في مواسم الوصال، فرائد جواهر وساعات تنظم على قياس أجمل الحسان قصيدًا يغتسل بضياء الألماس ودفء الياقوت والزمرد.

 

وما زال في عمر الأرض متسع لكثير من آيات الهوى، لظل وارف يأويك من تعب النهارات، ويأوي لفح الشوق إلى موعد على ناصية حلم وليل. ما زال في العمر متسع لأشواق تمارس الهذيان في أوقات الغياب، وتتوسل المساء من ضياء الشمس ليهدأ في القلب حنين يجنّ مثل ريح لا تتقن الرقص، مثل لحن قيثارة يخطو على حد الوتر ليحاور لحظة شغب علقتها حبيبة لأجلك فوق شبابيك الانتظار. وكيف لا يحوزك الحنين إلى تفاصيل امرأة كان عمرك من قبلها آخذًا في الضجر؟ كيف، إذا ما اغترب الوقت عن تقويم العشق، لا يتعثر خطو يومك بخيول الوَلَه تصهل في كنان الروح، تسابق دورة الأرض إلى زمان الوصل في مدارات حسناء غير كل النساء؟ فمثلها لا أحد تلك التي تسامر خفق فؤادك بكل ما تيسر من وشوشات تنظمها على بحر أنوثتها لتقايض بها جمر الاشتياق. مثلها لا أحد تلك التي تروض أحزان يومك والعالم برُضاب حرف يموج فوق ثغرها قوافل كرز، وبعثرة عطر يصطاف في حقول النبض. تلك امرأة تجيئك، إذا ما أمسى الليل، بثوب أحلام طويل حاكته من حرير اللهفة، وبألف أمنية لعيد تتوزع تباشيره على مساحة البيت ربيعًا من ياسمين كفها، وعشب قصيد أخضر يتثاءب زمرده في نهر عينيها.

 

إنه العيد عيدها، زينته سيرة عاشقَيْن وفنون وجد علمتك طقوسها أميرة ترجلت عن كتف أساطير أهل الهوى في حضارة سومر أو بابل، ربة شعر تكتحل بالحسن، وتضفر أوصال القصيدة من «يقولون ليلى بالعراق مريضة» إلى «بانت سعاد» و«ترقَّب إذا جنَّ الظلام زيارتي»، وألف خاطرة استفاقت بين أنامل شاعر أو عاشق.

إنه العيد عيدها، تمتمات ضياء يبزغ قبل أوان الفجر في مدينتها المزنَّرة بمعاني الفرح، هناك حيث يصخب غمز الهوى سخيًا مثل إصرار المطر فوق قرميد البيوت العتيقة، مثل توقد النار في شتاء مدفأة حجرية. هناك حيث الفرح يلبس وجه حبيبة تود لو تجيئها في العيد بزاد من شوق وشعر، وإن أقفرت أسواق البلاغة، فبألف من ألف وهج وضّاء يُنظم على قياس أنوثتها الساحرة فرائدُ جواهر تليق بها هدية غير كل الهدايا، نوادر ألماس وزمرد وياقوت تترتب أبجدية بوح يستعلن بها الوجد إلى امرأة يعلو في سقف العشق عشقها.

 بوح الزهر | نادين عطار

بوح الزهر