تنشط العديد من علامات الأزياء في ابتكار مواد وأقمشة

جديدة أقدر على طرد الرطوبة، وأكثر استدامة وقابلية لإعادة التدوير.

 

في أثناء رحلة السير إدموند هيلاري وتينسينغ نورغاي الشهيرة صعودًا إلى قمة جبل إيفرست في عام 1953، اعتمد الرجلان على مادة النايلون للوقاية من عوامل الطبيعة الفتاكة. استلهم هيلاري اللباس العسكري ليبتكر بذلة مضادة للرياح حيكت من النايلون والصوف المحبوك ليرتديها الثنائي فوق طبقات الملابس الأساسية المشغولة من صوف شيتلاند. ومنذ ذلك الحين، نجحنا في تحسين أو ابتكار أقمشة مناسبة لكل ظرف مناخي محتمل على كوكب الأرض، حتى على سطح القمر وكوكب المريخ، وما زلنا نواظب على اختبار مواد جديدة في هذا المجال. قد تتميز التوجهات في عالم الأزياء بطابعها الدوري، لكن محاولة اختراع مواد أقدر على طرد الرطوبة، وأكثر استدامة، فضلاً عن إمكانية إعادة تدويرها بطريقة أسهل، لا تمضي إلا في وجهة واحدة: قدمًا.

 

يقول جوليو بوناتزي، الرئيس التنفيذي لشركة أكوافيل Aquafil التي تنتج نسيج إيكونيل Econyl، المادة التي أُعيد تدويرها من النايلون، والتي تجد طريقها اليوم إلى عدد من الملابس الأشد فخامة: «إن ميزة النايلون تكمن في أدائه الميكانيكي. فمقدار قليل منه يكفي لإنتاج كثير مقارنة بما تتيحه خيوط الغزل الطبيعية أو مادة البوليستر.»

 

 سيستخدم نسيج فيوتشرلايت Futurelight في مجموعة متنوعة من ابتكارات ذا نورث فايس.

سيستخدم نسيج فيوتشرلايت Futurelight في مجموعة متنوعة من ابتكارات ذا نورث فايس.

 

بالرغم من الوزن الخفيف لألياف النايلون، إلا أن هذه المادة تتميز بمقاومتها العالية للحرارة، وقدرتها المذهلة على التمدد، ما يجعلها نسيجًا مثاليًا للسترات والمعاطف. طرحت دار بُربُري مجموعة نموذجية، تشمل معطفًا قصيرًا مزخرفًا بأنماط متكررة لشعار الدار، ومعطفًا واقيًا من المطر، وحقيبة للظهر، صيغت كلها من نسيج إيكونيل الذي يُصنع باستخدام ألياف مصدرها مواد النفايات مثل شباك الصيد والسجاد (يُلقى سنويًا نحو أربعة مليارات طن من كسوات الأرضيات في مطامر النفايات في الولايات المتحدة الأمريكية) يُعاد تدويرها لإنتاج خيوط من النايلون أكثر عملية وقابلية للتدوير من ألياف النايلون البكر. تعتمد ستيلا ماكارتني، التي تلتزم التخلي نهائيًا عن النايلون البكر بحلول نهاية العام، على هذه الخيوط، شأنها في ذلك شأن دار برادا التي تستخدم نسيج إيكونيل في مجموعتها الخاصة من حقائب Re-Nylon التي تشمل حقيبة رجالية بديعة التصميم للأسفار القصيرة مشغولة باللون الأزرق الداكن.

 

معطف رياضي من أليكس استوديو مشغول من مادة .FSDX Dyneema

معطف رياضي من أليكس استوديو مشغول من مادة .FSDX Dyneema

 

 «تدرس العلامات أقمشة جديدة، وتتأمل في كيفية تحسين مواد فاخرة قديمة»    

 

لو كان هيلاري ونورغاي ليحاولا تسلق قمة إيفرست اليوم، لربما توجها إلى الخبراء المغامرين لدى شركة ذا نورث فايس The North Face التي تتمتع بنفوذ بالغ أتاح لها تطوير ابتكارها الأخير فيوتشرلايت Futurelight من الأقمشة المتطورة تقنيًا داخل محترفاتها. يجري ابتكار هذه المادة وفقًا لمسار غزل الألياف متناهية الصغر الذي يوفر مستويات غير مسبوقة من القدرة على طرد الرطوبة في أي مادة مقاومة لنفاذ الماء. ما يحدث تحديدًا هو أن الفجوات متناهية الصغر تتيح للهواء النفاذ عبر ألياف هذه المادة دون السماح بتسرب المياه عبرها. كما يمكن تصنيع هذه المادة لتعزيز مستوى الدفق الهوائي أو خفضه، الأمر الذي يتيح تعديلها بحسب وجهة استخدامها في الأزياء المناسبة للمناطق الجبلية ذات الطقس البارد أو تلك المثالية للجري في المناطق الساحلية.

 

يقول سكوت ميلين، المدير العام العالمي لقسم الألبسة الرياضية الجبلية في شركة ذا نورث فايس: «لقد أجبرنا على التكيف مع ملابسنا وبيئتنا. أما اليوم، فها نحن نوفر أخيرًا ملابس تتكيف مع احتياجاتنا.»

 

 حقيبة من مجموعة Re-Nylon لدى برادا.

حقيبة من مجموعة Re-Nylon لدى برادا.

 

في عالم الأزياء الفاخرة، لا تدرس العلامات أي الأقمشة الجديدة قد تفي بالغرض فحسب، بل كيفية تحسين المواد الفاخرة القديمة أيضًا. تقول جيزيلا درايجر، مديرة التسويق في شركة Ecco Leather: «أردنا ابتكار مادة جلدية رقيقة مثل الورق تتسم بمزايا الجلد ولكن متينة في الوقت نفسه.» الجدير بالذكر أن الجلد يصبح أقل متانة كلما انخفضت سماكته. أما الجلد الذي يُدمج مع مادة دينيما Dyneema الأقوى من الفولاذ بخمسة عشر ضعفًا، والمتوافرة عادة في الصدارات المضادة للرصاص، فيمكن استخدامها في الابتكارات التي تستلزم في العادة مواد جلدية أكثر سماكة. للمجموعة التي تطرحها علامة أليكس استوديو Alyx Studio لموسم ربيع 2020، حول المصمم ماثيو ويليامز مادة FSDX Dyneema إلى معطف رياضي بديع التصميم وتقني نوعًا ما يبدو مشغولاً من الجلد لكنه في الواقع مصنوع من مادة جديدة كليًا تتميز بفخامتها ومرونتها ومتانتها البالغة، تماما كما ينبغي أن يكون عليه حال السترة الجلدية.