THE PASSAGE.. رفاهية معلّقة

تجربة إقامة لا تُشبه سواها.. هذا ما يعد به مشروع ذا باساج من تصميم فريق IA Interior Architects الذي يعيد إحياء جسور السكك الحديدية المهجورة بتحويلها إلى وجهات ضيافة فاخرة تمزج بين الابتكار المعماري، والاستدامة المتقدمة، والتواصل العميق مع الطبيعة.

يرتكز التصميم إلى وحدات إقامة معلّقة بأسلوب الكابولي، وممرات سماوية، وحدائق سقفية، مع الحفاظ على الهياكل الأصلية للجسور باعتبارها جزءًا من اللغة المعمارية للمشروع. كما يعتمد ذا باساج على نظام بيئي مغلق يستمد طاقته من الشمس والرياح، ويستخدم مياه الأمطار، ليُتيح نموذجًا متكاملاً للعيش المستدام من دون التفريط في الراحة أو الجماليات.

وراء هذا المفهوم الطموح يقف فريق التصميم المؤلف من جيمس لي، وتيريزا لي، وليفي لو، الذين صاغوا رؤية قابلة للتكيّف مع مواقع متعددة حول العالم، مع الحفاظ على جوهر التجربة: إقامة استثنائية ترتكز إلى الاستدامة، وتحترم التراث المعماري، وتستحضر علاقة مباشرة وهادئة مع البيئة المحيطة.

NIMA.. ضيافة زجاجية وسط غابة لاكاندون

عندما أراد المصمم المكسيكي أوخينيو بينافيديس دياز إتاحة تجربة ضيافة تتجاوز المألوف، لم يبحث عن الفخامة في مظاهرها التقليدية، بل اتجه إلى جوهر العلاقة بين الإنسان، والطبيعة، والثقافة. كانت النتيجة تصميم منتجع نيما NIMA، الذي يُعد من أبرز المشاريع الطلابية من جامعة "أنهوك المكسيكية"، بوصفه وجهة تُرسّخ معايير جديدة للضيافة الفاخرة في قلب غابة لاكاندون الكثيفة بجنوب المكسيك.

أجنحة المنتجع تُشبه كبسولات زجاجية معلّقة في الهواء، توفّر إطلالات بزاوية 360 درجة، وتتميّز بقدرتها على الدوران التلقائي مع حركة الشمس، ما يتيح توازنًا طبيعيًا للضوء والحرارة طيلة اليوم. وقد جرى تطوير هذه الوحدات باستخدام أنظمة طاقة شمسية متكاملة، وتقنيات تبريد تعتمد على المياه، ضمن هندسة دقيقة منخفضة الأثر البيئي، ما يجعل الإقامة فيها تجربة عالية الكفاءة وصديقة للبيئة.

لكن فكرة نيما  لا تقوم على كونه مجرد ملاذ بيئي فاخر، بل هو جسر يربط الزائرين بثقافة لاكاندون المتجذّرة، إذ يستوحي المنتجع عناصره الثقافية من مجتمع لاكاندون، وهم الشعوب الأصلية القليلة في المكسيك التي لا تزال تحافظ على إرث المايا الروحي، وتعيش في تناغم وثيق مع غابة لاكاندون الاستوائية.

من خلال شراكة وثيقة مع هذه المجتمعات، سيقدّم المنتجع طقوس عافية تقليدية، ومأكولات محلية مستخلصة من موارد الغابة، وبرامج ثقافية تُشرف عليها شخصيات من السكان الأصليين، ليخرج الضيف بتجربة لا تقتصر على الاستجمام، بل تغوص عميقًا في روح المكان وهويته الأصيلة.

CIELO COLCA.. إقامة تلامس السماء

يُقدَّم تصميم سييلو كولكا الذي فاز بجائزة أفضل مشروع طلابي لعام 2024 في جوائز رايكال إنوفيشن، بوصفه أحد مفاهيم الضيافة الأكثر طموحًا في مشهد التصميم المعماري المستقبلي. فالفكرة التي جرى تطويرها في معهد مونتيري للتكنولوجيا والدراسات العليا فرع توليوكا (Instituto Tecnológico y de Estudios Superiores de Monterrey Campus Toluca)، على يد فريق من المصممين، تتخيّل فندقًا معلّقًا جزئيًا فوق فراغ وادي كولكا العميق في بيرو، ما يتيح تجربة إقامة تلامس السماء وإطلالات بانورامية على تضاريس الوادي المهيبة.

ينقسم هيكل الفندق إلى جزأين متكاملين: نصفٌ عائم يلامس حدود الجاذبية، وآخر يرتكز بثبات على حافة الوادي، في توازن معماري دقيق يجمع بين الانسيابية والحضور الأرضي. لا يكتفي التصميم بإبهار الناظرين، بل يندمج بتناغم مع طبيعة الموقع، فيتحوّل إلى امتداد عضوي للمنظر الطبيعي، وليس عنصرًا غريبًا عليه.

يمثّل سييلو كولكا نموذجًا متقدّمًا للضيافة المستدامة، إذ يعمل بأنظمة طاقة متجددة، ويُعيد تدوير المياه بكفاءة عالية، مع التزام صارم بحماية النُظم البيئية المحيطة. كما يعكس التزامًا اجتماعيًا واضحًا من خلال دعم المجتمعات المحلية، عبر توظيف الحرفيين والعمال من المنطقة، ما يرسّخ علاقة متوازنة بين التجربة السياحية والتنمية الإقليمية.

هذا المزج بين الرؤية المعمارية الطموحة، والالتزام البيئي، والتواصل الثقافي، يجعل من فندق سييلو كولكا علامة فارقة في مشهد الفنادق العالمية، ويمنحه مكانة متميزة بين الوجهات التي تجمع بين الفخامة والوعي البيئي.

DUNA SAGRA.. تجربة ضيافة مدفونة في كثبان سونورا

في عمق كثبان سان نيكولاس بولاية سونورا المكسيكية، يتجلّى تصميم دونا ساغرا من معهد مونتيري في توليوكا كذلك، بوصفه رؤية مستقبلية جريئة للضيافة الصحراوية. هنا لا تُبنى المنشآت فوق الرمال، بل تنبثق منها في تصميم مفاهيمي يتعامل مع البيئة بوصفها نسيجًا معماريًا حيًّا.

يتوسّط المشروع قُبّة معمارية ضخمة بارتفاع 115 قدمًا، لا تكتفي بدور جمالي، بل تعمل بوصفها منظومة بيئية متكاملة: تُوفّر التهوية الطبيعية، وتجمع مياه الأمطار، وتُولّد الطاقة الشمسية، وتغمر المساحات بالإضاءة. ومن هذا المركز الهندسي، تنبثق العناصر الأخرى: مدرّج مفتوح، وسوق رصيفي، ووحدات إقامة شبه مدفونة ترتبط عبر صالات وممرات تحت الأرض، كلها مصمّمة لتمنح الضيف تجربة حسية غامرة تتجاوز حدود الضيافة التقليدية.

يمثّل المشروع نموذجًا نادرًا يتقاطع فيه الابتكار المعماري، والوعي البيئي، والتفاعل الثقافي، ليقدّم تجربة إقامة لا تُنسى.