسيرته المهنية الطويلة في مجموعة فورسيزونز، انتقل للعمل لدى المجموعة الاستثمارية ستاروود كابيتال التي أسسها باري ستيرنليخت، وساعد في تطوير علامات مثل باكارا وعلامة الفنادق البيئية الفاخرة 1 Hotels. يشرف جايكوبز اليوم على المشروع التوسعي العالمي لعلامة سيكس سينسيز التي تركز على الرفاه الصحي، بما في ذلك ملكيتها الأولى في شمال أمريكا. تتوزع مرافق هذه الملكية على برجين جديدين من تصميم بياركيه إنغلز يقعان في ويست تشيلسي بنيويورك.  أما نايثن لوغا، فيتولى منصب نائب رئيس وحدة تجارب الضيوف في مجموعة الفنادق التي تديرها مجموعة إكوينوكس فتنس Equinox Fitness . التقيا في عام 1997 عندما كان جايكوبز مديرًا عامًا لفندق فورسيزونز في سنغافورة وعمد إلى توظيف لوغا للعمل في مكتب الاستقبال، فوفر له أول انطلاقة في عالم الضيافة.

«لا شك في أن نايثن قيادي بالفطرة، وشديد الاهتمام بالتفاصيل. صحيح أنه لم يكن يعرف كثيرًا عن المهنة في أيامه الأولى، إلا أنه كان يميل إلى السيطرة نوعًا ما، الأمر الذي كان يثير سخط زملائه. كان يرقى حقيقة إلى مستواهم، لذا كثرت جلسات الإرشاد معه لنشرح له السلوك المطلوب. كنت أيضًا أثير غضب الناس بسبب تركيزي على التفاصيل. لكن الشيطان يكمن في التفاصيل عند هذا المستوى من عملنا. أقام مرة في فندقنا بسنغافورة ضيف أخبرنا عن متجره المفضل في كوالالمبور لشراء طبق مميز من لحم البقر، فأرسل نايثن أحد العاملين في رحلة بالحافلة دامت خمس ساعات ليحضر له بعض ذاك اللحم ويعود به إلى سنغافورة. هكذا نكسب الضيوف مدى الحياة.

عندما دخلت هذا المعترك، لم آتِ إليه من خلفية في قطاع الضيافة أو من خلفية ثرية أو مهمة. ارتكز على الأرجح جل ما حققته في بداية مسيرتي إلى عملي الدؤوب واندفاعي وإصراري فحسب. أيقنت أن أي إنجاز سيتأتى لي أن أحققه رهن بي وحدي، ولن يحققه لي شخص آخر، لكني لم أجد ضيرًا في ذلك. رأيت الأمر نفسه في نايثن. فهو أيضًا لم يأت من خلفية مرموقة، لكنه كان يمتلك الاندفاع والشغف.

لا أظن أني كنت أمتلك القدر نفسه من العزم والإصرار. فهمة لوغا لا تثبط أبدًا. في مرحلة ما، كنت شخصيًا أدع الأمور تجري على ما تشتهي الرياح. أما نايثن، فلا يسمح بذلك أبدًا. إنه يتشبث برأيه حقًا، الأمر الذي أقدره تقديرًا بالغًا. »

 

جايكوبز (إلى اليسار) ولوغا.

جايكوبز (إلى اليسار) ولوغا.

 

جون-جورج فونغريشتن

غريغ فرنيك

يعد الطاهي الفرنسي الأمريكي جون-جورج فونغريشتن من عمالقة عالم الطهو، وقد حاز مطعمه جون-جورج في مدينة نيويورك نجمتي ميشلان، ونال مطعمه تانغارا جون-جورج في ساو باولو في البرازيل نجمة واحدة. يمتلك فونغريشتن مطاعم رفيعة المستوى في أنحاء مختلفة من العالم، تشمل مطعم ساند بار في سانت بارت ومطعم ميركاتو في غوانزو. كما أنه من أشد المؤيدين لمنظمة سيتي هارفست التي تجمع فائض الطعام من مطاعم نيويورك، وتسلمها إلى مخازن الأطعمة ومطابخ الحساء والمؤسسات المجتمعية الأخرى. نشأ غريغ فرنيك بالقرب من فيلادلفيا، وهو يواصل توسيع إمبراطوريته ببطء في المدينة. في البدء أسس منذ ثمانية أعوام وجهة رفيعة للطعام الراقي تحمل اسم فرنيك فود آند درينك، قبل أن يضيف إليها مطعم السمك فرنيك فيش، والمطعم غير الرسمي فرنيك كوفي بار. كما حاز فرنيك جائزة جيمس بيرد لأفضل طاه في إقليم الأطلسي الأوسط في عام 2017. تعارف الرجلان عندما انضم فرنيك إلى فريق عمل فونغريشتن لافتتاح مطعم بيري ستريت Perry St. في نيويورك في عام 2005.

«حين أتناول الطعام الذي يعده غريغ، أجد أن أطباقه تذكرني بنفسي على نحو ملحوظ. أرى فيها التوازن بين الحموضة والتوابل. تأتي المنتجات كلها معلبة اليوم، ويجهل كثير من الطهاة الشباب أصول تعليبها. يُسلم الدجاج مثلاً محفوظًا في أكياس، في حين كان يجدر بي أن أتولى بنفسي نتف ريشه عندما بدأت العمل قبل 45 عامًا. لكن غريغ يحترم المنتجات، ويعرف مثلاً مقدار الوقت الذي يستغرقه نمو الفجل.

 

«اعتدنا سابقا تشارك بعض الأمسيات الماتعة في مطعم بيري ستريت.»

 

في أحدث مطعم لغريغ، يمكن للضيوف أن يروه وهو يعمل في المطبخ المفتوح. ينظر إليهم وهم يتناولون الطعام، ويتنبه إلى كل زبون منهم. يلاحظ كيف يأكلون، وإذا ما كانت الابتسامة تعلو وجوههم. إني أراقب أيضًا طريقة تناول الزبائن لطعامهم. نحرص على نيل رضاهم الكامل. قد لا يكون هذا الأمر ممكنًا، ولكن علينا الاجتهاد في سبيل تحقيقه.

تنبهت فورًا إلى هذا الشغف الكامن في داخله. عادةً ما يكون الطاهي الشاب الذي يبدأ بالعمل في المطبخ أكثر هدوءًا، لكن فرنيك كان كثير الأسئلة. وكان يبقى في المطعم لوقت متأخر ليثري معارفه ومشاهداته. كان من الواضح لي أنه لم يكن يرى في الطهو وظيفة فحسب. لا حدود لطموحاته. إنه يتقدم على الآخرين في إبداعه.

اعتدنا سابقًا تشارك بعض الأمسيات الماتعة في مطعم بيري ستريت، ثم أنشأ فرنيك عائلة وبات يعود إلى المنزل لقضاء الوقت معها كل ليلة. لكنني واثق بأننا سنمضي مزيدًا من الأمسيات معًا في وقت آخر.

أرى نفسي فيه. لست والده بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنني والده الروحي».

 

أوموتوشو (إلى اليسار) وسيرمنز.

أوموتوشو (إلى اليسار) وسيرمنز.

 

فرانكلين سيرمنز

آديه أوموتوشو

يشغل فرانكلين سيرمنز منصب مدير متحف بيريز للفنون في ميامي منذ عام 2015. وكان سيرمنز قد عمل ناقدًا فنيًا في ميلانو قبل أن يصبح أمين متاحف مستقلاً. ذاع صيته بعد أن نظم سنة 2005 في متحف بروكلين عرضًا لأعمال جان ميشال باسكيا لاقى رواجًا كبيرًا، الأمر الذي مهد الطريق أمامه لتولي مناصب في متحف مينيل كوليكشن بهيوستن، ومتحف الفنون في مقاطعة لوس أنجليس. تخرج آديه أوموتوشو مؤخرًا من جامعة تكساس في أوستن، ودرس أيضًا لغة يوروبا في نيجيريا بموجب منحة من برنامج فولبرايت-هايز. كما أنه شغل منصب زميل في متحف الفنون الجميلة في هيوستن. يعمل أوموتوشو اليوم كاتبًا وأمين متاحف مستقلاً يتخذ من ميامي مقرًا له. تعارف الرجلان منذ أكثر من سنتين، عندما نجح أوموتوشو في نيل أول مركز زمالة في أمانة المتاحف بمؤسسة فورد ضمن متحف بيريز للفنون في ميامي، المخصص لدعم الطلاب من أعراق مختلفة في سعيهم وراء مسيرة مهنية في هذا المجال.

«على ما كان عليه حالي، لم يدخل آديه عالم المتاحف من خلال عمله في وظيفة أمين متحف، بل من خلال الكتابة والشعر. كلانا يكنّ تقديرًا بالغًا لأعمال غريغ تايت. فآديه مفتنون بمسار تطور الأدب ودوره في الحوار مع الثقافة البصرية. من المدهش وغير المألوف أن تتسنى لك فرصة التحدث في هذه المواضيع مع شخص في مطلع العقد الثاني من العمر. أشعر بأنني تعلمت منه كثيرًا أيضًا.

لطالما قال لي آخرون: «ستحبه لأنك ستتمكن من التفاهم معه. «كانت ثيلما غولدن، مديرة متحف استوديو في هارلم، التي نسقت المعرض الشهير بلاك مايل Black Male في متحف ويتني، واحدة من هؤلاء. عمل آديه كثيرًا على موضوع الجسم، ودرس الذكور ذوي البشرة السوداء خصوصًا، على غرار ما قمت به أنا أيضًا.

إنه يطمح إلى أن يكون للفنون والإبداع دور في إحداث تغيير في العالم. لا يقتصر الأمر من منظوره على تنسيق معرض فني، بل يشمل أيضًا الإجابة عن أسئلة مثل: من سيتأثر بالمعرض؟ وأي وسيط اجتماعي سيتأتى عن هذه الفكرة أو المعرض؟ إنه يفكر في المعارض في سياق أوسع نطاقًا، على ما هو عليه بالتحديد نهجي في التفكير.

يختبر آديه حاليًا التجربة نفسها التي اختبرتها، إذ يحاول فهم الأمور عبر الانخراط في مناقشات مع نظرائه من الرسامين، والنحاتين، والمصورين. كما أنه ينكب على الكتابة بلا كلل، ما يعني أنه يتوصل إلى استنتاجات كثيرة. هل ستتحول كتاباته إلى رسالة لشهادة دراسية معينة؟ أعتقد أن هذا ما سيحدث في مرحلة ما.

يمتاز آديه بحس إنساني أصيل يجتذب الآخرين. لذا يتحدث كثيرون بإيجابية عن هذا الشاب الذي تخرج في عام 2017. إنه متفائل ويؤمن بقوة الإبداع، ما يجعل منه شخصًا مميزًا على هذا المستوى. »

 

 مانتشيني (إلى اليسار) وفيتيللي.

مانتشيني (إلى اليسار) وفيتيللي.

 

جيوفانا فيتيللي

ألبيرتو مانتشيني

 تدرجت جيوفانا فيتيللي في مهنة المحاماة قبل أن تنضم إلى مجموعة أزيموت بينيتي، أكبر شركة مصنعة لليخوت الفارهة في العالم، وتتولى فيها منصب نائب رئيس تنفيذي. كان والدها هو من أسس الشركة في عام 1969. يُعد ألبيرتو مانتشيني واحدًا من أهم المصممين المستقلين في هذا القطاع، ويدير استوديو للتصاميم تعاون مع شركتي بالييتو ودومينايتُر، وبالطبع مع شركة أزيموت بينيتي. التقيا في عام 2016 عندما نظمت فيتيللي تجربة أداء للمواهب الجديدة بهدف اختيار خلف لستيفانو ريجيني الذي كان يتهيأ للتقاعد.

«نتشارك رؤيتنا المتمايزة لعالم اليخوت. فكلانا يعتقد أن التوجه الذي سيسود في العالم سيركز على الخطوط الأكثر نقاء والأناقة التي لا تشيخ بمرور السنين. لم يعد الأمر يتعلق بإحداث تأثير مبهر من خلال الأشكال المتنوعة والمعقدة التي تشي بمظاهر بذخ صارخة.

نتحدر من منطقتين متقابلتين في إيطاليا. فأنا من تورينو، وألبيرتو من تريستي. لكن المدينتين تشتهران بطابعهما المحافظ. إنهما مملكتان من ممالك الماضي، تزهوان بثقافة وتقاليد عظيمة، ليس في مجال العمارة فحسب، بل في روح الشعب أيضًا. وهذا ما يجعل المرء مهيأ للابتكار والتطلع إلى المستقبل، إذ إنه يتحدر من مكان عرف فيه جمال التقاليد. يبدو أني أجد طريقي دومًا إلى أهل تريستي. فرئيسنا التنفيذي في شركة أزيموت لليخوت من تلك المدينة أيضًا. ربما يجدر بي الاقتران بشخص من هناك.

 

«عندما يحدثني ألبيرتو عن الإبحار، أجد أنه يعرف ما يتكلم عنه.»

 

تشتهر تريستي برياحها العاتية، لذا تعج بالبحارين الماهرين الذين اختبروا الإبحار منذ الطفولة. كانت بداية ألبيرتو في عالم الإبحار مع والديه، وكان هذا العالم جزءًا مثيرًا من طفولتي أيضًا. عندما يحدثني ألبيرتو عن الإبحار، أجد أنه يعرف ما يتكلم عنه. نحن نتشارك الأفكار نفسها.

نتمتع بإحساس مشترك بالجمال حتى في طريقتنا في ملبسنا. كنا منذ بداية تعاوننا نتشارك الرؤية الشاملة نفسها لتحقيق الهدف الأسمى للمشروع.

يُبدي ألبيرتو انفتاحًا على التحديات الجديدة، مثلي. لا شك في أن هذا الانفتاح كان واحدًا من أسباب اختيارنا له. كان يرسم أمامنا في الاجتماعات أفكارًا جديدة مدهشة تتحول إلى قوارب حديثة مذهلة. سيمثل مشروعنا المقبل أكبر يخت بنيناه يومًا. تبادرت إلى ذهن ألبيرتو فكرة تصميم ناد شاطئي مفتوح يُغنينا عن الحجرة المغلقة التي تسبب زيادة في الوزن الإجمالي لليخت، الأمر الذي يتيح الحفاظ على وزنه ضمن الحد الأقصى البالغ 300 طن قبل اعتماد قواعد سلامة إضافية. قبل تقديم هذا الطراز، تمكنا من بيع أربعة يخوت منه وكان لا يزال رسما على الورق. »

 

 دونكيل (إلى اليسار) ودوكاس.

دونكيل (إلى اليسار) ودوكاس.

 

ألان دوكاس

أرنو دونكيل

يدير ألان دوكاس، الذي يُعد المرجع الأعلى لفنون الطهو الراقي، نحو 36 مطعمًا راقيًا تتوزع في أنحاء مختلفة من العالم، من طوكيو إلى نيويورك. حاز الطاهي الذي يتخذ من موناكو مقرًا له عددًا لا يحصى من نجوم ميشلان خلال مسيرته المهنية الممتدة عبر خمسة عقود، ونال في البدء الاستحسان لبراعته في طهو الأطباق التقليدية لمطبخ بروفانس، قبل أن يشرع في إبراز مهاراته في مختلف أنواع الطهو الفرنسي والإيطالي. أما أرنو دونكيل، فهو الطاهي الذي يحمل ثلاث نجوم ميشلان ويشرف على مطعم لا فاغ دور La Vague D’or في فندق شوفال بلان سان تروبيه. كان والده متعهدًا لتوريد الطعام، وقد بدأ بالعمل معه وهو لا يزال في الثانية عشرة من العمر قبل أن يتمرس رسميًا على أصول الطهو في مطابخ عدد من المطاعم الراقية. شملت أولى وظائف دونكيل العمل مع دوكاس سنة 1998 في مطعمLe Louis XV  في موناكو، حيث تولي المنصب المتواضع لمساعد ثالث للطاهي، وهناك التقيا للمرة الأولى.

«لماذا اخترت أرنو؟ لا يُعزى السبب إلى السمات التي يتوقع أن نتشاركها. فالحديث عن سمات مشتركة يشبه وضع قائمة بمزايا أزعم التمتع بها، وفي هذا غطرسة لا أحتملها. كلا، فالسبب الحقيقي وراء اختياره هو اختلافنا. المثير للاهتمام هو أننا ننتمي إلى جيلين مختلفين. كل منا يخوض رحلته الخاصة في الحياة، ولا شك في أنه سيضيف أمرًا جديدًا إلى فن الطهو.

ما زلت أتذكر طلب الوظيفة الذي قدمه وجاء فيه: «أحلم بالعمل معك والتعلم أكثر عن الخضار الجنوبية لأثري درايتي بدفء الشمس. »

أسعى دائمًا إلى تحديد إمكانات المواهب الشابة التي تعمل في مطاعمي وأتابعها على المدى الطويل. تقتضي مساعدة الطهاة على الازدهار في مهنتهم الإبقاء عليهم في مطاعمي أحيانًا، أو إرسالهم أحيانًا أخرى إلى مطاعم زملائي لاستكمال تجربتهم. أنظر إلى دور المرشد بوصفه بالغ الأهمية ومصدرًا هائلاً لتحقيق الرضا المهني. هذا ما فعلته مع أرنو.

تحاكي ابتكارات أرنو في المطبخ الشعر. فثمة نقاء شديد في المذاقات وترابط في المكونات غير المتوقعة، ما يجعل الأطباق مثيرة للاهتمام. تمتاز ابتكاراته كلها بطابعها الخفيف، على غرار سحابة تطفو في كبد السماء. إنه يرتقي بكل ما يفعله ويستمر في توسيع مخزونه الإبداعي.

لم تنتقص الجوائز التي حازها من طبيعته غير المتكلفة. بل إنه لا يكف عن الإقرار بما يدين به للطهاة الذين تعلم منهم. كما أنه يبقى مقربًا جدًا من المنتجين لأنه يعرف، منذ صغره، أننا جميعنا أبناء الطبيعة. إنه يعرّف نفسه بأنه «طاهي المزرعة«.

عندما أتذكر وجبة العشاء التي تناولتها في مطعم لا فاغ دور، لا يسعني سوى اختصارها بمصطلح واحد: كانت باهرة. »