شركة OceanGate Expeditions تنظم رحلات غوص لاستعادة أمجاد السفينة الأشهر الغارقة في المحيط قبل اختفائها.

 

بالرغم من أن آر إم إس تايتانك RMS Titanic تُعد السفينة الغارقة الأشهر في العالم، إلا أن تمييزها قد لا يعود ممكنًا بعد فترة قصيرة. فالسفينة البالغ طولها 883 قدمًا، والتي اصطدمت بجبل جليدي في الرابع عشر من أبريل نيسان سنة 1912، فغرقت على بعد 400 ميل من ساحل نيوفاوندلاند، استقرت في قعر المحيط لأكثر من قرن كامل وبدأ حطامها يتحلل بسبب التيارات تحت سطح الماء وبسبب بكتيريا Halomonas titanicae المكتشفة حديثًا.

في شهر مايو أيار المقبل، سيغوص فريق من العلماء المستكشفين إلى عمق يزيد على 12 ألف قدم وصولاً إلى موقع الحطام لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، وهم يدعون المدنيين، أو "خبراء المهام"، للمشاركة في هذه المغامرة. ستتولى الغواصة تايتان التي تستوعب خمسة ركّاب، والوحيدة في العالم القادرة على الغوص حتى عمق 13,123  قدمًا، نقل ثلاثة خبراء مهام، ومعهم باحث وقائد للغواصة، في كل رحلة غوص قد تستمر من ثماني ساعات إلى عشر ساعات.

إنها فرصة للعبور إلى عالم جيمس كاميرون، والغوص في الأعماق المظلمة والغامضة الواقعة على عمق يزيد على ميلين تحت سطح الماء، واستكشاف سفينة الركّاب العابرة للمحيط الأشهر في العالم، بما في ذلك التحويم فوق الجؤجؤ المحطم، أو مشاهدة السطح العلوي الذي احتضن قديمًا درجات سلم السفينة المهيب، أو الطفو فوق الموقع حيث عزفت فرقة الآلات الوترية موسيقاها فيما كانت السفينة تغرق.

يقول ستوكتون راش، رئيس شركة أوشن غايت إكسبيديشنز المنظمة لرحلات الغوص: "إن عدد الأشخاص الذي تسلقوا جبل إفرست يفوق عدد أولئك الذين شاهدوا سفينة تايتانك في قعر المحيط. إذا كنت ترغب في الإقدام على عمل متفرد يسهم أيضًا في تطوير المعارف الإنسانية، فإن الوجهة المثلى لذلك تقع تحت سطح الماء."

سيضطلع ، فضلاً عن ذلك، خبراء المهام، الذين يدفعون مبلغًا قدره 125 ألف دولار للمشاركة في بعثات المهام التي تستمر ما بين عشرة أيام و14 يومًا، بدور الباحثين، فيتولون إجراء المسح بالمسبار الصوتي والليزر، وتسجيل المقاطع المصوّرة، وتوثيق وضع السفينة، حتى قيادة الغواصة تايتان باستخدام جهاز تحكم إلكتروني معزز بتقنية بلوتوث. يقول راش: "سيضطلع كل شخص بدور فاعل. أحتاج إلى مشاركة أشخاص يدركون أننا ننطلق في مهمة لها غرض علمي."

"إنها فرصة للغوص في الأعماق المظلمة والغامضة الواقعة على عمق يزيد على ميلين تحت سطح الماء، واستكشاف سفينة الركاب العابرة للمحيط الأشهر في العالم."

جُهزت الغواصة تايتان بآلات تصوير خارجية عدة، ومسبار صوتي متعدد الأطياف، ومصابيح إضاءة خارجية بمعدل دفق ضوئي يعادل 40 ألف لومن، فضلاً عن ماسحة تعمل بتقنية الليزر، ومنفذ للرؤية هو الأكبر على متن أي غواصة للغوص العميق. سيحمل خبراء المهام معهم حواسيب لوحية تتيح لهم الولوج إلى شاشة أي من آلات التصوير فيما تقوم الغواصة بمسح حطام السفينة. كما ستُجري البعثة أبحاثًا عن مظاهر الحياة البحرية والأجناس الجرثومية التي اتخذت من الحطام موطنًا لها، لا سيّما وأن تايتانك باتت اليوم تشكل "حيدًا اصطناعيًا" بقدر ما تُعد سفينة غارقة، على ما يقول راش.

انطلق باركس ستيفنسون، أحد مستكشفي تايتانك، في أول رحلة غوص إلى حطام السفينة سنة 2005 ثم أجرى مسحًا ثانيًا للموقع بعد خمسة أعوام باستخدام كائن آلي. في العام الفائت، استكشف ستيفنسون الهيكل الخارجي للسفينة على متن غواصة Limiting Factor من شركة ترايتون، ولاحظ أن "اختلافات كبيرة قد طرأت" على ما يشير.

يقول ستيفنسون إن السفينة تزخر اليوم بمظاهر الحياة البحرية مقارنة بما كان عليه حالها سنة 2005، عندما كانت أشبه "بمنطقة ميتة". لكنه لاحظ أيضًا تآكلاً في الأسطح العلوية، بما في ذلك حوض الاستحمام الخزفي الخاص بقبطان السفينة، والذي كان يُعد واحدًا من أشهر المشاهد على متن السفينة وبات اليوم مدفونًا تحت أحد الأسقف المنهارة.

رحلة إلى تايتانك

OceanGate Expeditions
بعد أن استقرت سفينة تايتانك في قعر المحيط طيلة 108 أعوام، بدأ حطامها يتحلل. يقول المراقبون إن وتيرة تآكلها لا تنفك تتسارع. 

يقول راش: "تندرج الأحذية وقطع الملابس ضمن أبرز الاكتشافات التي نتوقع رؤيتها. سيعمل علماء الآثار البحريون في فريقنا على توثيق هذه المكتشفات فيما يحاولون تعزيز فهمهم لنمط حياة الموسرين في أواخر القرن الفائت."

إن بعثات المهام هذه إلى الأعماق هي الوحيدة المجاز لها استكشاف الموقع الذي يحظى بحماية منظمة اليونيسكو، وهي تُعد ضرورية لفهم حالة السفينة. يقول راش: " إذا ما أخذنا في الحسبان معدل تحلل الحطام حاليًا، فإن التقديرات حول بقاء السفينة تتفاوت بين عشر سنوات إلى خمسين سنة مقبلة. لكن معظم الناس يتوقعون اختفاءها في غضون 20 سنة."

أما ستيفنسون، فيشير إلى أن الهيكل الفولاذي الذي تبلغ سماكته بوصة واحدة سيظل موجودًا لعقود عدة. لكن البنية الخارجية المصنوعة من ألواح فولاذية أقل سماكة هي التي تتعرض للتآكل حاليًا. يقول ستيفنسون: "إن البنية الفولاذية العلوية رقيقة في بعض المواضع مثل قطعة من الشاش. قد تنهار العناصر المميزة للسفينة كافة عما قريب، الأمر الذي سيجعل الحطام يبدو أكثر بشاعة. إذا كنت ترغب في الغوص لرؤية السفينة كما تبدو في الصور، فخير البر عاجله."