الرئيس التنفيذي لدار روجيه دوبوي يقود مسيرتها إلى المستقبل على صهوة الشغف بتحدي المألوف والمتوقع.

 

لنيكولا أندرياتا معرفة بقطاع صناعة الساعات تمتد عميقًا في جذور طفولته، وهو الذي نشأ في عائلة امتلكت مصنعًا للساعات على مدى ثلاثة أجيال، وورث الشغف بهذا العالم عن والده، إلى حد أنه أطلق في عام 2003 علامة خاصة للساعات تحت اسم N.O.A حققت شهرة واسعة قبل أن يبيعها سنة 2013 لمستثمر أمريكي. ربما لم يمض وقت طويل على تولي أندرياتا مقاليد الإدارة في دار روجيه دوبوي، فقد جاءه تعيينه في هذا المنصب في ديسمبر كانون الأول من عام 2018، وكان قبل ذلك نائبًا لرئيس وحدة صناعة الساعات في دار تيفاني. لكن وأنت تستكشف ما يحتجب خلف تصاريحه من إيحاءات إلى ذلك الزخم الحيوي الذي يطبع شخصيته، ستتيقن أن ليس عبثًا اختيار هذا الرجل الإيطالي، المولع بخوض المغامرات والتحديات، لقيادة مسيرة روجيه دوبوي نحو المستقبل. فما بين الدار التي رسخت حضورها على خارطة صناع الساعات بابتكارات عصرية أوضح مزاياها الجرأة في التعبير عن الوقت، وبين أندرياتا الذي يمتلك روحًا ريادية تمرست على ترويض التحديات، ثمة قيم مشتركة يختصرها الافتتان الراسخ بالتقنيات الجديدة والابتكار، والسعي دومًا إلى هز قواعد المألوف، وتجاوز حدود الممكن إلى تحقيق ما يعتقده بعضهم مستحيلاً.

 

نشأت في أوساط عائلة امتهنت صناعة الساعات، واكتسبت بمرور السنين دراية عميقة بهذا القطاع. كيف أثرت تجربتك المديدة الرؤية التي حددتها لروجيه دوبوي منذ توليك مقاليد إدارتها؟

انخرطت عبر مسيرتي المهنية في مختلف أوجه عالم صناعة الساعات، من الشؤون المالية، إلى التصميم ومسارات التصنيع وغير ذلك. وقد أتاحت لي هذه التجربة فهمًا أعمق لمهام زملائي وجعلتني أقرب إليهم، لا سيما عندما تتجلى الحاجة إلى اتخاذ القرارات. أرى أن هذه العلاقة تمثل الأصول الحقيقية للمنصب القيادي الذي أشغله اليوم. لكن لا بد لي من الإشارة إلى أن لكل دار خصوصياتها، وهدفنا في روجيه دوبوي تحديدًا هو إعادة ابتكار اللعبة كلها، أي تصميم مستقبل صناعة الساعات الراقية على نحو يجعل من التجربة وسيلة لتوسيع الآفاق واغتنام أفضل الفرص التي يقدمها هذا القطاع.

 نيكولا أندرياتا

صرحتم مرة بأن الحصرية وتجاوز حدود المتوقع هما أكثر ما يعبر عن جوهر روجيه دوبوي. كيف يتجلى هذا التعبير اليوم في أحدث ابتكارات الدار؟ 

تتمثل مقاربتنا بابتكار ساعات راقية عصرية ومعبرة. وغني عن القول أن الساعات الفخمة حصرية بطبيعتها، إذ يستحيل أن نحافظ على مستوى الجودة والحرفية الرفيع الذي نوفره إذا ما اعتمدنا مقاربة صناعية ترتكز إلى الإنتاج واسع النطاق. وعلى ما كان عليه الحال دومًا، تجاوزنا هذه السنة أيضًا الحدود في عالم صناعة الساعات، فقدمنا ما لا يقل عن ثلاثة ابتكارات غير مسبوقة في طراز Excalibur Twofold التسلسلي الذي نطرحه في ثمانية نماذج فقط. كما أننا تحدينا مبادئنا الهندسية الخاصة إذ عمدنا إلى تطوير آلية الحركة الشهيرة لمعيد الدقائق والتوربيون المحلق Single Flying Tourbillon Minute Repeater التي جهزنا بها مأثرتنا الجديدة Excalibur Diabolus in Machina.

 

برأيكم ما أبرز التوجهات السائدة اليوم في قطاع الساعات الفاخرة؟

لا يزال عالم صناعة الساعات متجذرًا في أرض الماضي. نلاحظ دومًا تعاقب دورات تميزها تصاميم وأشكال تعود لتظهر على نحو متكرر ثم تختفي مجددًا. أما في روجيه دوبوي، فلا نتبع التوجهات السائدة. إننا نبتكر قواعد لعبتنا الخاصة، ونواظب على إعادة ابتكارها متحدين ما سلف منها، وهذا على الأرجح الجانب الأكثر إثارة في الدار. صحيح أن روجيه دوبوي لا تملك عمرًا مديدًا في هذه الصناعة، إلا أننا نمثل علامة تثمن التقاليد، وتستمد الإلهام منها فيما تسعى بانتظام إلى تحديد وجهها المستقبلي دون أن تتبع القواعد المتعارف عليها بالضرورة. يطيب لنا القول إن إرثنا هو المستقبل، وأرى في ذلك وسيلة رائعة لصياغة مسار تطور صناعة الساعات، بل ميزة رئيسة في عالم يتغير وفقًا لإيقاع متسارع غير مسبوق.

 

ما أعظم درس تعلمته عبر مسيرتك في هذا القطاع؟

لا شك في أن التجارب التي اختبرتها عبر السنين، من خلال عملي في شركات استكشفت في مساراتها أوجه العمل المختلفة، قد سمحت لي بتوسيع آفاقي ومنظوري. كما أني أدركت، في هذه الحياة التي نختبر فيها على الدوام النجاحات والإخفاقات، أن المرء قادر على أن يتجاوز افتراضيًا أي عقبة بفكره وروحه. فالمثابرة، والتدريب، والطموح، كلها ميزات تتيح لك تحقيق ما قد يظنه آخرون مستحيلاً. ولا شك في أن ثقافتنا في روجيه دوبوي تُرجع أصداء هذا الاعتقاد. 

 

"إن إرثنا هو المستقبل، وأرى في ذلك وسيلة رائعة لصياغة مسار تطور صناعة الساعات، بل ميزة رئيسة في عالم يتغير وفقا لإيقاع متسارع غير مسبوق."

ما أكثر ما يستثير شغفك بمهنتك في عالم الساعات؟

إن صناعة الساعات فن ينطوي على أشكال تعبيرية مختلفة. وفي حالة روجيه دوبوي، يتجلى الفن الذي نقدمه في التلاحم المثالي بين التقاليد الأصيلة وحس الابتكار. إن أكثر ما يستثير شغفي في هذا العالم هو فكرة السعي باستمرار إلى الدفع بحدود ما هو تقليدي والبحث عن سبل للابتكار. فإطلاق العنان لحسنا الإبداعي على مستوى ابتكار مواد جديدة أو تصاميم جديدة مثير على نحو لا يضاهيه شيء مثله. وغني عن القول إن هذا الميل لدينا يشكل سمة راسخة في الخارطة الجينية للدار.

 

هل تستهويكم عوالم أخرى؟

لطالما كنت مولعًا بالإثارة، لذا أستمتع بمختلف أنواع الرياضات التي تنطوي على قدر كبير من التحدي والمجازفة. أهوى سباقات السيارات، وركوب الأمواج، والقفز المظلي الحر، فضلاً عن تسلق الجبال الحر والمناورات البهلوانية بالطائرات. أشعر دومًا بالمتعة عندما تتاح لي الفرصة لتحدي نفسي واختبار أقصى إمكاناتي. ولا أخفي أن هواياتي هذه بمعظمها تجعلني أتفاعل على نحو أفضل مع مقتضيات وظيفتي وأهداف الدار التي أستمتع اليوم بترف قيادتها.

 

هلا حدثتنا عن تجربتك على متن سيارات السباق؟

قد تكون هذه أيضًا هواية ورثتها عن والدي، شأنها في ذلك شأن الشغف بصناعة الساعات. كان والدي سائقًا مولعًا بالسباقات على الطرقات. كان يخوض أربعة سباقات أو خمسة سباقات في كل سنة، وكنا نحن أفراد عائلته نتبعه دومًا. أذكر أيضًا أني كنت لا أزال في الخامسة من العمر عندما قصدنا مونزا لحضور سباق الجائزة الكبرى. شرعت لاحقًا أشارك في السباقات على الطرقات كلما أتيحت لي الفرصة وتوافر لي المال. شاركت بداية بوصفي ملاحًا، ثم مساعدًا للسائق، ثم سائقًا. واظبت على خوض السباقات منذ عام 2002 حتى عام 2008، لا سيما في البطولة الإيطالية.

 نيكولا أندرياتا مع الملاكم المكسيكي الشهير سول كانيلو ألفاريز.

نيكولا أندرياتا مع الملاكم المكسيكي الشهير سول كانيلو ألفاريز.

هل اكتشفت في أسفارك الكثيرة وجهة مفضلة؟

أتيحت لي الفرصة لأزور عبر السنين معظم دول العالم، ولبعض الأماكن أثر خاص في نفسي بسبب ما تستحضره من مشاعر اختبرتها في رحابها. من الصعب جدًا أن أختار وجهة مفضلة واحدة، لكن أول ما يخطر في البال كومو الإيطالية وجنيف. فالطبيعة في كلتيهما آسرة، تميزها مياه البحيرة الرقراقة التي ترتاح عند أقدام الهضاب أو الجبال. بل إن التأثير الذي يولده تناغم الأضداد في الطبيعية في هذين المكانين سيبقى دومًا مصدر إلهام عظيم لي، وسيظل يمثل بداية رحلتي والمحطة الأخيرة فيها.

 

كيف يختبر المرء ذروة الرفاهية؟ وما هي السعادة عندك؟

هذا سؤال فلسفي! أرى أن الرفاهية الحقيقية لا ترتبط بالثروة المالية أو بالزهو المفرط، ولكن بما نختبره من تجارب حصرية وخارجة عن المألوف. في أيامنا هذه، قد يصح القول إننا نختبر الرفاهية حقًا في الوقت الذي بوسعنا أن نكرسه لأنفسنا، بقدر ما نجدها في منتج فذ يستثير في نفوسنا مشاعر جياشة. قد تتجلى على سبيل المثال في ساعة من طراز روجيه دوبوي تتيح لنا أن نقيس بدقة لحظاتنا الخاصة. أما الشعور بالسعادة، فلا شك في أنه يرتبط بحالتنا الذهنية. إنها تلك اللحظة التي ينتابنا فيها الإحساس بأننا في أحسن حال. في نهاية الأمر، تبقى السعادة تجربة شخصية.

 


www.rogerdubuis.com