المظهر البراق للقواب المصنوعة من خشب الماهوغاني يثير الحنين في أنفس الكثير من محبي الرياضات البحرية ومن ترعرعوا بين ثنايا القوارب في الماضي. ولكن على ما هو عليه حال الصناعات الأخرى، بدأت الصناعة اليدوية القوارب الخشبية تنقرض، ولم يعد يعمل بها إلا حفنة قليلة من المهرة حول العالم. 

رحلة طويلة من أجل بناء قارب خشبي

شركة غراند كرافت Grand Craft هي واحدة من الشركات الصامدة في هذه الصناعة، كونها عملت في بناء القوارب يدويًا لمدة تزيد على 40 عامًا في مقرها السابق. ومع انقراض هذه الصناعة وقلة الطلب على القوارب الخشبية، بدأت الشركة تتعرض لأزمات مالية متتالية حتى جاءها طوق النجاة على شكل استحواذ من قبل باتريك وروس غالاغر عام 2021. 

لم يكتفِ المالكان الجديدان للشركة بنقل مقر الشركة إلى مصنع بمساحة تزيد على 2300 متر مربع، بل قدما التقنيات الحديثة إلى هذه الصناعة العتيقة، لتصبح قادرة على مواكبة التطور وتقديم منتجات يدوية مصنوعة على يد أمهر الحرفيين. 

هل يمكن للطباعة الثلاثية أن تُغني عن اللمسات الحرفية في صناعة القوارب الخشبية؟

Grand Crafts

وبدلاً من الاعتماد على تقطيع الأخشاب بشكل يدوي وتزيينها لاحقًا، فإن الأخوين قررا استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنيات التقطيع بالليزر، لينخفض وقت الإنتاج بشكل كبير من دون التضحية بجودة التشطيبات اليدوية التي ينفذها الحرفيون بعد انتهاء الآلات من عملها.

وبعد أن كانت عملية صناعة زورق واحد تستغرق شهورًا طويلة، صار بالإمكان بناء القوارب المصنوعة من الألياف الزجاجية في غضون أيام قليلة لأنها تعتمد على عملية تجميع صناعية بالكامل من دون تدخل يدوي. 

يستغرق بناء قارب Burnham الذي يعد الطراز الرائد في أسطول Grand Craft أكثر من 7 شهور مستمرة رغم أن طوله لا يتجاوز 8.077 متر، إذ يعمل على بنائه أكثر من ثمانية حرفيين مهرة في 5 محطات عمل مختلفة. ويقتصر الجانب التقني الذي تقوم به الآلات في صناعة هذا الزورق على التخطيط وزيادة كفاءة العمليات اليدوية، بما يتيح العمل على الجوانب الأخرى من القارب لفترة أطول ورفع كفاءة المنتج النهائي حتى يرتقي إلى سمعة الشركة السابقة. 

هل يمكن للطباعة الثلاثية أن تُغني عن اللمسات الحرفية في صناعة القوارب الخشبية؟

Grand Crafts

تنطوي عملية البناء على أكثر من ألف مسمار مع عشرات الجذوع من أخشاب الماهوغاني الإفريقي الفاخرة، وشهور مستمرة من العمل لبناء الهيكل الداخلي للقارب ثم تجميعه مع البنية الخارجية وتطبيق المواد المقاومة للمياه التي تحمي الأخشاب، قبل أن تبدأ مرحلة إضافة اللمسات الجمالية على التصميم الخارجي، وهي عملية تستمر لأكثر 700 ساعة. 

وتشمل المرحلة الأخيرة إضافة من 3 إلى 5 طبقات من المواد الكيميائية التي تحافظ على سلامة الأخشاب وتضيف  الجاذبية للمظهر الخشبي، لينتقل القارب بغد ذلك إلى ورشة أخرى حتى يُجهز بمحركه مع الواقي الزجاجي والمقاعد، فضلاً عن المعدات الأخرى التي تجعل استخدامه ممكنًا. 

رحلة طويلة من أجل بناء قارب خشبي يعبر عن أصالة صناعة القوارب ويبث مشاعر مختلطة من الحنين والفخر معًا لامتلاك هذه القطعة الأثرية التي تظل عصيّة على عوامل الزمن المختلفة. ورغم أن مظهر القارب الخارجي لا يوحي بالوقت الذي تستغرقه صناعته، إلا أنه بالتأكيد يعزز من رفاهية تجربة القوارب.