تؤجج سيطرة الأوصياء المحكمة على مخزون الساعات المرغوبة بشدة توقنا إليها.

 

يقارب الرقم القياسي، في ظل الظروف الراهنة، أربع دقائق و30 ثانية. فهذا هو مقدار الوقت الذي استغرقه مُقتني ساعات تواصل معي هاتفيًا ليسألني إن كان يمكن لي، أو لأي شخص أعرفه، مساعدته في الحصول على ساعة من طراز 5711. تُعد تلك التجربة، على غرابتها، مؤشرًا إلى الحقبة الراهنة. فقد أثار عدد ضئيل جدًا من طرز الساعات التي باتت تشكل ابتكارات يجد الجميع في إثرها، على غرار ساعة 5711 Nautilus من باتيك فيليب، شهية مقتني الفرائد. لكن في ظل غياب أي معايير لضبط هذا الوضع المحموم، لمَ لا ندخل مباشرة في صلب الموضوع؟

هُندست عمليات التبادل بشكل رئيس، إنما غير كامل، في سويسرا، شأنها في ذلك شأن عناصر أخرى عدة في عالم الساعات. وقد ظل الأداء المالي للساعات الجديدة يشكل على مر سنوات مسألة يتأجج لهيبها بعيدًا عن الأنظار في أوساط مجموعة غير مترابطة من مقتني الساعات. وكان بمقدور الصناع أن يحجبوا تأثيرات العرض والطلب عبر الدفع بالمنتجات غير المرغوب فيها إلى الأسواق الخارجية، وإلقاء عبء بعض المسائل، على غرار الخصومات، على عاتق تجار البيع بالتجزئة الذين يصفونهم بعديمي الضمير. يمكن للمرء أن يتخيل مقدار الذعر الذي أصابهم قبل سنتين عندما نَفِد من مواقع التجارة الإلكترونية، على غرار jomashop.com، وعلى نحو كارثي، فائض العرض على الساعات في الأسواق الروسية والصينية المتقلصة. فالخصومات كانت تشهد تقلبات آنية متتالية كحال شريط من برقيات أسعار البورصة المتعاقبة خلال أزمة الكساد عام 1929.

هذه هي خلفية النشاط الهائل الذي عرفه قطاع الساعات على مر شهور عدة. على امتداد الشهور الثمانية عشر الأخيرة، شهدنا حركة مهيبة وارتفاعًا في الأسعار ذات الأرقام القياسية التي سجلتها الساعات عتيقة الطراز، فضلاً عن قفزة مماثلة في المبادرات الجديدة وعمليات البيع في سوق الساعات المستعملة. وعلى حين غرة، بات حفاظ الساعة على قيمتها يشكل المسألة الحاسمة لجمهور عريض من عموم شراة الساعات. كان ذلك نذير سوء للشركات التي كان يكفيها من قبل أن تلمح إلى واقع أن ساعاتها تشكل استثمارًا، دون أن تضطر قط إلى إثبات أدائها.

 

لم لا تختبر بعض تلك الإثارة التي

ينطوي عليها المضي في إثر هذه الطرز العصية على الاقتناء؟

 

أما أولئك الصناع القادرون على ذلك، أمثال باتيك فيليب ورولكس، فسارعوا إلى اقتناص المبادرة عبر فرض سيطرة محكمة على مسارات الإنتاج والتوزيع الخاصة بهم، معتمدين في ذلك أساليب لا يمكن للعلامات المنضوية تحت ملكية مجموعات أن تحاكيها. عندما قام موزع مجاز له في أواخر العام المنصرم بزيارة الأروقة الحصرية لمكتب رولكس في نيويورك، صعقته مستويات مخزون الشركة في مستودعات التخزين التي توفرها مجموعة كارديكس. المخزون كان منخفضًا على نحو لم يشهده هذا الموزع من قبل. في ظل الطلب الذي يشهد ارتفاعًا حادًا بسبب المزاد على ساعة بول نيومن دايتونا Paul Newman Daytona، وتجديد عدد من المنتجات ذات الصلة التي جرى التخطيط لها ببراعة، تفرض رولكس سيطرة محكمة ومتبصرة على دفق ابتكاراتها.

تقف بعض الشركات إذًا وراء بلورة ظاهرة الساعات «التي يجد الجميع في إثرها». وقد اكتسبت هذه الحركة مزيدًا من الزخم جراء اكتشاف مقتني الساعات من أصحاب الفكر المالي (وعدد ضئيل من الموزعين) أن المضي في إثر هذه القطع ليس مربحًا فحسب، بل ماتع أيضًا، إنما على نحو لا يخلو من المشقة. فلمَ لا تختبر بعض تلك الإثارة التي ينطوي عليها المضي في إثر هذه الطرز العصية على الاقتناء عوضًا عن إعطاء مكاسبك لبائع في المزادات تنفرج أساريره لذلك؟ يعكس هذا التوجه نمطًا جديدًا من سلوك نفسي يتبنّاه مقتني ساعات قديم العهد في هذا المجال، خصوصًا في ظل وفرة الغنائم التي يتم تشاركها على موقع إنستغرام.

لكن الواقع ليس بسيطًا إلى هذا الحد. فالموزعون المجازون، الذين يحتاجون اليوم إلى التدقيق في عدد هائل من الاتصالات الواردة من مختلف أرجاء البلاد، يستهدفون بهذه القطع كلها تقريبًا الزبائن الاستراتيجيين. أما القطع القليلة التي تجد منتهاها إلى أقنية أخرى، فكن على ثقة بأنها كلها تُباع بأسعار أعلى.

يشكو كثير من شركات الساعات، بصوت مكتوم، من الصعوبات التي فرضتها الزيادة في الطلب على شبكاتهم، إنما دون اتخاذ أي إجراء لتغيير ظروف السوق التي فرضت هذه الصعوبات. وما عساه يدفع بهذه الشركات إلى اتخاذ أي إجراء؟ في وقت غير بعيد، سيكون كل فريق في الإدارة التنفيذية لأي شركة ساعات مطالبًا بتحقيق هذه الحظوة الإضافية. وبما أن هذه الأخيرة تدغدغ مشاعرنا الأساسية، فمن المرجح أن يلازمنا هذا التبدل الطفيف في ثقافتنا لوقت طويل.

 


جيمس د. مالكومسون محرر قسم الساعات، وصفحات «مقتنو الساعات» في مجلة Robb Report.