بخطى واثقة، تُعيد دولتشي آند غابانا تعريف ما يمكن أن يُرتدى علنًا. ففي عرضها لموسم ربيع 2026 وصيفه، تختار العلامة الإيطالية العودة إلى قطعة مألوفة لكل رجل: المنامة أو طقم البيجاما. لكنها لا تعود إليه بوصفه لباسًا ليليًا، بل بوصفه تعبيرًا كاملاً عن الأناقة اليومية والراحة الرفيعة.
أرادت الدار أن تحتفل بما أطلقت عليه Pigiami in tutte le salse (البيجاما بمختلف أنواعها)، على ما يقول الإيطاليون، واستلهمت تصاميمها من أرشيف التسعينيات، لتقدّم هذه القطعة المحببة بروح متجددة، تمزج بين البساطة والذوق الرفيع. 

ما بدا في الوهلة الأولى مزحة أنيقة، تحوّل إلى تصريح واضح عن الهوية: تصميم متقن، وبساطة مدروسة، وإصرار على عدم الانجراف في زحام الصيحات العابرة.

حين تتحوّل البيجاما إلى تجسيد للأناقة اليومية

لم تكن البيجاما مجرد محور للتصميم، بل تحوّلت إلى فلسفة ارتداء كاملة. ففي مفارقة مدروسة، استُبدل القطن العادي بأقمشة الحرير التقليدية، ليُعاد تعريف الفخامة على أسس الراحة والتلقائية. وقد جاءت أطقم البيجاما بقصات فضفاضة وخطوط انسيابية تمايزت بها السراويل ذات الأربطة والقمصان المخططة المزوّدة بأطراف ملبّدة. 

دولتشي آند غابانا تُعيد البيجاما إلى قلب الموضة بلمسة عفوية راقية

Dolce & Gabbana

اختيرت للتصاميم تدرّجات الباستيل الرقيقة التي توحي بنعاس خفيف، وكأنها خرجت للتو من أحضان النوم؛ لكن هذا الإيحاء لم يكن إلا خدعة بصرية محسوبة بدقة: فالتجعّدات المتعمّدة والملمس الانسيابي يُخفيان خلفهما قصّات مشغولة بعناية، تُجسّد خبرة رفيعة في الحياكة تستلهم فنّ الإهمال المدروس.

تتداخل هذه البيجامات بسلاسة تحت طبقات خارجية غير متوقعة: سترة مزدوجة الصدر، ومعاطف بأحجام رياضية، وسترات صوفية مترهلة، ومعاطف جلدية فاخرة، وتصاميم بطبعات النمر أو الفراء الصناعي، ما يعزّز الطابع المتمرّد للعرض. وعلى مستوى التفاصيل، اكتملت الإطلالات بنعال إسفنجية تُشبه نعال الحمّام، وصنادل هاڤاياناس Havaianas، في إشارة إلى الأسلوب المتفلّت من قواعد الموضة التقليدية.

دولتشي آند غابانا تُعيد البيجاما إلى قلب الموضة بلمسة عفوية راقية

Dolce & Gabbana

عرض بلمسة بيتهوفن

بدا المشهد في ظاهره هادئًا، لكنه في حقيقته كان أشبه بانفجار بصري وسمعي، إذ اختارت الدار أن يرافق العرض إيقاع غير متوقّع: سيمفونيات بيتهوفن، بكل ما تحمله من صرامة درامية وعمق كلاسيكي. 

هذا التباين بين نغمة الموسيقى الرصينة وخفّة البيجامات القطنية منح العرض طاقة متباينة ومدروسة، جمعت بين النخبوية والمشاكسة. كانت دولتشي آند غابانا في أقصى حالات المرح والذكاء، تصوغ من القطع البسيطة بيانًا جماليًا متكامل الأركان.

ولم يكن الختام أقلّ مفاجأة، إذ تحوّل العرض إلى حدث حيّ خرج عن إطار القاعة المغلقة. سار العارضون ببيجاماتهم المطرّزة يدويًا والمزيّنة بأحجار دقيقة ولمسات برّاقة مباشرة إلى شارع ڤيالي بيافي في قلب ميلانو، وسط تصفيق الجمهور وصيحات الإعجاب. لحظة أدائية نُظّمت لتعكس ما أرادته الدار فعلًا: موضة تعبّر عن إيقاع الشارع، تُولد من فراش النوم وتُكمل رحلتها في الحياة العامة من دون تصنّع.