يصعب التوفيق بين الاستدامة والرفاهية على الدوام، وصعوبة هذا التوفيق تتجلى بوضوح في عالم المركبات البحرية حيث يدعو العديد من المالكين إلى التزام المعايير البيئية، ولكن عند انتقال الحديث إلى الأخشاب النادرة والأحجار غير التقليدية التي تتمايز بها يخوتهم، يصبح الأمر مختلفا.

وفي هذا يقول مصمم اليخوت المخضرم غريغ مارشال: "كلهم يتحدثون عن الصالح العام، ولكن الفارق هو أن هؤلاء الأشخاص يمتلكون المال لشراء ما يريدون، ولذلك تشكل يخوتهم تعبير الذروة عن حياتهم المترفة".

قد يكون خير مثال على هذا الواقع حاليًا هو خشب الساج الذي أصبحت كمياته محدودة بسبب العقوبات المفروضة على ميانمار حيث تتوافر أفضل الأشجار المنتجة له.

يُعلق فينتشينزو بويريو، الرئيس التنفيذي لشركة تانكوا Tankoa، على هذا قائلاً: "إن خشب الساج المستقدم من بورما يبدو أجمل على الأسطح من أي خشب آخر، كما أنه يبقى باردًا تحت أشعة الشمس وملمسه مريح للقدمين. ولهذا يرى فيه المالكون مثالاً للرفاهية الكلاسيكية".

يتوافر اليوم خشب الساج الصناعي في الأسواق، ولكن أداءه غير مُرض بالرغم من استدامته، إذ إنه يكون أسخن على القدمين من خشب الساج الطبيعي. يقول بويريو إن هذه المواد الصناعية الجديدة أفضل للقوارب الصغيرة، أو النوادي الشاطئية على متن اليخت، حيث لن تتلطخ المواد إذا انسكب عليها شيء ما.

مع ذلك، بدأ استخدام مواد أكثر استدامة، مثل الفلين والأرز الأصفر، ولكنها لا تحظى بعد بالمكانة نفسها.

جهّز مارشال أسطح يخته Big Fish، الذي قطع 450 ألف ميل على مدار 12 عامًا، بمادة مستدامة مصنوعة من الغرانيت المسحوق. وقد أعيد تثبيت السطح، الذي يشبه المشي عليه السير على الرمال، مرتين خلال تلك الفترة. لو جُهز السطح نفسه بخشب الساج، لكان استبدل مرتين أو ثلاث مرات. ويقول مارشال: "الغرانيت المسحوق مستدام وحسن الأداء، ولكن سوق اليخوت يستنكف منه. كل ما يريدونه هو خشب الساج".

لكنْ ثمة خبر سار هو أن خشب الساج المركّب، المكوّن من ألياف بقايا خشب الساج الممزوجة بالراتنج، يماثل خشب الساج الطبيعي من حيث المظهر والأداء. بل إنه يوفر مستوى استدامة أعلى مقارنة بالخشب الطبيعي. ويعتقد مارشال أن نطاق استخدام خشب الساج المركّب سيتسع في السنوات المقبلة.

شهدت سيلفيا بولتون، المصممة بشركة ويستبورت Westport، على هذا التحول أيضًا، إذ باتت الأخشاب الصناعية تستخدم في المساحات الداخلية لليخوت، بسبب مظهرها المشابه لمظهر الألواح الخشبية الطبيعية وعمرها الأطول. وتقول بولتون: "طُورت هذه الأخشاب لتلبية متطلبات قطاع الضيافة الراقية الذي يشدد على استخدام مواد غير قابلة للاشتعال، وهذا ما يجعلها مثالية لليخوت".

يعاين المصممون الاعتماد البطيء والتدريجي للمواد المستدامة، ولكن التحدي يكمن في تغيير انطباع السوق عن هذه المواد.

يبحث مارشال إمكانية إنتاج جلود مصنوعة من الفطر يصفها بأنها "ممتازة". أما بويريو، فعينه على تطورات الرخام الصناعي الذي قد ينافس رخام كارارا الطبيعي إذا أعطي الزبائن فرصة لتجربة مزاياه.

يقول بويريو: "نحتاج إلى تغيير الفكرة التي تحصر الرفاهية في الخشب الطبيعي أو الرخام". ويضيف: "ما إن توفر معايير الجودة وتؤدي مقاييس الكفاءة إلى خفض التكاليف، ستغدو المسألة مرهونة بالتسويق".