كبار صناع السيارات يسخرون إمكاناتهم ومنشآتهم لدعم احتياجات القطاع الصحي لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد.

 

«ما قبل جائحة فيروس كورونا ليس كما بعده». إنها مقولة تتردد اليوم على مسامعنا ليل نهار. يقولها عامة الناس، ويستفيض في شرحها محللون سياسيون، وخبراء اقتصاديون، ومهنيون ومراقبون تحولت تداعيات الجائحة إلى شغلهم الشاغل. يدرك الناس أن الجائحة، التي تحصد اليوم آلاف الأرواح من مشرق الأرض إلى مغربها، ترخي بثقلها على الاقتصاد العالمي وتُنبئ بكساد عظيم في ظل تعطل الحياة العامة، وإغلاق المؤسسات والشركات، والتقلبات المالية في الأسواق العالمية. لكن ما يوحد العالم اليوم لا يحتكره استشراف أسوأ الأسوأ على الأصعدة السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية. ففي زمن العزلة التي حبست ملايين البشر في بيوتهم، وخنقت ضوضاء الشوارع وصخب المدن في أصقاع الدنيا كلها، يصدح صوت حس إنساني جامع لأفراد ومؤسسات وشركات اجتمعت على إعادة ترتيب الأوليات بعيدًا عن حسابات الربح والخسارة الضيقة لتشارك القطاعات الصحية مساعيها الإنقاذية.

في قطاع صناعة السيارات، سكت هدير مصانع شركات عالمية كثيرة اختارت تعليق مساراتها الإنتاجية بانتظار أن تنزاح غُمة الفيروس التاجي. لكن هذه الشركات نفسها سارعت مع ذلك إلى تجنيد إمكاناتها لخوض سباق لا يشبه في شيء سباقها التنافسي إلى مستقبل صناعة النقل، أو تلك السباقات التي تخوضها مركباتها عالية الأداء على الحلبات. إنه في الواقع سباق من أجل الإنسانية يخوضه كبار الصناع من خلال جهد حثيث لتوفير ما يلزم من احتياجات ملحة للقطاع الصحي في مواجهة كارثة تبدو حتى حكومات دول عظمى عاجزة أمامها.

 

 

في المملكة المتحدة، تنتج جاغوار لاند روفر أسبوعيا نحو خمسة آلاف قناع واق مصنع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

 

مزاد خيري من بورشه

في مبادرة لدعم جهود التصدي لجائحة كورونا، تنظم شركة بورشه في أمريكا، بالتعاون مع دار المزادات آر إم سوذبيز، مزادًا خيريًا على مركبة خاصة من طراز 911pSpeedster. تشكل هذه المركبة آخر نموذج من الجيل 991، وواحدة من أصل 1,948 نموذجًا أنتجتها العلامة السنة الماضية تزامنًا مع الاحتفاء بالذكرى السبعين لتأسيسها. تزهو المركبة باللون المعدني الفضي المميز للعلامة GT Silver Metallic، وبمجموعة الزخارف Heritage Design المستلهمة من عالم السباقات. لكن ما يجعل منها مأثرة حقيقية لا يقتصر على جماليات طابعها الرياضي، بل يتعداها إلى أدائها المتفوق. جُهزت السيارة بمحرك قوي من ستة صمامات بسعة أربعة لترات، ونظام يدوي ناقل للحركة من ست سرعات، ما يتيح لها إنتاج قوة تساوي 502 حصان، وقوة عزم قدرها 469.11 نيوتن متر. توفر هذه القوة إمكانية التسارع من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة في غضون 3.2 ثانية، وتحقيق سرعة قصوى تساوي 192 ميلاً/الساعة.

بالإضافة إلى كتيب خاص يحتوي صورًا ومخططات عن مسار إنتاج الجيل الأخير من طراز 911، بما في ذلك رسم أصلي نفّذه فريق تصميم مركبات سبيدستر، سيحظى الفائز في المزاد بساعة كرونوغراف من طراز 911pSpeedster Heritage Design Chronograph صممها فريق بورشه ديزاين خصيصًا لدعم هذه المبادرة. تستلهم الساعة المزايا التصميمية للطراز، فتزهو بسوار مصنوع من كسوة جلدية مماثلة لتلك التي تتزين بها مقصورة المركبة الداخلية، وبدوار فضي للتعبئة يذكّر بعجلاتها. 

فضلاً عن ذلك، ستتسنى الفرصة أمام الفائز وصديق له للقيام بزيارة حصرية إلى مقر تطوير مركبات بورشه في فايساخ بألمانيا، فضلاً عن جولة على حلبة الاختبارات برفقة فرانك – ستيفن واليزر، وأندرياس برونينغر، رئيسي قسمي تطوير المركبات من طرازي 911 وجي تي.

يُنظم المزاد طيلة الفترة الممتدة من 15 إلى 22 أبريل نيسان 2020 عبر المنصة الإلكترونية لدار المزادات آر إم سوذبيز (rmsothebys.com/en/auctions/0020)، على أن يُخصص ريعه لدعم صندوق المجتمع للاستجابة والتعافي من فيروس كورونا المستجد الذي أطلقته منظمة الطريق المتحد العالمية United Way Worldwide.

 

 

وضعت جاغوار لاندروفر أسطولاً من 308 سيارات لدعم المنظمات المسؤولة عن الاستجابة للطوارئ في أنحاء مختلفة من العالم.

 

أجهزة للتنفس من ماكلارين وتيسلا

تجلت استجابة مجموعة ماكلارين في انضمامها إلى مبادرة VentilatorChallengeUK للمساعدة على إنتاج أجهزة التنفس التي تحول النقص في أعدادها إلى خطر حتمي يهدد مستشفيات العالم كلها. فعلى ما فعلت فيراري التي سخرت منشآتها في مارانيللو وإمكاناتها التصميمية لدعم شركة سياريه الهندسية Siare Engineering، أكبر مصنع لأجهزة التنفس في إيطاليا التي ضربها الوباء بشراسة، تنضم اليوم مجموعة ماكلارين إلى التحدي الهادف لإنتاج ما يزيد على 10 آلاف جهاز تنفس للمستشفيات في مختلف أنحاء بريطانيا، موظفة في سبيل ذلك إمكانات وحداتها كافة، بما في ذلك شركة ماكلارين للتقنيات التطبيقية، وفريق ماكلارين للسباقات.

 

تنضم مجموعة ماكلارين إلى التحدي الهادف لإنتاج ما يزيد على 10 آلاف جهاز تنفس للمستشفيات في مختلف أنحاء بريطانيا.

تنضم مجموعة ماكلارين إلى التحدي الهادف لإنتاج ما يزيد على 10 آلاف جهاز تنفس للمستشفيات في مختلف أنحاء بريطانيا.

 

"في مبادرة لدعم جهود التصدي لجائحة فيروس كورونا، تنظم شركة بورشه في أمريكا، بالتعاون مع دار المزادات آر إم سوذبيز، مزادا خيريا، على مركبة خاصة من طراز  911pSpeedster."

 

ينهمك مقرا أستون مارتن في غايدون ووارويكشير في إنتاج ما يعادل أسبوعيا 750 رداء وقاية لأفراد الطواقم الطبية في المستشفيات المحلية.

ينهمك مقرا أستون مارتن في غايدون ووارويكشير في إنتاج
ما يعادل أسبوعيا 750 رداء وقاية لأفراد الطواقم الطبية في المستشفيات المحلية.

وإن كان إيلون ماسك لم يحمل الجائحة على محمل الجد في بداية انتشار الفيروس، على ما ظهر من بعض تغريداته على موقع تويتر، فضلاً عن التأخر في تعليق العمل في كثير من منشآت تيسلا، إلا أن التبدل في موقف الرئيس التنفيذي للشركة لم يلبث أن تجلى في الإعلان عن الانضمام إلى ركب صناع كثيرين انطلقوا في مهمة التصدي للنقص في المعدات الكفيلة بإنقاذ حياة الآلاف بل الملايين. في فيديو نشرته تيسلا على موقع يوتيوب مطلع شهر أبريل نيسان الحالي، قدم أعضاء من الوحدة الهندسية في الشركة عرضًا إيضاحيًا حول مخطط لتصنيع أجهزة التنفس. وصرح لارس مورافي، نائب رئيس وحدة هندسة مركبات تيسلا قائلاً: «نحاول تصنيع أجهزة التنفس باستخدام بعض أجزاء السيارات بما يتيح لنا مد يد العون للقطاع الطبي دون الانتقاص من مخزونه. » يُظهر الفيديو المصور النموذج الاختباري الأصلي من جهاز تنفس يتزود بالطاقة من نظام المعلومات والترفيه المستخدم في مركبات الطراز Model 3، ويُعتمد فيه أيضًا على شاشة تعمل باللمس للتحكم بدفق الهواء. يستخدم المهندسون أيضًا أجزاء من نظام التعليق في طراز Tesla Model S، بما في ذلك خزان الهواء ومنظم معدل ضغط الهواء، لبناء حجيرة مزج الأكسجين في جهاز التنفس. وكان ماسك قد أعلن قبل ذلك عن مخططات للتعاون مع شركة ميدترونيك Medtronic للهندسة الطبية الحيوية بهدف إنتاج أجهزة تنفس بالاستناد إلى المواصفات التصميمية الخاصة بهذه الشركة.

 

 يستخدم المهندسون لدى تيسلا أجزاء من نظام التعليق في طراز Tesla Model S لبناء أجهزة التنفس.

يستخدم المهندسون لدى تيسلا أجزاء من نظام التعليق في طراز Tesla Model S لبناء أجهزة التنفس.

 

 

جاغوار لاندروفر ورولز – رويس وأستون مارتن

في المملكة المتحدة، لم تقتصر مساعي رولز – رويس على توفير أسطول يضم ثلاثين نموذجًا من مركباتها الفاخرة لدعم احتياجات المستشفيات، والجمعيات الخيرية المحلية، وغيرها من المجموعات التطوعية. ففي منشأة غودوود، معقل تطوير سيارات العلامة، تنشط الحركة اليوم لإنتاج أقنعة واقية لأفراد الطواقم الطبية. ويتكرر المشهد نفسه في استوديو أستون مارتن للتصميم في منطقة غايدون البريطانية حيث يتولى فريق متطوع من موظفي الشركة تجميع نحو 150 قناعًا واقيًا يجري إنتاجها أسبوعيًا باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتلبية لاحتياجات المستشفيات المحلية، ينهمك أيضًا مقرا أستون مارتن في غايدون ووارويكشير في إنتاج ما يعادل أسبوعيًا 750 رداء وقاية لأولئك الذين يواجهون فيروس كورونا في الصفوف الأمامية. وفي سبيل توفير قدر أعلى من الحماية لهؤلاء، انطلقت العلامة البريطانية في مشروع تعاون مع شركة ملتيماتيك Multimatic ومركز تقنيات التصنيع MTC، لتطوير حجاب واق مصنوع من الأكريليك يوضع فوق الجزء العلوي من جسم المريض في أثناء ربطه بجهاز التنفس. وقد سخرت أستون مارتن لهذه الغاية الآلات المستخدمة عادة لقطع الأشكال الجلدية المعقدة التي تزهو بها سياراتها الرياضية الفاخرة.

رولز – رويس توفر أسطولا من ثلاثين مركبة لدعم احتياجات المستشفيات، والجمعيات الخيرية المحلية، وغيرها من المجموعات التطوعية في المملكة المتحدة.

رولز – رويس توفر أسطولا من ثلاثين مركبة لدعم احتياجات المستشفيات، والجمعيات الخيرية المحلية، وغيرها من المجموعات التطوعية في المملكة المتحدة.

 

تنشط أيضًا شركة جاغوار لاند روفر في تسليم الأقنعة المصنعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد بمعدل خمسة آلاف قناع في الأسبوع في المملكة المتحدة، وبأعداد أخرى في البرازيل. والجدير بالذكر أن الشركة تضع اليوم أسطولاً من 308 سيارات لدعم المنظمات المسؤولة عن الاستجابة للطوارئ في أنحاء مختلفة من العالم تلبية لاحتياجاتها الخاصة في مجالات تسليم الأدوية والأغذية، ونقل المرضى، ودعم إجراء الفحوصات الطبية المنزلية.

 

يتولى موظفو أستون مارتن تجميع نحو 150 قناعا واقيا يجري إنتاجها أسبوعيا باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

يتولى موظفو أستون مارتن تجميع نحو 150 قناعا واقيا يجري إنتاجها أسبوعيا باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

 

أقنعة وأجهزة من لامبورغيني

أما في إيطاليا، فعمدت شركة أوتوموبيلي لامبورغيني إلى تحويل أقسام من مصنعها المخصص عادة لبناء السيارات الرياضية في سانتا أغاتا بولينيزي إلى ورشة عمل لإنتاج أقنعة الجراحة وأجهزة الحماية المصنوعة من الزجاج البلاستيكي. اليوم لا ينشغل حرفيو ابتكار المقصورات الداخلية لمركبات لامبورغيني بإضفاء طابع شخصي على سيارات تُصمم بحسب طلب الزبائن. فالاهتمام كله ينصب على تلبية حاجة العاملين في مستشفى سانت أورسولا – مالبيغي في بولونيا الإيطالية إلى معدات تضمن استمرارهم في المواجهة.

 

في سانتا أغاتا بولينيزي، تحول مصنع لامبورغيني إلى ورشة عمل لتصنيع أجهزة حماية من البلاستك الزجاجي.

في سانتا أغاتا بولينيزي، تحول مصنع لامبورغيني إلى ورشة عمل لتصنيع أجهزة حماية من البلاستك الزجاجي.

 

اليوم لا يشغل العالم وقطاعاته الإنتاجية سوى ائتلاف الأفئدة على ما فيه خير الإنسانية جمعاء، على حاجة ملحة إلى التكافل يختصرها ستيفانو دومينيكالي، الرئيس التنفيذي لشركة أوتوموبيلي لامبورغيني بقوله: «خلال هذه المرحلة الطارئة، نشعر بالحاجة الملحة إلى المساعدة. سنتمكن من تحقيق النصر في هذه المعركة معًا من خلال العمل بشكل متحدٍ وتوفير الدعم اللازم لأولئك العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة هذا الوباء.»

 

"سنتمكن من تحقيق النصر في هذه المعركة معا من خلال العمل بشكل متحد وتوفير الدعم اللازم لأولئك العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة هذا الوباء.– ستيفانو دومينيكالي، أوتوموبيلي لامبورغيني"

 

حرفيو ابتكار المقصورات الداخلية لمركبات لامبورغيني يحيكون الأقنعة الجراحية لمستشفى سانت أورسولا – مالبيغي في بولونيا.

حرفيو ابتكار المقصورات الداخلية لمركبات لامبورغيني يحيكون الأقنعة الجراحية لمستشفى سانت أورسولا – مالبيغي في بولونيا.