لا شيء محظور في كاليفورنيا، أرض إعادة الابتكار، بما في ذلك هبة ألمانيا العظمى للمضي قدما على الطرق

 

لا يكاد المرء يسمع اسم كاليفورنيا حتى تتبادر إلى ذهنه صور مشاهير المجتمع في معقل صناعة أفلام هوليوود وهم يجوبون أرجاء هضابها على متن سياراتهم من طراز بورشه. بات للسيارة الألمانية حضور طاغ في الولاية الذهبية، شأنها في ذلك شأن ألواح ركوب الأمواج التي تنزلق ذهابًا وإيابًا فوق الماء قبالة الساحل. لكن في منطقة تشكل مرادفًا للخيال وحرية التعبير، من غير المستغرب أن تعمد مجموعة صغيرة من الناشطين في مجال استعادة المركبات بحسب الطلب إلى الإتيان بتعديلاتها الخاصة على ابتكارات العلامة الألمانية، وذلك من خلال سيارات مركبة قد يصل سعرها إلى مبلغ بمئات الآلاف أو الملايين

 

تجمع بين بورشه وكاليفورنيا علاقة طويلة الأمد. كانت بداية القصة في عام 1948 شأنًا عائليًا عندما عمد المؤسس فرديناند بورشه وابنه «فيري» إلى افتتاح مصنعهما في غموند بالنمسا، مستخدمين فيه مئتي موظف. في عام 1950، نقلا المصنع إلى زوفنهاوسن في ألمانيا، المنطقة التي ما فتئت تشكل، بعد سبعين عامًا تقريبًا، معقل العلامة التي يحسدها صناع السيارات الآخرون كلهم على شهرتها من حيث الأداء، والهندسة المتينة، وجودة البناء غير المنقوصة

 

ستيف ماكوين يختبر إمكانات سيارته من طراز Speedster على حلبة Riverside Raceway في عام 1959.

ستيف ماكوين يختبر إمكانات سيارته من طراز Speedster على حلبة Riverside Raceway في عام 1959. 

 

لم يمض وقت طويل قبل أن تجد المركبات الرياضية ذات المظهر الغريب الذي يستلهم شكل حوض الاستحمام طريقها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتصبح في متناول أيدي الهواة من سائقي سيارات السباق أمثال جيمس دين الذي ابتاع في عام 1955 من شركة كومبتيشن موتورز في هوليوود سيارة شرسة الأداء من طراز  550 Spyder. لكن دين حطم السيارة على الفور في طريقه إلى السباقات في ساليناس. أنهى الحادث حياة الممثل الذي كان يبلغ من العمر آنذاك أربعة وعشرين عامًا، لكنه رسخ اسمه واسم بورشه في وعي العامة على نطاق أوسع

 

في ذاك العام نفسه، حث ماكس هوفمان، النيويوركي الذي استورد إلى أمريكا خلال خمسينيات القرن الفائت وستينياته سيارات من علامات أوروبية عدة، شركة بورشه على تطوير مركبة  356 Speedster المجردة من الزوائد التي تُعد اليوم السيارة الأكثر طلبًا من قبل هواة جمع السيارات ضمن مركبات بورشه عتيقة الطراز. بحلول عام 1959، افتتح فازيك بولاك المولود في دولة تشيك أول وكالة حصرية لسيارات بورشه في الولايات المتحدة الأمريكية، واختار موقعها على نحو متبصر في بلدة هيرموزا بيتش الساحلية الواقعة مباشرة عند تخوم لوس أنجلوس. وسرعان ما بات بين كاليفورنيا وبورشه ارتباط لا تنفصم عراه. في سبعينيات القرن الفائت، نجح بولاك، صديق فيري بورشه في عالم السباقات، في الترويج للسيارات التنافسية من طرز Porsche 917، وPorsche 934، وPorsche 935

 

«ثمة قصة عشق بين بورشه وكاليفورنيا، قصة لا تزال مستمرة منذ خمسينيات القرن الفائت»

-كلاوس زيلمر 

 

يقول كلاوس زيلمر، رئيس شركة سيارات بورشه في أمريكا الشمالية ورئيسها التنفيذي: «تستأثر كاليفورنيا بنسبة %25 تقريبًا من إجمالي عدد مركبات بورشه التي تُسلم في الولايات المتحدة الأمريكية. كما تشكل كاليفورنيا منفردة خامس أكبر سوق لنا في العالم، ويتمركز 26 وكيلاً من أصل 191 وكيلاً في أمريكا في الولاية الذهبية.» 

 

تعلو بالطبع مكانة طراز واحد من بورشه فوق الطرز الأخرى. فبحلول أواسط ستينيات القرن الفائت، كانت بورشه في أوج نشاطها من خلال مركبات الفئة 356 الشهيرة التي تصنعها، ثم حققت إنجازًا لا مثيل له مع بدء إنتاج سيارات الطراز 911  في عام 1964. حققت المركبة الخَلَف لسيارات الفئة 356، والتي بلغ سعرها آنذاك في أمريكا 5٫500 دولار، نجاحًا فوريًا. في عام 2017، صنعت الشركة السيارة رقم مليون في خط إنتاجها من مركبات بورشه 911، ما شكل شاهدًا على الشهرة المستمرة لهذا الطراز. يقول زيلمر: «إن سيارة الطراز 911 الشهيرة تحتل مكانة خاصة. وتشكل أمريكا أكبر سوق لمركبات طراز 911 في العالم، إذ تستأثر منذ سنوات عدة بنحو %30 من مجمل المركبات التي تُسلم في العالم. وتتصدر كاليفورنيا مبيعات طراز 911 في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة الربع

 

سيارة كوبيه من طراز 911 L تعود إلى عام 1968 تقريبًا

سيارة كوبيه من طراز 911 L تعود إلى عام 1968 تقريبا

 

أما السبب المحدد لاستحواذ بورشه على المخيلة الجماعية في كاليفورنيا، فيسهل فهمه بقدر ما يصعب حل لغزه بالكامل. تتميز كاليفورنيا بطقسها الرائع، والطرقات التي تزهو بمناظر بديعة على امتداد آلاف الأميال، وعشرات حلبات السباق. لكن السيارات الرياضية الأخرى تتمتع بهذه الامتيازات أيضًا. تطور من حول علامة بورشه مشهد تنافسي حيوي، وتنامت بالمثل أنشطة الأندية ومعارض السيارات. لكن هذه الأمور قد لا تكون سببًا وإنما نتيجة لشغف أهل كاليفورنيا. وربما لا يكون السبب مهمًا. يقول زيلمر: «ثمة قصة عشق بين بورشه وكاليفورنيا، قصة لا تزال مستمرة منذ خمسينيات القرن الفائت. ففي قيادة سيارة من بورشه على طرقات كاليفورنيا ما يجعل بينهما رابطًا لا مثيل له.» 

 

لكن الحفاظ على الاهتمام في أي علاقة يقتضي الشغف والإبداع. تثبت الشخصيات التي نستعرضها فيما يأتي التزامها تجاه بورشه عبر تكريم إرثها بمركبات احتفالية تعكس مشاعرهم الشخصية الصادقة.