كان لدى المصمم الروسي إيغور لوفانوف، الذي تولّى هندسة يخت بلاتينوم Platinum البالغ طوله 78 مترً لصالح شركة Admiral التابعة للمجموعة البحرية الإيطالية The Italian Sea Group، كان هاجس واحد فحسب: اللون.
بالنسبة إليه، اللون الأبيض التقليدي يُسطّح الهيكل ويمحو تعقيدات الشكل. من هنا جاءت الجرأة في اعتماد لمسات رمادية معدنية على البنية الفوقية، لتُبرز المنحنيات البنائية وتُعطي اليخت حضورًا أقوى.
هذا التوجه لم يكن سهل القبول لدى المالك، الذي خشي الطابع العسكري، لكن لوفانوف أصر على فكرته التي رسم ملامحها منذ عام 2015، وظل متمسكًا بها حتى تحققت على الماء، ليخرج مشروع بلاتينوم إلى العلن لأول مرة العام الفائت خلال معرض موناكو لليخوت، بوصفه السفينة الرئيسة في أسطول أدميرال.
يخت بلاتينوم.. تعاون هندسي وفني رفيع
تولّى تنفيذ المشروع استوديو أزور لليخوت والهندسة البحرية Azure Yacht Design & Naval Architecture، فيما أُنيطت مهمة تصميم الديكور الداخلي باستوديو سينو، وقد استند الشركاء في رؤيتهم إلى الرسومات الأصلية التي خطّها لوفانوف منذ البدايات.
وصف جيانماريا كوستانتينو، المدير التجاري في المجموعة البحرية الإيطالية، اليخت الفاخر بأنه "تجسيد حقيقي لما يمكن أن يولّده اجتماع الشغف بالابتكار والخبرة تحت سقف واحد".
اعتادت المجموعة بناء يخوت يقلّ طولها عن مئة متر، وهو ما يجعل من بلاتينوم استثناءً بارزًا في سجلها، ليس من حيث الطول فحسب، بل الوزن الذي يناهز 2,146 طنًا، ما يضعه في مصاف اليخوت الفاخرة التي يتجاوز طولها 100متر، بل 110 أمتار، وفق تقدير المصمم إيغور لوفانوف.
STUART PEARCE - YACHT SHOT
وللحفاظ على رشاقة الهيكل وخطوطه الانسيابية، أضاف لوفانوف امتدادات جانبية تشبه "ذيولاً" في مؤخرة كل سطح فوقي، تربط الأسطح بصريًا وتمنح الشكل العام طولاً وهميًا يعزّز حضور يخت بلاتينوم وأناقة خطوطه.
على السطح العلوي، صُمّمت مساحة الجلوس الخلفية لتؤدي دورًا مزدوجًا: مكانًا للاسترخاء نهارًا وسينما في الهواء الطلق ليلاً، مزوّدة بشاشة قابلة للطيّ بقياس 135 بوصة ومعالج عرض ضوئي فائق الأداء، تحيط بها حواجز زجاجية قابلة للانزلاق تتميّز بدرجة تعتيم قابلة للتعديل لتوفير الخصوصية والراحة البصرية.
أما في مقدّمة السطح نفسه، فقد أُدرج عنصر مائي زخرفي خلف السلالم المؤدية إلى مهبط الطائرات، يجري فيه الماء على بلاط ثلاثي الأبعاد يُضفي تأثيرات تموّجية عند الإضاءة، مع دورة تشغيل لا تتطلّب سوى 30 لترًا من الماء في آنٍ واحد.
STUART PEARCE - YACHT SHOT
تفاصيل داخلية تجمع بين الكلاسيكية والحداثة
استحضر استوديو سينو روح الآرت ديكو بأسلوب عصري راقٍ، من خلال زخارف دقيقة بورق البلاتين، والخشب المخرّم المصقول، وتفاصيل جلدية تنسجم مع رؤية المالك.
اختير رخام بيانكو راينو بلونه الأبيض الكريمي ليكسو الأرضيات إلى جانب خشب السنديان المدخّن، فيما تزيّنت المساحات الداخلية بثريات متدلّية من الكريستال ووحدات إنارة من توقيع هولي هانت، مزدانة بالذهب والعقيق الأبيض.
ولأن الكمال يكمن في التفاصيل، أُسند تركيب السجاد داخل المقصورات إلى المصمّم الألماني أوليفر ترويتلين شخصيًا، لضمان مستوى تشطيب يتجاوز المعايير التقليدية من دون تدخل أي جهة خارجية.
أما شركة ماغنيتود Magnitude، التي أدارت المشروع بقيادة أليستير سبروستون Alistair Sproston، فقد دفعت التصاميم إلى أبعد من المتوقع، فحوّلت السطح الشمسي إلى وجهة تيبنياكي فريدة: مساحة غائرة بعمق متر تتسع لخمسة عشر ضيفًا، مزوّدة بصفيحة طهو.
كما جُهّزت الأسطح الخارجية كلها بنظام تبريد هوائي يضمن درجات حرارة مثالية حتى في أكثر الأيام حرارة، من دون التأثير على الأفق المفتوح. ولم يُترك أي تفصيل للمصادفة، إذ صُمّمت الأرضيات لتكون متّصلة من الداخل إلى الخارج من دون عتبات أو حواف، وزُوّد النادي الرياضي بأرضية ذكية تتيح إخفاء أجهزة التدريب داخل تجاويف مدمجة عند عدم الاستخدام.
STUART PEARCE - YACHT SHOT
استخدام مبتكر للزجاج
واجه فريق التصميم تحديًا حقيقيًا في التعامل مع الزجاج، ليس بوصفه عنصرًا جماليًا فحسب، بل أداة هندسية تعيد تشكيل العلاقة بين المساحات. ففي قلب السطح الرئيس في يخت بلاتينوم، يمتد المسبح بطول 6 أمتار، وعرض مترين ونصف، وعمق 1.3 متر، وهو مزوّد بنظام تيارات مائية عكسية.
وإذ اشترط المالك أن يبقى المسبح مرئيًا من مختلف الأسطح، تحققت هذه الرؤية عن طريق تطويق الأسطح المحيطة بحواجز زجاجية انسيابية، مع حواجز منحنية تحيط بالسلالم الخارجية وتؤمّن انتقالًا بصريًا ناعمًا بين المستويات. هذه الألواح الزجاجية لم تكن تقليدية، بل خضعت لاختبارات داخل نفق هوائي لتحديد ارتفاعها وشكل انحنائها، بما يضمن الحماية من دون حجب المنظر.
وفي امتداد هذا التوجّه نحو الانفتاح المتكامل، أُدمج الزجاج أيضًا في الأجزاء الأمامية من البنية الفوقية المصنوعة من الألمنيوم، ولا سيما عند مقصورة المالك. فتحت هذه المعالجة البصرية المجال أمام إطلالة مباشرة من السرير على صفحة الماء، من دون الإخلال بالإحساس بالخصوصية.