في الطريق من مطار البحر الأحمر الدولي إلى وجهتي فوق جزيرة شورى، لا أرى سوى امتدادات الأفق الأزرق الذي يبدو كأنه يحرس معاني السكينة التي يتجمّل بها هنا أرخبيل طبيعي ينبسط قبالة الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، ويتهيأ ليحمل إلى زائريه بشائر حقبة جديدة من الرفاهية التي تعد بها المخططات العمرانية والسياحية الطموحة ضمن رؤية المملكة 2030.
ووسط سكون مهيب لا يعكّر صفوه هدير المحركات التقليدية، تعبر بي مركبة كهربائية من مرسيدس – بنز، تتباهى بلونها الفيروزي وبنقش فضي لاسم البحر الأحمر (تتيح الوجهة أيضًا سيارات كهربائية من لوسيد)، تعبر بي جسرًا يمتد بطول 3.3 كيلومتر وصولاً إلى الجزيرة التي تتّخذ شكل دولفين والتي تدور رحى العمران في أرجائها الزاخرة بالشواطئ البكر وموائل أشجار المنغروف لاستحداث 11 منتجعًا فاخرًا، إلى جانب مرسى لليخوت، وملعب للغولف من 18 حفرة بتوقيع براين كورلي، ومجموعة من الوحدات السكنية والمرافق الصحية والترفيهية والاستجمامية التي تتشكل بها معالم فضاء تستأنس به الأبصار والأفئدة.
ستشكل جزيرة شورى عند اكتمالها المركز الرئيس لـوجهة البحر الأحمر، وقد اعتمدت شركة فوستر أند بارتنرز في تصميمها مفهوم "كورال بلوم" Coral Bloom المستوحى من الشعاب المرجانية والذي ارتكز إلى استخدام هياكل خفيفة، ونباتات محلية، وإنشاءات منخفضة الأثر تضمن تماهي المنتجعات والمساكن مع بيئتها الطبيعية والالتزام بأعلى معايير الاستدامة عالميًا. هذا ما أستكشفه حين أعبر مسارًا تحفّه أشجار النخيل الوارفة وصولاً إلى أعتاب فندق إديشن البحر الأحمر The Edition Red Sea، أول ملكية فندقية شرعت أبوابها في هذه الوجهة في شهر أكتوبر الفائت.
Jiri Lizler
يحتضن المنتجع 240 فسحة إقامة يناغم تصميمها بين عناصر الطبيعة والمنسوجات الناعمة التي تغلب عليها لوحة ألوان تذكّر بالأخاديد والشعاب المرجانية والكثبان الرملية.
هنا، عند أطراف شاطئ خاص يمتد بطول كيلومتر، متيحًا إطلالات آسرة على مياه البحر الأحمر الفيروزية والمسطحات الخضراء لملعب الغولف Shura Links، أستكشف لغة جمالية خاصة توثّقها العمارة منخفضة الارتفاع التي تنسجم مع تضاريس الرمال المرجانية، والجدران المبنية من الطين المضغوط، والأرضيات المشغولة من حجر المرجان، وقبل ذلك كله الأسقف التي تحاكي تكوينات الشعاب البحرية. تحمي هذه التكوينات عالمًا داخليًا مؤنسًا نسقت تفاصيله شركة روكويل للتصاميم المعمارية Rockwell Group، موظّفة المواد لاستحداث حوار بديع بين العمارة والطبيعة، بين الصخر والرمال والبحر.
فبداية من جناح الوصول، المنحوت من طبقات التربة المضغوطة وخشب السنديان الطبيعي في تصميم يستحضر في الأذهان الجدران الصخرية في أودية السعودية، وعبر كامل فسحات الإقامة التي تتخذ شكل أجنحة شُيدت على نسق تكوينات المرجان، والتي تتكوّن من 240 غرفة كاملة التأثيث، بما في ذلك 53 جناحًا فاخرًا، تتجلى فسيفساء تصميمية تناغم بين عناصر الطبيعة والمنسوجات الناعمة التي تغلب عليها لوحة ألوان تذكّر بالأخاديد والشعاب المرجانية والكثبان الرملية، فيما الواجهات الزجاجية التي تمتد من الأرضيات إلى السقف تبدد الحد الفاصل بين المساحات الداخلية والأفق الخارجي وتؤطر المشهد الذي تُحبس له الأنفاس من مشرق الشمس إلى مغربها.
ولمن يبحث هنا عن أعلى درجات العزلة والخصوصية، نوصي بجناح Fan Coral Cluster الذي يمتد على مساحة 236 مترًا مربًعا، محتضنًا أربع حجرات للنوم، وأماكن منفصلة للمعيشة وتناول الطعام، ومطبخًا كامل التجهيز، ويكتمل بشرفة خارجية رحبة، وحوض سباحة خاص، ودش للاستحمام في الهواء الطلق. وبغض النظر عن فسحة الإقامة المختارة، يبقى الثابت هو الحضور الراسخ لفلسفة علامة إديشن في أصدق تجلياتها: فخامة تنأى عن التكلف، ومزيج منضبط من الانعتاق إلى السكينة والانغماس في أجواء استجمامية أكثر حيوية تشجّع على التواصل، لا سيّما مع أفراد طاقم المنتجع الذين يتفوقون في استشراف احتياجاتك مظهرين تيقظًا لا مبالغة فيه فيما يحسنون الموازنة بين الكياسة المهنية والسلوك الودود.
Jiri Lizler
ينبسط المنتجع في جزيرة شورى عند أطراف شاطئ خاص يمتد بطول كيلومتر، متيحًا إطلالات آسرة على مياه البحر الأحمر الفيروزية.
في منتجع إديشن البحر الأحمر، لا جدول منظمًا يحكم إيقاع الأيام الثلاثة التي أقضيها مستأنسة بنعيم الجزر الذي تتيحه هذه الوجهة فيما تستدرجني إلى الانغماس في سكونها. يلازمني هذا الشعور الغامر بالأنس والسكينة فيما أوجّه صباحًا قارب الجدف، الذي أستعيره من مركز واما WAMA للرياضات البحرية، فوق المياه الفيروزية مستسلمة لرائحة البحر ودفء الشمس، ولاحقًا في سياق جلسة تدليك مطوّلة أختبرها في خفاء النادي الصحي The Spa الذي يحتل ركنًا قصيًا من المنتجع. يحتضن النادي خمس غرف للطقوس العلاجية، بما في ذلك جناح للأزواج، ويكتمل بأحواض غطس داخلية وخارجية، وغرفة ساونا للعلاج بالأشعة تحت الحمراء وغرفة للساونا الحيوية، وحمام ثلجي، وكراسٍ مُدفّأة للاسترخاء، فضلاً عن صالون للتجميل وحوض سباحة خارجي.
على أن ما تتمايز به هذه الواحة هو مفهوم العافية الاجتماعية الذي تتبنّاه لتكريس الرفاه الواعي الذي يعلو فوق التوجهات العابرة، ولا يقتصر على العلاجات التجديدية، بل يشمل أيضًا التمارين عالية الطاقة وبرامج التدريب الديناميكي التي يوفّرها مركز اللياقة البدنية المجاور الذي يمتد على مساحة 316 مترًا مربعًا، والمجهّز بأحدث معدات تكنوجيم وباستوديو مخصص لفنون القتال، ومساحة لأسرّة البيلاتس، فضلاً عن مناطق تدريب داخلية وخارجية تشجّع على الحركة في بيئة محفّزة. بل إن المركز يتيح للضيوف مجموعة متنوّعة من تجارب اللياقة الشمولية، بما في ذلك سباقات السباحة في المياه المفتوحة، والتمارين فوق الألواح العائمة، وجلسات الحركة عند شروق الشمس بإشراف مدربين متخصصين. وليس بعيدًا عن هذه الواحة، استُحدثت مساحات للمناسبات والاجتماعات، بما في ذلك قاعة احتفالات تتسع لما يصل إلى 500 ضيف.
أما تجارب الطعام في إديشن البحر الأحمر، فلا تُعد استراحة بين نشاطين، بل جزءًا من روح المكان. في مطعم Central، الذي يميّزه مطبخ مفتوح، أشعر بأني أحل ضيفة على نسخة مستحدثة من محطة غراند سنترال الشهيرة في نيويورك، وأستزيد من حيوية مُلهمة تغلب على الأجواء طيلة اليوم فيما أختبر مزيجًا من أطباق أمريكية كلاسيكية وأخرى تحقق المعادلة المثالية بين الغذاء المتوازن والمتعة المفرطة.
أما مطعم Jiwa Beach Club، فترتحل بي الأمسيات في شرفته الخارجية إلى عالم النوادي الشاطئية في بالي. عند حافة البحر، تتحوّل التجربة إلى احتفاء بروح بالي (كلمة Jiwan باللغة الإندونيسية تعني الروح)، وهو ما أختبره في أطباق مبتكرة مستوحاة من مطابخ جنوب شرق آسيا، أستسيغ مذاقاتها على إيقاع قرع الطبول، والموسيقا الحيوية، وعروض رقص النار. تحضر أجواء بالي أيضًا في مطعم Jiwa Terrace المحاذي لحوض السباحة وحيث قائمة الطعام تزخر بالأطباق الغنية بالعناصر الطبيعية والمصممة لإعادة شحن الطاقة، وبالعصائر المنعشة التي تشي بأجواء الصيف. الجدير بالذكر أيضًا هو أن المنتجع يتهيأ لإمتاع ذائقة ضيوفه قريبًا بتجارب عشاء تحتفي بروح الجزر اليونانية، وذلك في مطعم ANASA المرتقب، حيث ستصوغ الطاهية السعودية الشهيرة بسمة الخريجي سحر بحر إيجه في ابتكارات يغلب عليها طابع مرح ومبسّط.






