تجسد جزيرة دومينيكا الخلابة والخالية، على نحو يحمد، من المراسي والإعمار المفرط، كل ما ترغب في أن تكون عليه بقعة بكر غير مستكشفة. لا عجب إذًا أن يتردد أصحاب اليخوت عن البوح بسرها.

 

قبل ستة عشر عامًا، كان هوبرت ونستون يقف عند شاطئ في خليج برنس روبرت في جزيرة دومينيكا، يراقب مجموعة من اليخوت تبحر بعيدًا في الأفق. في ذلك يقول ونستون، الذي عاد إلى الجزيرة قادمًا من ولاية فلوريدا: "بدت اليخوت وكأنها أسطول. كانت تبحر بين جزر مارتينيك وغوادولوب، لكن لم يتوقف واحد منها هنا على الإطلاق. لم أتفهم ذلك. كان لدينا كثير لنقدمه."

عُدت الجزيرة الجبلية اليانعة وجهة ملغاة تمامًا من قوائم اليخوت الفارهة، نظرًا لعدم توافر مراسٍ أو مطار دولي. كان القباطنة يحجمون عن المغامرة بالإبحار إلى دومينيكا خشية التعرض لأعطال في المحرك أو عدم العثور على مرسى لائق. كانوا يفضلون زيارة جيرانها من الجزر الفرنسية، حيث تتوافر المراسي، بدلاً من الرهان على المجهول الفاتن كما بدت الجزيرة الخضراء من بعيد.

سر دفين

لا تزال دومينيكا، حتى الآن، سرًا دفينًا بين أصحاب اليخوت الفاخرة. فقد اتضح أن الطواقم- هم كالعادة شباب متحمسون ومغامرون- بدأوا في ارتياد الجزيرة للراحة والاستجمام، ثم ما لبثوا أن أخبروا أرباب أعمالهم عما يتمايز به ذلك الفردوس البكر. تزهو الجزيرة، التي سُميت "نيتشر آيلاند" أو جزيرة الطبيعة، بثروة طبيعية من تضاريس جبلية، وغابات مطيرة، وبراكين خامدة، وشعاب مرجانية ساحلية يعز نظيرها في منطقة البحر الكاريبي. يبدي السكان المحليون الترحيب الأصيل نفسه- مشوبًا بقليل من الحذر - وهو ما اعتدته في جزر أخرى منذ ثلاثين عامًا، قبل أن يتبخر مع التطور الحديث وطفرات ازدهار سوق الأسهم. لم يغزُ دومينيكا أحد من رواد الإعمار السكني، وذلك بسبب صعوبة الوصول إليها إلى حد ما. 

جسدت تلك الوجهة النائية في أقاصي السكينة أنشودة تخاطب اليخوت الفارهة، التي تحتشد عادة في خليج برنس روبرت وفي مراسٍ أصغر حجمًا وأكثر أنسًا، حيث المراكب الأخرى فيها لا تعدو كونها عددًا قليلاً من زوارق شراعية وأسطول صيد محلي، بهياكله الخشبية ذات الألوان الزاهية.

استعمر الفرنسيون الجزيرة التي أطلق عليها كريستوفر كولومبوس اسم دومينيكا، ثم تناوبت فرنسا وإنجلترا على بيعها وشرائها تداولاً بينهما على مدى القرن الثامن عشر. لا تزال آثار الفرنسيين ماثلة، على الرغم من أن القلاع القليلة المشيدة بمحاذاة المياه بناها البريطانيون لصد الهجمات الفرنسية. حصلت الجزيرة على استقلالها الكامل عن المملكة المتحدة في عام 1978. على الرغم من أن قيمة الجزيرة تنبع من جودة ثمارها من الموز والغريب فروت والبرتقال، إلا أنها تبقى جَنة بكرًا ساحرة. قد تبدو عبارة "سحر ريفي" نمطية، غير أنها تصف الجزيرة على نحو متقن. إذ إن مقاهي الواجهة البحرية التي تحظى بأسماءً مثل Keepin 'it Real و Cocoyea تقدم مأكولات بحرية جرى اصطيادها من خلجان قريبة، بالإضافة إلى عصائر فاكهة استوائية طازجة قطفت من قريب. جرى تصوير مشاهد من فيلم قراصنة الكاريبي على امتداد الجزيرة وذلك لما تتحلى به من جمال مذهل.

وفي ذلك تقول جينا روبرتسون، وسيط لتأجير اليخوت لدى شركة فريزر ياختس Fraser Yachts، في إشارة إلى تجارب ملؤها المغامرة تشمل الجدف بالقوارب، وقطع المسارات الطبيعية مشيًا على الأقدام: "تلائم دومينيكا نوعًا معينًا من الزبائن الذين يعشقون اختبار الطبيعة عن كثب وعلى نحو شخصي." لعل ما يرجح كفة دومينيكا، هو أن الأمر لم يعد مثل السابق. وفي ذلك تقول جينا روبرتسون: "في الوقت الراهن، لا يرغب المستأجرون في رحلات تقليدية قصيرة، وكثير منهم يفضلون رحلات طويلة، لذا سيستمتعون بمزيد من الوقت لاستكشاف الجزر عن كثب." 

فيلا زابوكو هونيمون عند خليج سيكريت، تنبسط أعلى رأس جرف منحدر.

Dominica
فيلا زابوكو هونيمون عند خليج سيكريت، تنبسط أعلى رأس جرف منحدر.

مجتمع اليخوت الفاخرة

كان أندرو كوبرا أوبراين أحد الرواد الذين قدّموا دومينيكا إلى مجتمع اليخوت الفارهة. إذ أسّس، من باب التنافس مع الجزر الأخرى التي تتوافر فيها مراس عامرة تتيح كل سبل الراحة، شركة كوبرا للسياحة وخدمات اليخوت Cobra Tours & Yacht Services، موفرًا الوقود، والمؤن، والخدمات الميكانيكية، وكذلك التخليص الجمركي وجولات خاصة في الجزيرة. كان لشركة كوبرا تورز دور مهم في فتح أفق دومينيكا عبر إظهار أن الملاحين سيحظون برعاية جيدة، بالرغم من عدم توافر حوض خاص للسفن. وفي ذلك يقول: "اعتدنا الذهاب إلى عروض اليخوت في موناكو وفورت لودرديل لترويج دومينيكا بوصفها وجهة رائعة." انضمت شركته إلى مجموعات احترافية، تشمل جمعية اليخوت الفارهة الدولية International Superyacht Society، للإسهام في تعزيز سمعة الجزيرة بين وسطاء التأجير. ويضيف: "كان الموسم الماضي الأفضل لدينا على الإطلاق فيما يتعلق باليخوت فائقة الأداء. لقد تولينا خدمة 30 يختًا أو 40 يختًا." يقول أوبراين إن الضيوف يأتون، في كثير من الأحيان، بعد أن يكتفوا من التسوق ومن المطاعم الراقية في أنتيغوا وسانت بارت. وفي ذلك يقول: "إن ما نسبته 95% من اليخوت باتت تقصد دومينيكا. إنها وجهة آسرة."

ظهرت عدة شركات أخرى من تلك التي تزود السفن الزائرة، من بينها شركة ونستون لخدمات اليخوت في دومينيكا. أدرك ونستون، الذي عمل في مجال الصناعة البحرية في ولاية فلوريدا، وغيره، قبل أن يعود إلى موطنه، أدرك وجود سوق غير مستثمرة بعد. وفي ذلك يقول: "لم يكن هناك تواصل آنذاك، لكننا عرفنا بصيتها من عالم اليخوت. لقد غيرنا الفكرة برمتها فيما يتعلق بالمكوث مدة في دومينيكا."

جذبت الجزيرة، منذ ذلك الحين، يخت أوكتوبوس Octopus البالغ طوله 414 قدمًا والذي يعود إلى بول ألين، ويخت أوكتوبوس بلانيت ناين Octopus Planet Nine الذي يعود إلى نات روتشيلد، وكذلك يخت موتور يخت إيه Motor Yacht A البالغ طوله 390 قدمًا والذي يعود إلى أندريه ميلينتشينكو، بالإضافة إلى يخت فينوس Venus الذي يعود إلى ستيف جوبز، وآخرين غيرهم. كما شوهد بيل غيتس، وروبرت دي نيرو، وإدوارد نورتون على متن زوارق الخدمة السريعة التي تعود إلى يخوت فارهة في خليج برنس روبرت. أما المنتجعات الراقية، التي تزدان برصيف مطل على خليج دوغلاس، ومن بينها منتجع سيكريت باي، ومنتجع كابريتس ريزورت أند سبا & Spa Cabrits Resort، فقد شرعت أبواب مقاهيها ومطاعمها لأصحاب اليخوت الفارهة. 

مسبح فيلا زابوكو الخاص من طراز غائص ومرش ماء خارجي.

Dominica
مسبح فيلا زابوكو الخاص من طراز غائص ومرش ماء خارجي. 

كان ذلك بالطبع فيما قبل الجائحة العالمية. تغيرت القواعد، إذ بات من المطلوب تقديم فحص كورونا PCR بنتيجة سلبية خلال مدة تراوح ما بين 24 ساعة إلى 72 ساعة قبل الوصول. كما أن الضيف يخضع أيضًا لفحص سريع عند الوصول، وينبغي أن تكون النتيجة سلبية ليتمكن من الدخول. ثم ينبغي للزائر التزام الحجر الصحي في مكان مخصص من قبل الحكومة، وإجراء فحص آخر في اليوم الخامس. إذا ظهر أن النتائج سلبية، فإن الضيف يصبح حراً في أن يذهب إلى أي مكان. فيما يتعلق بأصحاب اليخوت أو الضيوف الزائرين المقيدين بجدول زمني، يشكل البقاء على متن اليخت لمدة ستة أيام بداية محبطة، خصوصًا في ظل تلك الخلفية المذهلة و التي لا يمكن الاقتراب منها. لكن فكرة الحجر الصحي في دومينيكا تُعد غير صارمة تمامًا كما في أماكن أخرى. وضعت السلطات برنامج "آمن في الطبيعة"، حيث يمكن للزوار الإقامة في بعض المنتجعات الأكثر تميزًا في الجزيرة، ومشاهدة المعالم السياحية المعتمدة (الأفضل في الجزيرة) برفقة مرشد خاص معتمد بشهادة خلو من الإصابة بالجائحة العالمية. ليست كل المنتجعات تسمح للضيوف بالتجول خارج الملكية، لكن المنتجعين حيث أقمت، وهما منتجع سيكريت باي في الجهة الشمالية، ومنتجع جنغل باي ريزورت آند سبا في الجهة الجنوبية، يسمحان بذلك. لم أتمكن من التحرك بحرية نسبية في محيط الجزيرة فحسب، بل تنقلت أيضًا بين المنتجعين على مدى الأيام الستة.

تبقى دومينيكا، سواءً مع وجود الجائحة أو عدم وجودها، جزيرة غير مستكشفة إلى حد كبير مقارنة بـالجزر المكتظة بالقوارب. في ظل مساحة من التلال والجبال تبلغ 260 ميلاً مربعًا، وغالبية سكانها البالغ عددهم 74 ألف نسمة يعيشون على الساحل، فإن معظم المناطق الداخلية إما ريفية أو غير مطورة. وفي ذلك يقول ونستون: "طاف الجميع على جزر فيرجن آيلاندز البريطانية. لدينا شيء مختلف، شيء مميز. يقع الضيوف مباشرة في حب السكينة التي ننعم بها."

فيما يخص اليخوت، يتركز النشاط في الأطراف الشمالية والجنوبية. توفر الخلجان عند الجانب الشمالي من الجزيرة مياهًا بلورية صافية، ومراسي فسيحة، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى بلدة بورتسماوث على متن زوارق الخدمة السريعة. غالبًا ما ترقى الخلجان إلى مستوى أسمائها. يرقى خليج سيكريت، بشاطئيه وشعابه المرجانية الملونة بالأسماك الاستوائية، إلى اسمه حقًا. مع أنه قريب جدًا من خليج برنس روبرت الأكثر ازدحامًا، يميل القباطنة إلى تجنبه بسبب الرياح المتقلبة، والرسو بدلاً من ذلك على حافته، ثم استخدام زوارق الخدمة السريعة.

جزيرة دومينيكا عامرة بمواقع غوص متفردة.

Dominica
جزيرة دومينيكا عامرة بمواقع غوص متفردة.

إطلالات طبيعية آسرة

يحاذي الطريق، شمال خليج برنس روبرت، مجموعة من الخلجان: دوغلاس، وتوكاري، ومارسو، وكونور، التي تبرز بوصفها مراسي مثالية، وتزخر بوجهات داخلية، مثل ينابيع الكبريت الباردة (فوهة بركان خامدة تنبعث منها مياه بلون الكراميل مشبعة بالكبريت)، وبركة شوديار، التي يبلغ عمقها 30 قدمًا أسفل شلال، وتُعد من بين عجائب الشمال الطبيعية. ركبنا سيارة ذات دفع رباعي واتجهنا صوب طرق جبلية ضيقة صعودًا نحو بلدة شوديار، ومررنا خلالها بمزارع صغيرة للأناناس وجوز الهند. تصادفك في ثنايا كل زاوية هناك إطلالة أخاذة للمحيط.

تتمتع دومينيكا، من حيث كونها جزيرة صغيرة نسبيًا، بتضاريس متنوعة. يشبه نهر إنديان أحد روافد الأمازون إذ يزهو بماء أجاج يتدفق ببطء، ويزدان بغطاء نباتي على ضفافه. أمضيت بضع ساعات مع المرشد فاير، رجل في الخمسينيات من عمره، أجدف باتجاه المنبع على متن قارب صنع يدويًا من الخشب باللون الأحمر والأصفر والأخضر. يسرد فاير أسماء كل شجرة وزهرة تقريبًا باللغة الإنجليزية، والكريولية، والفرنسية. عندما وصلنا إلى القمة، توقفنا عند مزرعة كبيرة، كانت هناك لافتة معلقة على المقهى الخالي مكتوب عليها: يتوقف الزمن ساكنًا عند مقهى الأدغال. كان هذا هو الشعور الذي انتابني طوال الأسبوع.

 

المنتجع الصحي المكشوف غومييه سبا في خليج سيكريت يطل على متنزه كابريتس الوطني.

Dominica
المنتجع الصحي المكشوف غومييه سبا في خليج سيكريت يطل على متنزه كابريتس الوطني.

يشكل عدد الأجانب الذين يزورون دومينيكا جزءًا ضئيلاً من عدد الزائرين في موسم عادي، لذلك يبدو الأمر وكأنني أحظى بالنهر- وبكل شيء آخر تقريبًا- لنفسي. تتوافر في منتجع سيكريت باي، كونه يعنى بالتركيز على الخصوصية، 10 فيلات فقط، تحظى جميعها بإطلالة على المحيط، خضت تجربة طهي خاصة بصحبة الطاهي فابيو فرنانديز. إنه الطاهي التنفيذي الرئيس في المنتجع وهو من مواطني لشبونة، وتدرب في مطعم حائز نجمة ميشلان في البرتغال، وعمل لدى مطاعم حازت جوائز في النمسا وإفريقيا والمملكة المتحدة. يُجهز فرنانديز قوائم الطعام اليومية في حضوري، حيث أتناول العشاء وحدي في الشرفة المكشوفة الخاصة بمطعم زينغ زينغ. إنه يستخدم التونة وسمك الكنعد من مصادر محلية، بالإضافة إلى خضراوات طازجة من المزرعة إلى المائدة، حيث يرتقي بها إلى مستويات عدة، مبتدعًا طرق تقديم مبتكرة وخلطات لمكونات غير مألوفة. أما طبقه المميز، زيرو مايلز تونا، المحضر من مكونات مستدامة، فيمزج بين أسماك سوشي طازجة، ومستحلب شادو بيني، وهلام المانجو والزنجبيل، بالإضافة إلى هريس اليقطين. 

يتمايز الجزء الجنوبي من الجزيرة بوفرة المياه، حتى في عمق اليابسة. كما أن شلالات ترافالغار، وتيتو جورج، وبحيرة بويلِنغ تستهوي هواة التصوير، بينما تبرز الزاوية الجنوبية الغربية بوصفها واحدة من أعلى مواقع الغوص والغطس تصنيفًا في العالم. أما المنطقة الواقعة جنوب شاطئ شامبين وصولاً إلى ذراع الأرض المحمي في منطقة سكوتس هيد فهي تمثل جزءًا من محمية Soufrière–Scott’s Head Marine Reserve، ولذا ينبغي لليخوت أن ترسو شمالاً في لانز باتو. ينبغي للزوار أيضًا الاستعانة بمرشدين محليين لممارسة الغوص والغطس. تشكل المحمية في الغالب ملاذًا لأسماك الشعاب المرجانية، لكن مجموعات من الدلافين وحيتان العنبر ترتادها من حين لآخر.

 

 

شاطئ باتيبو بيتش، تحوطه مظلة من أشجار جوز الهند، يلقى رواجا لممارسة رياضة السباحة والغطس.

Dominica
شاطئ باتيبو بيتش، تحوطه مظلة من أشجار جوز الهند، يلقى رواجا لممارسة رياضة السباحة والغطس.

"%95 من اليخوت باتت تقصد دومينيكا. إنها وجهة آسرة."

مواقع غطس مميزة

يقول ويفرز جولز، المرشد المرافق لي من منتجع جنغل باي، والذي يعمل مدربًا محترفًا للغوص في دومينيكا منذ 20 عاما: "في الأحوال الجيدة، يكون مستوى الرؤية واضحًا على عمق 80 قدمًا تحت سطح الماء." بعد أن عبرنا واجهة بحرية من فورنا، ظهرت مياه شعاب شامبين المرجانية موحلة وعكرة وهي عادة ما تكون نقية- سميت بهذا الاسم كون الغازات البركانية التي تُنفث من خلال الشقوق تشكل فقاعات- ما جعلنا نجدف بالقوارب باتجاه لابيم، أو آبيس، أسفل قمة ويتشس بوينت، إلى حيث تتحول الشعاب المرجانية الممتدة على طول الخط الساحلي مُشكّلة جدارًا عموديًا يهوي إلى عمق ألف قدم. المياه باردة والرياح تحرفنا بعيدًا عن الشاطئ بعض الشيء، لكن الزعانف تدفعني عبر الشعاب المرجانية. تسبح من حولنا أسراب من أسماك الرقيب، والطبيب، والملاك، وثعابين الموراي المرقطة، بينما تهرب أسماك الراي اللاسعة إلى أعماق المحيط. على مسافة أقل من مائة متر، هناك مجموعة تُمارس الغوص الحر.

يقول جولز، الذي أشرف على آلاف الغطسات، إنه لا يمل من الحياة البحرية في خليج سوفريير، وهو الخط الفاصل للجزيرة بين البحر الكاريبي الهادئ والمحيط الأطلسي الأكثر ضراوة. ضمن حيز صغير نسبيًا، تتيح محمية سوفريير-إحدى مواقع التراث العالمي في قائمة منظمة اليونسكو- تنفيذ ست غطسات من مواقع غطس من الطراز العالمي، مثل موقع غطس سكوتس هيد بيناكل، الذي يبدأ من تكوين صخري يُسمى سويس تشيز، وينتهي إلى فوهة بركانية تنحدر إلى عمق 2000 قدم باتجاه المركز. يقول جولز: "هناك مئات من أسماك الجُندي عند المدخل. عند انعطافك إلى الجوانب، هناك كركند وثعابين في شقوق الجدران." على الحافة الشمالية من فوهة سوفريير، هناك خمس قمم تحت الماء تسمى دانغلبينز بيناكلز تؤوي كثيرًا من أسماك الشعاب المرجانية، وتتيح النظر أيضًا إلى سلاحف وأسماك مختلفة.

خليج برنس روبرت، عند الساحل الشمالي الغربي للجزيرة. إنه مرسى شهير.

Dominica
خليج برنس روبرت، عند الساحل الشمالي الغربي للجزيرة. إنه مرسى شهير.

يحظى الجانب الأطلسي من دومينيكا بمزيد من مواقع الغوص، من بينها موقع قمة الجبل المذهلة ماونتن توب، أما الطرف الشمالي للجزيرة فيحوي ما يقرب من اثني عشر موقعًا آخر، من بينها موقع يُسمى إيليفانت آس، وهو موقع بالغ العزلة حتى إن معظم السكان المحليين يجهلونه. تتوافر أيضًا فرص للسباحة إلى جانب حيتان العنبر. أصبح من الممكن أن تقتصر فترة الانتظار المعتادة التي تصل لما يقرب من ثلاث سنوات لخوض هذه التجربة إلى نحو بضعة أسابيع، نظرًا لإلغاء حجوزات بسبب الجائحة العالمية.

بعد الغطس، عدت إلى منتجع جنغل باي، ملاذي عند الحد الجنوبي من الجزيرة. إنه منتجع صديق للبيئة تزينه فيلات خاصة مشيدة من الخشب والحجر المحلي، وتزهو بصالتين لممارسة رياضة اليوغا، ومطعم يطل على صفحة الماء، إلى جانب ناد صحي مصمم على طراز حديقة زينة يابانية. تصوغ مسارات الطبيعة، ونباتات الموز، والجدران الحجرية، هوية المنتجع. إنه، مثل خليج سيكريت، ملاذ في المحيط.

لعل هذا الشعور بالخصوصية، الذي يخالطه إحساس متزايد بالحصرية، هو في النهاية ما يجذب أصحاب اليخوت الفارهة إلى دومينيكا. وهو السبب كذلك في أنهم لا يبوحون بالسر لأصدقائهم.