يندرج في دائرة اهتمامات Robb Report العربية، على غرار الطبعات الدولية الأخرى من هذه المجلة، تصنيف الحياة الفاخرة ومنتجاتها وفق معايير تتصل اتصالاً وثيقًا باقتصاديات الثروة، وتنمية المشاريع، والتعريف بمظان الفرص الاستثمارية غير التقليدية. مساحة المال التي تلتفت إليها المجلة لا تنحبس على ما يقدر مالُ كل ذي مال على أن يشتري ما يرفِّه به عن نفسه، أو يقتني ما يزيد من مساحات الترف والفخامة والرفاهية. بل ثمة التفات واضح إلى ما يتصل بتلبية متطلبات الذائقة الراقية، وإلى ما يفتح بابًا من أبواب الاستثمار في ما يدخل عمومًا في اقتصاديات الرفاه. قد يكون في الاتجار بالمقتنيات الثمينة والتحف والنوادر من لوحات فنية أو سيارات أو غير ذلك فرص استثمارية تتسع فيها آفاق الأمل عما ضاق في فرص الاستثمار التقليدي أحيانًا من أسهم أو عقار.

يدرك كثير من المستثمرين والمتابعين أن اقتصاديات الرفاه واستثماراته في نمو مطرد في العالم العربي لاعتبارات كثيرة من بينها تنامي الطلب على منتجات هذه الاقتصاديات من فنادق أو عقارات أو سيارات أو تقنيات وتحف وغير ذلك. يضاف إلى ذلك أن الاستثمارات في هذه المجالات كانت استثمارات عزيزة قليلة بسبب تردي البنية التحتية التنموية والسياسية والاقتصادية في كثير من الدول العربية، وتخلف البيئات الاقتصادية التي تحبط أي توجه استثماري غير تقليدي. لقد فتح، لا ريب، تطور بنية الحراك الاقتصادي في كثير من الدول العربية الأبواب المغلقة لتوليد منتجات استثمارية، خصوصًا ما اتصل من ذلك بالمجال الفندقي والسياحي، تضاهي أبرز ما يألفه قطاع الأعمال عالميًا من استثمارات في ما يندرج عمومًا في اقتصاديات الرفاه.

لقد وقفت هذه المجلة في متابعاتها المستمرة لهذا القطاع الاقتصادي المهم في العالم العربي على هذا النمو الواضح في اقتصاديات الرفاه وما يتصل بها. وتظهر دبي معلمًا واضحًا يضرب به أوضح الأمثال على نمو ظاهر في اقتصاديات غير تقليدية لم تألفها المنطقة من قبل بهذا الحجم. وكأن دبي تلبي في ذلك مطلبًا يتنامى يومًا بعد يوم على الخدمات الراقية، لا أنها تلبي فقط مطالب التحضر والتنمية الذكية والتمكين لبيئة استثمارية غير تقليدية في العالم العربي بأجمعه أعانت بأنظمتها المشجعة على استقطاب، لا المستثمرين وحدهم أو رواد الأعمال في كل اتجاه، بل جعلت من هذه المدينة الممتلئة أنسًا ومتعةً وفرصًا واعدة قبلة للناس من كل حدب وصوب في صيفها وشتائها، وجميع مواسمها. لذا يأتي دليل دبي الذي تصدره هذه المجلة للمرة الثانية في يوليو تموز القادم دليلاً بيِّنًا لا على ما يهدي الناس إلى أماكن التسوق الراقي والرفاهية في الفنادق والمطاعم والمتاحف وغير ذلك، بل يأتي، أيضًا، دليلاً على بيئة استثمارية تكاملت فيها الأنظمة والرؤى على توفير ما قد يعز نظيره، ليس في الجوار العربي وحده، بل في كثير من المدن العالمية.

رفاه يعم

تنشط مجلة Robb Report العربية في التعريف بهذه الاقتصاديات والاستثمارات والمنتجات ليس من حيث اطلاع قرائها على ما يرغبون في الوقوف عليه في عالمنا، أو يطلبونه، من مقاصد فاخرة ومقتنيات نادرة، بل من حيث السعي إلى تقديم ما تؤمن المجلة بمعاييرها أنه الأفضل، بل أفضل الأفضل فيما تختار، أو تتابع، أو تكشف عنه، مما يضيف إلى حياة قرائها نوعًا من المتعة والثراء المعرفي أو الذوقي. وتأخذ المجلة بمنهج في تصنيف هذه الحياة الفاخرة ومنتجاتها عربيًا لتعين قراءها على تعرف الأفضل واختيار الأجمل والتمتع بما يبقي آثارًا من الفرح لا تنقضي وقد انغمس الشعور كله في سياق تجارب لا يشبهها شيء خارج آفاقها. لذا ستصدر جملة من الأدلة، عن مدن مختارة في العالم العربي، يتبع بعضها بعضًا تستصحب هذه المقاصد كلها، وسيعقب من بعد دليل دبي أدلة عن الحياة الفاخرة في الدوحة والرياض وأبو ظبي.

ليس ذاك وحده ما تنشط المجلة في الالتفات إليه والتوسع فيه، بل يضاف إلى ذلك، ويعقبه، الكشف عن أفضل الفنادق في العالم العربي، وفق معايير مقررة عالميًا في هذا المجال، خصوصًا في البلدان التي تتمتع بقدر وافر من الاستقرار السياسي والحراك الاقتصادي والأمن الاجتماعي على ما هو ظاهر في مجموعة من دول العالم العربي التي أعانها استقرارها السياسي على تنشيط الحراك الاقتصادي وتنميته وتوسيع دائرة الأمن الاجتماعي المرتبط ارتباطًا لا ينفصم بالاستقرار السياسي والرفاه الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، ومحاربة الفساد.

لا يمكن أن يتطور اقتصاد الرفاه في صحراء منبتة قصية، ولا في منحبس على القادرين من الأثرياء، يؤثرون أنفسهم بمتع من الحياة يتهددها خارج أسوار منحبساتهم فقرُ الفقراء وجوعُ الجوعى وتعاظمُ اضطهاد الناس. إنما يتطور هذا الاقتصاد حيث يضيف قيمة ظاهرة للبلاد، ويعين على توليد فرص عمل جديدة وثرية لقطاع كبير من طلاَّب العمل، وحيث يسهم في صيانة الأمن الاقتصادي والاجتماعي بمبادراته الاستثمارية التي لا تضيق نتائجها ومنتجاتها على طائفة من المترفين أو محدثي النعمة أو الفاسدين، بل تتسع لما ينتفع به كثير من الناس. إنها المتعة التي تعم ولا تستأثر بها طائفة من الأغنياء دون الناس جميعًا.