غوردن موراي يبتكر الخلف الأمثل لطراز McLaren F1 الشهير.

 

عندما دخلت مبنى صناعيًا مهيبًا في مهبط للطائرات يقع في منطقة نائية بجنوب إنكلترا، وجدتني في حضرة واحد من أعظم مصممي السيارات الأحياء في العالم، وإلى جانبه ابتكاره الأخير.

إن كان غوردن موراي يتحلى بشهرة ما، فإنه يشتهر تحديدًا بوصفه من صمّم طراز سيارة McLaren F1 لعام 1992، المركبة التي يعز نظيرها المجهّزة بمحرك يعمل بالسحب الطبيعي وبمقصورة داخلية يميّزها ترتيب مقعد السائق وبجانبه مقعدان لراكبين آخرين. حققت السيارة رقمًا قياسيًا عالميًا في سرعتها التي تعادل 240 ميلاً/الساعة وعدّها كثير من الناس أعظم سيارة خارقة بُنيت يومًا. فهل يحتاج المرء حقًا إلى معرفة أي شيء آخر عن هذا المصمم؟ تُعد سيارته الأحدث من طراز T.50، والتي تمثّل أول مركبة ممهورة بتوقيعه من خلال شركة غوردن موراي أوتوموتيف، خلفًا لطراز F1 من ماكلارين. أحضرها موراي ليتيح لي رؤيتها بينما يحدثني عنها. بدا الأمر لي، بوصفي مولعًا بالسيارات، أشبه بفرصة للقاء مايكل أنجلو وإلقاء نظرة مسبقة على تتمة مأثرته الشهيرة ديفيد.

 

المصمم غوردن موراي.

Richard Pardon/ Gordon Murray Automotive
المصمم غوردن موراي.

يقول موراي: "يقول الناس أحيانًا إن العالم لن يعرف أبدًا مركبة للقيادة أفضل من طراز F1. إنهم ما فتئوا ينشدون ما تتميز به من نقاء وبساطة. إنها مأثرة فنية هندسية تخلو من أي شاشات تعمل باللمس. لكني ابتكرتها بنفسي وأعرف مكمن العيب فيها. كان بالإمكان تحسين نظام التوجيه، والمصابيح الأمامية، والمكابح. فضلاً عن ذلك، انقضى 28 عامًا منذ ابتكار تلك المركبة. أعدكم بأن السيارة الجديدة ستكون أفضل من مختلف الجوانب."

 

المأثرة الخارقة

Richard Pardon/ Gordon Murray Automotive
 

يعتقد موراي بأن جامعي السيارات بدأوا يفقدون الحماسة للمركبات الخارقة، لا سيما الطُرز الكهربائية بالكامل التي لا تنفك تصبح أكبر حجمًا، وأثقل وزنًا وأكثر تكلفًا بمعالمها البصرية. لكن هذا الواقع لا ينطبق على طراز T.50 (الاسم المختصر لطراز Type 50 الذي يحتفي بمسيرة المصمم المهنية الممتدة على خمسة عقود) الذي يتميّز بأدائه الصاروخي ومظهره البديع. إذا ما أخذنا في الحسبان حجم مركبة هذا الطراز، الأصغر من حجم سيارة من طراز بورشه 911، فإنه قد يبدو لنا أنها أصغر من أن تتميّز بمثل هذا الأداء الخارق. لكنها تكاد تذكّر بأدق التفاصيل في تصميم سيارة الطراز F1. فهي تزهو بالمقاعد الثلاثية نفسها، وترتيب المقصورة الداخلية الذي يحاكي شكل رأس السهم، والبابين الفراشيين مهيبي المظهر اللذين يكملهما في الجزء الخلفي بابان آخران أصغر حجمًا مثبتان إلى السقف وينفتحان إلى أعلى ليتيحا الوصول إلى المحرك وإلى صندوق فسيح للأمتعة في كل جانب من السيارة.

"يقول الناس أحيانا إن العالم لن يعرف أبدا مركبة للقيادة أفضل من طراز F1. أعدكم بأن السيارة الجديدة ستكون أفضل من مختلف الجوانب"

في تعارض متعمد مع معظم المركبات المنافسة، جُهزت السيارة بمحرك V-12 من اثنتي عشرة أسطوانة بسعة 3.9 لتر يعمل بالسحب الطبيعي وينتج قوة تساوي 700 حصان (يدعمه في ذلك نظام لتوجيه دفق الهواء عبر السقف لتعزيز قوة الضغط المحيط). تولت تصنيع المحرك خصيصًا لهذا المشروع شركة كوزوورث البريطانية التي تنشط في مجال بناء محركات سيارات الفورمولا 1. يحقق المحرك معدل دوران أعلى (يساوي 12,100 دورة في الدقيقة) مقارنة بأي محرك V-12 من اثنتي عشرة أسطوانة يعمل بالسحب الطبيعي جرى تثبيته يومًا في سيارة مخصصة للقيادة على الطرقات. كما أنه أخف وزنًا (يبلغ وزنه نحو 178 كيلوغرام) ويتميّز بمقدار أكبر من معدل تركيز الطاقة. لا يمكن أبدًا التفوق على هذه المواصفات على ما يزعم موراي. إنه يعتقد أن القوة الهائلة لمجموعة الطاقة الكهربائية والهجينة قد تجعل من هذا المحرك أحدث محرك نقي عظيم مكوّن من اثنتي عشرة أسطوانة متوافر في العالم.

Richard Pardon/ Gordon Murray Automotive
 

وإذا كان يبدو أن القوة الحصانية قاصرة في حقبة الغلبة فيها لمحركات قادرة على إنتاج قوة تزيد على ألف حصان، فإن بنية السيارة المصنوعة من ألياف الكربون، وأبعادها المدمجة، تعني في المقابل أن وزنها يساوي نحو 980 كيلوغرام، أي أقل من نصف وزن مركبة من طراز بوغاتي شيرون.

المأثرة الخارقة

Richard Pardon/ Gordon Murray Automotive
 

تتمايز علبة التروس أيضًا عن مثيلاتها بقدر تمايز المحرك. جُهزت السيارة بعلبة تروس يدوية من ست سرعات بدلاً من نظام ذراع التبديل الواسع الانتشار اليوم. لكن أبرز مكوّن غير تقليدي في المركبة هو مروحة بحجم 16 بوصة للتحكم بالتأثير الأرضي لدفق الهواء. تشكل هذه المروحة جزءًا من مجموعة مزايا الديناميكية الهوائية النشطة التي تتيح للسيارة التشبث بالإسفلت بقوة تزيد على الضعف مقارنة بما هو عليه الحال في سيارة الطرازF1.

Richard Pardon/ Gordon Murray Automotive
 تساعد المروحة المثبتة إلى الجزء الخلفي من السيارة الخارقة، والمخصصة للتحكم بالتأثير الأرضي لدفق الهواء، على إنتاج قوة سفلية تزيد على ضعف ما هي عليه في مركبة من طراز F1.

تخطط الشركة لإنتاج 100 نموذج من السيارة المقدر سعرها بنحو ثلاثة ملايين دولار، وقد باعت منها إلى الآن الثلثين. لكن هذا الطلب متوقع إذا ما أخذنا في الحسبان أن سعر أي نموذج من طرازF1 يقارب اليوم 20 مليون دولار.

يقول موراي: "نتلقى طلبات من كثير من المشترين الذين لا تزيد أعمارهم على 45 سنة. إنهم يخبرونني بأن سيارة من طراز T.50 تجسّد مركبة من طراز F1 لجيلهم. أقول لهم إنهم يحظون بصفقة رابحة لأنهم يبتاعون سيارة أفضل بحسم في السعر يصل إلى 85%."