فيما ينشط الصناع في تطوير جيل جديد من الطائرات الكهربائية، لن يعود الهبوط فوق أسطح ناطحات السحاب حكرًا على الطائرات المروحية.

ظهرت الطائرات القادرة على الهبوط في مدارج قصيرة أو الإقلاع منها (STOL) منذ ثلاثينيات القرن الفائت، وكان أكثرها شهرة طائرات الدفع المروحي التي يقودها الطيارون فوق الأدغال وصولاً إلى وجهات نائية. أما في ما يخص الجيل الكهربائي الجديد من هذه الطائرات، فإن مواقع الهبوط قصيرة المدى قد تشمل قريبًا أسطح الأبنية في المدن، والسهول الجليدية في ألاسكا.


ارتحل مارك أوسمان، الضابط السابق في الطيران البحري، بخبراته إلى سيليكون فالي للمساعدة على تطوير مشروع طائرة فاهانا Vahana الكهربائية من إيرباص، القادرة على أن تقلع وتهبط في وضع عمودي، ثم شارك سنة 2019 في تأسيس شركة إيرفلو Airflow لتصنيع الطائرات الكهربائية القادرة على الهبوط في مدارج قصيرة أو الإقلاع منها eSTOL. يقول أوسمان: "يسمح لنا التحول إلى الطاقة الكهربائية ببناء طائرات لا وجود لقدراتها اليوم. يتنامى استخدام المحركات الكهربائية على نحو رائع. يمكنك اليوم أن تجهّز الطائرة بستة عشر محركًا كهربائيًا لتعزيز كفاءتها، الأمر الذي لم يكن تحقيقه ممكنًا عند استخدام المحركات التوربينية أو المحركات ذات المكابس."


يقول أوسمان إن الطائرة التي ابتكرت شركة إيرفلو تصميمها، والمجهزة بنظام Virtual Tailhook لن تحتاج عند الإقلاع إلا إلى مدرج لا يزيد طوله على 150 قدمًا، أي نصف طول المدرج النموذجي الذي يساوي 300 قدم، الأمر الذي يحوّل أسطح ناطحات السحاب وأرصفة الموانئ إلى مهابط محتملة للطائرات. لاختبار هذا التصميم، تعمل الشركة على تعديل طائرة من طراز Cessna 210 مجهّزة بأجنحة جديدة وثمانية محركات كهربائية. تتوقع الشركة إطلاق طائرتها في نموذج اختباري بالحجم الطبيعي في غضون سنتين.


بموازاة ذلك، تخطط شركة ميترو هوب Metro Hop للعمل بداية على طائرة شحن قبل الانتقال إلى طائرات النقل الفاخر. يقول برونو مومبريني، الرئيس التنفيذي للشركة الذي تابع دروسه الهندسية في معهد ماساتشوستس للتقنية والذي تولى تصميم الطائرة: إن الشركة ستبني أيضًا "طائرة دون طيار تتسع لراكبين" ما إن تسمح تقنية الطيران الذاتي والقوانين التشريعية بذلك.


ستكون الطائرة القادرة على الهبوط في مدارج قصيرة أو الإقلاع منها أكثر كفاءة من الطائرة الكهربائية القادرة على أن تقلع وتهبط في وضع عمودي والشبيهة بطائرة مروحية، وذلك بالرغم من أن الاثنتين لا تسببان أي انبعاثات. يُعزى السبب في ذلك إلى أن الطائرة الكهربائية القادرة على أن تقلع وتهبط في وضع عمودي تستهلك مقدارا غير متكافئ من طاقة البطارية في أثناء الإقلاع والهبوط. من المتوقع أيضًا أن تتميز الطائرات القادرة على الإقلاع من مدارج قصيرة بمدى سفر أطول وقدرة استيعابية أعلى للحمولة مقابل نصف التكاليف التشغيلية، وإن كان أوسمان يعتقد أنه سيكون لكل من الطائرتين أوجه استخدام خاصة بها.


لكن ثمة جانبًا سلبيًا في الطائرة الكهربائية القادرة على الهبوط في مدارج قصيرة أو الإقلاع منها يتمثل بالقوة البالغة لتأثير تسارع الجاذبية عند هبوط الطائرة في مدرج قصير.


للحد من وطأة هذا التأثير في المسافرين، طورت شركة ميترو هوب نظامًا يجعل عجلات الهبوط تتوقف على نحو تدريجي محدد. يقول مومبريني: "سيسمح لنا التحكم بمعدل تغير السرعة بتحديد قوة تأثير تسارع الجاذبية في المسافرين عند 0.3 g في الثانية الواحدة، على ما هو عليه حال مصعد تتباطأ سرعته وصولاً إلى طابق محدد."

"يتنامى استخدام المحركات الكهربائية على نحو رائع. يمكنك اليوم أن تجهّز الطائرة بستة عشر محركا كهربائيا لتعزيز كفاءتها، الأمر الذي لم يكن تحقيقه ممكنًا عند استخدام المحركات التوربينية أو المحركات ذات المكابس"


في سويسرا، شرعت شركة مانتا إيركرافت Manta Aircraft ببناء نموذج اختباري ثان بثلث الحجم الطبيعي لطائرتها طراز Ann2 Speeder التي تتسع لمسافرَيْن، والتي تجمع بين محركات حرق الوقود ونظام للطاقة الكهربائية. يقول لوكاس ماركيزيني، الرئيس التنفيذي للشركة والمهندس في مجال الملاحة الجوية الذي يمتلك خبرة في سباقات فورمولا 1: "سننجز النموذج الاختباري بالحجم الطبيعي في مرحلة آتية من هذا العام".


بدأت الشركة أيضًا العمل على رسومات طائرة تتسع لأربعة مسافرين قد تبدو رشيقة وسريعة بقدر طراز Ann2 Speeder. يقول ماركيزيني: " ستكون الطائرة ذات المقعدين أشبه بسيارة من طراز بورشه 911، فيما ستكون الطائرة ذات المقاعد الأربعة أقرب إلى مركبة رياضية متعددة الاستعمالات من طراز بورشه كايان." لكن كلتا الطائرتين لن تبدو في مكان غير مناسب فيما تسافر عبر المجال الجوي لمدينة حديثة.