في عالم السيارات الكهربائية الذي يشهد تطورًا سريعًا وتحولات دراماتيكية، لم تكن التحديات بعيدة عن إحدى المركبات الأكثر إثارة للجدل في السنوات الأخيرة، تسلا سايبرتراك Tesla Cybertruck. 

فعلى الرغم من الوعود الثورية التي ارتبطت بها وتصميمها الجريء، إلا أن شاحنة المستقبل لم ترقَ على ما يبدو إلى توقعات الشركة أو طموحات رئيسها التنفيذي إيلون ماسك، إذ تراجعت المبيعات عن الأهداف المعلنة، ما دفع بالشركة إلى التفكير في خيارات جديدة. هذا التغيير المحتمل قد يتمثّل في شاحنة كهربائية جديدة وأصغر حجمًا، وفقًا لتعليقات حديثة من أحد كبار التنفيذيين في الشركة.

كانت تسلا قد خططت لإنتاج 250 ألف نموذج من شاحنة سايبرتراك سنويًا بحلول هذا الوقت تقريبًا، لكنها لا تبيع حاليًا سوى نحو عُشر هذا الرقم. 

ففي فعالية أقيمت أخيرًا في كاليفورنيا لمستثمري تسلا، قال لارس مورافي، نائب رئيس هندسة المركبات في الشركة، إن تسلا كانت تفكر في شاحنة أصغر منذ فترة، وقد بدأت هذه الفكرة تترسخ أكثر في ظل عودة الاهتمام المتزايد بمشروع القيادة الذاتية لدى تسلا، والذي قد يشمل في المستقبل شاحنة صغيرة لنقل البشر والأشياء على حد سواء.

وقال مورافي: "لطالما تحدثنا عن صنع شاحنة صغيرة. وأعتقد أنه في المستقبل، مع دخول سيارات الأجرة الآلية إلى العالم، نُعيد النظر في هذه الخيارات ونفكر في أن هذا النوع من الخدمات مفيد ليس  لنقل الأفراد فحسب، بل البضائع أيضًا. لقد بدأنا مرحلة العصف الذهني في استوديو التصميم حول ما يمكننا فعله لتلبية هذه الحاجة".

قد لا تكون الشاحنة الصغيرة ذاتية القيادة من تسلا ما يتمناه البعض ممن يترقبون شاحنة كهربائية صغيرة وبسعر أقل، لكن تصريحات مورافي تُظهر بوضوح أن الشركة بدأت تنظر إلى ما هو أبعد من سايبرتراك.

على مستوى المبيعات، تفوقت سايبرتراك على طرز منافسة مثل Ford F-150 Lightning، وهو ما قد يُعدّ إنجازًا بحد ذاته لمركبة بهذه المواصفات غير التقليدية. 

إلا أن تسلا كانت تأمل في بيع نصف مليون وحدة سنويًا، وفقًا لتصريحات سابقة لإيلون ماسك، وهو ما كان من المفترض أن يضعها في منافسة مباشرة مع شاحنات كاملة الحجم من فورد و دودج رام، والتي تُباع منها ملايين الوحدات سنويًا، لكن هذا لم يتحقق.

ويشير بعض المتابعين إلى أن مبيعات سايبرتراك بمعظمها ذهبت في الأساس إلى أوائل المتبنين والمتحمسين الشديدين للعلامة التجارية، ما يعني أن الزخم بدأ يخبو، خصوصًا مع تقدم السيارة في العمر من دون أن تحقق اختراقًا فعليًا في السوق. 

هذا في وقت بدأت فيه المنافسة تتحسن، لا سيما من شركات مثل ريفيان، ما جعل سايبرتراك عالقة في منطقة رمادية. فهي لم تعد شاحنة جديدة تثير الفضول، ولا هي مركبة مفيدة تؤدي دورها بكفاءة.

قد تمثّل الشاحنة الكهربائية الصغيرة التي تفكر تسلا في تطويرها فرصة حقيقية لتصحيح المسار، إذ تبدو خيارًا أكثر واقعية واستدامة واتساقًا مع متغيرات السوق، وربما أكثر قابلية للاستمرار على المدى الطويل من الناحية التجارية، خصوصًا إذا ما وُضعت في خدمة الاستخدامات اليومية والتنقل الذكي والبسيط، بدلاً من الرهان على مركبات ضخمة لم تثبت نجاحها الواسع بعد.