الرئيس التنفيذي لدار بانيراي يرسم للمستقبل رؤية الغلبة فيها لحس الابتكار وتشارك التجربة مع الزبائن

 

ليس سهلاً أن يجد أي صانع قرار نفسه في منصب تقتضي مسؤولياته المضي قدمًا بدار تجذَّر إرثها في أرض صناعة الساعات الراقية على مدى 159 عامًا كما هو عليه حال أوفيتشيني بانيراي. لكن المهمة على صعوبتها لا تبدو مستعصية على جان - مارك بونترويه، الرئيس التنفيذي للعلامة. قد يُعزى ما يبرر ذلك، في جزء منه، إلى تلك الخبرة المديدة التي اكتسبها في عالم صناعة منتجات الترف، والساعات الفاخرة منها تحديدًا، حيث شغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لتطوير المنتجات واستراتيجياتها لدى دار مون بلان، ولاحقًا منصب الرئيس التنفيذي لروجيه دوبوي طيلة ست سنوات منذ عام 2011.

 

غير أن ما يكمل ميزة تمرسه في مقاليد الإدارة في هذا القطاع يختصره على الأرجح الوضوح في الرؤية، وبالقدر نفسه توق راسخ إلى الاستكشاف يليق بعلامة معروفة بتجاوز حدود الممكن في عالم الابتكار. ولعل هذا الميل هو ما يحرض بونترويه اليوم على أن يحدد للمستقبل هدفًا طموحًا يتمثل في الارتقاء بتجربة الزبائن بموازاة الحفاظ على الهوية الأصيلة للعلامة. وفي هذا يقول: «إن المقدرة على الابتكار والتحديث تشكل سمة بالغة الأهمية لنا، ولكننا حريصون على صون جوهر بانيراي. فمن واجبنا أن نواظب على سرد الحكاية نفسها.»

 

تسلمتم زمام إدارة بانيراي العام الفائت. فما التحديات التي تواجهونها للحفاظ على استمرار علامة يمتد إرثها إلى عام 1860؟

أرأس علامة تقدم منتجًا فاخرًا. ولا شك في أن إدارة علامة كرست حضورها في هذا القطاع تبقى أسهل من ابتكار علامة جديدة تمامًا. لكن مهامي في منصب الرئيس التنفيذي للدار تُلقي على كاهلي مسؤولية الحفاظ على استمرارها ومنتجاتها في الأسواق ذات الصلة.  لطالما تأملت في السبيل إلى توظيف الإنجازات التي حققها سلفي آنجيلو بوناتي على مدى اثنين وعشرين عامًا. فالبناء الذي يرتفع فوق أساس متين لا يتداعى، ومن واجبي اليوم أن أضيف مزيدًا من الطبقات دون تغيير هوية بانيراي، ولكن من خلال استحداث أوجه جديدة لها، مثل تحويلها إلى علامة تعكس أسلوبًا خاصًا للحياة وتقدم تجارب مبتكرة. وينبغي لي أن أحقق ذلك دون أن أغير في النهج الذي نعتمده في صناعة ساعاتنا. 

 

"تجسد ساعات بانيراي الأسلوب الإيطالي المميز، شأنها في ذلك شأن يخت من ريفا أو مركبة من فيراري.

لكنها تتيح لصاحبها امتلاك جزء من هذه الهالة الإيطالية الغامضة بموازاة الاستمتاع بمزايا التصنيع السويسري."

 

ما هي رؤيتكم لمستقبل الدار وأي الأهداف تحتل سلم أولوياتكم؟

من السهل تعرّف ساعاتنا لأنها متفردة ومتمايزة. لكن التحدي يكمن في اتخاذ القرارات الصائبة التي تضمن الدفع قدمًا بحس الابتكار، وتعزيز حضور الدار وتحفيز الطلب على ابتكاراتنا بموازاة صون قيمنا والارتقاء إلى مستوى توقعات زبائننا. من الضروري أيضًا أن تتمايز بانيراي من حيث كونها علامة رائدة في تقديم تجارب غير مسبوقة للزبائن، لا سيما وأنها اشتهرت على مدى تاريخها بتطوير مواد وآليات حركة مبتكرة. إني أؤمن حقيقة بأهمية انغماس الزبون في حياة العلامة وأهمية إشراكه في تجارب متفردة. لذا فإن التجارب ستشكل على مدى السنوات المقبلة جزءًا لا يتجزأ من توجهاتنا، شأنها في ذلك شأن خلفيتنا التاريخية.

 

ما الذي يميز الخارطة الجينية لعلامة بانيراي؟

تبتكر بانيراي ساعات تليق بأبطال الحاضر، وتكرس في الوقت نفسه ذاك الأسلوب المتمايز الذي طبع هويتها عندما كان التوجه السائد يغلّب الساعات الأصغر حجمًا والأخف وزنًا. فقد حافظت بانيراي في ساعاتها على طابع ذكوري مهيب ومتفرد، ونجحت في إضفاء بُعد إيطالي على صناعة الساعات السويسرية من خلال ملكة إبداع ثورية تستوطن علبة الساعة غير الدائرية نوعًا ما ونظام حماية التاج غير التقليدي. تشكل ساعة بانيراي تعبيرًا عن الجانب غير التقليدي في شخصية مالكها. إنها تجسد الأسلوب الإيطالي المميز، شأنها في ذلك شأن يخت من ريفا، أو دراجة من فيسبا، أو مركبة من فيراري. لكنها تتيح لصاحبها امتلاك جزء من هذه الهالة الإيطالية الغامضة بموازاة الاستمتاع بمزايا التصنيع السويسري. 

 

شهدت بانيراي في السنوات الأخيرة زخما حيويا على مستوى اختبار مواد جديدة. فما هي مخططاتكم لتطوير مقاربة مختبر الأفكار التي تبنتها الدار؟

تعتمد بانيراي مقاربة راسخة للابتكار  من خلال مبدأ «مختبر الأفكار» أو Laboratorio di Idee. فهدفنا هو ترسيخ حضورنا بوصفنا علامة تتميز بحس ابتكار متقدم، وتُسهم في تشكيل قطاع صناعة الساعات في القرن الحادي والعشرين. لذا فإننا سنواظب على الدفع قدمًا بمسار الأبحاث والتطوير، والإتيان بمواد مبتكرة وثورية، ليس بهدف مواكبة إيقاع العصر فحسب، بل التقدم عليه أيضًا. ينطبق هذا الواقع على توجهنا لعام 2019 الذي نحتفي فيه بمجموعة Submersible، وتشهد على ذلك المواد المستخدمة في علب الإصدارات الجديدة وفي موانئها. ستستمر بانيراي في استخدام مواد متطورة تقنية مثل BMG-TECH، وCarbotech، وDMLS Titanium والكربون المطرّق، على سبيل المثال وليس الحصر، وستواظب أيضًا على إثراء مجموعاتها بمواد جديدة بالغة التطور تقنيًا.

 

"الوقت هو أقصى رفاهية يمكن للمرء أن يختبرها. فالوقت جوهر الحياة،

وإذا ما أحسنت توظيفه فإنك ستنجح في الارتقاء بمعاييرك الحياتية."

 

ما الذي ترونه سيتحكم في مستقبل صناعة الساعات عموما؟

لا شك في أن قطاع صناعة الساعات في تطور دائم، الأمر الذي يحتم المواظبة على منح الزبائن قيمة مضافة تساعد على توثيق علاقتهم العاطفية بالعلامة. ستسلك بانيراي هذا التوجه في المستقبل القريب لأن الارتقاء بتجربة الزبون، الذي يمثل واحدًا من الأصول الأشد أهمية في قطاع المنتجات الفاخرة، هو ما يميز علامة عن غيرها.

      

ما أكثر ما يستثير شغفكم بمهنتكم في عالم صناعة الساعات؟

أثمّن واقع أن كل علامة تتمايز عن غيرها بالرغم من أن قطاع الساعات الراقية ليس واسع النطاق إلى حد بالغ. وما أحبه هو أني في كل مرة أدخل عالم دار جديدة، أجدني أطأ أرضًا مغايرة من حيث استكشاف روح العلامة وجوهرها. فبانيراي مثلاً تغلب عليها روح إيطالية ويميزها طابع ذكوري جريء تعكسه السمات الرياضية والمزايا التقنية. لا سمة إيطالية في المقابل لعلامة روجيه دوبوي أو مون بلان. أقصد أن لكل علامة هويتها الخاصة والمتفردة. 

 

جان - مارك بونترويه

 

هل تستهويكم عوالم أخرى؟

إني رجل رياضي. فأنا عدّاء أشارك في سباقات الماراثون، كما أني غالبًا ما أقود دراجتي عبر مسارات الألب الجبلية. وأمارس بالطبع رياضة التزلج.

 

في أسفارك الكثيرة، أي البلاد تركت أثرًا بالغا في نفسك؟

تفتنني برلين لأنها تمنح المرء إحساسًا بالغا بالحرية يصعب اختباره في أي مدينة أخرى في العالم. إنها مدينة تتيح التحرر من قيود الأحكام المسبقة وإطلاق العنان لحس الابتكار.

 

ما هي الرفاهية عندك، وكيف يختبر المرء السعادة؟

الوقت هو أقصى رفاهية يمكن للمرء أن يختبرها. فإدارة الوقت تشكل في عصرنا الحالي أكبر تحد نواجهه. بل إني أرى أن الوقت والرفاهية وجهان لعملة واحدة. فالوقت جوهر الحياة، وإذا ما أحسنت توظيفه فإنك ستنجح في الارتقاء بمعاييرك الحياتية. ومتى تأتى لك ذلك، ولازمك الشعور بالسعادة من الصباح إلى ختام يومك العادي، فإنك تختبر عندئذ رغد العيش بحق.