عالم السينما مليء بالأفلام الشهيرة التي لها مساحة في وجدان محبي الفن السابع، وبعض تلك الأفلام سجّل حضورًا في ذهن المشاهد ليس بسبب الأداء المتميز للممثلين فحسب، أو الحوار المكتوب بحرفية، أو أسماء النجوم الذين شاركوا فيها. بل يُضاف إلى ذلك أحيانًا أن المحيط الذي جرت فيه أحداث الفيلم كان ملهمًا ومبهرًا بدرجة لا تقل عن عناصر الفيلم الأخرى. ما بين تصميمات فلكلورية تعبّر عن ثقافة ما، وفنادق تعج بمظاهر البذخ والأناقة، نأخذك في رحلة لتختار ما يناسبك منها في رحلتك السياحية المقبلة.

فنادق كرّست شهرتها أفلام أيقونية

نستعرض في ما يأتي خمسة فنادق كان لها حضور مميز في أفلام شهيرة:

 

1- الفندق: المأمونية

الفيلم: (The Man Who Knew Too Much (1956  

حاز المخرج ألفريد هيتشكوك جائزة الأوسكار عن فيلمه التشويقي "الرجل الذي يعرف الكثير" الذي أنتج في خمسينيات القرن الفائت. أما أحداث الفيلم، فجرت في مدينة مراكش بالمغرب خلف جدران فندق المأمونية بالغ الفخامة.

يرصد الفيلم قصة طبيب أمريكي (أدى دوره النجم جيمي ستيوارت) يذهب مع زوجته (أدت دورها الممثلة والمغنية الأمريكية دوريس داي) في رحلة إلى الشرق الساحر وسط مدينة مراكش الممتلئة بعبق التراث.

وتتوالى أحداث الفيلم في جو من الإثارة والتعقيد، فتتزاحم فيه مشاهد اختطاف ابن السائحين الأمريكيين، والاغتيال، ومكائد الجواسيس. لكن ما أضفى بعدًا جماليًا على حبكة الفيلم الدرامية كان فندق المأمونية الساحر بطابعه الأصيل، وأبوابه وشرفاته التي تتدثر بطابع شرقي أصيل.

وبالرغم من أعمال التحديث التي طرأت على الفندق، إلا أنه ما فتئت يزخر بعدد من التفاصيل التي عرفناها في الفيلم، مثل التمثال الذي يرمي فيه فارس أسداً برمح حاد في الردهة، وأعمال الفسيفساء الزجاجية المتقنة. كما أنه لا ينفك يتفرّد بحس الضيافة الرفيع الذي تكرّسه خدماته الفندقية.

شكل فندق المأمونية على مدى سنوات وجهة تلقى استحسان النخبة من زوّار ألهمهم السحر المحيط بالمكان، فضلاً عن الأجواء السائدة عبر مساحاته لتغمر الضيف بمعاني الأصالة وتجليات الثقافة الشرقية.

وقد شملت قائمة الضيوف  صانع الأفلام الأمريكي أورسن ويلز، وأسطورة الغناء الفرنسي إديث بياف وعبقري الكوميديا الممتزجة بالدراما المحزنة تشارلي تشابلن.

بل كان الفندق شاهداً أيضًا على بعض الأحداث والمباحثات السياسية، حين أقنع رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق وينستون تشرتشل الرئيس الأمريكي فرانكين روزفلت بالقدوم إلى فندق المأمونية بهدف إجراء محادثات استراتيجية إبان الحرب العالمية الثانية.

فندق المأمونية

La Mamounia

2- الفندق: ذا بلازا

الفيلم:  (Home Alone 2: Lost in New York (1992

يأتي الجزء الثاني من سلسلة أفلام Home Alone (وحيدًا في المنزل 2: تائه في نيويورك) ليدفعك إلى الشعور أنك على أعتاب سنة ميلادية جديدة، تنبعث من حولك رائحة بسكويت الزنجبيل الشهي، بينما تتساقط كرات الثلج الصغيرة على زجاج شرفتك التي ينعكس عليها لهيب المدفأة.

لكن الفيلم الذي صار مرتبطًا بالذاكرة ببداية سنة جديدة لم يستمد شهرته فقط من الأحداث الكوميدية بين الطفل الذكي المشاغب التائه دوماً من ذويه، كيفن، وبين زمرة السارقين الأشرار الذين يطاردونه بلا هوادة، بل لأن الأحداث قد تجسدت داخل المدينة الأكثر شهرة نيويورك بل داخل أحد أفخم فنادقها وأعرقها ذا بلازا The Plaza.

كان الفندق، الذي يحتل بقعة قريبة من متنزّه سنترال بارك الشهير، خيار كيفن عندما فقد والديه بمصادفة مدهشة، ووجد نفسه فجأة وحيداً. لكن ثمة العديد من البدائل التي يمكن لكيفن الاستمتاع بها  بانتظار أن يجد والديه مجدداً، ومنها الفندق الذي تذكره من إعلان رآه سابقاً وكيف بدا وكأنه قطعة من الخيال، فقرر أن يكون وجهته.

أول ما يلفت الانتباه في فندق ذا بلازا واجهته الخارجية والتصميم العريق المميز للبناء، ثم البهو الفاخر الزاخر بالتفاصيل والمؤثرات الفنية، والأسقف الشاهقة، والرخام الأبيض الذي يكسي الجدران، فيما قطع الديكور الثمينة تتناثر في مختلف الأرجاء، والثريات التي تتدلى بألق من سقف كل حيز ببهو الفندق.

يأخذنا كيفن في رحلة للخلو بالنفس في بؤرة من الرفاهية والترفيه، فيحجز الجناح 411، ويتمتع بالمسبح الذي لا يوجد حقيقة داخل فندق ذا بلازا بل جرى تصوير المشهد في شيكاغو وقتئذ. حتى إن الفندق قدّم عام 2017 حزمة خاصة لزائريه احتفالاً بمرور 25 عامًا على تصوير الفيلم بداخله، وشمل ذلك توصيل المثلجات عبر خدمة الغرف، وقسائم هدايا من متجر إف إيه أو شوارز FAO Schwarz للألعاب.

من التصميم الكلاسيكي الراقي الذي يعد الهوية الأساسية للجناح وللفندق بصفة عامة، إلى مظاهر التدليل التي اختبرها كيفن مثل الاستمتاع بالمثلجات والبيتزا والانغماس في السرير الوثير والاسترخاء في حوض الغوص الذي جُهز به الجناح، تضافرت الأسباب التي جعلت من الفندق مقصدًا لمحبي الفيلم، إضافة إلى كونه وجهة لقادة العالم وكبار الشخصيات ونجوم برودواي وهوليوود منذ إنشائه قبل ما يزيد على قرن من الزمن.

فندق ذا بلازا

The Plaza

3- الفندق: حياة ريجينسي فانكوفر

الفيلم: (Love Happens (2009

يعد الفيلم من أشهر أفلام الممثلة الأمريكية جينيفر أنستون، ويروي قصة الكاتب التحفيزي الذي يقوم بدوره الممثل آرون إيكهارت. هو أرمل يصدر كتاباً محاولاً به تجاوز أحزانه فيتواجه مع بائعة الزهور الفاتنة جينيفر أنستون ليتوغل مرة جديدة في ماضيه الأليم.

اشتمل الفيلم على مشاهد صُوّرت داخل فندق حياة ريجينسي فانكوفر Hyatt Regency Vancouver، بما في ذلك مشهد لقاء البطلين في أثناء جولة حفل توقيع كتاب إيكهارت الجديد وقيام أنستون بجلب الزهور لتزيين أروقة الفندق الكندي.

يتميز الفندق، الذي يطغى عليه تصميم معاصر، بقربه من المرافق والخدمات العامة في مدينة فانكوفر، ويحتوي على مركز لرجال الأعمال ومسبح خارجي بنظام تدفئة لمن يريدون السباحة والاسترخاء في محيطه في طقس فانكوفر البارد.

فندق حياة ريجينسي فانكوفر

Hyatt Regency Vancouver

4- الفندق: ذا هيدلاند

الفيلم: (The Witches (1990

يروي الفيلم الكوميدي "الساحرات" القصة الخيالية لاجتماع للساحرات يكتشفه أحد الأطفال فيحاول منعهن عما يضمرنه من شرور وهو ما يوقعه في فخهن إذ يحوّلنه إلى فأر.

جرى تصوير الفيلم في حقبة التسعينيات في فندق ذا هيدلاند The Headland الواقع جنوب غرب إنجلترا في مدينة نيو كواي داخل كورنوال، وهو واحد من فندقين فقط يحملان تصنيف الخمس نجوم بهذه المنطقة، حيث تزدهر رياضة ركوب الأمواج. وقد حاز الفندق جائزة أفضل فندق يطل على البحر في استفتاء التايمز لعام 2020.

 يشرف الفندق ذو الإطلالة المهيبة على شاطئ فيسترال، الذي استضاف العديد من أنشطة ركوب الأمواج والذي يمتد بطول 750 مترًا. بأما تاريخ إنشاء الفندق، فيعود إلى عام 1897 وهذا يبرر تصميمه الذي ينتمي للعهد الفيكتوري الكلاسيكي، لكنه يتواكب مع العصر دوماً ويقدم اليوم لهواة العطلات البحرية وأجوائها الخاصة خدمات تُستخدم فيها التقنيات الحديثة الذكية ومنتجعًا صحيًا وقائمة متنوعة من المأكولات البحرية.

فندق ذا هيدلاند

The Headland

5- الفندق: ذا سافوي

الفيلم: (Stan & Ollie (2018

يستكشف الفيلم حياة أسطورتي الكوميديا في زمن السينما الكلاسيكية الأمريكية وهما ستان لوريل وأوليفر هاردي، الثنائي الذي حقق نجاحاً ساحقًا في الأفلام الصامتة قبل التمثيل في الأفلام التي تشتمل على حوارات. وقد جرى تصوير المشاهد الخارجية من فيلمهما "ستان وأولي" في فندق ذا سافوي بلندن في المملكة المتحدة.

شهد الفندق العريق، الذي يعود بناؤه إلى عام 1889، أحداثًا تاريخية عدة، وكان عنصراً بارزًا في أفلام مثل الفيلم الرومانسي الشهير Notting Hill والفيلم التشويقي The Long Good Friday.

فندق ذا سافوي

The Savoy

يعد الفندق الأول في عالم الفنادق الفاخرة ببريطانيا بموقعه على نهر التيمز، وبعلاقته الدائمة مع العائلة البريطانية الملكية.

تتجلى اللمسة الإنجليزية الأنيقة العتيقة عبر كامل أرجاء الفندق، وحتى في طقوس شاي بعد الظهيرة التي يتيحها اليوم للضيوف. كما تعاون الفندق مع دار غوتشي الإيطالية في تجديد الجناح الملكي بأثاث ومفروشات وقطع ديكور من مجموعة العلامة.

وجمعه أيضًا مشروع تعاون مع دار المزادات البريطانية كريستيز لإكمال تجديد التحف الفاخرة بما ينسجم مع تصميم تصميمه وتراثه.