أن تنعزل بنفسك عن الناس، مختارا أو مكرها، إنما هو ضرب من ضروب الترف أحيانا وقد اصطفيت لك حيزا يخصك من مكان أو زمان لا يزاحمك فيه كثير، ولا يشاركك فيه إلا من تشاء، وما تشاء، ومتى تشاء. فثمة مفازة للانعتاق، أو للتأمل، والتفكر، أو المناجاة، أو الهرب حتى من نفسك وهدير أفكارك التي لا يهدأ ضجيجها، وخططك التي لا تكلّ ولا تمل فيما يأتي وما لا يأتي، وفيما تستطيع أن تحسنه أو تبدعه أو تتقنه.
استحضر فيروس كورونا، مع أذاه الذي بدأ أوله في الصين وانتشر من بعد في العالمين، أن العالم ما يزال يجمعه حس إنساني واحد، تأتلف فيه قلوب الناس وإن تباعدوا في البلدان، ويألم فيه بعضهم لبعض على ما أصابهم في شرق الدنيا أو في غربها. لم تكشف جائحة فيروس كورونا عن ضعفنا، ضعف العالم بأجمعه، عن مواجهة المخاطر التي انتشرت من ووهان، ولم تكد تنجو مدينة في العالم من أضرارها،