عادت البطولة للمرة الثانية في الدرعية في المملكة العربية السعودية

وشهدت تنظيم جولتين من السباق المثير للسيارات الكهربائية.

 

حينما جلس المدير التنفيذي الحالي لسباقات فورمولا إي أليخاندرو أجاج عام 2011 يسجل خواطره في أحد مطاعم باريس عن إمكانية تنفيذ سباقات للسيارات الكهربائية في لقاء جمعه مع رئيس الاتحاد الدولي للسيارات جان تود، ورئيس البرلمان الأوروبي السابق أنطونيو تاجاني، لم يدر بخلد أليخاندرو حينها أن هذه السباقات ستصبح بعد ثلاث سنوات فقط، واقعًا حقيقيًا يحصد زخمًا عالميًا، وشغف كبريات الشركات المصنعة للسيارات حول العالم واهتمامها.

 

من أفكار يسيرة سجلها أليخاندرو على منديل في مطعم باريسي، إلى واقع تجسد على الأرض مع الكشف عن نسخة سيارة فورمولا إي التي تعمل بالكهرباء كُليًّا في معرض فرانكفورت للسيارات عام 2013. فقد وطئت هذه السيارة المضمار للمرة الأولى لتكمل 1000 كيلو متر، في إطار تجربة خالية من أي مشكلات. في العام ذاته انهالت عروض كبريات الشركات العالمية للشراكة مع سباقات فورمولا إي، الأمر الذي دفع إلى التعجيل بإقامة أول سباق E-Prix تنافسي في سبتمبر أيلول 2014 في الملعب الأولمبي في بكين بالصين.

 

إلى بلاد التاريخ

اليوم وبعد أن أتمت بطولة ABB FIA Formula-E أكثر من خمس سنوات منذ انطلاقتها، جاءت لتحط رحالها للمرة الثانية في المملكة العربية السعودية من جديد في الجولتين الأولى والثانية من الموسم السادس. وعلى الرغم من أن البطولة احتضنتها في المواسم السابقة كبرى المدن العالمية مثل برلين وهونغ كونغ وباريس ولندن، إلا أنها حضرت برونق خاص في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى.

 

ABB Formula-E

 

جاء السباق للعام الثاني معتمدًا على سيارة فورمولا إي من الجيل الثاني ذات التصميم المستقبلي، والتي كانت انطلاقتها الأولى في المنافسة على مضمار الدرعية نفسه خلال الموسم الماضي، لتسجل حينها أحد أبرز التحولات في مسيرة البطولة. تتميز السيارة بسرعة قصوى تبلغ 280 كيلو مترًا في الساعة، وبطارية تبلغ سعتها ضعف سعة بطارية الجيل السابق، ما عُد إضافة ثورية رَفَعت من قدرة السيارات المشاركة لتقديم أداء غير مسبوق، عمل على تعزيزه وضع الهجوم Attack Mode الذي استفاد منه المتسابقون في الحصول على طاقة إضافية للمحرك مكَّنتهم من تعزيز الأداء على نحو أسرع في أثناء السباق.

 

إثارة في الميدان

للمرة الأولى في تاريخ البطولة شارك 24 متسابقًا في جولتي السباق، بزيادة متسابقين اثنين عن النسخ السابقة. ومع بداية السباق اصطفت السيارات التي تمثل 12 فريقًا عند نقطة الانطلاق المخصصة لكل متسابق مشكِّلة سربًا طوليًا.

بدا البريطاني سام بيرد، سائق فريق إنفيجين فيرجن ريسينج، متحمسًا خلال جولات السباق لتحقيق مركز متقدم خلال دورات السباق التي بلغ عددها 34 دورة على المضمار. لم ينجح بيرد في بداية السباق في تحقيق مركز أفضل من الخامس، لكنه لم يفقده خلال الدورات الأولى من السباق، ونجح في تعزيز ترتيبه مع دخول السباق إلى مراحل متقدمة، وقبل نحو عشر دقائق من انتهاء السباق نجح بيرد في اقتناص المركز الأول وإنهائه متفوقًا على أقرانه في الميدان.

 

لحظات قبل انطلاق السباق، حيث تصطف سيارات 12 فريقًا تتقدمهم سيارة فريق بي إم دبليو آي أندريتي

لحظات قبل انطلاق السباق، حيث تصطف سيارات 12 فريقا تتقدمهم سيارة فريق بي إم دبليو آي أندريتي.

 

خلال الدورات التي يخوضها المتنافسون على المضمار، تصبح المنعطفات مصدر خطورة مع اقتراب المتنافسين من بعضهم بعضًا للعبور من أقصر نقاط متاحة لتقليص زمن الدورة، حينها يصبح خطر التصادم بين المتنافسين واردًا بقوة، أو قد تُفقد السيطرة على عجلة القيادة، ما يدفع السيارات إلى الانزلاق والارتطام في جوانب المضمار. لكن رغم هذه المخاطر المحدقة بالمتنافسين، تمنحهم المنعطفات فرصًا أكبر، وقدرة على التجاوز، والقفز في ترتيب السباق عن غيرها من المسارات المستقيمة، وهو الأمر الذي استفاد منه البريطاني بيرد في اقتناص المركز الأول، وحلَّ من بعده الألماني أندريه لوترر من فريق تاغ هوير بورشه، ثم البلجيكي ستوفل فاندورني سائق فريق مرسيدس إي كيو.

 

اعتمد المتسابقون على سيارات فورمولا من الجيل الثاني التي قدمت أداءً فريدًا على المضمار عززها نمط وضع الهجوم ودعم الجمهور

 

الجولة الثانية من السباق شهدت الحماس ذاته الذي شهدته الجولة الأولى. فمع انطلاقة السباق نجح السائق البريطاني أليكساندر سيمز من فريق بي إم دبليو آي أندريتي في الحفاظ على صدارة الترتيب منذ بداية السباق حتى نهايته، إذ سيطر سيمز على السباق، تاركًا خلفه صراعًا كبيرًا على المراكز المتقدمة، حتى انتهاء السباق الذي نجح سيمز في الظفر به، وتتويجه بطلاً لفورمولا إي الدرعية. وبينما حل زميله في الفريق الألماني ماكسميليان غونتر ثانيًا في الإعلان الأولي، تراجع في الترتيب بعد تطبيق عقوبات بسبب انتهاكات في أثناء السباق، لكن ذلك لم يؤثر في بقاء فريق بي إم دبليو آي أندريتي في صدارة الترتيب بعد انتهاء جولتي السباق. وبذلك ارتقى البرازيلي لوكاس دي غراسي سائق فريق أودي سبورت آبت شايفلر للمركز الثاني.

 

تتويج البريطاني ألكساندر سيمز من فريق بي إم دبليو آي أندريتي بكأس البطولة

تتويج البريطاني ألكساندر سيمز من فريق بي إم دبليو آي أندريتي بكأس البطولة.

 

تطبيق العقوبات على المتسابقين خلال السباق لم يطل الألماني ماكس غونثر فحسب، بل أثر أيضًا في ترتيب متسابقين آخرين في مراكز مختلفة في السباق، إذ تعد العقوبات عاملاً حاسمًا في رد بعض المتسابقين إلى مراكز متأخرة في السباق، بسبب خسارتهم النقاط، حسب نوع الانتهاكات المرتكبة خلال السباق.

يحظى الجمهور بدور مؤثر في سباقات فورمولا إي إذ يلعب دورًا فاعلاً في الدفع بمتسابقيهم المفضلين من طريق ما يعرف بدعم الجمهور «Fan Boost» التي يحصل عليها أكثر خمسة من المتسابقين الذين حصدوا أصواتًا من الجمهور عبر المنصات الإلكترونية التي جرت إتاحتها لهذا الهدف. إذ يتمكن كل منهم من استخدام نمط قوة إضافي لمدة خمس ثوان في النصف الثاني من السباق. وبذلك يصبح سباق فورمولا إي الوحيد في سباقات السرعة التي يكون للجمهور دور في التأثير في نتائجها. هذه الدفعات تكون حاسمة في بعض المواقف الصعبة في السباق، لاسيما في عمليات التجاوز عند المنعطفات التي تشهد صراعًا بين المتسابقين.