يميل عالم الأزياء الرجالية إلى التنقيب في صفحات الماضي. بل إن الأزياء القديمة تظل حاضرة في كل موسم، سواء أكانت عتيقة الطراز، أم مستوحاة من إطلالات قديمة، أو نسخة طبق الأصل عنها. أما التصاميم الأحدث المفضلة لدينا في هذا المجال، فهي من ابتكار علامات كانت تعيش سباتها وعادت اليوم لتستعيد نشاطها. 

Aspesi

انطلقت دار أسبيزي Aspesi في ميلانو في عام 1969 بوصفها محترفًا لحياكة القمصان، وأصبحت بحلول أواخر ثمانينيات القرن الفائت وتسعينياته العلامة المفضلة عند أصحاب الذائقة الرفيعة من الإيطاليين.

إنها علامة متخصصة في ما يحب المؤسس ألبرتو أسبيزي تسميته بالملابس "العادية"، ولكن المشغولة من أقمشة متفردة مصدرها مصانع متخصصة موزعة في مختلف أنحاء العالم. وتشمل هذه الابتكارات معاطف واقية من الأمطار من النايلون الياباني، وسراويل من الكتان الإيرلندي، وقمصانًا من قطن شامبري المبيّض. 

لا تزال هذه الجينات مرجعًا يسترشد به لورانس ستيل، الذي جرى تعيينه مديرًا إبداعيًا في عام 2020 بعد التعاون مع العلامة التجارية في أدوار مختلفة لمدة 25 عامًا تقريبًا، بموازاة ابتكاره تصاميم لعلامته التجارية الخاصة ولدار مارني.

وانطلاقًا من معرفة ستيل الوثيقة بدار أسبيزي، يعمل ببساطة على صقل فلسفتها المتمثلة في تقديم ملابس بسيطة وعملية تعكس أعلى معايير الجودة. في هذا يقول: "ثمة طابع عصري يميّز أي علامة تعمل على تبسيط تصميماتها، وتقديم قطع مميزة تلقى استحسان الجميع ولكن تخاطب كل ذائقة بأسلوب متفرد".

وقد ركز ستيل في مجموعته الأولى، التي صدرت هذا الخريف، على الحياكة، فقدّم معاطف وسترات مزدوجة الصدر تغلب عليها خطوط مبسّطة. أما حاليًا، فينصب اهتمامه على القمصان التي يصوغها من خامات مختلفة، من البوبلين القطني الخفيف إلى الدنيم والحرير.

معطف من أسبيزي تزين نسيجه النقوش من نمط أمير ويلز.

Aspesi
معطف من أسبيزي تزين نسيجه النقوش من نمط أمير ويلز.

Pellat-Finet

ظهر في السنوات الأخيرة عدد لا بأس به من العلامات التجارية التي تركز على الكشمير، وجميعها تدين ببعض الامتنان إلى لوسيان بيلات - فينيت، الذي أغدقت عليه صحيفة Women’s Wear Daily لقب "أمير الكشمير" عندما أطلق أولى مجموعاته في أوائل تسعينيات القرن الفائت.

آنذاك، لاقت كنزاته غير الرسمية، التي يغلب عليها طابع أزياء الشارع، والمحبوكة بألوان صارخة والمزدانة بالرسومات المتداخلة أو برسومات لأوراق شجر ضاحكة أو جماجم، نجاحًا كبيرًا، وحظيت باستحسان الجميع من توم كروز إلى شارلوت أميرة موناكو. ولكن مع ابتعاد عالم الأزياء عن التصميمات الغرافيكية الغريبة، فقدت ابتكارات بيلات - فينيت المرحة تمايزها.

هذا العام، أعيد إحياء العلامة، التي اختُصر اسمها إلى بيلات – فينيت، وجرى الاستغناء عن التصاميم الزاهية التي كانت تشتهر بها من قبل. بدلاً من ذلك، اعتمدت الفلسفة الجديدة للدار على البساطة، مع مجموعة محدودة من التصاميم الخالدة: كنزات بياقة مستديرة، وكنزات بقلنسوة، وسترات قصيرة بسحاب علوي، وكلها متوافرة في تصميم أحادي اللون وأوزان مختلفة.

أما خيوط الكشمير، الممشطة والمنسوجة في إيطاليا أو اسكتلندا والمصممة في لندن، فلا تزال باذخة على ما هو عليه الحال دومًا. وإذا كان زبائن العلامة التقليديون يتخوّفون من أن تكون قد فقدت حسها المرح، فإننا نقول لهم: لا داعي للخوف. إلى جانب الأزرق الداكن والرمادي الكلاسيكيين، تشمل خيارات الألوان المتاحة الوردي الزاهي والأصفر الفاتح.

 سترة ذات وجهين بقلنسوة بيلات - فينيت.

Pellat-Finet
سترة ذات وجهين بقلنسوة بيلات - فينيت.

Ghurka 

تعمل غوركا، التي تعد واحدة من دور قليلة متخصصة في الجلود الفاخرة في أمريكا، على تصنيع حقائبها في ولاية كونيتيكت منذ عام 1976. وإذ استوحت الدار تصميماتها في البداية من مجموعة من المنتجات القديمة التي عُثر عليها خلال بيع عقار لأحد القادة العسكريين البريطانيين، فقد استحضرت فيها الطابع العملي للعتاد العسكري باستخدام جلد العجول الفرنسي الفاخر ونسيجها القطني المميز.

كانت الحقائب الفاخرة والمتنوعة من العلامة التجارية شائعة في خزانات طلاب مرحلة ما قبل الجامعة خلال ثمانينيات القرن الفائت، ولكن مع مرور الوقت والتغييرات في الملكية، انحرفت غوركا عن مسارها. في العام الماضي، استعانت العلامة بجون ترويكس، الذي شارك في تأسيس علامة السلع الجلدية الفاخرة لامبرتسون ترويكس Lambertson Truex، والذي ابتكر تصاميم لصالح تيفاني أند كو، للمساعدة في تصحيح هذا المسار.

سترة  Blazer No. 278 من غوركا.

Ghurka 
سترة Blazer No. 278 من غوركا.

بدأ ترويكس عمله بالبحث في السجلات القديمة، ثم أعاد إحياء حقيبة Overlander الهجينة التي تجمع بين حقيبة الأوراق والمستندات وحقيبة التسوق. كما قدم حقيبة Gearpack  متعددة الجيوب من طراز Crossbody التي صممها لمن يقطعون مسافات طويلة إلى العمل يوميًا. 

كان ترويكس معجبًا جدًا بتركيز غوركا على الجانب الوظيفي للتصميم بقدر اهتمامها بالشكل، وفي هذا يقول: "لا تفصيل غير مجد في المجموعة ولن يكون. ثمة سبب لكل شيء."