كشفت مجلة Robb Report العربية عن قائمتها لأفضل ساعات لعام 2021 والتي تتجلّى بتصاميمها البديعة وتعقيداتها الهندسية عجائب في الترف.

فكرة عظيمة - الإبداع المستدام

كبرى دور الساعات تنشط في تطوير ابتكارات تُصنع من مواد معادة التدوير وتعكس مواكبة المساعي إلى تعزيز الاستدامة عبر الحد من الانبعاثات الكربونية والحفاظ على البيئة.

لم يبدِ قطاع الساعات السويسرية تاريخيًا سرعة في تبني الأفكار الحديثة. بل إن التجارة الإلكترونية أيضًا تعكس تطورًا جديدًا نسبيًا عند بعض العلامات. أما تبني المساعي إلى الاستدامة، فيمضي بوتيرة أبطأ. توخيًا للإنصاف، لا بد من القول إن هذا القطاع يفتخر ببناء منتج يتميز (في غالب الأحيان) بأمد حياتي طويل، ولا يتطلب صيانة أو استعادة إلا بعد انقضاء عقود عدة، بل قرون عدة في بعض الحالات. لكن صنّاع الساعات شرعوا أخيرًا يلقون آذانًا صاغية إلى القضية بسبب مطالبة الأجيال الأكثر شباباً العلامات التي يبتاعون ابتكاراتها التركيز بقدر متزايد على المساعي الهادفة إلى الحفاظ على البيئة وتخصيص المزيد من الموارد لها.

في السنوات الثلاث الأخيرة، كانت الجهود المبكرة الملموسة تستهدف أساور الساعات فحسب. في عام 2018، دخلت دار بريتلينغ في شراكة مع محترف ركوب الأمواج كيلي سلايتر لإطلاق مجموعة من ساعات الغوص Superocean مجهّزة بأساور من مادة إيكونيل Econyl التي تُصنّع من مخلفات شباك الصيد وغيرها من أشكال النيلون المعاد تدويرها. وفي عام 2020، طرحت الدار صناديق لحفظ الساعات صيغت من القوارير المصنوعة من بلاستيك PET معاد التدوير، كما تخلت عن أوراق إثبات الملكية لصالح الوثائق الرقمية. توقعت الدار أيضًا أن يسهم صندوقها القابل للطي بخفض معدل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن عمليات شحن المنتج بنسبة تزيد على 60%.

فضلاً عن ذلك، تدرس الدور سبلاً لتعزيز الأمد الحياتي لمنتجاتها. في طراز Tank Must الجديد، الذي تطرحه كارتييه في السوق في شهر سبتمبر أيلول المقبل، تقدم الدار أساور "نباتية" تُصنع بنسبة 40% تقريبًا من مواد نباتية باستخدام بقايا محاصيل التفاح الذي يُزرع لقطاع صناعة الأغذية في سويسرا، وألمانيا، وإيطاليا. جُهزت الساعة أيضًا بأول معيار حركي من العلامة يعمل بالطاقة الشمسية. يقول سيريل فينيورون، الرئيس التنفيذي لكارتييه: "أردنا العمل على ابتكار مثير للاهتمام ولكن يعزز أيضًا استمرارية المنتج ويحد من البصمة الكربونية التي يتسبب فيها". يتسرّب الضوء عبر التخاريم في الأرقام الرومانية، وتحافظ الساعة على أدائها المستمر حتى 16 عامًا دون أن تتطلب أي عملية صيانة إضافية.

لكن ثبت أن صنع الساعة نفسها من مواد معادة التدوير أكثر صعوبة. في قطاع المنتجات الفاخرة، اختصت دار يوليس ناردين وعلامة أوفيتشيني بانيراي بتقديم ساعات بعناصر معادة التدوير غير السوار. في شهر نوفمبر تشرين الثاني الفائت، أطلقت يوليس ناردين ساعة Diver Net الجديدة بالكامل، والتي تتميز بقرص معكوس يدور في اتجاه أحادي، وبأجزاء من العلبة مصنوعة من مخلفات المواد البلاستيكية المستخدمة في صنع شباك الصيد. لن تدخل هذه الساعة حيّز الإنتاج، لكن الدار تستخدمها من حيث كونها نموذجًا أوليًا عن الممارسات المستقبلية المستدامة. أما بانيراي، فخطت خطوة كبرى من خلال ابتكارها الجديد Ecologico Submersible eLab-ID، إذ إنها أنتجت ساعة مصنوعة بنسبة 98.6% من مادة معادة التدوير. ستدخل الساعة التي كُشف النقاب عنها هذا العام حيّز الإنتاج في سنة 2022.

الأهم من ذلك أن الساعة المشغولة بالكامل تقريبًا من مادة معادة التدوير لا تجسّد إنجازًا أحاديًا. فقد شرعت بانيراي الأبواب على هذا المسار عبر الكشف عن كل من المزوّدين الذين تتعامل معهم في هذا السياق. طوّرت الدار سلسلة توريد مخصصة لإنتاج مكوّنات الساعة على أمل أن يتفاعل معها مختلف المعنيين في القطاع. إنه مسعى طموح جدًا نأمل أن يغيّر أيضًا قواعد اللعبة.

Jaeger-LeCoultre - ساعة العام الرجالية

بعد انقضاء تسعين عامًا على طرح طراز ريفيرسو Reverso وإطلاقه في نسخ لا عد لها ولا حصر، مبسّطة حينًا ومعقدة أحيانًا، قد يبدو من الصعب أن تنجح جاجيه – لوكوتر في إبداع فصل جديد مبهر في تاريخ هذه الساعة. لكن الدار غيّرت مسار الأحداث مجددًا لتكشف عن أعظم ابتكاراتها. فالساعة ذات الميناء القلاب لا تشتمل هذه المرة على ميناءين، أو على ثلاثة موانئ، بل على أربعة موانئ. تجتمع هذه الموانئ في الساعة الجديدة Reverso Hybris Mechanica Caliber 185 المشغولة في علبة من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا، ويتميّز هذا الإنجاز غير المسبوق في العالم باثنتي عشرة براءة اختراع وأحد عشر تعقيدًا وظيفيًا.

تزاوج هذه الأعجوبة الميكانيكية بين آلية توربيون محلق، ومعيد للدقائق، وتقويم دائم فوري، ومؤشر رقمي قافز للساعات، فضلاً عن مؤشرات عدة للدورة القمرية، تعمل كلها من خلال 800 مكوّن فقط تستوطن علبة بطول 51.2 ملليمتر وقطر 31 مللميتر، وسماكة 15.15 ملليمتر. يعرض الميناء الأول وظائف الوقت، والتوربيون، والتقويم الدائم، فضلاً عن مؤشر الليل والنهار، فيما يحتضن الميناء الثاني العداد الرقمي للساعات، ومؤشر الدقائق، ومعيد الدقائق.

أما الميناء الثالث في قلب الساعة، فخُصص لعرض أطوار القمر في نصف الكرة الشمالي، والشهر والسنة، بالإضافة إلى الشهر القمري العُقدي الذي يستند إلى موقع القمر نسبة إلى مسار الشمس، والشهر القمر الحضيضي الذي يبيّن نقطة الأوج (عندما يكون القمر في أبعد نقطة في مداره حول الأرض) ونقطة الحضيض (حيث يكون القمر في أقرب نقطة إلى الأرض). في المقابل، يستعرض الميناء الرابع فوق الجزء الخلفي من القلب الداخلي أطوار القمر في نصف الكرة الجنوبي.

ستُطرح هذه المأثرة في عشرة نماذج لا بد أن يجد واحد منها على الأقل منتهاه في متحف بدلاً من أن يبقى مخبوءًا مثل النماذج الأخرى في خزائن موزعة على أنحاء العالم (إصدار محدود من 10 ساعات بسعر 1.64 مليون دولار تقريبًا).

De Bethune - تصميم يسبق زمانه

لا يعكس طرح الساعات ثنائية الموانئ ابتكارًا جديدًا. فجاجيه – لوكوتر تُعد الأكثر شهرة بالطبع في هذا المجال، وساعة Grandmaster Chime من باتيك فيليب، التي تساوي قيمتها 31 مليون دولار، تشتهر بعرض تعقيداتها الوظيفية فوق ميناءين دوّارين. لكنك ستبذل جهدًا بالغًا للعثور على ساعة بتصميم سابق لأوانه تضاهي طراز DB Kind of Two Tourbillon من دي بيتون. سيتعرّف هواة العلامة مباشرة الميناء الذي يحاكي تصميمه شكل مركبة فضائية ويزدان بجسر متماثل في هيئة مثلث.

صيغ الميناء الأول في هذا الطراز خفيف الوزن باستخدام التيتانيوم المعالج حراريًا بطلاء أزرق وأسطح التيتانيوم المصقولة يدويًا، محتضنًا آلية توربيون تتم دورة كاملة كل 30 ثانية وتنبض بمعدل 5 هيرتز لتزيّن المعصم بمأثرة استعراضية تتحدى الجاذبية.

يبدو الميناء طافيًا بين العلبة الخارجية والوصلات فيما يدور ليكشف عن وجه أكثر تحفظًا. توثّق هذا الطابع التقليدي زخارف "غيوشيه" المنقوشة يدويًا في مركز الميناء الفضي، والعقارب زرقاء اللون بتصميم بريغيه، والأرقام العربية. لا زوائد هنا، بل ميناء بطابع جمالي بسيط ونقي الخطوط لقراءة الوقت.

بغض النظر عن الوجه الذي تؤثره، ينقلب الميناء بلمسة بسيطة من إصبعك، الأمر الذي يتيح لك اختيار الوجه الذي يرضي الجانب الآخر في شخصيتك بسهولة (إصدار محدود من 10 نماذج بسعر 250 ألف دولار).

Bvlgari - الساعة الأكثر رقة

تختص صناعة الساعات الميكانيكية بطبيعتها بتحويل الأجزاء بالغة التعقيد والصغر إلى مآثر فنية لها طابع وظيفي. أما صياغة تجليات هذه الدراية في أرق شكل ممكن، فيعكس إنجازًا تقنيًا يُقاس بالملليمترات ويشكّل عمليًا مجالاً قائمًا بذاته. بالرغم من أن لبولغري شهرة واسعة النطاق من حيث كونها دارًا تتفوق في صياغة الجواهر، إلا أنها نجحت خلال السنوات السبع الأخيرة في أن تنحت لنفسها مكانة حصرية في مجال صناعة الساعات بالغة الرقة متحدية بذلك التوقعات كلها.

حققت بولغري ستة أرقام قياسية عالمية في هذه الفئة من الساعات، وتضيف إليها اليوم إنجازًا سابعًا من خلال المعيار الحركي الأكثر رقة لتعقيد التقويم الدائم، والذي لا تزيد سماكته على 2.75 ملليمتر، ما يعني أنه أرق من سماكة ربعي دولار.

اللافت هو أن الدار حشرت الأجزاء الأربعمائة والثمانية في علبة بقطر 40 ملليمترًا وبسماكة 5.8 ملليمتر فقط. لتحقيق هذا المستوى من الهندسة الميكانيكية بالغة الدقة، دمج الصانع تعقيد التقويم الدائم في المعيار الحركي الأصلي Octo Finissimo، الأمر الذي اقتضى إضافة 150 مكونًا، وزيادة في السماكة بمقدار 0.4 ملليمتر فقط. كان لا بد أيضًا من الاستغناء عن وظيفة عرض أطوار القمر التي تشتمل عليها ساعات التقويم الدائم التقليدية. لكن حتى أولئك التقليديون سيثمّنون هذه التضحية لصالح المساحة، إذ إنها أتاحت الإتيان بتصميم مبسّط جذّاب يتوافق مع الطابع الجمالي لساعات Octo Finissimo.

ينعكس هذا التوجه أيضًا في العرض الارتدادي للتاريخ والسنة الكبيسة على نحو يذكّر بالرؤية التصميمية التقدمية لعلامة جيرالد جينتا التي استحوذت عليها بولغري سنة 2000.

فضلاً عن ذلك، تتميز الساعة بوزن خفيف يحاكي مظهرها الرقيق. فالنسخة المشغولة من البلاتين، والتي يكملها سوار من جلد التمساح باللون الأزرق، تزن 95 غرامًا فقط، فيما يبلغ وزن النموذج المصنوع مع السوار من التيتانيوم 74 غرامًا. كان من الصعب أن نصدّق أن اختصاص هذه الدار في عالم الساعات هو قهر المستحيل لو أنها لم تثبت ذلك عامًا تلو الآخر (يبلغ سعرها 89 ألف دولار للنموذج المشغول من البلاتين، و59 ألف دولار لعلبة التيتانيوم).

Vacheron Constantin - انبعاث إرث قديم 

كيف يتأتى لدار الاحتفاء بالذكرى المائة لإطلاق ابتكارها الأكثر شهرة؟ في حالة فاشرون كونستانتين، لم تتجلَ الحاجة إلى أي تحديثات. صحيح أن الدار التي تأسست قبل 266 عامًا طرحت هذا العام نسخًا من طراز American 1921 المنشود في علب بأحجام ومواد جديدة، إلا أن النسخة الأكثر إبهارًا تتمثل بنموذج متفرّد أعاد الصانع من خلاله ابتكار الساعة الأصلية التي أبصرت النور في حقبة العشرينيات الصاخبة. في ما خلا السوار، والجسور والصفائح، صنعت فاشرون كونستانتين كل مكوّن بالطريقة نفسها التي كانت معتمدة قبل قرن من الزمن، وحافظت على الأسلوب الحرفي نفسه.

خصص خبراء الدار في قسم التراث واستعادة الطرز القديمة 15 شهرًا لإعادة ابتكار الساعة بالكامل. في بناء المعيار الحركي، استخدموا 118 مكونًا، بما في ذلك العقارب، ومجموعة التروس، والعجلات، والنابض الشعري، وعجلة التوازن والتروس الصغيرة، وكانت كلها أجزاء قديمة بحالة جيدة جرى استرجاعها من مخزون عشرينيات القرن الفائت المحفوظ منذ ابتكار طراز American 1921. يقول كريستيان سيلموني، مدير قسم التصميم الفني والتراث في الدار: "كانت بعض الأجزاء مكتملة، وبعضها الآخر في حالة خام. اضطررنا إلى استكمال صياغتها يدويًا".

فرضت المحامل الأصلية الستة عشر للحجارة الياقوتية تحديًا آخر. يقول سيلموني: "إن ترصيع الجواهر في عشرينيات القرن الفائت كان ينطوي على مسار مختلف كل الاختلاف عما هو عليه الحال اليوم. كانت الأحجار تُثبت بتقنية الترصيع الألماسي، لكننا لا نملك أي سجلات تبيّن كيف تُنفذ التقنية. لذا اقتضى الأمر القيام بمحاولات كثيرة". خلال الجولات التدريبية، جرى ابتكار خمس مجموعات من مكونات صناعة الساعات، تضمنت صفائح وجسورًا (الأجزاء الوحيدة المصنعة باستخدام آلات CNC الحديثة التي يجري التحكم بها رقميًا باستخدام الحواسيب) بهدف تعلّم أصول تطبيق التقنية. استُخدمت أربع مجموعات من أصل خمس قبل إتقان التقنية القديمة.

فضلاً عن ذلك، تطلبت زخارف كوت دو جنيف Côtes de Genève (التي لم تُنفذ في محترفات الدار منذ ثلاثينيات القرن الفائت)، وصياغة العلبة المشغولة من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطًا بقطر 31.5 ملليمتر، وتشكيل الميناء المصقول بطلاء المينا المثبّت بتقنية الإشعال في الفرن، تطلبت العناصر كلها (في ما خلا السوار، والجسور، والصفائح) استخدام آلات من الحقبة القديمة، وفي بعض الحالات أدوات أعيد ابتكارها يدويًا.

بدءًا من هذا الشهر حتى شهر أكتوبر تشرين الأول المقبل، تعرض فاشرون كونستانتين ساعتها المتفردة المصنوعة يدويًا في متجر الدار الرئيس في فيفث أفنيو بنيويورك. عند إطلاق الساعة، لم تكن الدار قد قررت إذا ما كانت ستعرضها للبيع، لكن لا ضير في الاستعلام عن ذلك.

ستشكل الساعة إذًا ابتكارًا متفردًا. يقدر سيلموني ألا يزيد عدد النماذج الأصيلة الموجودة إلى اليوم - من أصل الساعات الاثنتي عشرة التي أطلقت سنة 1919 ضمن المجموعة الأولى، أو الساعات الأربع والعشرين في المجموعة الثانية التي طُرحت سنة 1921 – على عشرة نماذج (ثلاثة منها محفوظة في مجموعة الدار الخاصة).

يعني ذلك أن الساعة الجديدة ستشكل جوهرة التاج في أي مجموعة. يقول سيلموني: "كانت المرة الأخيرة التي رأيت فيها نموذجًا أصليًا من طراز American 1921 يُعرض في المزاد سنة 2005. ما زلت أذكر أن قيمته التقديرية بلغت 10 آلاف دولار، الأمر الذي كان يعكس صفقة مهمة آنذاك". أما الساعة الجديدة، فستحقق على الأرجح إن عُرضت للبيع، سعرًا باهظًا جدًا.

Audemars Piguet - أعمال فنية

تُعد أنيتا بورشيه من حرفيي تشكيل الموانئ الأكثر طلبًا في قطاع صناعة الساعات السويسرية، ما يعني أن جدول أعمالها مزدحم جدًا في العادة. لذا، عندما استعانت بها أوديمار بيغيه، تقرر أن تنحصر مهمتها بأحد ابتكارات الصانع الأعلى تميزًا: ساعة Grande Sonnerie Carillon Supersonnerie. يجمع المعيار الحركي 2956 الجديد بين تعقيد الرنين الكبير التقليدي (الذي يوثّق نغمه الساعات، وأرباع الساعات، والدقائق عند الطلب، فضلاً عن التوثيق التلقائي بالرنين للساعات ولكل ربع ساعة)، وبين تقنية Supersonnerie التي ابتكرتها أوديمار بيغيه متيحة تجهيز ساعة للمعصم بالجودة الصوتية الصادحة المميزة لساعات الجيب.

فيما يزخر قلب الساعة بمكوّنات العرض الصوتي الخاص بالوظيفة الأكثر تعقيدًا في عالم صناعة الساعات، وبأجزاء أخرى كثيرة، يميّزها ميناء آسر بلون أزرق مائل إلى الخضرة ابتكرته أنيتا بورشيه بطلاء المينا المثبت بتقنية الإشعال في الفرن، وأثرته بنثرات من الترتر متلألئة باللون الذهبي ترجع إلى عقود ماضية. تقول بورشيه: "عثرت على هذه النثرات في المحفوظات القديمة لمحترفات متخصصة في طلاء المينا. ثمة محترفات كثيرة من القرون الماضية أغلقت أبوابها تباعًا بمرور السنين." بعد أن تأنت الحرفية في جمع ما أمكن من هذه النثرات، استغرق اقتناء الأدوات القديمة، وتعلّم المهارات المطلوبة لإعادة إحياء فن الزخرفة بالنثرات، الذي يرجع إلى القرن الثامن عشر، سنتين كاملتين على ما تقول.

تتجلى الساعة سمفونية صوتية وبصرية على حد سواء، وقد صيغت في خمسة نماذج متفرّدة. تتزيّن الموانئ في ثلاثة نماذج منها بنثرات من الذهب عيار 18 قيراطًا ثُبتت يدويًا بأشكالها المستقيمة أو الدائرية في ترتيبات متنوّعة. أما النموذجان الأكثر حصرية، فمتاحان للزبائن الراغبين في الحصول على ساعة بميناء من تصميم بورشيه (إصدار محدود من خمسة نماذج بسعر يقارب 784 ألف دولار).

Patek Philippe - ساعة التقويم الدائم لعام 2021

سيكون أسرى تلك الجلبة المستمرة حول طُرز نوتيلوس رياضية الطابع من باتيك فيليب مقصّرين إن تغاضوا عن طراز In-Line Perpetual Calendar Ref. 5236P-001 الجديد الذي تطرحه الدار في علبة من البلاتين بقطر41.3 ملليمتر وسماكة 11.5 ملليمتر. فالعرض في خط مستقيم لليوم، والتاريخ، والشهر يُعد للمفاجأة سابقة في ساعات المعصم التي تحمل توقيع الدار. وبالرغم من أن هذا العرض يبدو منطقيًا للغاية، لا سيّما في حالة صانع متخصص في هذا التعقيد الوظيفي (طوّرت باتيك فيليب أولى ساعات المعصم المجهزة بوظيفة التعقيد الدائم سنة 1925)، إلا أن تنفيذه كان أكثر صعوبة مما يبدو عليه الأمر.

استُلهم هذا الطراز من ساعة الجيب ذات الرقم المرجعي P-1450 التي تزهو بعرض مماثل للتقويم. ترجع الساعة إلى عام 1975 وتقبع اليوم في متحف الدار. لكن استنساخها في ساعة المعصم الجديدة فرض صعوبات على مستوى الحجم، والمساحة، والطاقة. فقد تطلب العرض المستقيم للتقويم زيادة 118 مكونًا إضافيًا إلى تعقيد ضخم في الأصل. لذا انطلقت الدار من المعيار الحركي بالغ الرقة 31-260 REGQA، الذي قدمته بداية في طراز Annual Calendar Regulator ذي الرقم المرجعي 5235.

كما أن نقل الأقراص التي تتبدل على نحو متزامن إلى سطح مشترك يستنفد الطاقة، الأمر الذي اقتضى أن تشمل التحديثات تعزيز قوة عزم أسطوانة النابض بنسبة 20%، ودعم قوة التعبئة بدوّار مصغّر من البلاتين حل محل الدوّار المشغول عادة من الذهب الأصفر عيار 22 قيراطًا. نجمت صعوبة أخرى عن محاولة الحفاظ على حجم أنيق للعلبة من دون تقويض الوضوح في قراءة المؤشرات، فكان لا بد من استخدام أربعة أقراص بدلاً من الأقراص التقليدية الثلاثة.

إذا كنتم تحتاجون إلى إثبات إضافي على ما تعكسه هذه الساعة من تفوق في هندسة الوقت، فاعلموا أن ابتكار آلية التقويم الدائم فيها اقتضت ثلاث براءات اختراع (للعرض، وخاصية امتصاص الصدمات، وآلية تبدل التاريخ من 31 إلى 01). يعكس هذا الابتكار أصدق ترجمة لذروة الإبداع الذي تجيء به باتيك فيليب، كما أن اللمسات النهائية على آلية الحركة تكشف عن قدر مشابه من التأني في التنفيذ فيما تزهو بملامح الأناقة غير المتكلفة التي ارتكزت إليها الدار في الأصل لبناء اسمها العريق (سعرها 130,110 دولارات).

Greubel Forsey - أفضل ساعة رياضية 2021

قد يرى معظمنا بذخًا إلى حد المغالاة في التزيّن بساعة رياضية مجهزة بآلية توربيون منحرفة في زاوية 25 درجة وتتم دورة كاملة في 24 ثانية، وبمؤشر للتوقيت العالمي مبني على كرة دوّارة ثلاثية الأبعاد من التيتانيوم ويكمله مؤشر لليل والنهار فوق حلقة مشغولة بتقنية الحفر والصقل بطلاء اللك، فضلاً عن مؤشر للمنطقة الزمنية الثانية تميزه نقوش ناتئة، وحلقة ذات أبعاد هندسية متغيرة لعرض الوقت من خلال مؤشرات وضاءة للساعات والدقائق، ومؤشر من 24 منطقة زمنية للتوقيت العالمي، ومؤشر لاحتياطي الطاقة الذي يدوم 72 ساعة.

لكن هذا ما هو عليه حال ساعة GMT Sport من غروبل فورسيه، التي تجسّد الساعة الأكثر تعقيدًا المثالية للمغامرات الأشد قساوة. بل إن اللمسات النهائية التي زُخرفت بها نفذت وفقًا لمعايير الجودة نفسها التي تطبق على ساعات الدار الرسمية النخبوية.

قدمت الدار هذا الطراز العام الفائت في علبة من التيتانيوم بقطر 45 ملليمترًا وسماكة 15.7 ملليمتر مع سوار من المطاط. لكنها وللمرة الأولى في تاريخها، تطرحه اليوم مع سوار معدني. تبدو الساعة فوق المعصم أصغر من حجمها الحقيقي، والسبب في ذلك يُعزى إلى المركب المعدني خفيف الوزن الذي صيغت منه العلبة، وإلى شكلها البيضاوي غير التقليدي ذي المنحنيات.

صحيح أن التزين بساعة يبلغ ثمنها مئات آلاف الدولارات للغوص في المحيط قد يبدو مثيرًا للاستهجان، إن لم نقل غير عقلاني، إلا أن هذا الطراز يوفر مقاومة لنفاذ الماء حتى عمق 330 قدمًا تقريبًا. جُهزت هذه الساعة، المثالية لأي مكان وأي مغامرة، بمختلف التعقيدات ومزايا المتانة التي ينشدها جامع ساعات من الطراز الرفيع لا تبهره ساعة دايتونا (إصدار محدود من 33 نموذجًا بسعر 572 ألف دولار تقريبًا).

Panerai - ساعة تجسد الاستدامة

خاضت بانيراي المغامرة الأكثر جرأة في تاريخها من خلال المفهوم التصوري الجديد Panerai Ecologico. فالساعة الجديدة التي ابتُكرت باستخدام مكونات مصنوعة بنسبة 98.6% من مواد معادة التدوير تعكس الخوض عميقًا في أرض مجهولة.

على غير ما هو عليه حال الفئات الاستهلاكية الأخرى، كانت وتيرة تبني قطاع الساعات لمساعي الاستدامة بطيئة. أولاً لأن هذا المفهوم لا يبدو منطقيًا في حال ساعة ميكانيكية تُطوّر بما يضمن استمراريتها على مر أجيال. وثانيًا، لأن ابتكار البنية التحتية الضرورية للإتيان بساعة تكاد تكون مصنوعة بالكامل من مواد مستعملة لم يخلُ من التحديات.

احتاجت بانيراي إلى ثلاث سنوات من الأبحاث والتطوير، فضلاً عن ابتكار سلسلة توريد جديدة بالكامل، ليتأتى لها تطوير ساعة Ecologico Submersible eLab-ID. صُنعت علبة الساعة، وميناؤها المكوّن من قرصين متراصين، وجسور آلية الحركة، من مادة EcoTitanium، النسخة المعاد تدويرها من التيتانيوم من الفئة المستخدمة في الصناعات الجوية. كما صيغت المادة الوضّاءة سوبر لومينوفا، ومضبط الانفلات المصنوع من السيليكون، والغطاء البلوري، من عناصر معادة التدوير.

ستصدر العلامة هذا الطراز في 30 نموذجًا لن تدخل حيز الإنتاج إلا في سنة 2022. لكن بانيراي تسعى إلى تحقيق غاية أكثر طموحًا. لم تقدم أي دار أخرى على تطوير ساعة فاخرة مستدامة. لذا عمدت بانيراي، في سبيل تشجيع الصناع الآخرين على الانضمام إلى قضيتها، إلى نشر قائمة مورّديها. سيكون التأثير مزلزلاً إذا ما انضمت دور أخرى إلى هذه المبادرة (إصدار محدود من 30 نموذجًا بسعر 61,700 دولار).

A. Lange & Söhne - الإبداع في تصميم الساعات

لطالما كانت الخارطة الجينية الجمالية لعلامة إيه لانغيه أند صونه تتمايز بمعالم الأناقة بالغة الرقي التي تخفي خلف مظهرها تجليات خبرة عريقة في مجال صناعة الساعات. لذا لن يستغرب هواة العلامة الألمانية أن تشكل ساعة Lange 1 Perpetual Calendar الجديدة أول طراز لا يترافق فيه تعقيد التقويم الدائم مع وظائف معقدة أخرى منذ طرح ساعة Langematik Perpetual Calendar سنة 2001.

لا شك في أن الإضافات إلى الطرز خلال العقدين الأخيرين لم تكن صارخة في مظهرها، وشملت على سبيل المثال إضافة نافذة دائرية لمؤشر احتياطي الطاقة الارتدادي عند مؤشر الساعة 6 في الميناء الفرعي للساعات والدقائق، أو آليات توربيون لا تبدو جلية فوق الميناء. لكن الإصدار الأخير يستعيد مقاربة أكثر رصانة عبر التخلي عن هذه الزخارف.

تعرض نافذة أطوار القمر الكرة المصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطًا في أعلى الميناء الفرعي بدلاً من أسفله، على ما هو عليه الحال في طراز Lange 1 Moon Phase، لكن وجه الاختلاف هذه المرة يتمثل بعرض هذه الوظيفة عند الجانب الأيسر من الميناء بدلاً من الجانب الأيمن.

تعكس هذه التفاصيل دقة ألمانية بالغة، لكن اجتماعها مع ميناء بديع من الذهب الزهري عيار 18 قيراطًا، يستوطن علبة حاضنة من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا، ويثريه اللون الأزرق في نافذة أطوار القمر، يخلّف تأثيرًا بالغًا من دون إثارة جلبة تُذكر. يُعد هذا الطراز مطمح أولئك الذين يؤثرون النقاء في التصميم (إصدار محدود من 150 نموذجًا بسعر 116 ألف دولار).

F. P. Journe - كرونوميتر بالغ الدقة

جسّد طراز Chronomètre à Résonance من إف. ب. جورن أول ساعة معصم تستخدم ظاهرة الرنين الفيزيائي الطبيعي، حيث تتحرك عجلتا توازن في مسارين متقابلين لتعوّض كل منهما عن أي فوارق في قياس الوقت تتسبب فيها العجلة الأخرى، الأمر الذي يضمن تعزيز مستوى الدقة. كان أول من ابتكر هذا الحل في ساعة للجيب أبراهام – لويس بريغيه، أحد كبار صنّاع الساعات في القرن الثامن عشر. وإلى يومنا هذا، يُعد إف. ب. جورن الصانع الوحيد الذي يبتكر ساعات للمعصم باستخدام مبدأ بريغيه نفسه في تقديم هذا الحل.

في شهر يونيو حزيران من العام الفائت، بيعت في مزاد لدار فيليبس نسخة متفردة من أول طراز ابتكره سنة 2000. حققت الساعة في المزاد رقمًا قياسيًا بلغ 1.09 مليون دولار. كما تزامن الحدث الذي تصدّر عناوين الأخبار مع الذكرى العشرين لإطلاق هذا الطراز، وأعقب إطلاق جورن آخر تحديث على مأثرته بهدف إنتاج آلية رنين أكثر دقة من خلال المعيار الحركي ذي الرقم المرجعي 1520 الجديد المشغول من الذهب الوردي.

يتميّز هذا المعيار بالتصميم المزدوج نفسه لعجلة التوازن، لكن آلية الحركة تشتمل هذه المرة على أسطوانة واحدة للنابض الرئيس، وعلى ترس تفاضلي يوجه الطاقة إلى كل من مجموعتي الحركة المستقلتين، واللتين جُهز كل منهما بنابض لموازنة الطاقة Remontoir d’egalité ينبض مرة واحدة في الثانية (تضمن هذه الوظيفة توفير طاقة ثابتة لمضبط الانفلات). تتيح نافذة بين الميناءين رؤية أجزاء من الترس التفاضلي. ما يعنيه ذلك عمليًا هو أنك لن تضطر إلى إعادة تعبئة الطاقة بعد 24 ساعة لأن نابضي موازنة الطاقة يتيحان معدل ثبات يدوم 30 ساعة تقريبًا. في المرحلة الأخيرة من إنتاج الساعة في المصنع، لن يطرأ عليها أي فارق في قياس الوقت طيلة 30 ساعة.

تعكس هذه الدقة البالغة إبداع الذروة في مجال تطوير آليات الكرونوميتر وصناعة الساعات التي ترتكز إلى مفاهيم عبقرية. لكنك قد تحتاج إلى الانتظار لسنوات قبل أن يُطرح نموذج من هذا الطراز في أحد المزادات أو يُعرض للبيع من خلال صفقات خاصة. إذا ما استثنينا آلية الرنين، فإن كل نموذج من ساعة إف. ب. جورن للرجال ستنتجها الدار حتى عام 2022 قد بيع مسبقًا (بسعر 112,700 دولار للساعات المشغولة في علب من الذهب الوردي، و116,700 دولار للساعات في علب من البلاتين).

Breguet - ساعة التوربيون

غالبًا ما يتجلى الطابع المعقد لأي ساعة عبر غطائها الخلفي المشغول من البلور الياقوتي. لكن في حالة طراز Classique Double Tourbillon 5345 من بريغيه، يُستعرض هذا التعقيد عبر وجهي الساعة. ففي هذا الطراز، باتت آلية الحركة 588N المعقدة، التي أطلقتها بريغيه سنة 2006، جلية عبر الميناء.

ثُبت قفصان لآلية التوربيون المزدوجة إلى صفيحة المعيار الحركي بحيث يدوران من حول ترس تفاضلي ثابت على مدى 12 ساعة. صُقل جزء من جسر آليتي التوربيون على امتداد نصف طوله باللون الأزرق للإشارة إلى الساعة، فيما استُخدم عقرب أزرق مستقل يتحرك على نحو منفصل للإشارة إلى الدقائق.

تدور آليتا التوربيون، ومعهما أسطوانتان للنابض الرئيس، تزدان كل منها في أعلاها بشعار الحرف B، في اتجاه عقارب الساعة بما يتيح لك رؤية كامل الحركة في أثناء قياس الوقت. لكن هل كنت لتتوقع أقل من هذا الإنجاز من العلامة التي ابتكر مؤسسها أبراهام – لويس بريغيه آلية التوربيون قبل 220 عامًا.

تكريمًا للسيد بريغيه، زُخرف أيضًا الجزء الخلفي من الساعة برسم نُحت يدويًا بإتقان لتصوير مصنعه الأصلي في جادة كيه دو لورلوج Quai de l’Horloge في باريس. نُفذت تفاصيل الرسم المعقدة بدقة إلى حد أنك ستحتاج إلى عدسة مكبّرة لترى وجه امرأة تنظر عبر نافذة في الوسط، مباشرة إلى جانب محمل حجر ياقوتي، فيما تدور عجلات مجموعة التروس الذهبية المكونة لآلية الحركة عبر النوافذ مثل وهج ضوء الشموع.

هنا تتكامل معالم التاريخ لتذكّر مالك الساعة بأن الابتكارات الثورية والدقيقة حد الإبهار، التي تزيّن اليوم المعصم بدلاً من أن تُحفظ في الجيب، طُورت قديمًا يدويًا على ضوء الشموع (السعر عند الطلب).

Cartier - الساعات الجواهر

قدمت كارتييه نمرها الشهير في نسخة متمايزة مثيرة للاهتمام من خلال ساعة مرصّعة بحجري أكوامارين كبيرين ثمانيي الشكل تبلغ زنتهما الإجمالية 12.71 قيراط، ويحاذيان حجرين من التورمالين الأزرق بالقطع المثمّن زنة 20.58 قيراط. تحيط بالحجارة الأربعة حجارة مرجانية مضلعة من جهة، وحبيبات من الألماس بالقطع البرّاق تتخللها تفاصيل من العقيق الأسود من جهة أخرى.

استُلهم التصميم من تاريخ المرجان الذي شاع الاتجار به بين منطقة البحر المتوسط والهند على مر قرون عدة. لذا ارتكزت الدار إلى بناء تعارض أنيق بين المرجان وحجارة الأكوامارين والتورمالين مستحضرة اللون الآسر للبحر الذي يربط الشرق والغرب.

وجد التعارض غير التقليدي في المواد طريقه إلى ابتكارات كارتييه بداية في عشرينيات القرن الفائت تحت إدارة لويس كارتييه الذي أطلق سنة 1914 شكل النمر المرقّط بحبيبات الألماس والعقيق الأسود. وشملت الجواهر المرصعة بالمرجان، والعقيق، والألماس، التي أبصرت النور في محترفات الدار الفرنسية، مجموعة تسلسلية كُشف النقاب عنها في معرض باريس Paris Exposition لعام 1925.

وعندما فرضت أزمة الركود العظيم تحديات جديدة، شرعت كارتييه تستخدم للمرة الأولى أحجارًا شبه كريمة مثل الأكوامارين. شكلت هذه الأحجار بديلاً أقل كلفة عن الزمرد مثلاً، لكنها أتاحت أيضًا خيارات متنوعة من أشكال القطع الهندسي، الأمر الذي توافق على نحو مثالي مع أسلوب الآرت ديكو الذي شاع في تلك الحقبة.

تُعد ساعة [Sur] Naturel High Jewelry Panthère Tropicale، التي طرحتها كارتييه العام الفائت، مثالاً آسرًا على إعادة تأويل عقود من التصاميم الرائعة الممهورة بتوقيع الدار (السعر عند الطلب).

Van Cleef & Arpels - الإتقان في الترصيع والطلاء بالمينا

صحيح أن فان كليف أند آربلز بقيت وفية لشخصية الحورية الطائرة المفضلة عندها (وتظهر هنا عند مؤشّر الساعة السادسة)، إلا أن هذه الشخصية المبتكرة لا تجسّد سوى عنصر داعم للميناء الرائع المميز للساعة Lady Arpels Soleil Féerique. يزهو الميناء، الذي يستوطن علبة من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا مرصعة بألماسات دائرية، بمشهد لشمس المغيب شُكل من حجارة دائرية من الياقوت الأصفر في نمط غير تقليدي يحاكي خلية النحل، وأثرته ألماسات بيضاء دائرية تتناثر مثل غبار نجم متفجّر.

وتنبعث من مركز هذا المشهد أشعة صيغت من الذهب الأصفر والذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا في تصميم مصقول أو مطرق، وتوزّعت بالتناوب مع أشعة أخرى من الذهب الأبيض المصقول بطلاء المينا (المطبّق بتقنية plique – à – jour) في ألوان متعددة لإضفاء شفافية وعمق على المشهد. صحيح أن طلاء الميناء يحجب الأشعة الألماسية المشغولة من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا، لكن الناظر يظل قادرًا على رؤية الحجارة النفيسة تتوهّج أسفل الطلاء.

تشكل هذه التفاصيل جزءًا من لوحة صيغت من اللازورد، والعقيق الأسود، وعرق اللؤلؤ، وتناثرت عبرها حبيبات زرقاء وزهرية مشغولة بطلاء المينا المعتم للإيحاء إلى الكواكب. يحتاج ابتكار ساعات من هذا الطراز إلى خبراء يمتلكون مهارات متنوعة في مجال الأعمال الفنية، كما أن إنجازها يستغرق وقتًا طويلاً. لذا فإن ثلاثة أفراد فقط في العالم سيمتلكون نماذج من هذه الساعة (بسعر 365 ألف دولار).

Bvlgari - الوقت المكنون 

ابتُكرت الساعات السرية بداية في عشرينيات القرن الفائت بوصفها حيلة تتيح للسيدات في الحفلات التحقق من الوقت في الخفاء دون أن يبدو تصرّفهن غير لائق. وكانت تلك الساعات تتميز في العادة بغطاء قلّاب أو منزلق يخفي الميناء.

لكن في ساعة Serpenti Misteriosi Cleopatra من بولغري، يحتجب العقربان أسفل حجر روبيليت سداسي الشكل زنة خمسة أقراط، فلا يكادان يظهران إلا للمرأة التي تتزيّن بالساعة. أما لأي ناظر آخر، فيتماهى العقربان مع السوار المشغول من الذهب الوردي عيار 18 قيراطًا، والمزدان بأربعة آلاف حجر ألماسي ثُبتت بتقنية الترصيع الثلجي، فضلاً عن حجرين من السترين، وحجرين من الجمشت، وحجر منفرد من الأكوامارين، والتورمالين، والتنزانيت، والزبجرد.

تعكس رؤية الصانع المتفردة لدمج قياس الوقت في الحجر النفيس نفسه مقاربة جديدة عبقرية لهذا الطراز من الساعات. وبالرغم من أن الطابع الباذخ لهذه الساعة ليس خفيًا على الإطلاق، إلا أنها تتيح التحقق من الوقت بطريقة راقية (إصدار متفرّد بسعر يقارب 804 آلاف دولار).

Bovet - ميناء مبتكر

قدمّت بوفيه على مر تاريخها الممتد عبر 200 عام تقريبًا، كل زخرفة ممكنة لميناء الساعة، من الترصيع المتقن بالأحجار النفيسة، وطلاء المينا ورسم المنمنمات، إلى نقوش غيوشيه، والتصميم الهيكلي، حتى استخدام المواد غير التقليدية مثل الأفنتورين. هذا ما حققه أيضًا صنّاع ساعات آخرون خلال القرون الأخيرة. لكن بوفيه تُعد أول دار تستخدم في هذا القطاع تقنية معالجة الميناء بطلاء السكّر.

قد تبدو هذه التقنية سهلة، لكن تطبيق المادة دون تذويب البلورات ليس إنجازًا متواضعًا. يستخدم الصانع تقنية محمية ببراءة اختراع لإعداد بنية بلورات السكر بحيث لا يطرأ عليها أي تغيير عند تعريضها للضوء أو للحرارة. لكن الخطوة التالية هي الأكثر صعوبة: يجري اختيار كل بلورة بالغة الصغر بحسب حجمها ثم تُمزج مع أصباغ خاصة لتُثبت يدويًا فوق الميناء من قبل فنانين مختصين في رسم المنمنمات. إذا ما وقع خطأ واحد، فإن الحرفي سيحتاج إلى تكرار المسار كاملاً من الصفر. يتميّز كل ميناء مشغول من السكر الصلب عند اكتماله بطابع لامع متفرّد.

لكن جرعة الحلاوة المسرفة لا تنضب عند هذا الحد. عندما يلتقي العقربان، عند مؤشر الساعة 12 مثلاً، يرسمان شكل القلب. في مقابل هذا الطابع التصميمي المرح، تحتضن ساعة Miss Audrey Sweet Art آلية حركة جادّة تنبض بمعدل 4 هيرتز موفّرة مستوى عاليًا من الدقة في ضبط الوقت. أما الميزة الإضافية، فتتمثل بإمكانية تحويل العلبة، المشغولة من الفولاذ المقاوم للصدأ والمرصعة بالألماس، من ساعة معصم إلى ساعة للمكتب أو قلادة (يراوح سعرها بين 28 ألف دولار و35 ألف دولار).

بيترمان بيدا - راقبوها

Illustration by Paola Wiciak

شرع صانعا الساعات غاييل بيترمان وفلوريان بيدا يحصدان نجاحًا ملحوظًا بعد مرور أربع سنوات فقط على إطلاق شركتهما. صحيح أن الرجلين لمّا يبلغا بعد الثلاثين من العمر، وأن في جعبة علامة بيترمان بيدا ابتكارًا واحدًا فقط هو ساعة 1967 Dead Beat Second، إلا أن هذه الساعة حصدت جائزة العلامة الناشئة Horological Revelation في أضخم حفل لجوائز الساعات نُظم العام الفائت، حفل الجائزة الكبرى للساعات الراقية لسنة 2020.

لا شك في أن النجاح الحقيقي يُقاس بالمردود المالي: بعد إطلاق الساعة في شهر يونيو حزيران من العام الفائت في إصدار محدود اقتصر على عشرة نماذج صيغت في علب من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطًا، وعشرة أخرى في علب من الذهب الوردي عيار 18 قيراطًا (بسعر يقارب 66 ألف دولار للمجموعتين)، بيعت النماذج كلها في غضون أسبوعين. تشمل خبرات بيترمان وبيدا المهنية العمل لبعض الوقت في دار إيه لانغيه أند صونه، وتولي بعض مشاريع استعادة طرز قديمة لصالح دار كريستيز في جنيف.

عندما أسس الرجلان شركتهما الخاصة لصيانة الساعات واستعادتها في عام 2017، وجدا نفسيهما جارين لدومينيك رينو، صانع الساعات الشهير الذي أطلق مصنع رينو أند بابي Renaud & Papi (تعود ملكيته اليوم إلى دار أوديمار بيغيه ويُعرف باسم أوديمار بيغيه لو لوكل Audemars Piguet Le Locle). تعاون رينو عن كثب مع الشريكين على تصميم المعيار الحركي 171 المستلهم من آلية عمل ساعة للجيب تعود إلى أربعينيات القرن الفائت. تبرز بعض ملامح آلية الحركة متقنة الصنع عبر الميناء بين مؤشر الساعة 1 ومؤشر الساعة 4.

استأثرت الساعة بالاهتمام في الأوساط المناسبة، وسرعان ما تلقى الشريكان زيارة من فيليب دوفور، أحد كبار صنّاع الساعات. يقول بيترمان: "شعرنا بضغط هائل، لكننا كنا ممتنّين عندما أخبرنا أنها ساعة جميلة ومتقنة الصنع". قام دوفور بتلك الزيارة نزولاً عند طلب زبون محتمل أراد منه التحقق من جودة عمل الشركة الناشئة. في نهاية المطاف، أتمّ جامع الساعات الصفقة وابتاع الساعة، وهذا أصدق تعبير عن الاستحسان. يحتاج المرء إلى الانتظار ثلاث سنوات للحصول على نموذج من الإصدارات المستقبلية لهذه الساعة، بل أكثر من ذلك إن كان الشريكان سيسلمان نموذجًا لكل اسم مدرج اليوم على لائحة الانتظار.