نيكولاس فولكس، المؤرخ في مجال الساعات، يتحدث عن ساعة ريفيرسو من جاجيه – لوكوتر، أكثر الطرز شهرة في تاريخ العلامة الممتد عبر 188 سنة، وموضوع كتابه الوافي المقبل.



قلة من تصاميم الساعات تضاهي ساعة Reverso من حيث المتعة الملموسة التي تتيح اختبارها. يسهل تعرّف الساعة التي ابتكرتها جاجيه – لوكوتر سنة 1931 بسبب وجهها الذي يمكن قلبه، والذي أبدعته الدار في الأصل لضباط قوات الاستعمار البريطاني المتمركزين في الهند بغية حماية الغطاء الزجاجي لميناء الساعة في أثناء جولات الغولف التي كانوا يخوضونها في أوقات فراغهم. للاحتفال هذا العام بمرور 90 سنة على إطلاق الساعة في نسختها الأولى، انغمس نيكولاس فولكس، خبير الساعات الذي يكتب في مجلة Robb Report، في تاريخ ريفيرسو، لإنتاج مجلّد ضخم تنشره دار أسولين ويتناول موضعه الجاذبية المستمرة لهذه الساعة. أمضى فولكس 18 شهرًا في إجراء الأبحاث اللازمة للكتاب الذي لا يستكشف المآثر الميكانيكية المميزة لطُرز ريفيرسو فحسب، بل دورها الآخر أيضًا من حيث كونها لوحات للتعبير الشخصي، هذه السمة التي لا تنفك تشتهر بها اليوم في زمن يُنظر إليها فيه بوصفها ساعات رسمية الطابع.

 

لماذا احتفظت ساعة ريفيرسو بهذه الجاذبية المستمرة منذ نحو قرن من الزمن؟


يتمثل أحد أبرز المزايا التي تتفوق بها هذه الساعة في حقيقة أن ما ابتكر في الأصل ليكون حيلة وقائية تحوّل إلى سبيل لتقدير الجمال. وبالرغم من أن الدار أعادت هندسة الساعة بالكامل، الأمر الذي أستعرضه بالتفصيل في الكتاب، إلا أن النسخة الجديدة تبدو مطابقة للأصل.


ما هي برأيكم النقطة المحورية في تاريخ هذه الساعة؟


إذا ما تأملت في النصف الأول من عمر هذه الساعة، فإنك ستكتشف أن هذا الابتكار كان ليشيع ويندثر في تلك الحقبة. لكن أحد وكلاء الدار الإيطاليين أعاد إحياءه في سبعينيات القرن الفائت. كان الإيطاليون حينها يقودون التوجّه إلى جمع ساعات المعصم، وكان لهم تأثير بالغ في الأذواق المتغيرة. كانت الدار لا تزال تمتلك بعض العلب القديمة، فأعادت إطلاق خط الإنتاج. ثمة قصة ترويجية في ما يخص أي منتج اليوم. الجميل في الأمر هو أن الماضي يكون في العادة أقل انتظامًا وأكثر إثارة للاهتمام.

 

كتاب Jaeger-LeCoultre: Reverso لنيكولاس فولكس.

Jaeger-LeCoultre/Assouline
كتاب Jaeger-LeCoultre: Reverso لنيكولاس فولكس.

 

 

هل عكست هذه الساعة تبدل المواقف من التصميم آنذاك؟


بحلول عشرينيات القرن الفائت، بات للمرة الأولى من المثير للاهتمام أن يكون المرء شابًا ومفعمًا بالحيوية. كانت دار شانيل على سبيل المثال تستخدم نسيج الجورسيه في الأقمشة التي تُحاك منها الأثواب في حين أنه كان يُستعمل من قبل في ملابس الرجال الداخلية. كما شاع ابتكار رينيه لاكوست لقميص البولو الذي يشكّل جزءًا من زي لاعبي كرة المضرب. تجسّد الأزياء كلها رد فعل تجاه ما سبق. كانت ساعة المعصم أيضًا من أساليب التمايز، وعكست طريقة أكثر حيوية لاستخدام الساعة. تأثرت أوجه التصميم كافة بروح الحداثة ومعالم الأناقة التي تميّزها زوايا بارزة وأطراف محددة.

 

هل أدرجتم في الكتاب طرازا محددا تمنيتم اقتناءه؟


أعتقد أن طراز الكرونوغراف غير المتكلف كان بديع التصميم، وأيضًا طراز ريفيرسو ثلاثي الوجوه المزدان برموز الأبراج الفلكية. أقدّر هذا الطراز بشدة لأنه يجسّد ما كانت عليه صناعة الساعات الأكثر جرأة وتعقيدًا في تسعينيات القرن الفائت.

 

 

إعلان فرنسي عن ساعة ريفيرسو يعود إلى عام 1932.

Jaeger-LeCoultre/Assouline
إعلان فرنسي عن ساعة ريفيرسو يعود إلى عام 1932.

 

 

هل حدث أن رأيتم أحد الطرز الأصيلة التي تعود إلى ثلاثينيات القرن الفائت؟


نعم، لكن الطرز الحديثة أفضل بكثير. تعكس هذه الساعات، من حيث كونها أغراضًا، قدرًا أكبر من الإتقان. أما في ما يخص قلب الميناء، فالأمر في الطرز القديمة يشبه النظر إلى سيارة عتيقة تشعر عندما تغلق بابها أنها رخيصة نوعًا ما، فيما تشبه الطرز الحديثة سيارة عصرية من بنتلي تخال وأنت تغلق أبوابها أنك تغلق باب خزانة.

 

تشتهر الساعة أيضا بطابعها المرن من حيث إمكانية تعديل عناصرها التصميمية. فهل تؤثرون نموذجا محددا على هذا المستوى؟


كان لي رأي في مشروع نسخة معدّلة تزهو بمشهد من مبنى Scuola Grande di San Rocco في البندقية. كنت أرغب في الكتابة عن تقنية رسم المنمنمات بطلاء المينا لدى جاجيه – لوكوتر، فابتكرت الدار الساعة ليتسنى لي استعراض هذه المهارة. من الطبيعي إذاً أن أكون مولعًا بهذه الساعة. إن رسم المنمنمات بطلاء المينا مهارة معقدة تعكس مستوى عاليًا من الانضباط والالتزام. إنه ما نقدّره في عمل السويسريين: يبتكرون هذه العوالم الميكانيكية الصغيرة جدًا داخل هذه الإبداعات الصغيرة والفائضة عن الحاجة بمختلف المقاييس، لكنها تستهوينا بالرغم من ذلك.

 


 

ختم الزمن

ثلاثة نماذج تبين الإمكانات المتاحة لإضفاء طابع شخصي على ساعات ريفيرسو، وإطلاق العنان للمخيلة.




رحلة قياسية


يتزيّن وجه الساعة بمشهد محفور ومطلي بالمينا يصوّر المسار الذي اتبعته أميليا إيرهارت سنة 1935 في رحلة دون توقف من مكسيكو سيتي إلى نيويورك محققة بذلك رقمًا قياسيًا. ابتكرت الدار هذا النموذج في السنة نفسها تكريمًا للطيّارة الأسطورية.

يتزيّن وجه الساعة بمشهد محفور ومطلي بالمينا يصوّر المسار الذي اتبعته أميليا إيرهارت سنة 1935 في رحلة دون توقف من مكسيكو سيتي إلى نيويورك محققة بذلك رقمًا قياسيًا. ابتكرت الدار هذا النموذج في السنة نفسها تكريمًا للطيّارة الأسطورية

Jaeger-LeCoultre/Assouline
 


رسم عائلي


سنة 2018، طلب جامع الساعات الكوري تشو هيونتشول، احتفاء بذكرى ميلاده، نقش الرسم الحر الذي أبدعه له ابنه الصغير على الجهة الخلفية من ساعته طراز Reverso.

سنة 2018، طلب جامع الساعات الكوري تشو هيونتشول، احتفاء بذكرى ميلاده، نقش الرسم الحر الذي أبدعه له ابنه الصغير على الجهة الخلفية من ساعته طراز Reverso

Eric Sauvage
 

بهاء البندقية


سنة 2016، أوكل الكاتب نيكولاس فولكس مهمة رسم مبنى Scuola Grande di San Rocco بطلاء المينا إلى دار جاجيه – لوكوتر التي ابتكرت هذه النسخة احتفاء برعايتها للمبنى التاريخي في البندقية.

سنة 2016، أوكل الكاتب نيكولاس فولكس مهمة رسم مبنى Scuola Grande di San Rocco بطلاء المينا إلى دار جاجيه – لوكوتر التي ابتكرت هذه النسخة احتفاء برعايتها للمبنى التاريخي في البندقية

Eveline Perroud