مطعم كالي.. إعادة ابتكار الهوية

القفزة التي قام بها مطعم كالي Kali ليست مجرد تعديل في الديكور أو تحديث لقائمة الطعام، بل هي تحول جذري في الهوية والطابع، أشبه بولادة جديدة تحمل توقيع الطاهي كيفن ميهان. في لوس أنجليس، وبعد سنوات من تقديم المطبخ الكاليفورني العصري، الذي يتميز بالبساطة، والمكونات المحلية، والابتكار في التقديم، قرر ميهان أن يعيد رسم ملامح المطعم، مستلهمًا من وهج هوليوود الكلاسيكية عالمًا جديدًا أكثر فخامة، يعكس روح السينما الذهبية.

في المساحة التي تألقت يومًا بنجمة ميشلان، تتوزع اليوم شرائح اللحم المشوي الفاخرة وأطباق البحريات الكلاسيكية مثل كوكتيل الروبيان وسلطة الويتش، فيما الأجواء تنسج خيوطها بين الحداثة الراقية والدفء السينمائي القديم. لم يعد كالي يراهن على التجريب أو الحداثة الخفيفة، بل على إحياء الكلاسيكية بأسلوب معاصر. ورغم هذا التحول الجريء، لم يتردد دليل ميشلان في تجديد ثقته بالمطعم، محافظًا له على نجمته اللامعة، في إشارة واضحة إلى أن التميّز لا يرتبط بنمط واحد، بل بالقدرة على التطور من دون فقدان الروح.

مطعم كوت.. تجربة الشواء الكوري

في قلب منطقة ديزاين ديستريكت الراقية في ميامي، يتجلّى حضور مطعم كوت Cote بلمسة تجمع بين الأناقة العصرية وروح الشواء الكوري الفاخر. هذا العنوان الذي بدأ رحلته من نيويورك، نقل تجربته المميزة إلى الساحل الجنوبي، مضيفًا إلى طابع المدينة النابض خيار الغداء الفاخر الذي يجمع بين النكهات القوية والمكونات رفيعة المستوى.

تتألق قائمة المطعم بتشكيلة من أجود أنواع اللحوم؛ من لحم واغيو الأمريكي إلى نظيره الياباني من فئة A5، مرورًا بلحوم USDA Prime  المعتّقة بعناية في المطعم نفسه، لتُقدَّم مع أطباق جانبية مستوحاة من المطبخ الكوري مثل طبق بيلا واغيو المحضّر بالأرز على الطريقة الكورية، وحساء فول الصويا المخمّر، واللحم المُدخّن بعناية حتى يصبح بطعم مقرمش لا يُنسى.

وللذوّاقة الراغبين بتجربة تتخطى المألوف، يقدّم المطعم برج المأكولات البحرية الشهير، إلى جانب طبق ستيك آند إغز المميز، الذي يتناغم فيه تارتار لحم الفيليه المفروم يدويًا مع الكافيار وخبز الحليب المحمّص، في توليفة تعكس ذروة الإبداع. وفيما يواصل المطعم ترسيخ مكانته ضمن قائمة أفضل مطاعم الستيك في العالم، تبقى الأنظار متجهة إلى فرعه الجديد في فندق فينيتيان Venetian في لاس فيغاس.

مطعم بيف بار.. هوية عالمية في هونغ كونغ

قليل من العلامات استطاعت أن تخلق هوية خاصة كما فعل بيف بار Beefbar، الاسم الأبرز ضمن مجموعة الضيافة التي أسسها ريكاردو جيرودي في مونتي كارلو. ففي كل مدينة تصلها العلامة، من هونغ كونغ إلى نيويورك، تحمل معها فلسفة الذواقة الذين لا يكتفون بالجودة بل يبحثون عن التجربة. ورغم أن فرع هونغ كونغ هو الوحيد الذي نال نجمة ميشلان، إلا أن المستوى المتقن الذي تقدمه الفروع الأخرى جعل المطعم في مصاف الأسماء التي تُشكّل مرجعًا لعشاق الستيك.

ولأن تفاصيل الطهي في هذه الوجهة تحمل فلسفة خاصة، فقد ابتكر الطهاة أسلوبًا مزدوجًا لطهي قطعة Ribeye Cap  يبدأ بالتحمير القوي ثم الشواء على الفحم، لتتشكل قشرة ذهبية تحفظ عصارة اللحم ونكهته الغنية. ينتظر الضيوف أيضًا طبق Hyogo Tajima  الفاخر من كوبي اليابانية، ليختتم بيف بار تجربته كما بدأت، بتفاصيل دقيقة تعكس فلسفته في الجمع بين الإتقان والحداثة العالمية، محافظًا على مكانته بوصفه أحد عناوين الستيك الأبرز في العالم.

مطعم إيه كات ستيك هاوس.. لحوم مشوية بروح آسيوية

وسط العاصمة التايوانية، حيث تلتقي الحداثة بروح الشرق، يتألق مطعم إيه كات ستيك هاوس A Cut Steakhouse داخل فندق أمباسادور Ambassador Hotel Taipei بوصفه إحدى الوجهات الأبرز التي جمعت بين التقاليد الراقية لفنون الطهو العالمية وروح الابتكار الآسيوي. ومنذ أن حصد نجمة ميشلان في دليل تايوان لعام 2023، عزّز حضوره بين أكثر من أربعين مطعمًا نالوا هذا التكريم على الجزيرة، مثبتًا مكانته بوصفه وجهة لخبراء الذوق الباحثين عن تجربة استثنائية.

في قائمة التذوق وتشكيلة الأطباق الفردية، يقف السر الحقيقي وراء تمايز التجربة: لحوم البقر المستقدمة من ولاية كاليفورنيا عبر مزوّد اللحوم الشهير فلانري، إذ يمكن للذوّاقة اختيار قطعة ضلع اللحم البقري بالعظم المعتّقة لمدة ثلاثين يومًا أو القطعة نفسها المعتّقة لمدة واحد وعشرين يومًا. وتكمّل المشهد أطباق جانبية كلاسيكية على طريقة مطاعم الستيك العريقة، من البطاطس المهروسة والفطر إلى البطاطس المشوية التي تمنح الوجبة توازنًا غنيًّا بين الفخامة والبساطة.

مطعم وولفغانغ باك.. لهيب النار في سنغافورة

لا يحتاج عشاق اللحم الفاخر في سنغافورة إلى عناء البحث طويلاً عن تجربة ترتقي إلى أعلى مستويات التفرد. فمطعم وولفغانغ باك Wolfgang Puck هناك يُتيح تعريفًا جديدًا للفخامة على طبق من نار. داخل أجواء تتقاطع فيها الدقة اليابانية مع الشغف الأمريكي، تُشوى شرائح اللحم على اللهب قبل أن تُرفع إلى حرارة تصل إلى 1200 درجة لتبلغ القوام المثالي.

القائمة هنا ليست مجرد عرض لأصناف اللحوم، بل رحلة مدروسة في جغرافيا الطعم، تبدأ من لحم الواغيو المستقدم من كاغوشيما، بتركيبته الغنية وتوزيع الدهون المتوازن فيه، مرورًا بقطع سنوي بيف اليابانية من هوكايدو التي تُعرف بنعومتها الاستثنائية، وصولاً إلى سلالات نادرة مثل ريد بول ولونغهورن التي تضيف عمقًا مميزًا ونكهة لا تُنسى.

أما المكان، فهو انعكاس لفلسفة الطاهي وولفغانغ باك: تصميم داخلي يجمع بين الأناقة المعاصرة والخطوط الكلاسيكية، بإضاءة خافتة تعكس وهج الشواية، وخدمة لا تعرف سوى التميز. ورغم أن فرع بيفرلي هيلز لم يعد يحتفظ بنجمته من ميشلان، إلا أن النسخة السنغافورية ما زالت تلمع بها منذ عام 2016، شاهدةً على امتداد تأثير هذا الاسم العريق الذي لا يزال يحتفظ بمكانته بوصفه أحد الرموز الحقيقية لعالم الطهي العالمي.