لمن يُصنع الشعرُ، وينظم الدر، ويستصفى من الورد سر العطر؟

 

لمن تبدع الأنامل القلائد والقصائد، وموسيقا الشعر الوضاء حبةً حبةً، ونبضة قلبٍ إثر نبضة؟

 

لمن خُلقت الألوانُ أحمرَ أخضرَ وأصفرَ؟

 

كيف ترضي من لا سبيل إلى إرضائه إلا أن ترضى إن رضي، وترضى إن سخط؟

 

ما أعظم هم العشاق، وأكبر جهد الشعراء ممن ينظمون القصائدَ معنى يطربه معنى، والقلائدَ عشقًا ما أحلاه عشقًا!

 

في عينيك النجل يُقرأ الشعرُ، ويُطلب الدرُّ، ويستسقى الندى ليغسل الفجر وجهه إذا ما استيقظ، وليجدد الوردُ عطره ليوم جديد.

 

في وجنتيك يتلوَّن الأقحوان، ويضيء الياقوت بعض حمرته وهي تزين على خفر جيدك وقد أضاء نارها ذاك الجيد.

 

في عينيك لؤلؤ منثور، وبريق من جُمان، وسر البحر الذي تغفو بين أمواجه حورية البحر، ويوقظ عروس فجره صبا الجمال.

 

في عينيك التقى زمرد الأرض وغيم السماء وخمس وعشرون، أو خمس وثلاثون، أو مئة لؤلؤة ولؤلؤة، لست أدري، فقد نسيت العدَّ بعد الأربعين وقد استعذبت فيك أن أعد وأخطئ، وأعد وأخطئ ألف مرة ومرة.

 

صُنعت لتتباهى على صدرك القلائد والقصائد واللآلئ، ويتراقصَ طربًا بريق الماس مثل قدك الميَّاس، على نبض قلبٍ وهمس زمنٍ ليس كأزمان الناس، وطلاوة نفس من أعطر الأنفاس إذ يغدو الياسمين في الصبح أولَ أولِ العشق، وفي المساء أحلى عشق المساء.

أي شيء في العيد أهدي إليك...؟

ليس الليل ليلاً إلا إذا اكتحل بعينيك، وأهدى نجومَه المعلقة بريقَ ثغرك المبتسم.

 

أغفو تارة في ليلك، وتارة أستيقظ، أتدبر في جُنته، كما في ضجيج النهار، ذلك السر الذي يجعل الجميل أجمل إذ تدركه الأبصار، أو تصغي لهمس أنفاسه الأسماع، أو تطرب لأنسه المهج والأفئدة.

 

أروي الذكرى، ذكراك التي لا تبيد، بعطر المساءات، وتوقد من جديد جذوتها نارُ الصبابة. وأسترجع من بين الكتب والأوراق فصولاً من تاريخ ذلك العشق القديم تلوَّنت قصائده بلون عينيك، فكان في أجمل الألوان شِعرَك، وفي أجمل قصائدي لونَك...

 

أيها السر المكتوم، أيها الحي في قلبي لا يموت في الحاضر ماضيه ولا فيما يستقبل. يا من غفت على ذكراه ألف ليلة وليلة، وتفيق كل الأيام في صباحاتها لا تسلاه...

 

أيها الممتد على مساحات الحزن والفرح... والسعادة والشقاء: هذا الدُر، لله دَرك، دُرُّك، وهذا اللون، ككل الألوان لونك.

 

معك تبدأ الحكايات، ككل الذكريات، من أولها، وتخترع اللغة معانيها من جديد.

 

اليوم أعلِّق في محرابك قصائد الزبرجد، ولآلئ العسجد، وأستحضر في حاضر ذلك الماضي عطرك الجميل، ورجع صوتك في نبضي، ولون عينيك، وشمسك التي لا تغيب.

 

عيدك يوم في أيام الناس، وفي كل أيامي كان دومًا عيدك.