خلافًا لما هو عليه الحال في عالم السيارات، لم تلقَ مشاريع استعادة اليخوت، بما في ذلك ترقية اليخوت الكلاسيكية بأحدث التقنيات وقطع الزينة، رواجًا إلا في الآونة الأخيرة. وفي هذا يقول بيل مورونغ: "لم يكن أغلب مالكي القوارب على دراية بهذا المصطلح قبل عشر سنوات، ولكنه أصبح شائعًا الآن". يملك مورونغ شركة Yachting Solutions التي تمتلك حوض بناء سفن في روكبورت بولاية مين، حيث أخضعت عشرات القوارب لتحديثات من هذا النوع.

في العادة، تنطوي مشاريع استعادة القوارب القديمة على استرجاع أكبر عدد ممكن من أجزائها الأصلية، بما في ذلك المحركات، لتوخّي الدقة التاريخية. وغني عن القول إن هذه الأصالة عامل مهم في الحكم على اليخوت خلال المعارض، وفي استقطاب عشاق القوارب الكلاسيكية، على قلتهم وصعوبة إرضائهم. ولكن الأمور بدأت تتغير.

يقول مورونغ: "لا شك في أن تلك القوارب القديمة جذابة، ولكنها ليست عملية. فقلة من الناس يريدون لقواربهم محركات تعمل بالبنزين وتعود إلى ثلاثينيات القرن العشرين، أو أنظمة توجيه تعتمد الأسلاك والمسننات. إنهم يعشقون القوارب التي تزهو بجاذبية الطرز العتيقة ولكنهم يريدونها مجهزة بأحدث النظم ووحدات الدفع. إنهم يطالبوننا عادة بصنع قوارب يختلف بناؤها عن بناء قوارب أجدادهم".

إن ما يثير الاهتمام هو أن الاستفسارات التي تتلقاها شركة Yachting Solutions تتعلق بقوارب عائلية متوارثة، على الرغم من تردد بعض المستفسِرين عند إخبارهم بتكاليف عملية التحديث. ويقول مورونغ: "أخبرهم عادة بأن تكلفة هذا المشروع، على العموم، ستكون أكبر من تكلفة شراء قارب جديد بالحجم نفسه من الطرز التي تُنتج على نطاق واسع، ولكنها ستكون أقل من تكلفة بناء قارب مخصص جديد من الصفر".

احتفظ القارب Avocette بالخطوط المميزة لطراز Fairform Flyer الذي يعود لعام 1931، وهو ما ضمنته عملية إعادة بناء القارب بالكامل.

Billy Black
احتفظ القارب Avocette بالخطوط المميزة لطراز Fairform Flyer الذي يعود لعام 1931، وهو ما ضمنته عملية إعادة بناء القارب بالكامل.

يقبل بعض المالكين هذا التحدي، على ما فعل مالك القارب Avocette. كان للقارب من طراز Fairform Flyer الذي بنته شركة هاكينز Huckins في عام 1931 عدد من الرعاة الذين حافظوا عليه في حالة جيدة، ولكنه كان جاهزًا للتحديث بعد نحو عشرين عامًا من الإهمال.

ويقول المالك، مشيرًا إلى الخشب المتعفن والحريق الذي التهم داخل القارب: "لقد كان خرابًا". في عام 2016، قرر إعادة القارب Avocette إلى مجده السابق ولكن مع بعض التحفظات: أن يكون القارب آمنًا ومريحًا، وأن يُصان ميراثه الذي يعود لثلاثينيات القرن الفائت. وفي هذا يقال إن المشروع "لم يكن لضعاف القلوب"،  مضيفًا: "لقد اتخذنا قرارات عدة، حتى صار التصميم مخصصًا".

قمرة قيادة بتجهيزات إلكترونية حديثة.

Billy Black
قمرة قيادة بتجهيزات إلكترونية حديثة.

اقتضى كل عنصر من عناصر قارب Avocette إعادة بنائه بالكامل. ولهذا تعاون فريق مورونغ مع المهندس البحري بيل برينس، واستعملوا رسومات هاكينز من ثلاثينيات القرن العشرين وتقنيات المسح بالليزر. ويوضح مورونغ أن التصور الحديث استوجب إعادة بناء الهيكل ليناسب الرؤية الجديدة، مع الحفاظ على "الأبعاد والشكل الأصليين، لكي لا يبدو القارب نسخة مشوّهة عن الأصل".

تضمنت العملية أيضًا نقل المحركات الجديدة إلى مؤخرة القارب، فحلّت محركات Volvo Penta Diesels التي تنتج قوة تساوي 450 حصانًا والمعززة بنظام دفع مدمج محل محركات Sterling Petrel من عام 1931.

مدفأة على طراز الآرت ديكو تثري المجلس.

Billy Black
مدفأة على طراز الآرت ديكو تثري المجلس.

كما جرى تجهيز القارب بنظام إدارة رقمي من طراز C-Zone ونُقل المطبخ إلى المقدمة لتوفير مساحة طعام معاصرة مع نافذة أعلى السقف. استُحدث أيضًا مجلس جديد ميّزته مدفأة على طراز الآرت ديكو وأسقف تعلوها عوارض خشبية تبرز ارتفاع المساحات الداخلية للقارب.

أسقف بعوارض خشبية.

Billy Black
أسقف بعوارض خشبية.

لكن مشاريع التحديث التي تتولاها Yachting Solutions لا تقتصر دومًا على قوارب عمرها تسعون عامًا. فالقوارب الأخرى التي حدّثتها الشركة شملت قاربًا من طراز Bertram 31 من عام 1963 وقارب Intrepid من عام 2014. أراد مالك قارب Intrepid مستوى من التخصيص أعلى بكثير مما كان الصانع الأصلي على استعداد لتقديمه، إذ سعى إلى بناء زورق سريع مكسو بالخشب يشبه الطرز التي كانت منتشرة في نيو إنغلاند.

وفي الناحية المقابلة، ذاع صيت شركة Metan Marine، التي يقع مقرها في لايك فيل بولاية ماساتشوستس، بفضل التحديثات التي أجرتها على نماذج من قارب Boston Whaler البالغ طوله 17 قدمًا والذي يعود إلى أواخر ستينيات القرن الفائت.

يشير مورونغ أيضًا إلى أنه، بدلاً من الاكتفاء بترقية عناصر متوارية مثل المحركات، تُوسّع العديد من أحواض بناء السفن نطاق تعديلاتها الفنية لتشمل التصميم الخارجي.

صاري مقدمة مائل من خشب الماهوغاني.

Billy Black
صاري مقدمة مائل من خشب الماهوغاني.

فعلى سبيل المثال، أكملت شركة Cooley Marine في ستراتفورد بولاية كونيتيكت العمل على نموذج من طراز Bertram 31 من عام 1963، فحافظت على خطوطه الكلاسيكية وأضافت إليه زجاجًا أماميًا أزرق اللون يشبه "زوجًا ضخمًا من نظارات كوستا الشمسية"، على ما قال مؤسس الشركة أندرو كولي مضيفًا: "انطلقنا من الهيكل، ثم حاولنا تجهيزه بالمواصفات نفسها المميزة ليخت المالك Tiara الذي يبلغ طوله 50 قدمًا".

احتاج القارب إلى تحديثات عدة أبرزها التصميم المعدل للهيكل لدعم الزجاج الأمامي الأثقل، وهذا ما استدعى توظيف مهندس متخصص في المواد المركبة، وإعادة تهيئة حواجز القارب لتوفير مساحة أكبر. ويقول كولي: "إنه قارب مخصص وحديث بالكامل، ولكنه لا يزال يشبه قارب Bertram 31"، وهذا ما تعنيه تحديدًا مشاريع استعادة القديم.