سلام على تلك التي تطوّف في فضاءات عمرك ولا تعجل. تلك التي تنقّل الخطو بين الجوانح وخفق الفؤاد رقصًا وئيدًا يحبو فوق حرير قصيدة تنظمها لأجلك ذات شوق، ذات جمر يتأهب في كف تخضب بما بقي من أثر عطر ونجوى، وشوارد بوح يلملم شتاته مرجان ثغر تترقب منه غيثًا يغسل كنان الروح من صدأ النهارات الطويلة. سلام على تلك التي تشاغب الفواصل بين نهاراتك والأمسيات بألف خاطرة بعد منتصف يوم ومنتصف حنين، ورسالة من ولهٍ طرّزتها للغياب وشاحًا من خيوط أحلام لا تهرم.

 

سلام على سيدة أحلامك الجميلة وعمر لا يشيخ في تقويم من العشق تتواطأ به على خرافة وقت تأثث باللهفة، حبيبة لا تنتظم مواقيت يومك إلا لتلامس خلوة ليل رتّبت مساحاته لأجلك بيتًا يتزنر بعبق من ياسمين جديلتها، وألف زخة من ضياء شرد عن مدارات الدجى إلى مقلتيها، هناك حيث يبدأ الصبح كأول قطرة ندى تحاور خد الورد إذا ما أوضح الصبح، وحيث يهدأ الشجن كمدينة تستكين بعد صخب إذا ما أمسى الليل. تلك حبيبة لا يحتكم ليلك والصباحات لغير الأسرار الجميلة في يدها التي تُربِّت بحناء الأماني على أول النبض وآخر الشوق. وتلك امرأة تصحو تباشير الحياة في باطن يدها شموسًا وأهازيج في بيادر الحصادين، ربيعًا لا يغترب عن ألوانه في حقول لوز ونارنج، ومرّات سرب سنونو تستدرجه من سماء القباب إلى بيت من وجد وهوى.

 

في البيت ناصية القصيدة قهوة بطعم الاشتياق، وطوفان بوح شذاه رائحة عود وبخور. وفي البيت أرجوحة تهذي بسيرة عاشقين، وألف لون من تلاوين أعياد تنحاز لأسود الكحل أو العينين، لامرأة تخترع لأجلك حين الوصال عيدًا قبل العيد، فتود لو تطوي الدروب إلى أعيادها على صهوة أمنيةٍ تليق بمنطق أنوثتها المستحيلة، أمنيةٍ تنتظم كقصيدة شاعر على قياس المستحيل في الأنوثة الأحلى، فرائدَ من ألماس وزمرد وياقوت، عجائبَ جواهر يتبعثر بريقها فوق خَفَر الجيد أو نبض المعصم ضياءً تهفو به إلى الضياء في محيّا حبيبة بمرتبة مدينة، امرأة غير كل نساء الأرض، غير كل مدائن الأرض.