ربما حان الوقت لتستأثر بجزيرة خاصة، حيث تراقب انحسار الجائحة العالمية في كنف حرزك الراقي الواقي، وتبسط سيطرتك مد البصر.

 

قد يكون انعتاقك إلى جزيرة خاصة هو ذروة ما تتوق إليه من خيال. فالحلم بعالم مثالي يتحلل من القواعد اليومية تحت الشمس الاستوائية، لطالما حظي بجاذبية عالمية، حتى قبل أن تبث الجائحة العالمية شعور الخوف من التقارب البشري. إنه توق يكاد يكون فطريا، شاع بين من علت ثقافتهم أم دنت، بدءًا من عاصفة شكسبير The Tempest، حتى برامج تلفاز الواقع.

ظلّت، حتى وقت قريب، حيازة المرء لمملكة صورية تخصه وحده في عرض البحر، للغالبية منا، حلمًا بعيد المنال. لكن الآن، وقد باتت العزلة ضرورة ملحة بطلب حكومي، وأخذت الأواصر التي تربطنا بأماكن عمل حقيقية تتفكك، أصبح مزيد من الناس يفكرون إذا ما كان امتلاك صخرة مثالية في مكان ما أمرا أقل خيالاً وأكثر أهمية. إن كلمة "عزلة" بالإنجليزية، على أي حال، مشتقة من كلمة insula اللاتينية، ومعناها جزيرة.

قبل عامين، عندما أرسل إدوارد دي ماليت مورغان، وهو وسيط يعمل في قسم الإسكان الدولي الفاخر في شركة نايت فرانك، للمرة الأولى تفاصيل تخص جزيرة ليتل بايب كاي Little Pipe Cay، وهي جزيرة خاصة في البهاما يبلغ ثمنها 85 مليون دولار، جاء الرد فاترًا. وفي ذلك يقول مورغان عن مشترين محتملين في فترة ما قبل الجائحة: "إنهم لم يجدوا مسوغًا لتبرير تكاليف الإدارة مقارنة بمقدار الوقت الذي قد يستغلونها فيه. أما الآن وقد أصبح بإمكاننا جميعًا العمل من المنزل، فقد بدأ المارد يخرج من القمقم. فعلى حين غرة، تبدو جزيرة خاصة أمرًا له ما يسوّغه." وقد زادت الاستفسارات خمسة أضعاف على الأقل منذ شهر يناير كانون الثاني المنصرم.

 

""لا أحد يحتاج إلى جزيرة. إنها في الأساس فكرة: فكرة الرجل الإنكليزي في قلعته""

 

تقع جزيرة إنشكوناتشان، التي تبلغ مساحتها 100 هكتار من الغابات الكثيفة في وسط بحيرة لوموند، عند الحافة الجنوبية للمرتفعات الاسكتلندية.

تقع جزيرة إنشكوناتشان، التي تبلغ مساحتها 100 هكتار من الغابات الكثيفة في وسط بحيرة لوموند، عند الحافة الجنوبية للمرتفعات الاسكتلندية.

 

جزر جاذبة

تُعد السوق أكثر جاذبيةً كذلك فيما يتعلق بالأرخبيلات النائية حول العالم، لأولئك الذين يتطلعون حقًا إلى أن يتواروا بعيدًا عن الأنظار في الجزر الزرقاء القصية. عادة ما يتلقى جاك مناحيم، مؤسّس شركة تسويق العقارات سوذبيز إنترناشيونال ريلتي في إقليم بولينيزيا الفرنسي، رسالتين بالبريد الإلكتروني في الأسبوع حول جزر خاصة. منذ شهر مارس آذار، قفز هذا الرقم إلى ما يقرب من عشر رسائل يوميًا، وفي ذلك يقول جاك مناحيم: "جميعهم يبحثون عن منطقة نائية حيث يمكنهم التحكم في محيطهم، ولا يطلب منهم أحد ارتداء قناع."

يقول فارهاد فلادي، وهو وسيط مقيم في ألمانيا ومتخصّص في الجزر، مستشهدًا بكندا والنرويج والسويد (موطن 267,570 جزيرة) بوصفها مناطق ذات جاذبية: "حتى في أجواء أكثر برودة، فإن جزرًا خالية من سبل الرفاه، وثمنها بخس يداني 100 ألف دولار، تحقق مبيعات بأثمان جيدة على نحو خاص."

وفي ذلك يقول أحد المالكين، الذي يعرض ملاذه بلو آيلاند في جزر الباهاما للبيع، مقابل 75 مليون دولار من طريق سوذبيز، وتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: "لا أحد يحتاج إلى جزيرة. إنها في الأساس فكرة: فكرة الرجل الإنكليزي في قلعته."

إن هذا المفهوم متجذر بعمق في تاريخنا وثقافتنا. في إنكلترا، كانت صفة امتلاك جزيرة سابقًا ترتبط على نحو خاص بالتفرد والاستقلال، وقد تجلّى ذلك مؤخرًا في صورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. غير أن أفضل من أبان عن ذلك شكسبير في مسرحية ريتشارد الثاني حيث قال:

هذه القلعة أبدعتها الطبيعة لنفسها

حماية من العدوى وويلات الحروب

هذا الحجر الكريم في البحر الفضي

الذي يرتفع جدارا منيعا

 أو خندقا يحمي منزلا

يدرأ عنه حسد الأراضي التعسة

هذه القطعة المباركة، هذه الأرض، هذه المملكة، هي إنكلترا

ما انفك الإنكليز يتيهون بأنفسهم، لكن مع ذلك، فإن مقاربة الخندق الدفاعي هي ما يسعى إليه الفرد الموسر اليوم تحديدًا، بالرغم من أنه يفترض على الأرجح أن يتخذ الغزاة المحبطون هيئة جيران مزعجين، أو مصورين متطفلين أو فيروسات فتاكة. إن ما سعى إليه الرهبان أيضًا قبل نحو 1400 سنة، كان قلعة من صنع الطبيعة، وذلك عندما شيدوا صوامع بسيطة في جزر كِلتيك. كما أن يوتوبيا، الجمهورية المثالية التي تصورها توماس مور عام 1516، تقع في جزيرة خيالية.

 

مسبح المنزل الرئيس في جزيرة ليتل بايب كاي التي تنبسط وسط المياه الضحلة والمحمية نسبيا في أرخبيل إكزوما.

Brett Davis
مسبح المنزل الرئيس في جزيرة ليتل بايب كاي التي تنبسط وسط المياه الضحلة والمحمية نسبيا في أرخبيل إكزوما.

عزلة تامة

 لكن عزلة كهذه لا تبعث دائما على السعادة. تصف قصة دي إتش لورانس القصيرة لعام 1927، الرجل الذي أحب الجزر The Man Who Loved Islands، تصف مالك جزيرة خاصة أصابته العزلة بالجنون، وأهلكته عناصر الطبيعة لاحقًا. ينصح مناحيم زبائنه بأن حياة الجزر تنطوي على "كثير من مشاعر الوحدة. إنها تشبه العيش وحيدًا على متن قارب في البحر، لكن القارب لا يتحرك."

هذه العزلة التامة هي تحديدًا ما يجذب أسارى إغلاق العصر الحديث. يقول فلادي: "أملك جزيرة في نيوزيلندة، وجاري يستحسن العزلة. لم يأذن لأحد سواي بأن تطأ أقدامه جزيرته طوال 40 عامًا، إننا نتبادل الحديث مرة كل عام فقط. إنه سعيد جدًا."

تبهر الجزر أيضًا ذاك الذي ينشد البقاء، أو الذي يتوقع الكوارث، أو الذي يستحسن الطبيعة، أو كان متحررا، مثل أولئك الذين، لأسباب عقدية أو تتعلق بالثروة، يأبون الانصياع لأنظمة الدولة. في عام 2008، أنشأ باتري فريدمان، وهو مهندس في شركة غوغل، مؤسسة Seasteading، التي تهدف إلى إنشاء مجتمعات مستقلة على جزر اصطناعية عائمة بوصفها تجربة تحاكي أوجهًا حديثة من الحوكمة. لم يحالف أيٌ منها نجاحًا حتى الآن (في إحدى الحالات اللافتة العام الماضي، فرّ متداول في عملة بيتكوين الافتراضية من منزله العائم قبالة ساحل جزيرة بوكيت عقب توجيه الحكومة التايلاندية اتهامًا له بجريمة الإساءة إلى الأمن الوطني التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام). لكن جاذبية الجزر بوصفها ملاجئ مثالية بلغت حدًا كبيرًا.

يقول مالك جزيرة بلو آيلاند: "يبقى خطر وقوع شيء مثل الجائحة الحالية مرة أخرى احتمالاً مرتفعاً للغاية. حين يداهمك الخطر، فأنت بحاجة إلى مسكن لطاقم العاملين، ودار ضيافة، ومنزل رئيس مجهز تمامًا. أنت بحاجة ألا تذهب إلى مكان آخر لتشتري طعامًا أو وقودًا." إن الدافع الآخر، بحسب ما يعتقد، هو حدوث اضطراب أهلي. وفي ذلك يقول: "إنني أتفهم حملة حياة السود مهمة وأدعمها، لكنها تجعل كثيرا من الناس يشعرون بالتوتر عندما يشهدون أعمال شغب. إن مزيدًا من الناس يشترون الذهب. ويحتفظ جاري بمؤونة من المياه والطعام المعلّب في قبو منزله تكفي ستة أشهر."

يقول فلادي إن من يشترون الجزر يميلون إلى أن يكونوا "من ذوي النزعة الفردية، ويتمتعون بدرجة ذكاء فوق المتوسط، ويضعون الطبيعة نصب أعينهم. هؤلاء الناس يريدون أن تكون لديهم السيطرة. إنهم يستحسنون الشعور بالاكتفاء الذاتي، وألا يكون لهم جيران."

أحد الأمثلة النموذجية على ذلك هو مشترٍ جديد في جزيرة بولينيزيا الفرنسية. وفي ذلك يقول مناحيم: "لقد بعت جزيرة مقابل نصف مليون دولار لمواطن أمريكي من منطقة ليك تاهو. إنها أرض بكر، وقصية للغاية، وليس فيها مهبط للطائرات، والذهاب إليها يُعد رحلة استكشافية حقيقية. إن كل ما فيها أشجار جوز الهند وكثير من البعوض."

تجتذب الجزر أولئك الناجحين في أعمالهم، وفي ذلك يقول ستيف دونوفان، الوسيط الذي يتولى بيع جزيرة بلو آيلاند: "بطبيعة الحال، إن شخصًا لديه القدرة على شراء جزيرة خاصة يكون قد تغلّب على كثير من التحديات واقتنص فرصًا في الحياة. يطيب لهؤلاء أن يبسطوا سيطرتهم."

 

جزيرة بلو آيلاند في الباهاما هي الجزيرة الخاصة الوحيدة في الكاريبي التي تتميز بمدرج طويل للطائرات.

Sotheby’s Realty
جزيرة بلو آيلاند في الباهاما هي الجزيرة الخاصة الوحيدة في الكاريبي التي تتميز بمدرج طويل للطائرات.

مخاطر الجزر القصية

إنهم يستحسنون أيضًا معرفة المخاطر. لعل السؤال الأول الذي يطرحه مشترون محتملون، بحسب دونوفان الذي يقول إنه شهد مؤخرًا زيادة الاهتمام بالملكية التي تبلغ مساحتها 700 هكتار، هو إذا ما كان استثمارهم عرضةً لأن يُباد بأكمله بفعل إعصار ما. يستند ذلك التهديد تحديدًا إلى حد ما على الموقع. فقد تكبدت جزر أباكو الواقعة عند حرف المحيط الأطلسي لجزر البهاما، أضرارًا جسيمة جراء إعصار وقع في العام الماضي. تقع جزيرة ليتل بايب كاي وجزيرة بلو آيلاند في أرخبيل إكزوما، وهي مجموعة جزر محمية نسبيًا، وتوجد فيها أيضًا جزيرة ليتل هولز بوند كاي التي يملكها الفنان جوني ديب.

يقول مورغان: "لحسن الحظ، لا تتعرض جزر إكزوما عادة لظروف بالغة السوء، فهي على مشارف الطوق الداخلي، والمياه ضحلة جدًا، لذا فإن اشتداد العاصفة ليس خطرًا داهمًا. لكن عليك التفكير في حال الطبيعة. كيف سيؤثر الملح والبحر في المناظر الطبيعية، والبنية التحتية، وتمديدات الأسلاك الكهربائية، وبلاط الأسطح؟"

يقول فلادي إنه لينبغي لكل مشترٍ افتراض أن كل التكاليف، بدءًا من التشييد، حتى الإصلاحات والإمدادات، ستكون أعلى بما نسبته 25% إلى 30% مما هي عليه في البر الرئيس. إذ بالإضافة إلى المرافق المعتادة في منزل لقضاء العطلات، قد تحتاج إلى أن تأخذ في الحسبان تحلية المياه، والصرف الصحي، والكهرباء. ثم، هل ستحتاج إلى منصة هبوط طائرات؟ وطائرة مائية؟ وكم عدد القوارب؟ تشمل تكاليف التأمين الفيضانات والأضرار الناتجة عن الأعاصير، ونزع الملكية، في حال لجوء الحكومة المحلية إلى مصادرة أرضك بغرض الاستخدام العام.

يقول مناحيم: "ينبغي لك أن تفكر، لا أن تحلم. فأنت تحتاج إلى ميزانية صيانة ضخمة، وعامل صيانة موجود في الموقع، وإلا فإن استقدام عامل ما بالطائرة في كل مرة يتعطل فيها شيء سيكلفك مالاً كثيرًا. أنت بحاجة إلى شراء زوج من كل شيء ليكون لديك نسخ احتياطية، ويجب أن يكون لديك مساحة لتخزين كل شيء."

يقول مالك جزيرة بلو آيلاند، الذي اشترى وباع خمس جزر من جزر البهاما (تمتلك عائلته أيضًا حصة في جزيرة اسكتلندية): إن الاستثمار الذي لا غنى عنه يتمثل في مدير متمرس للجزيرة للإشراف على بناء "المنازل ومحطات توليد الطاقة والمرافئ والمناظر الطبيعية" وصيانتها. كان أكثر ما تكبده من نفقات في دفعة واحدة في جزيرة بلو آيلاند هو تشييد مدرج من الأسفلت يبلغ طوله 5,700 قدم، يُعد هو المهبط الوحيد للطائرات على جزيرة خاصة في الكاريبي. وفي ذلك يقول: "كان لدينا 40 رجلاً يعملون على تشييد المدرج، وكان علينا أن نبني مساكن لهم جميعًا."

جزيرة موتو موي، تبلغ مساحتها 20 هكتارًا في بولينيزيا الفرنسية، وهي معروضة للبيع من قبل شركة تسويق العقارات سوذبيز إنترناشيونال ريلتي مقابل مبلغ 6.5 مليون دولار.

Sotheby’s Realty
جزيرة موتو موي، تبلغ مساحتها 20 هكتارًا في بولينيزيا الفرنسية، وهي معروضة للبيع من قبل شركة تسويق العقارات سوذبيز إنترناشيونال ريلتي مقابل مبلغ 6.5 مليون دولار.

تكاليف باهظة

تبلغ تكاليف التشغيل السنوية لجزيرة ليتل بايب كاي، المنزل السابق لمايكل دينغمان، وهو ملياردير من رجال الصناعة، نحو 1.5 مليون دولار لتشغيل خمسة منازل وقرية كبيرة للعاملين. يقول مورغان: "إنها ليست زهيدة، لكنها ربما أقل تكلفة من امتلاك يخت فاخر. يمكنك أن تأتي ومعك فرشاة أسنان فقط ومن ثم تلج إلى منظومة متكاملة." ويضيف: إن مشاهدة سير العمل من وراء الستار "أشبه باعتلاء سطح سفينة حربية."

يضحي كثير من المالكين، من أجل استرداد قليل من نفقاتهم، ببعض خصوصياتهم التي يعتزون بها ويعرضون جزرهم للإيجار. في جزر إكزوما، يمكن استئجار جزيرة Over Yonder Cay لاستضافة اثني عشر شخصًا مقابل 44 ألف دولار في الليلة، وذلك من مالكها الممول، ذي القبعة، إد بوسارج، من تكساس. يتقاضى ريتشارد برانسون مبلغ 102,500 دولار لقاء ليلة واحدة في جزيرة نكير آيلند (تتسع لما مجموعه 40 شخصًا)، والتي اشتراها في عام 1979 مقابل 120 ألف دولار. إذا ما رغب حاكم جزيرة ليتل بايب كاي مستقبلا كسب بعض المال الإضافي، فباستطاعته أن يتقاضى مبلغًا يراوح بين 50 ألف دولار، و80 ألف دولار في الليلة الواحدة، بحسب تقديرات مورغان.

فيما يخص العائد على الاستثمار، قد يكون من الحكمة قياس العوائد مقارنة بمخصصات أسلوب الحياة، إذ إن جزيرة خاصة ليست بالتأكيد من الأصول المضمونة. يقول مالك جزيرة بلو آيلاند: "إن وجهة نظري فيما يخص جزر البهاما أنه عادة ما يكون باستطاعتك بيع جزيرة ما في غضون فترة تراوح بين سنة إلى عشر سنوات."

 

"لقد بعت جزيرة مقابل نصف مليون دولار لأمريكي من منطقة ليك تاهو. إنها أرض بكر، وقصية للغاية، وليس فيها مهبط للطائرات، والذهاب إلى هناك يُعد رحلة استكشافية حقيقية. كل ما فيها أشجار جوز الهند وكثير من البعوض"

مكاسب جيدة

بحسب مورغان، يميل أولئك الموجودون في السوق من أجل مساكن راقية وجاهزة للتسليم للنظر إليها بوصفها مكونات محفظة استثمار قد تزخر بأحجار ألماس، وقطع فنية. وفي ذلك يقول: "تحقق معظم هذه الأصول الراقية مكاسب على نحو جيد للغاية وتجني عوائد ضخمة." وبينما قد يكون متحيزًا، إلا أنه يصنف جزيرة ليتل بايب كاي بأنها "أفضل الأصول في فئتها،" بما يعادل قيمة "عشرات المنازل في سان-جان-كاب-فيرا Saint-Jean-Cap-Ferrat التي قد يبلغ سعرها أكثر من 100 مليون دولار، أو شقة علوية في موناكو، أو ربما منزل في مدينة البندقية يتمايز بلوحات فنية مجصّصة تزين السقف ومدرجة على لائحة المحفوظات."

لمَن لديهم ميزانية أقل، فإن امتلاك جزيرة خاصة قد يبدو عبئًا. هذه وجهة نظر ديفيد فوربس، رئيس مجلس إدارة شركة Savills Private Office، وهي قسم الوساطة العقارية العالمية الذي يتعامل مع زبائن ذوي أرصدة مالية كبيرة. وفي ذلك يقول: "عرضت للبيع، على مدى 40 عامًا من صفقات البيع الراقية، كثيرًا من جزر خاصة لكني لم أستطع بيع واحدة منها قط. إنها استنزاف مالي محض. هل لك أن تستأجر جزيرة لمدة شهر؟ نعم، هذا رائع. هل لك أن تتملكها؟ لا، شكرًا."

خلال رحلة إلى جزيرة موستيك في شهر فبراير شباط المنصرم، اتصل أحد الزبائن بفوربس وطلب معاينة جزيرة في مناطق قريبة. وفي ذلك يقول فوربس: "صحبته في جولة حول الجزيرة، وأصبنا بعدد لا يحصى من لدغات البعوض. لكنه خلص إلى أنه لا يريد حقا أن يصرف أموالاً على تعبيد طرق، ولا يريد أن يتفاوض مع حكومة سانت فنسنت حول معالجة أمور الكهرباء والمياه والصرف الصحي. إذ ما بدا وكأنه ملكية عقارية زهيدة الثمن، ظهر أشبه باقتراح مكلف على المدى الطويل."

 

تتفرد جزيرة موتو موي (ومعناها الجزيرة القصية بلغة أهل تاهيتي) ببيئتها الاستوائية البكر وشواطئها الرملية البيضاء، وتُعد ملاذا مثاليا للاسترخاء في عزلة تامة.

تتفرد جزيرة موتو موي (ومعناها الجزيرة القصية بلغة أهل تاهيتي) ببيئتها الاستوائية البكر وشواطئها الرملية البيضاء، وتُعد ملاذا مثاليا للاسترخاء في عزلة تامة.

 

أرض بكر

لا يحتاج بعض الناس إلى عبور محيطات للعثور على ملاذاتهم المنعزلة المنشودة. في شهر يوليو تموز، اشترت إميلي بيكر وزوجها جزيرة مساحتها خمسة هكتارات عند مصب نهر أنكلوت في ولاية فلوريدا مقابل 500 ألف دولار، بعد أن رأتها مدرجة من قِبل شركة الوساطة Private Islands Inc عبر الإنترنت. لطالما كان لدى الزوجين، اللذين يديران شركة تسويق رقمي في البلدة القريبة تريجر آيلاند، بحسب ما يقول بيكر "شغف امتلاك جزيرة خاصة بنا في يوم ما. لقد كنا دومًا منعزلين نوعًا ما، وأردنا أن نكون بعيدين، لا أحد يتجول حولنا. أردنا أرضا بكرا يمكننا أن نجعلها خالصة لنا."

بعد البحث والادخار لعقد من الزمن، وجدت إميلي بيكر وزوجها جزيرة سانسيت كي. وفي ذلك تقول إميلي: "ما إن جذبنا قاربنا ليرسو على اليابسة، شعرنا وكأننا توم سوير. فقد كانت الجزيرة هادئة وساكنة، غابة محضة فحسب. وكأن أي شيء هناك، أو لا شيء هناك. كانت بكرًا لم تُمس."

يتوقع الزوجان أن ينفقا حوالي مليون دولار على مدى عامين في إنشاء رصيف ومرافق بالإضافة إلى بناء منزل لهما. يأمل الزوجان، فيما بعد، إضافة دور ضيافة للعائلة. تقول إميلي: "إننا نبحث أمر إقامة أجنحة للحموات." إنها تتوقع تكاليف تأمين وصيانة عالية، وفي ذلك تقول: "هذا لأنك لا تستطيع ببساطة أن تهرع إلى متجر هوم ديبو." في النهاية، يود الزوجان إدارة عمل صغير من الجزيرة، مثل سوق مزارعين، أو حتى ركن لاستقبال القوارب المارة.

لو كان لعزلة قصيرة أن تفي بالغرض منها، فإن العقارات يمكن استئجارها على مسافة غير بعيدة من المدن الكبرى. تقع جزيرة جورج وأمل كلوني الخاصة في نهر التيمز، والتي هي عرضة للفيضانات، على مشارف ريدينغ، وهي بلدة سكنية على مسافة 40 ميلاً غرب لندن. أما في منطقة نهر هدسون، على مسافة 100 دقيقة بالقطار شمالاً من محطة غراند سنترال، فتقع جزيرة صغيرة متكاملة مع منزل وجسر مشاة، وهي مطروحة للبيع بثمن 1.995 مليون دولار. عاش البائعون هناك لنحو 50 عامًا، واهتموا بأراض تنمو فيها أشجار كثيفة، حيث تجثم النسور فوق الأشجار التي تعزل المنزل الذي تزينه أربع غرف نوم عن البر الرئيس وعن مسارات القطارات القريبة، بينما تطل نوافذ كبيرة على النهر. وفي ذلك تقول ميليسا كارلتون، من شركة هوليهان لورانس للوساطة: إن واجبات المالك الجديد تشتمل على منع "الإوز والقنادس من الوصول إلى الشاطئ."

 

"ما إن جذبنا قاربنا ليرسو على اليابسة، شعرنا وكأننا توم سوير"

 

يتطلب الأمر مزيدًا من الجهد فيما يخص جزيرة إنشكوناتشان Inchconnachan، وهي جزيرة مغطاة بأشجار البلوط تبلغ مساحتها 103 هكتارات في بحيرة لوموند، على مسافة 30 ميلاً شمال غلاسكو في اسكتلندة. إنها جزيرة يملكها نبلاء اسكتلندة منذ القرن الرابع عشر وغير مأهولة منذ 20 عامًا، وقد طرحت للبيع في شهر يوليو تموز بثمن يبلغ حوالي 649 ألف دولار، بهدف تحفيز عطاءات تنافسية. وفي ذلك يقول كاميرون إيور، رئيس المبيعات السكنية الاسكتلندية في شركة سافيلس: "كان كثير من الناس حبيسي منازلهم جراء الإغلاق وفي أمسّ الحاجة إلى فسحة وريف. لكن الاستجابة فاجأتنا جميعًا. فقد انهالت علينا مكالمات من بعض الأماكن البعيدة للغاية."

تصف قاعدة بيانات العقارات المعروضة للبيع والشراء هذا الكوخَ القائم منذ عشرينيات القرن المنصرم بأنه "مهجور" لكنها تنصّ على أنه جرى الحصول على موافقة لمخطط ملاذ بديل، ومرآب لقارب، ورصيف. سيحتاج المالك المقبل أيضًا إلى تركيب أنظمة جديدة للصرف الصحي والمياه والطاقة، إذ على الأرجح، كما يقول إيور، أنه سيلجأ إلى استخدام الكوخ منزلاً للعطلات. وفي ذلك يقول إيور: "إن أي شخص عاقل سوف يلجأ إلى تأجيره. لا يستطيع العيش طوال الوقت في وسط بحيرة لوموند سوى قلة من الناس. إنه أمر مضنٍ بعض الشيء أن تضطر إلى ركوب قارب في كل مرة ينفد فيها الحليب."

لكن لكثير من الناس، فإن هذا الاحتياج إلى الاكتفاء الذاتي هو تحديدًا ما يجذبهم. إن العزلة والاستقلالية هما الهدف، وليس التضحية. سواء أكانت جزيرة مرجانية يحفّها نخيل أم صخرة شمالية باردة، فإن إغراء الجزيرة الخاصة هو نفسه: أنك أنت سلطان مكانك.