لطالما كان غراهام طومسون ينجذب إلى "العالم القديم وأشيائه حسنة الصنع". وكانت مشاهدته لأفلام الأبيض والأسود الكلاسيكية رفقة والده هي الشرارة التي أشعلت شغفه بالقبعات. في سن السادسة عشرة، تعرّف ابن شيكاغو على جوني تيوس، خبير صناعة القبعات في منطقة ساوث سايد، الذي صمم قبعة فيدورا المصنوعة من اللباد التي ارتداها الممثل روبرت دي نيرو في فيلم The Untouchables الصادر في عام 1987.

بعد التخرج في الجامعة، تتلمذ طومسون على يد تيوس لسبع سنوات، وظل يتعلم منه أساسيات الحرفة إلى أن تقاعد. وبعد ذلك، اشترى طومسون معدات تيوس، ثم أسس شركة "أوبتيمو هات كومباني" Optimo Hat Company في عام 1996. يدير طومسون حاليًا متجرًا خاصًا بالعلامة في مبنى مونادنوك القائم في وسط مدينة شيكاغو، ويقول إن الصناعة "تشهد نشاطًا كثيفًا لم تشهده على مدار عقود" بفضل إعادة إحياء أسلوب اللباس القديم، مشيرًا إلى أن المفهوم القائل إن جيل المسنين وحده الذي يرتدي قبعات غير قبعات البيسبول بات "في طور التلاشي". 

توظف شركة أوبتيمو سبعة عاملين فقط، يتكفلون بمختلف عمليات التصنيع في مبنى عمره قرن من الزمان، كان قبل تجديده مركز إطفاء. تتطلب صناعة هذه القبعات عملاً شاقًا، وذلك باستخدام آلات خاصة تعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، وهي الفترة التي تتزامن مع العصر الذهبي لهذه المهنة على ما يوضح طومسون قائلاً: "عندما بدأت شعبية الصناعة في التراجع، حدث تدهور حاد في الجودة والأناقة، لأن القطاع سلك طريق السرعة". ويتابع: "لقد كانت محاولة حيازة الأدوات والآلات النادرة الضرورية لصناعة قبعات تتمايز بجودة أصبحت الآن منقرضة مثل رحلة للبحث عن كنز".

تَبرع شركة أوبتيمو في صناعة طُرز مختلفة من القبعات، مثل هومبورغ، وبورك باي، وبنما، وفيدورا التي تَظهر هنا. بالإضافة إلى ذلك، تتيح الشركة برنامجًا مخصصًا يستطيع المستفيدون منه تصميم قبعات تلائم مختلف أشكال الرؤوس وأحجامها. كذلك، بإمكان الزبائن اختيار قبعات حسب الطلب وتحديد مختلف العناصر المميزة لها، بداية من عرض الحافة حتى تصميم شريط الزينة.

لذلك، يبلغ متوسط سعر قبعات أوبتيمو المصنوعة يدويًا 1,500 دولار أمريكي، ويستغرق إنجازها ستة أسابيع تقريبًا. وفي هذا يقول طومسون: "إنها قبعة لبّاد جيدة حقيقةً، وتستطيع أن تعتمرها في المطر أو الثلج. فهي عملية وتدوم طويلاً".

مواد مستدامة 

تبدأ العملية بإيجاد المواد الخام، وتمتلك أوبتيمو حقوقًا حصرية على لبّاد القندس الفضي الكندي المحصّل من مصادر مستدامة على يد أحد المورّدين في البرتغال، كما تطرح كل عام مجموعات محدودة الإصدار بألوان وأوزان مختلفة. وفي هذا يقول طومسون: "إن فراء القندس أفضل مصدر لقماش اللباد المستخدم في صناعة القبعات الناعمة، وذلك بسبب اكتنازه وملمسه".

ويتابع: "من المتعارف عليه أن الجزء السفلي لهذا الفراء هو الأفضل على الإطلاق لأن لونه يصير أكثر وضوحًا وحيوية عند صبغه". يجري تلبيد هذا الفراء الناعم في المصنع بوساطة تقنية عريقة تضمّ الألياف بعضها إلى بعضها وتصيغ جسم القبعة على هيئة جرس، قبل شحنها إلى شيكاغو.

مواد مستدامة 

JUSTIN HUMMERSTON

تشكيل القالب 

بعدها تأتي مرحلة القولبة التي تنبثق عنها البنية الأولية للقبعة. يوضع جسم القبعة المقلوب على آلة قولبة من أربعينيات القرن الماضي جلبها طومسون من ألمانيا، ثم يجري تعريض قماش اللباد للبخار، قبل أن ينغرس فيه قالب مقبب يسمى "قالب القبعة"، يُجبره على اتخاذ الحجم والشكل المطلوبين.

تشكيل القالب 

JUSTIN HUMMERSTON

معالجة اللباد 

يخضع جسم القبعة المقولب إلى عملية قولبة ثانية، تسمى "التنقيح بالبخار"، إذ يُكوى بالبخار مرة أخرى، ثم "يُجفف" ببطء في آلة تنقيح الزوائد. في هذا يقول طومسون: "أشبّه هذه العملية بمعالجة القماش. تسهم هذه العملية في جعل اللباد أكثر مقاومة للانكماش، كما تحول دون خروجه عن الشكل المراد له. تُكلف هذه المرحلة كثيرًا، لأنها تتطلب استخدام العديد من القوالب الإضافية".

معالجة اللباد 

JUSTIN HUMMERSTON

التخلص من الشوائب 

يوضع جسم القبعة على رفّ ويترك لبضعة أيام في غرفة منضبطة الحرارة قبل المباشرة بتشطيب السطح. وتتمايز أغلب القبعات بتشطيبات سلسة، إذ يخضع اللباد للكشط باستخدام أوراق ناعمة، كما يخضع للتكييف والصقل. في الأخير، تمر القبعة داخل آلة شفط عال، حيث تُزال جزيئات الغبار العالقة في مسامها.

يقول طومسون موضحًا: "في كثير من الأحيان، لا تظهر الشوائب إلا عند تشطيب سطح القبعات، لأنها تكون تحت الطبقة الظاهرة من اللباد الذي يجري تطويعه. وتتخذ هذه الشوائب هيئة كتل من الألياف التي فشلت عملية تلبيدها على نحو موحد، أو هيئة تباينات لونية". في حالة العثور على هذه العيوب، يجري التخلص من القبعة. 

التخلص من الشوائب 

JUSTIN HUMMERSTON

تشذيب متقن 

ما إن تجتاز القبعة الفحص حتى تُرسل إلى غرفة التشذيب، حيث تُقص عصابة الرأس الداخلية من جلد الغنم حسب الحجم، ثم تُثبت باستخدام ماكينة خياطة قديمة من طراز سنجر (يرى طومسون أن الماكينات القديمة تتمايز بجودة أعلى). بعد ذلك، يجري قطع حافة القبعة بما يناسب ذائقة الزبون: إما أن تُلحم بشريط قماشي أو تُجلّد أو تُثنى أو تُترك على حالتها الأولى. لا تؤثر هذه العملية على هيئة القبعة فحسب، بل على درجة إمالة الحافة وتماسكها أيضًا.

تشذيب متقن 

JUSTIN HUMMERSTON

كيّ وتبريد 

بعدها، يأتي الدور على منصة التوسيع، حيث تُقلب القبعة رأسًا على عقب وتُغرس في قالب يتخذ هيئة كعكة الدونات ويُسمى "قالب التثبيت". يتوافق هذا القالب مع حجم القبعة المطلوب وعرض حافتها وشكلها، ويوضع عليه كيس رملي كبير ساخن. يقول طومسون: "إنها طريقة بارعة لكيّ حافة القبعة، التي تظل تحت الكيس لدقائق عدة، ثم تخضع للتبريد بما فيه الكفاية". 

كيّ وتبريد 

JUSTIN HUMMERSTON

أشرطة الزينة 

بعد ذلك، تعود القبعة إلى غرفة التشذيب، حيث تُخاط بطانة من الساتان داخل القبعة، فيما يُثبت شريط الزينة والقوس إلى الخارج. ويقول طومسون: "إن أشرطة الزينة التي نستخدمها بمعظمها مصنوعة خصيصًا لنا. لقد حالفنا الحظ لأننا نمتلك الكثير من أشرطة الزينة العتيقة التي تعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته وخمسينياته، الفترة التي كانت فيها جودة هذه الشرائط أعلى".

أشرطة الزينة 

JUSTIN HUMMERSTON

التثبيت والمعاينة 

التثبيت والمعاينة 

JUSTIN HUMMERSTON

ختامًا، تخضع القبعة لعملية تثبيت أخرى، وذلك قبل إرسالها إلى خبير القبعات المسؤول عن وضع اللمسات النهائية، بما في ذلك التجعيد والتلميع والتبخير الخفيف لإرخاء الألياف وإبراز الألوان. وتجري معاينة كل قبعة بدقة قبل وضعها في صندوق وشحنها.