حين يتعلّق الأمر بإحياء سيارة تاريخية بحجم فانتوم، لا يكون الإبداع خيارًا، بل التزامًا يتطلّب سنوات من التفاني والدقة. هكذا انطلقت رحلة رولز-رويس في صياغة الإصدار الجديد تحت اسم فانتوم سنتينيري Phantom Centenary، وقد امتدّت لأكثر من ثلاث سنوات من العمل المتواصل، قادها فريق بيسبوك Bespoke Collective المؤلّف من نخبة المصمّمين والمهندسين والحرفيين، الذين كرّسوا أكثر من 40 ألف ساعة عمل لبناء سيارة تُجسّد ذروة الإبداع التقني والبصري في تاريخ العلامة.

منذ ظهوره الأول في عشرينيات القرن الماضي، لم يكن طراز فانتوم من رولز-رويس مجرد سيارة فاخرة، بل كان ولا يزال يعكس تجسيدًا نقيًا للفخامة المطلقة، والرفاهية الهندسية التي رافقت نخبة العالم في أرقى لحظاتهم، من السجادة الحمراء إلى باحات القصور. وفي احتفاء استثنائي بقرنٍ من الإبداع والتميّز، تكشف العلامة البريطانية العريقة عن إصدار محدود لا يتجاوز 25 سيارة فقط، يعيد تعريف الفخامة من خلال تصميم يروي قصة فانتوم منذ نشأتها حتى ذروتها المعاصرة، في تجسيدٍ نادر للفن والهندسة والرؤية المستقبلية.

100 عام من المجد.. رولز-رويس تُحيي إرث فانتوم بإصدار لا يُنسى

Rolls-Royce

ولأن العظمة لا تُستنسخ، بل تُستعاد بفهم عميق لجذورها، انغمس فريق بيسبوك في دراسة إرث فانتوم العريق، مستعرضين تحوّلات هويتها عبر الأجيال، ومستحضرين قصص مالكيها، وأحداثًا صنعت مجدها، وأمكنة شكّلت ملامحها. ومن رحم هذه الأبحاث، وُلدت 77 لوحة فنية مرسومة يدويًا، كلٌّ منها يروي فصلاً من حكاية فانتوم، ويُجسّد احترامًا عميقًا لماضيها، وتكريمًا لمسيرتها، واستشرافًا لمستقبلها.

100 عام من المجد.. رولز-رويس تُحيي إرث فانتوم بإصدار لا يُنسى

Rolls-Royce

تصميم خارجي يستحضر روح الثلاثينيات

بتصميم يستحضر روح الثلاثينيات، أعاد فريق التصميم في رولز-رويس إحياء ملامح المجد الكلاسيكي لطراز فانتوم، فكان الهيكل الخارجي بمنزلة لوحة فنية تنبض بالأصالة والابتكار. يتوّج السيارة مجسّم روح السعادة Spirit of  Ecstasy، بإصدار معاصر مستوحى من النسخة الأصلية التي زيّنت مقدّمة فانتوم قبل قرنٍ من الزمان، وهو مصنوع من الذهب عيار 18 قيراطًا ومطليّ بطبقة من الذهب عيار 24 قيراطًا، وقد نال اعتمادًا رسميًا من مكتب الدمغ والاختبار في لندن، إلى جانب ختم Phantom Centenary الحصري.

تصميم خارجي يستحضر روح الثلاثينيات

Rolls-Royce

أما شعار RR الشهير، فيتألّق على مقدّمة السيارة ومؤخّرتها وجانبيها بطلاء فاخر من الذهب عيار 24 قيراطًا، تتخلّله لمسات دقيقة من طلاء المينا الأبيض في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلامة. وجاءت الألوان الخارجية لتُكمل هذه السيمفونية البصرية، إذ يعلو اللون الكريستالي الفاتح القسم السفلي من الهيكل فوق طبقة من اللون الأبيض الجليدي Arctic White، فيما يكتسي القسم العلوي باللون نفسه فوق الأسود، ما يمنح السيارة حضورًا آسِرًا لا يُضاهى.

وقد ابتكر خبراء الطلاء في رولز-رويس تركيبة خاصة تمزج الطلاء الشفاف بجزيئات زجاج مطحون، واستبدلوا بالرقائق التقليدية جزيئات بلون البيج مضاعفة الكثافة، لإضفاء بريق معدني غني يليق بهذه المناسبة التاريخية. حتى أقراص العجلات حملت بصمة فريدة، إذ صُمّمت على نحو خاص لهذا الإصدار، ونُقش على كل منها 25 خطًا، تخليدًا لعدد السيارات في المجموعة، لتتّحد في مجموعها مشكّلةً 100 خطّ، احتفاءً بالذكرى المئوية لطراز فانتوم التاريخي.

تصميم خارجي يستحضر روح الثلاثينيات

Rolls-Royce

مقصورة داخلية تروي حكاية قرن

في الداخل، يتجلّى الإبداع بأبهى صوره، إذ ترتقي التفاصيل إلى مستوى فنيّ يختصر قرنًا من الفخامة المتوارثة. ففي إصدار فانتوم سنتينيري، تتحول المقصورة الخلفية إلى لوحة نابضة بالحياة، تستلهم خطوطها من طراز Phantom Lough من عام 1926، الذي عُرف بتنجيده اليدوي بأسلوب أوبوسون الفرنسي الفاخر. وهكذا غدت المقاعد قطعًا نسيجية متعددة الطبقات، تجسّد مسيرة فانتوم عبر مراحلها المختلفة بدقة وإتقان.

يبدأ العمل بطبقة خلفية مطبوعة بتقنيات عالية الدقة، تُبرز محطات من إرث العلامة، من مقرّها التاريخي في شارع كوندويت بلندن إلى لوحات السير هنري رويس الزيتية التي تستحضر مشاهد الجنوب الفرنسي. تتبعها طبقة وسطى تحتفي بنماذج فانتوم التاريخية، مصوغة في مشاهد تنبض بالأناقة والهيبة، قبل أن تتوّجها طبقة ثالثة بتطريز تجريدي يُخلّد سبعة من أبرز مالكي فانتوم، ما يمنح المقصورة بُعدًا إنسانيًا يُثري عمقها الفني.

مقصورة داخلية تروي حكاية قرن

Rolls-Royce

استغرق تطوير هذا العمل الفني أكثر من اثني عشر شهرًا بالتعاون مع دار أزياء راقية، في أول شراكة من نوعها خارج عالم الموضة. وقد ابتُكرت خلاله تقنية طباعة خاصة تعتمد على أحبار متقدمة تمنح القماش ملمسًا يجمع بين نعومة الأقمشة الراقية ودقة الحِرفية الفريدة. وتتكامل الطبقات مع تطريزات دقيقة أشبه بضربات فرشاة فنية، استخدمت فيها خيوط Golden Sands الذهبية لإبراز الملامح، وخيوط Seashell الكثيفة لإضفاء عمقٍ بصريٍّ نابضٍ بالحركة، ضمن عملٍ يضم أكثر من 160 ألف غرزة متناسقة.

هذه التفاصيل جرى تركيبها وتنسيقها يدويًا داخل دار رولز-رويس عبر 45 لوحة منفصلة، وفق نهج مستوحى من فنون الخياطة الراقية في سافيل رو، ما أتاح إنشاء المقاعد الأكثر دقة وأناقة في تاريخ العلامة. وتمتد لمسات الإبداع إلى المقاعد الأمامية، إذ تتجلّى الحِرفية في أدق تفاصيلها. فقد صُمّمت هذه المقاعد باستخدام جلود محفورة بتقنية الليزر، تتخلّلها خطوط فنية مستوحاة من رسومات أصلية أبدعها أحد مصمّمي فريق بيسبوك. وتحمل هذه النقوش رموزًا ذات دلالات عميقة، تُجسّد محطات مفصلية في مسيرة رولز-رويس على مدار مئة عام، من الأرنب الذي يُشير إلى الاسم الرمزي "روجر رابِت" لإعادة إطلاق العلامة عام 2003، إلى نقش طائر النورس الذي مثّل الاسم الرمزي للنموذج الأول من فانتوم I عام 1923.

مقصورة داخلية تروي حكاية قرن

Rolls-Royce

التفاصيل الخشبية.. سرد بصري محفور بدقة

في ذروة التعبير عن الحِرفية الراقية، ترتقي التفاصيل الخشبية في مجموعة فانتوم سنتينيري إلى مستوى غير مسبوق من التعقيد والدقة، لتُجسّد عامًا كاملاً من التطوير المتقن. فقد صُنعت الألواح من خشب أسود مصبوغ بعناية، وتحولت الأبواب إلى أسطح نابضة بالفن، تقدم عبرها رولز-رويس سردًا بصريًا غنيًا، يتنقّل بين خرائط ومسارات ومناظر طبيعية وعناصر نباتية ورسومات تجريبية، تُجسّد محطات مفصلية في مسيرة فانتوم.

تتداخل في كل لوحة خشبية تطعيمات ثلاثية الأبعاد مع نقوش محفورة بالليزر، وطبقات من الحبر المجسّم، لتُنتج تكوينات بصرية آسرة. نُقشت الأنماط بدقة متناهية باستخدام الليزر بثلاث درجات من العمق لتبدو كأنها تنبثق من السطح، فيما تتلألأ الطرق بخيوط من ذهب عيار 24 قيراطًا، صُنعت من ورق فائق الرقة لا تتجاوز سماكته 0.1 ميكرومتر، قُطع وثُبّت يدويًا بعناية فائقة.

ويُستكمل هذا الإبداع بتحوّل الأسطح الخشبية إلى لوحات جلدية مطرّزة، تمتد فوقها الطرق المذهّبة بخيوط ذهبية، فيما تُحاك الخرائط والمناظر الطبيعية بخيوط سوداء دقيقة، في تناغم بصري يلامس حدود الفن. وتُتوّج هذه التفاصيل بتصميم يجمع بين ملامح فانتوم I لعام 1925 وفانتوم VIII الحالية، منقوشة بدقة على الطاولات الخلفية الصغيرة، لتُجسّد التقاء الماضي بالحاضر في مشهد واحد.

التفاصيل الخشبية.. سرد بصري محفور بدقة

Rolls-Royce

أداء يليق بالإرث

هذا التفاني في التصميم لم يجعل فريق رولز-رويس يغفل عن الجانب الميكانيكي، بل امتدّ ليشمل قلب السيارة النابض، إذ يتجلّى الإرث الهندسي العريق في محرّك V12 بسعة 6.75 لتر، يُجسّد فلسفة القوة الصامتة التي لطالما ميّزت فانتوم عن سواها.

أداء يليق بالإرث

Rolls-Royce

يعلو هذا المحرّك غطاء مصمّم على نحو خاص لهذا الإصدار، باللون الأبيض الناصع، تتخلّله تفاصيل مذهّبة من الذهب عيار 24 قيراطًا، في تناغم بصري يربط بين النقاء الهندسي والبذخ الجمالي. هذا التكوين لا يعبّر عن الأداء فحسب، بل يُجسّد هوية متكاملة، تُكرّس فانتوم بوصفها رمزًا خالدًا للفخامة، ونموذجًا يُحتذى به في عالم السيارات الفاخرة.