يمكن للبذلة متقنة الحياكة أن تضفي طابعا مريحا وراقيا بغير تكلف على إطلالة المرأة.

 

قد تبدو الاستعانة بخياط خاص في هذه الأيام نادرة أو حتى دليل إسراف. لكنها في الواقع ضرورية. فالحائك الفذ يساعدك على التميز. إنه يميط اللثام عن حس بمعرفة الذات قد لا يكتسبه المرء إلا بعد سنوات من التجارب والأخطاء، وربما حتى باللجوء إلى علاج ما. لكن التنوّر يتحقق بأشكال غير متوقعة قد يتمثل أحدها أحيانًا بقطعة قماش من الكتان الفاخر أو الصوف خفيف الوزن، فيستشعره المرء مع كل خطوة يخطوها.

عندما أوكلت العام الفائت إلى أحد الخياطين مهمة حياكة بذلة بيضاء اللون من الكتان لارتدائها في عروض الأزياء الرجالية Pitti Uomo الشهيرة (والتي نفتقدها كثيرًا اليوم) التي أتولى تغطيتها الصحافية، لم أتوقع قط أن تتحول تلك البذلة إلى أبرز قطعة ملابس متعددة الأغراض أمتلكها. إنها في نهاية المطاف بيضاء اللون. لا يسهل ارتداء بذلة من هذا الطراز تحديدًا في أي مناسبة، وقد بدا لي أن إيطاليا هي المكان الوحيد الذي يمكنني ارتداؤها فيه. لكني واظبت على ارتدائها، في المدينة، وفي الريف، وعلى متن الطائرات، وفي المنزل. بل إني بت اليوم ألبسها بانتظام خلال أيام الحجر الذي يفرضه السفر عبر الأطلسي، وطلبت بذلة أخرى تُحاك من نسيج قماشي جديد.

إن الإطلالة غير المتكلفة لرجل يرتدي ملابس تُحاك بحسب الطلب تشي بكثير عن شخصيته. وبغض النظر عن وجهته (أو مكان وجوده). تُعد الحياكة المتقنة شاهدًا على الاستقامة، بالإضافة إلى أن لها جاذبية خاصة تلقى استحسان معظم النساء. بل إن هذه الخاصية تُعد من الأسباب التي تجعل النساء راغبات هن أيضًا في ارتداء ملابس تُحاك بحسب الطلب. وبعيدًا عن الشعور بالثقة الذي تستثيره بذلة حيكت بإتقان، يمكن للمرء أن يتصوّر ما لها من تأثير على ترتيب الأمتعة، والعادات الصباحية، وحتى على سلامة العقل. كما أن البذلة التي تحمل تحوّلاً إلى إطلالتك تحاكي بدقتها وتميزها ما أنت عليه أو على الأقل ما ترغبين في أن تكوني عليه.

 

"إن البذلة التي تحمل تحولاً إلى إطلالتك تحاكي بدقتها وتميزها ما أنت عليه أو على الأقل ما ترغبين في أن تكوني عليه"

 

أدركت شخصيًا هذه الحقيقة من خلال جايك ميوزر، الحائك المقيم في مدينة نيويورك. يتقن ميوزر فن الانضباط، وكل رجل يرتدي بذلاته ينجح في تحقيق التوازن بين المظهر المريح والإطلالة الراقية. كانت هذه الميزة، ورغبتي في الشعور بأنوثتي بعيدًا عن القيود التي تنطوي عليها التصاميم النسائية، هما ما قادني إلى هذا الحائك. أرى أن معظم الملابس النسائية تُصمم في مقاسات دقيقة حد المبالغة، فحردة الإبط في الأكمام مرتفعة جدًا، والياقة صغيرة جدًا، والأزرار لا تتناسق في صف منتظم. يمكن لزي يبدد الإرباك الحياتي أن يحيل الملابس المنقوصة كلها إلى التقاعد.

لكن خيار الحياكة بحسب الطلب قد يثير الشعور بالخوف. قد تتساءلين: هل سيفهمني الحائك؟ هل سيقدّرني؟ لا شك في أنه سيعرف مقاساتك. دعيه يرشدك، وتذكري أن البذلة التي تُحاك يدويًا لك تحديدًا ستحسّن حياتك وتجعلها أقل تعقيدًا. كما أن المسار وحده سيحفّز تطور رابط شخصي أوثق مع ملابسك. يولي الحائكون اهتمامًا بالجمال في الحياة. كما أنهم يبنون علاقات مع مصانع الأقمشة وموردي الأزرار، ومعك أيضًا. إنهم يساعدونك على مواجهة كل يوم جديد بأسلوب متفرد.  وإذا ما بدا لك أن البذلة تنطوي على مغامرة بالغة الجرأة، فإنك تستطيعين الانطلاق في البداية من السترة، أول عنصر جذب إلى عالم الحياكة بحسب الطلب.

اقترح ميوزر أن ننطلق بسرعة في مشروع حياكة بذلة، وبعد جلستين غير معقدتين لتجربة القياس، حظيت بزي نقي الخطوط. كانت البذلة فضفاضة وانسيابية، والكتان غير مبطن. بدا وكأنها حيكت خصيصًا بغية ارتدائها. جعلنا سترة البذلة أطول بحيث تنساب إلى ما تحت الورك، على ما هو عليه في العادة حال البذلات الرجالية، الأمر الذي جعلني أشعر بأني أكثر أناقة مما أبدو عليه عند ارتداء أي سترة نسائية أقصر، وأتاح تبديد العيوب التي تظهر في منطقة الصدر عندما يرتفع القماش مع كل حركة. وكان الكمّان أعرض مما يكون عليه الحال في العادة لتسهيل الحركة والسماح بارتداء قميص أسفل السترة. كانت القصة محددة بما يكفي ولكن دون أن تضيق في محيط الخصر على نحو تبدو معه السترة في العادة، على ما تعلمت، غريبة في أثناء الحركة.

تميّز السروال أيضًا بتصميم يحاكي السراويل الرجالية ليستقر عاليًا من حول الخصر (على نحو يضفي بلا شك جاذبية على إطلالة أي امرأة)، وأثرته عروات قابلة للتعديل لإضفاء مسحة رقي عتيقة الطراز، والتحرر من عبء استخدام الحزام. أما ساق السروال التي تضيق نزولاً، فتنساب إلى ما فوق عظم الكاحل في قصة يمكن تنسيقها على نحو مثالي مع خف إيطالي غير رسمي. وإذا كانت أي امرأة ستعمد مستقبلاً إلى استبدال الخف المخملي بالحذاء عالي الكعب، فإنها ستشكرني حتمًا. إن هذه التفاصيل الصغيرة هي ما يحدد الفرق بين سترة توحي بالنفوذ وسترة متفوقة بإمكاناتها.

 

Londoneye/iStockphoto

Londoneye/iStockphoto
 

 

لم أتصور قط أن تكون البذلة قطعة الملابس التي تشعرني بأعلى درجات الاسترخاء. لكن الملابس التي تحاك بحسب طلبك تُعد امتدادًا لك. إن حياكتها تأخذ في الحسبان مكان سكنك واهتماماتك. وعلى ما هو عليه حال أرغفة الخبز الطازج، تُبتكر بعض أعظم مظاهر الفخامة بإتقان ونقاء. يساعدك الحائك الموهوب بالفطرة على التواصل مع ذاتك العليا، وهذا ما يجعل من البذلة التي تُحاك بحسب الطلب واحدة من أعظم مباهج الحياة للرجال والنساء على حدّ سواء.

 


تكتب إيملي هوتِن عن الأزياء والسفر، وقد نشرت كتاباتها في مجلات فورتشن Fortune ، وفوغ Vogue ، وآل Elle .