في سوق الساعات المتخم بنماذج وابتكارات مختلفة، يستخدم المشترون مجموعة جديدة من المعايير لتحديد العناصر التي تحفز الرغبة في اقتناء ساعة ما.

 
تجسد ساعة Defy El Primero 21 من زينيث، والمشغولة في علبة من السيراميك باللون الأسود (سعرها 12٫200 دولار)، التلاحم بين المظهر العصري والمزايا التقنية. www.zenith-watches.com

تجسد ساعة Defy El Primero 21 من زينيث، والمشغولة في علبة من السيراميك باللون الأسود
(سعرها 12٫200 دولار)، التلاحم بين المظهر العصري والمزايا التقنية.
www.zenith-watches.com

 

خلال السنوات الأخيرة، أغرقت منتجات مصدرها السوقان الصيني والروسي، اللذان تكبّدا خسائر مهمة، سوق الساعات في الولايات المتحدة الأمريكية. إذ ذاك، شهدت أسعار بعض الساعات تدهورًا ملحوظًا بسبب الحسومات الفاضحة عبر المواقع الإلكترونية، والنمو الهائل في أسواق الساعات المستعملة وعتيقة الطراز التي لا تُعد أسعارها باهظة بالقدر نفسه. على الرغم من أن التأثير الاقتصادي لهذه الظاهرة كان مهمًا، إلا أنه لم يضاه بحدته تداعيات الأزمة المالية في عام 2008. في المقابل، يبدو أن هذه الظاهرة تؤثر في العمق في سلوكيات المشترين.

 

فضحت ظاهرة التخمة التي أصابت السوق الأمريكي الواقع المزعج لتراجع قيمة معظم الساعات الجديدة، بل وتدهور قيمة بعضها إلى حد بالغ. إذ يبحث المشترون عن ساعات تحافظ على قيمتها، ويستخدمون اليوم مجموعة جديدة من المعايير لتحديد العناصر التي تحفز الرغبة في اقتناء ساعة ما. يقول نك لينكا، المدير الشريك في متجر البيع بالتجزئة Provident Jewelry الذي يرتفع في فلوريدا في طبقات عدة: «لا شك في أن السمة الأبرز التي يريد معظم الأشخاص توافرها اليوم في أي ساعة هي احتفاظها بقيمتها. عندما يتكبد أي من هؤلاء المال لشراء ساعة جديدة، فإنه يريد أن يتحقق من أنه لن يخسر على الفور ما نسبته 30% إلى 40% من قيمتها».

 

تتميز ساعة Galet Square (سعرها 40 ألف دولار) من لوران فيرييه بتصميمها الفخم وأبعادها المصقولة كما بإنتاجها في عدد ضئيل من النماذج. www.laurentferrier.ch
تتميز ساعة Galet Square (سعرها 40 ألف دولار) من لوران فيرييه بتصميمها الفخم
وأبعادها المصقولة كما بإنتاجها في عدد ضئيل من النماذج.
www.laurentferrier.ch

 

يُعد لينكا واحدًا من بين عدد كبير من تجار البيع بالتجزئة الذين يشهدون اليوم تحولاً في سلوكيات المشترين من حيث تفكّرهم في المزايا التي يريدون توافرها في الساعات الجديدة، إذ إنهم باتوا يركّزون بقدر أقل على العناصر المادية المكونة للساعات ويميلون إلى تثمين مزايا مثل عدد النماذج المصنعة ضمن إصدار محدود أو مقدار توافرها في الأسواق. ليس مستغربًا والحالة كذلك أن تحافظ الساعات التي تحمل توقيع دور تتحكم بصرامة في خط إنتاجها، على غرار رولكس وباتيك فيليب، على قيمتها. يذكر أن دورًا أخرى باتت تحظى أيضًا بتقدير هواة الجمع بسبب قبضتها المحكمة على خط الإنتاج، ومسار التوزيع، وقيمة الساعات.

 

تتفرد ساعة Techframe Ferrari Tourbillon Chronograph Sapphire (سعرها 179 ألف دولار) من هوبلو، بتصميمها الحصري وإنتاجها المحدود. www.hublot.com
تتفرد ساعة Techframe Ferrari Tourbillon Chronograph Sapphire
(سعرها 179 ألف دولار) من هوبلو، بتصميمها الحصري وإنتاجها المحدود.
www.hublot.com
 

تندرج دار ريتشارد ميل ضمن قائمة أبرز الصنّاع الذين تزداد مكانتهم رفعة في هذا المشهد الجديد. فقد نجح ريتشارد ميل في أن يجعل هذه المزايا جديرة بثمن أعلى بكثير من ذاك الذي يعتمده صنّاع آخرون في ابتكاراتهم. تعتمد دار ميل شبكة توزيع مستقلة بالجزء الأكبر منها، وخط إنتاج صغيرًا يقتصر على نحو أربعة آلاف ساعة في السنة. يقال أيضًا إنها تفرض رقابة صارمة على أسعار بيع الساعات المستعملة التي تحمل توقيعها. خلال الأشهر الأخيرة، أفاد زبائن ريتشارد ميل أنهم اضطروا إلى الانتظار لوقت طويل قبل أن يتمكنوا من الحصول على النماذج الأكثر شعبية من ساعات الدار. في أغلب الأوقات، تترافق هذه الظاهرة مع ارتفاع أسعار إعادة بيع الساعات ارتفاعًا ملحوظًا في ظل غياب أي حسم على السعر أو الإفادة من حسم بنسبة تكاد لا تُذكر.

 

تحدد طرز الساعات المتوارثة، على غرار ساعة Royal Oak Selfwinding Chronograph (سعرها 61٫900 دولار) من أوديمار بيغيه، معايير الطابع العصري والاستحسان واسع النطاق في أي من ساعات اليد الحديثة. www.audemarspiguet.com

تحدد طرز الساعات المتوارثة، على غرار ساعة Royal Oak Selfwinding Chronograph
(سعرها 61٫900 دولار) من أوديمار بيغيه، معايير الطابع العصري والاستحسان
واسع النطاق في أي من ساعات اليد الحديثة.
www.audemarspiguet.com
 

اتبعت العلامة العريقة أوديمار بيغيه استراتيجية مشابهة. فقبل بضع سنوات فقط، اضطرت الدار إلى تعديل أسعارها بسبب حالة الوهن التي أصابت السوق. لكن ابتكاراتها تشكّل اليوم موضع طلب واسع النطاق، بينما تصر على الالتزام بحجم إنتاجي معتدل والحد من نقاط توزيع ساعاتها، لترقى إذ ذاك بالميزة الحصرية لإبداعاتها. أضف إلى ذلك أن الطراز الرئيس ضمن ساعات أوديمار بيغيه، أي طراز Royal Oak، يستفيد من شهرة الدار وأصلها العريق.

 

تضفي ساعة BR-X1 من بيل أند روس، والمشغولة في علبة من الذهب الوردي والسيراميك (سعرها 30 ألف دولار) طابعا تقنيا على هوية الحداثة التي كرّستها الدار في إبداعاتها. www.bellross.com

تضفي ساعة BR-X1 من بيل أند روس، والمشغولة في علبة من الذهب الوردي والسيراميك
(سعرها 30 ألف دولار) طابعا تقنيا على هوية الحداثة التي كرّستها الدار في إبداعاتها.
www.bellross.com

 

يقول جيريمي أوستر، من متجر الجواهر والساعات في دنفر: «ألاحظ بلا شك أن بعض طرز الساعات العريقة تحقق بعض المنفعة في سوق اليوم. في بعض الحالات، لا يتذكّر المشترون حديثو العهد في هذا المجال المشكلات التي واجهتها في الماضي بعض العلامات التجارية».

 

تتميز ساعة RM 67-01 (سعرها 89٫500 دولار) من ريتشارد ميل بطابع خاص يسهم في زيادة الطلب عليها إلى حد بالغ في مختلف أنحاء العالم. www.richardmille.com 

تتميز ساعة RM 67-01 (سعرها 89٫500 دولار)
من ريتشارد ميل بطابع خاص يسهم في زيادة الطلب عليها إلى حد بالغ في مختلف أنحاء العالم.
www.richardmille.com

 

يذكر أن عددًا من طرز الساعات المتوارثة والتي حظيت بأكبر قدر من الاستحسان والشعبية، على غرار ساعات Nautilus من باتيك فيليب، تستفيد اليوم من جهة من تميزها بتصميم رياضي، ومن جهة أخرى من صعوبة الاستحصال عليها. لكن على النقيض الآخر من النطاق التصميمي، تبرز دور أخرى على غرار أف بي جورن التي تركّز على مظهر تصميمي عصري في ساعتها Chronographe Monopoussoir Rattrapante التي يقتصر إنتاجها على عدد محدود للغاية من النماذج، ودار هوبلو التي تُبقي إنتاج ساعاتها العصرية جدًا من طراز Ferrari محدودًا.

 

إن الندرة ليست العنصر الوحيد الذي يتحكم في السوق العصري. فكثير من الساعات تشهد

على دور فاعل في السوق لذائقة المشترين الجدد، لا سيما الأصغر سنًا

 

نجحت دار زينيث أيضًا في أن تحقق النجاح من خلال التصاميم المعاصرة المميزة لساعاتها. عن ساعة Defy El Primo 21 الجديدة ومحدودة الإصدار، يقول تيري كالوت، مدير علامة زينيث في أمريكا الشمالية: «إن الساعة تزاوج بين المزايا التقنية الصريحة ومظهر تصميمي يليق بنمط حياة عصري. في العادة، تُباع النماذج التي ننتجها من هذا الطراز سريعًا قبل أن يمضي وقت طويل على عرضها في المتاجر».

 

الواقع أن الندرة ليست العنصر الوحيد الذي يتحكم في السوق العصري. فكثير من الساعات آنفة الذكر تشهد على دور فاعل في السوق لذائقة المشترين الجدد، لا سيما الأصغر سنًا. يقول أوستر: «لا يرغب أبناء جيل الألفية في أن تكون لهم أي صلة بالساعات الضخمة التي كانت تُنتج خلال السنوات القليلة الماضية. إنهم يفضلون النماذج الأصغر حجمًا على نحو ملحوظ».

 

تعد ساعة Chronographe Monopoussoir Rattrapante (المتوافرة بسعر 82 ألف دولار للنموذج المشغول في علبة من الذهب) من أف بي جورن أبرز ابتكار تعكس الدار من خلاله نمطًا حياتيًا عصريًا ناشطًا. www.fpjourne.com

تعد ساعة Chronographe Monopoussoir Rattrapante
(المتوافرة بسعر 82 ألف دولار للنموذج المشغول في علبة من الذهب)
من أف بي جورن أبرز ابتكار تعكس الدار من خلاله نمطا حياتيا عصريا ناشطا.
www.fpjourne.com

 

إذ يتوقف أوستر تحديدًا عند ابتكارات أوديمار بيغيه، فإنه يشير إلى أنه لاحظ تحولاً لدى الزبائن من الرغبة في اقتناء نماذج ساعات Royal Oak Offshore الأكبر حجمًا إلى الميل لشراء ساعات الكرونوغراف والساعات الأوتوماتيكية الأكثر رقة ضمن طراز Royal Oak. اختبر تجار آخرون للبيع بالتجزئة نموًا مشابهًا في شعبية النماذج الأصغر حجمًا والأقل سماكة، بما في ذلك الساعات الحصرية الأشد فخامة من صانع الساعات محدودة الإنتاج في جنيف لوران فيرييه.

 

ليست مصادفة أن تحاكي النماذج الأصغر حجمًا من طرز الساعات الحالية الأكثر شعبية أبعاد الساعات عتيقة الطراز. فبالنظر إلى الأداء الذي حققته مؤخرًا عمليات إعادة البيع في سوق الساعات عتيقة الطراز، قد يثبت استلهام الماضي أنه مسار مثالي للدفع قدمًا بهذا القطاع.