في شهر مارس آذار المنصرم، أضاف المصممون سؤالًا آخر إلى قائمة الاستفسارات الطويلة التي طرأت جراء الجائحة العالمية: ماذا سيرتدي الرجال في الربيع المقبل؟ إن مجموعات الملابس التي تغزو المتاجر هذا الشهر صُممت لأول مرة قبل نحو عام مضى، حين بدا استشراف المستقبل ضربًا من المحال، بما في ذلك استشراف خزانة الملابس. لطالما دأب المصممون على استشراف عالم الأزياء الراقية، لكن الإغلاق كان تحديًا غير مسبوقٍ لمهاراتهم.


يقول برونيللو كوتشينيللي، الذي يستشهد بالمراحل المبكرة من مجموعته لموسم الربيع، بوصفها الأكثر تحديًا حين يشد فريقه الرحال كالمعتاد طلبًا للإلهام: "قال آينشتاين إن العبقرية تطلق العنان لإبداعاتها في أوقات الشدة." بدلاً من كثرة الأسفار، دقق كوتشينيللي النظر فيما حوله، واستلهم "العناصر التي هي حجر الأساس للأسلوب الذي [استحدثناه] على مدى السنين."


تشكل النتائج جوهر روح كوتشينيللي: معاطف خفيفة مبطّنة بنعومة، وسراويل جينز، وكنزات بياقة على شكل حرف V. كما يتضح، كانت فئة تصاميمه لفخامة غير متكلفة تلائم اللحظة تمامًا على نحو مثالي. كذلك هو الحال فيما يخص أزياء بسيطة ومريحة من جورجيو أرماني، وملابس رياضية راقية من فير أوف غاد Fear of God، وكلتاهما علامتان تجاريتان ضاعفتا بالمثل جهودهما فيما يتعلق بتصاميمها المميزة، عبر تقديم الراحة الناجمة عن تجربة حقيقية.


يقول نوربرت ستومفل، مدير التصميم التنفيذي في بريوني، الذي حول تركيزه عن مجموعة ملابس السهرة الفاخرة التي كان يخطط لها: "الأناقة هي انعكاس للعصر. أعتقد أنه سيكون من الغباء أن يقال: حسنًا، سنستمر كالمعتاد. أردنا أن نُدرج أسلوب الحياة الجديد." بالرغم من أن بريوني مرادف للبذلات الرسمية، ركّز ستومفل على ما يرتديه زبائنه من سادة العالم في المنزل، وتزويدهم بأقمشة تتألق بنعومة فائقة، وتصاميم مستلهمة من ملابس العمل، وقصّات واسعة فضفاضة، لاستيعاب حصيلة كل تلك الأشهر الفائتة دون ارتياد ناد للياقة البدنية. لديه كنزات من الحرير المصبوغ، وقمصان محبوكة تستلهم ملابس الراحة والاستجمام، لكنها أكثر أناقة من الكنزات الفضفاضة.

أزياء الربيع


يقول ستومفل: "لطالما كان زبون بريوني قويًا للغاية، ومتفوقًا. لكننا نشهد الآن جانبًا مغايرًا منه." وفيما يتعلق بالجائحة، يقول: "كنا جميعًا عرضة للخطر، وأردت إظهار ذلك. هذا نوع من مفردات لم أعد أهابها كثيرًا بعد الآن."
كانت الملابس الرجالية تتجه حقًا نحو تصور ألطف لإطلالة ذكورية، لكن عام 2020 سرّع الوتيرة. فيما يتعلق بكثير من المصممين، كان ذلك يعني الاستغناء عن شكل المظهر الخارجي وتجريد التصاميم إلى أن تتبدى هيئة قوالبها المحضة. لقد عاد عنصر البساطة، دون الحواف الحادة. خفّفت ميوتشيا برادا من تأثير بذلات سوداء ورمادية محضة عبر مواءمتها مع قطع محبوكة بألوان سكرية هادئة. أما لدى جيل ساندر، فقد نالت التصاميم الدقيقة لمسات إنسانية على شاكلة زينة حواف من الكروشيه وأوشحة معقودة على نحو عفوي.


كانت العودة إلى مزاوجة القطع خيارًا واقعيًا بقدر ما هو جماليّ، في ظل قيود متفاقمة تلزم المصممين بالاستغناء عن أمور كثيرة شهيرة وابتكار مزيد بموارد أقل. وفي ذلك تقول المديرة الفنية للملابس الرجالية لدى هيرميس، فيرونيك نيشانيان، عقب طرح مجموعتها الأنيقة: "إنه لأمر مجز للغاية أن يركز المرء على الضروري، وأن يستخلص، ويصقل، ويشحذ." كانت تلك العملية توجهًا متجانسًا على نحو موحد صوب شعور تعمّه "بساطة، وهدوء، ورشاقة."


تضفي التصاميم الانسيابية ولوحة الألوان المريحة التي تطرحها أفضل مجموعات موسم الربيع الحالي، حضورًا هادئًا على خزانة ملابس المرء، وقد يكون هذا هو العطاء الأجزل الذي تمكن المصممون من تقديمه لنا. لكن هل سيستمر ذلك المزاج الهادئ حاضرًا بعد انحسار الجائحة؟
يشير كوتشينيللي إلى أمير ويلز السابق وظهوره بعد الحرب العالمية الأولى مرتديًا معاطف رياضية وسراويل طويلة، بعد أن كان الرجال يفضلون معاطف ضيقة وسراويل قصيرة. كانت إطلالة الملك المقبل غير متكلفة مقارنة بعصره، لكن دون التفريط في الأناقة، وقد أرسى نهجًا ما زلنا نسير عليه حتى يومنا هذا. إذا كان التاريخ يعيد نفسه، كما هو دأبه المعهود، فقد تكون الأزياء الرجالية لهذا الربيع بداية جديدة وواعدة حقًا.

قميص من الكشمير من بريوني، 2,950 دولارا، وسروال 900 دولار، وقميص بأكمام قصيرة من الحرير 850 دولار.