ينشط الباحثون لدى معهد مانشستر للتقنيات الحيوية في تطوير

وقود حيوي من بكتيريا المياه المالحة قد يشكل بديلا نظيفا

وأشد كفاءة عن وقود الطائرات التقليدي.

 

قد يساعد أفراد من مؤسسة تحمل اسم MIB على إنقاذ العالم الذي نعرفه. لكن هؤلاء ليسوا رجالاً ببذلات سوداء على غرار أولئك الذين اشتهروا في فيلم Men in Black، بل هم أفراد من معهد مانشستر للتقنيات الحيوية البعيد كل البعد عن عالم هوليوود، والتابع لجامعة مانشستر في المملكة المتحدة. يقول هؤلاء إن بضع سنوات فقط قد تفصلنا عن بديل نظيف لوقود الطائرات مصنوع من مياه البحر.

لا يُعد الوقود الحيوي، المصنّع من بكتيريا مائية، مادة نظيفة الاحتراق فحسب، بل إنه يتميّز أيضًا بالكفاءة من حيث تدني كلفة إنتاجه، ولا يخلّف أي تأثيرات على إنتاج الأغذية على ما يقول نيغيل سكروتون، مدير المعهد. وقد بات العمل على هذا البديل حاجة ملحة.

 

تطمس معدلات حركة الطيران المتنامية منافع الكفاءة، إذ إن نسبة غازات الدفيئة الناجمة عن الطيران تساوي حاليًا %2 من المجموع العالمي. وكان قطاع الطيران قد وعد بخفض معدلات الانبعاثات المسجلة في عام 2005 إلى النصف بحلول سنة 2050. يشكّل توفير وقود بديل، نظيف ومستدام، عنصرًا أساسيًا لتحقيق هذا الهدف. لكن في عام 2018، كانت نسبة استخدام الوقود الحيوي بمختلف أشكاله المتاحة لا تزيد على %0.1 من مجموع الوقود المستهلك في هذا القطاع، وذلك بالرغم من أن أول رحلة تجارية استخدمت وقودًا من هذا الطراز انطلقت في عام 2008. فضلاً عن ذلك، يمكن لأشكال الوقود الحيوي أن تكون مكلفة أكثر من وقود الطائرات المستخرج من المتحجّرات.

 

يبدو قطاع الطيران الخاص تحديدًا عرضة للتأثر بهذا التوجّه، وذلك بالرغم من المساعي المتزايدة التي يتبنّاها صنّاع طائرات رجال الأعمال لدعم استخدام الوقود البديل. تشير بعض الإحصائيات إلى أن أكثر من نصف البريطانيين يدعمون فرض حظر على رحلات الطائرات الخاصة، والرقم يتجاوز حتى في الولايات المتحدة الأمريكية %40 من السكان.

 

يعمل الباحثون، الذين يموّلهم مكتب الأبحاث البحرية العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية، على بكتيريا هالوموناس لإيجاد بدائل عن النفط الخام المكرر. وفي هذا يقول سكروتون: «هذه هي رؤيتنا. يكمن جمال علوم الأحياء في كونها تتيح هندسة نسخ من الوقود أشد نقاءً.»

تشتمل المواد النفطية الكيميائية المستخرجة من الأرض، حتى بعد تكريرها، على شوائب تشكّل جزءًا من مشكلة الانبعاثات، بما في ذلك أكسيد النتروجين وأكسيد الكبريت. يقول سكروتون: «إذا ما أحرقنا وقودًا حيويًا نقيًا، فإننا سنحصل في النهاية على ثاني أكسيد الكربون والماء فحسب.»

 

«بضع سنوات فقط قد تفصلنا عن بديل نظيف لوقود الطائرات مصنوع من مياه البحر»


    
ثمة منافع أخرى لهذا الوقود، إذ يمكن استنبات البكتيريا باستخدام النفايات الزراعية وفضلات الطعام. كما أن عملية إنتاج الوقود ستكون أدنى كلفة وأقل تأثيرًا مقارنة بما هو عليه حال الأشكال الأخرى من الوقود الحيوي. يُتحصل مثلاً على الإيثانول الحيوي من النباتات، على غرار الذرة، التي تنافس المحاصيل الغذائية على الأراضي الزراعية. كما أن عملية إنتاج الطحالب تستلزم توافر بيئات تخضع لضبط محكم.

 

يعتقد سكروتون أن سبع سنوات تفصلنا عن بدء إنتاج وقود الطائرات المشتق من بكتيريا هالوموناس على نطاق واسع. وفي هذا يقول: «تتمثّل الخطوة التالية في اختباره في الطيران. فهذا من شأنه أن يبني الثقة بهذه التقنية.»

لا تشكل البكتيريا المستنبتة في مياه البحر حلاً نهائيًا، إذ إنها لا تعالج مشكلة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. لكن الوقود الحيوي الذي تنتجه يُعد أنقى بكثير من وقود الطائرات الحديث، وأقدر على إحداث فرق مقارنة بما تعد به الطائرات التي تعمل بطاقة البطارية والتي لا تزال بعيدة المنال. إنه حتمًا تغيير جذري جارف مثل البحر. 

 

وقود صديق للبيئة

قد تشكّل المياه المالحة الموجة الأخيرة في بحر الأبحاث، لكن سبق لإدارة الطيران الاتحادية أن صادقت على استخدام هذه البدائل الثلاثة للطائرات.