أدت الزيادة الهائلة في الطلب على اليخوت الفاخرة بسبب جائحة كورونا إلى زيادة مماثلة في مشاريع تجديد اليخوت، إذ يُفضل المالكون الذين لا يطيقون الانتظار ثلاث سنوات لامتلاك طرز جديدة إصلاح يخوتهم القديمة وتجديدها.

تجديد جذري

المثال على ذلك يختان اختلفت دواعي تجديدهما إلى حد كبير: أحدهما بطول 238 قدمًا، طرحته شركة لورسن في عام 1994، والآخر بطول 184 قدمًا، ومن ابتكار علامة بينيتي في عام 2005. كان اليخت الأول، الذي بات اسمه "كورال أوشن" Coral Ocean، أشبه بقطعة أثرية، فيما كان الثاني، الذي صار اسمه "غالاكسي" Galaxy، يختًا في طي النسيان على الرغم من جودة بنائه.

تحولات جذرية تعد بها مشاريع تحديث يختين قديمين.

Lürssen

يقول إيان مالوف، مالك كورال أوشن: "إن آخر ما أردناه كان يختًا متقادمًا، ولكن بناءه الأصلي كان عظيمًا واستحق الخضوع لتغيير جذري". ومع ذلك، فإن عملية التجديد السريع المنشودة، والتي قُدرت تكلفتها في البداية بخمسة ملايين دولار، سرعان ما امتدت على طول عامين لتصل تكلفة التحوّل الذي تولاه مصمم اليخوت الانتقائي جون بانينبرغ إلى 35 مليون دولار.

ويقول ويل كاي، قبطان كورال أوشن، الذي أشرف على المشروع في حوض بناء السفن STP Shipyard Palma الواقع في مايوركا: "لقد جدّدنا المساحات الداخلية بالكامل. بل إننا في إحدى المراحل أزلنا كل ما كان في الأسطح العلوية. لم يبقَ منها إلا الألمنيوم، كما لو أنها بناء جديد". ويُتابع قائلاً: "لقد أضفنا 150 طنًا إلى حجم اليخت، أي نحو 10% من إجمالي حجمه".

تولّى 35 عامل لِحام العمل على هذا اليخت، فيما استُقدِم 150 مقاولاً في النهاية للمساعدة في إعادة تصور أغلب مساحات الأسطح العليا الثلاثة. وكانت النتيجة مضاعفة مساحة السطح العلوي، وإضافة سطح صلب ضخم معزز بالزجاج أعلى اليخت.

يبدو الجناح الرئيس على متن اليخت كورال أوشن (إلى اليمين) أكثر إشراقًا مما كان عليه قبل التجديد (في الأسفل).

Lürssen © Jeff_Brown
يبدو الجناح الرئيس على متن اليخت كورال أوشن (إلى اليمين) أكثر إشراقًا مما كان عليه قبل التجديد (في الأسفل).


كذلك أدّت إزالة حوض الغطس والسلالم إلى توسيع جناح المالك على نحو ملحوظ. فضلاً عن ذلك، ابتكرت شركة التصاميم H2 Design، بالتعاون مع لاريسا زوجة إيان، تصميمًا حديثًا غير متكلف للمساحات الداخلية، يمتاز بتدرجات لونية بيضاء فاتحة وسجاد وثير وأثاث معاصر حل محل التصميم المستلهم من الجزر الاستوائية والذي كان يزخر بالأقنعة القَبَلية التقليدية وألواح الخشب الطافي.

أما ديف هيغوود، الذي اشترى اليخت غالاكسي في عام 2020، فقد سلك مسارًا مغايرًا، إذ قرر تحويل المساحات الداخلية الباهتة إلى عالم خيالي تتجسد فيه مسيرته المهنية بوصفه رائد أعمال في قطاع ألعاب الفيديو. وفي هذا يقول: "لقد أردتُ وزوجتي دانييل أن نصل بمفاهيم الفضاء والطاقة والحياة إلى أبعد الحدود". ويضيف: "لقد راودتنا أفكار عدة، ولكننا لم نكن نعرف ما نريده على وجه التحديد".

تُظهر صور اليخت غالاكسي قبل التجديد (إلى اليمين) وبعده (إلى اليسار) تغييرات جذرية في الجناح الرئيس.

Bentley
تُظهر صور اليخت غالاكسي قبل التجديد (إلى اليمين) وبعده (إلى اليسار) تغييرات جذرية في الجناح الرئيس.


جاء الحل من المصممين اللندنيين ألبين بيرغلوند وماري سليمان، اللذين خرجا بتصميم تقدمي يُطابق تمامًا ما أراده الزوجان. فقد ابتكر المصممان، اللذان ابتكرا مع سارة كولبون استوديو التصاميم Njord by Bergman Design House، مفاهيم فنية جريئة لم يسبق أن ازدان بها يخت من قبل. بل إنهما استعانا بديلان كول، أحد الفنانين الذين عملوا على فيلم أفاتار، لتصميم غابة غريبة تغطي صورتها جدران حجرة استقبال الضيوف الرئيسة، وتُخفي ظُلّتها رسومات مصغرة لشخصية E.T. وهي تقود دراجة.

لتعزيز الطابع الفضائي، استُحدثت بالقرب من السلالم منحوتة ضخمة حلزونية الشكل تمتاز بمؤثرات خاصة يظن الناظر إليها أنها بوابة إلى بعد آخر، فيما صوّرت منحوتة "المفكر" The Thinker للنحات جوزيف كليبانسكي رائد فضاء يتأمل الكون. وإلى جانب الإضاءة الملهمة، يشتمل السطح المؤدي إلى مؤخرة اليخت على معدات لتنسيق الأغاني وحلبة رقص لإشباع شغف ديف بالموسيقى، وهو ما يفسر أيضًا إدماج استوديو لتسجيل الموسيقى في مكتبه.

تحولات جذرية تعد بها مشاريع تحديث يختين قديمين.

Bentley © Stuart Pearce

أعيد ابتكار اليخت غالاكسي بألوان جريئة وزخارف مبهرة لا حصر لها، والمثال على ذلك طاولة الطعام المرسومة يدويًا بعناية، فضلاً عن تصاوير الفنان بران سيموندسون التي تُظهر بنادق AK-47 مغطاة بالفراشات. وقد جرت أعمال التجديد كلها وفقًا لرؤية تتوخى حفظ اليخت. تقول سليمان: "لقد حرصنا على استخدام الهيكل الأصلي، لهذا أعدنا توظيف مساحاته".

لئن كان للزوجين هيغوود أي شكوك مسبقة بخصوص تجديد اليخت، فإنها قد تلاشت ما إن وطئت أقدامهما متن اليخت. وفي هذا تقول ماري سليمان: "عندما دخل ديف، لم ينبس بأي كلمة"، لكن الدموع التي ترقرقت في عينيه كانت الإجابة المنتظرة. وأما بيرغلوند، فقال إن ديف قد "صُعق لما رآه. صُعق إلى درجة أن الكلمات خانته". وفي ذلك الصمت إشارة بليغة إلى إمكانيات قطاع تجديد اليخوت الفاخرة.