كثيرة هي الوجهات الفندقية التي تعد مريديها بإقامة ملكية تُخاطب أصحاب الذائقة الرفيعة من النخبة وكبار الشخصيات. ولكن القليل من هذه المقاصد يشرع مساحاته لمعاني ترف مستمد من رحم الأصالة والتاريخ من دون المساومة على مظاهر الفخامة ووسائل الرفاهية الحديثة الأعلى تميزًا.

فنادق فاخرة من باريس ولندن إلى روما وأثينا والهند

نستعرض فيما يأتي خمسة من الفنادق التي تكرّس حضورها في ذاكرة تاريخ ما فتئ صداه يتردد في جنباتها:

1- فندق The Ritz Paris

يحتكر فندق الريتز باريس موقعًا متفردًا في قلب ساحة فاندوم حيث يتجلى واحدًا من أرقى الوجهات الفندقية الفرنسية التي تفوّقت في تجسيد أعلى معايير الترف الباريسي على مدى عقود.

ومنذ افتتاح الفندق عام 1898، شكّل مقصدًا لإقامة الملوك والرؤساء وكبار الشخصيات في عالم الفن والثقافة، ووجهة لاستضافة العديد من المناسبات الدولية والفنية، ومن أبرزها أسبوع الموضة بباريس.

خضع الفندق لعملية استعادة استغرقت أربع سنوات بتكلفة قُدرت بمائتي مليون دولار بهدف استعادة اللمسات المعمارية للقرن التاسع عشر، وأعاد افتتاحه أبوابه أمام الزائرين في عام 2016 بعد أن جرى تقليص عدد أجنحته وغرفه إلى 142 وحدة، سُمي العديد منها باسم ضيوفه من نخبة المثقفين والأدباء والفنانين، وفي مقدمتهم دوق ويندسور، والمصمّمة غابرييل شانيل، والممثل الكوميدي الإنجليزي تشارلي تشابلين.

يعد نادي ريتز كلوب باريس بتجارب صحية مترفة تُصمم على قياس احتياجات الضيوف.

Vincent Leroux
يعد نادي ريتز كلوب باريس بتجارب صحية مترفة تُصمم على قياس احتياجات الضيوف.

تغلب مظاهر البذخ في التصميم والتأثيث على مختلف مساحات الفندق الأسطوري الزاخرة باللوحات الفنية الثمينة والثريات الكريستالية، والستائر المشغولة من القماش الدمشقي الفاخر وسط ألواح خشب السنديان والأرضيات الحجرية الأصلية التي جرى استعادتها.

لكن التفاصيل التاريخية تتكامل هنا مع مظاهر حداثة تستحضرها شاشات التلفاز التي تحتجب خلف المرايا، والمكاتب من طراز لويس السادس عشر التي جُهزت بالوسائل التقنية المميّزة للقرن الحادي والعشرين.

وفيما أعاد الفندق افتتاح بعض مرافقه القديمة المفضلة عند روّاده، على غرار مجلس همنغواي، شملت المرافق المستحدثة نادي الريتز الصحي الذي يوفّر تجارب علاجية مصممة على قياس احتياجات الضيف.

تُعد حديقة Grand Jardin في الريتز باريس واحة خاصة للمناسبات في وسط المدينة.

Vincent Leroux
تُعد حديقة Grand Jardin في الريتز باريس واحة خاصة للمناسبات في وسط المدينة.

2- فندق Rocco Forte House, Rome

يستقطب فندق روكو فورتيه هاوس في روما المسافرين الذين ينشدون تجارب الضيافة المترفة الممتزجة بأقصى درجات الخصوصية، متيحًا لهم إقامة مميّزة في جنبات قصر إيطالي ارتفع بنيانه في القرن الثامن عشر في واحد من أكثر المواقع تفرداً وإلهامًا في روما مقابل ساحة بياتزا دي سبانيا Piazza di Spagna الشهيرة.

يُفرد الفندق لضيوفه خمسة أجنحة فاخرة يختبرون في رحابها خدمات رفيعة تتكامل مع إحساس راسخ بحميمية المنازل وخصوصيتها وسط مؤثرات تصميمية أنيقة تنبض بالحيوية فيما تمزج بين الألوان العصرية والأثاث عتيق الطراز والتفاصيل الكلاسيكية التي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي.

تأثيث فاخر يطغى على جناح بياتزا دي سبانيا العلوي الذي تكمله شرفة خاصة.

Janos Grapow
تأثيث فاخر يطغى على جناح بياتزا دي سبانيا العلوي الذي تكمله شرفة خاصة.

وتتجلى مظاهر البذخ خصوصًا في جناح بورغيزي الذي يمتد على مساحة 291 متراً مربعاً ويضم أربع حجرات نوم، وفي جناح بياتزا دي سبانيا الذي ينفرد بموقعه على سطح القصر مفضيًا إلى شرفة خاصة.

تمتاز الشرفة بإطلالة حصرية على الدرج الإسباني وعلى أبرز معالم المدينة الإيطالية العريقة. فضلاً عن ذلك، يستفيد المقيمون في أجنحة الفندق من مزايا حصرية تشمل توفير طاه خاص وجليسة أطفال، وتنظيم الرحلات والحجوزات في المطاعم والوجهات الترفيهية الراقية.

تتجلى مظاهر البذخ خصوصًا في جناح بورغيزي الذي يمتد على مساحة 291 متراً مربعاً.

تتجلى مظاهر البذخ خصوصًا في جناح بورغيزي الذي يمتد على مساحة 291 متراً مربعاً.

3- Hotel Grande Bretagne, Athens

يُعد هذا الفندق الخيار الأمثل للغوص في تجربة إغريقية يعزّ نظيرها تتكامل مع تاريخه العريق وحلته المسرفة في البذخ التي كرّسته مقصدًا لملوك ورؤساء دول ورجال أعمال ومشاهير شُيدت هذه الواحة في الأصل سنة 1874 لاستقطابهم.

فعلى قياس ذائقة هذه النخبة، تشكل الفندق - الذي يتفرّد بالإطلالات الأخاذة على أبرز معالم أثينا، بدءاً من البرلمان وصولاً إلى الاستاد الأولمبي الأصلي - مساحات من ترف تحتفي بتاريخ الحضارة اليونانية وسط مظاهر التصميم والتأثيث بالغة الفخامة التي تناغم بين الرخام والثريات والأقمشة الدمشقية، واللوحات الفنية والتحف الأثرية الأصيلة.

يتفرّد الفندق الذي شُيد سنة 1874 بالإطلالات الأخاذة على أبرز معالم أثينا، بدءاً من البرلمان ووصولاً إلى الاستاد الأولمبي الأصلي.

يتفرّد الفندق الذي شُيد سنة 1874 بالإطلالات الأخاذة على أبرز معالم أثينا، بدءاً من البرلمان ووصولاً إلى الاستاد الأولمبي الأصلي.

يحتضن هذا الصرح التاريخي 320 غرفة وجناحًا يتصدرها الجناح الملكي الوحيد في أثينا، والمشرف من موقعه في الدور الخامس على ثلاثة آلاف عام في عمر الأكروبوليس، وعلى ساحة سينتاغما الشهيرة وهضبة ليكابيتوس.

يمتد هذا الجناح، الذي شكل في زمن ماض ملاذًا لأمثال صوفيا لورين وإليزابيث تايلور، على مساحة 400 متر مربع تتزيّن بمعالم الفخامة وبتمازج عبق الأصالة والتقنيات الحديثة، هذا التمازج الذي ضمنه في عام 2003 مشروع استعادة وتجديد شامل بكلفة 82 مليون يورو أعاد تكريس أمجاد الفندق بما يتيح لمريديه الاستمرار في اختبار مفهوم الضيافة المتفرّد الذي تبنّاه على مر العقود.

يتيح الفندق التاريخي لضيوفه أيضًا تجارب متنوعة، بدءًا من اختبار أطايب تحتفي بمطابخ اليونان ومنطقة الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وليس انتهاء بالجلسات الصحية في نادي GB Spa والجولات التي ينظمها منسق شخصي لاستكشاف معالم أثينا التاريخية سيرًا على الأقدام.

حجرة النوم في الجناح الملكي الوحيد من نوعه في أثينا والمشرف على الأكروبوليس.

حجرة النوم في الجناح الملكي الوحيد من نوعه في أثينا والمشرف على الأكروبوليس.

4- Taj Umaid Bhawan Palace

من أعلى نقطة بمدينة جودبور في ولاية راجستان الهندية، اختار المهراجا أوميد سينغ تل شيتار الموقع الذي شُيد فوقه قصر أوميد بهاوان بين عامي 1928 و1943.

تحوّل القصر بمرور السنين إلى شاهد على الحياة في العصر الملكي وواحة تاريخية تستقطب مريدي الفخامة والأصالة إذ تبشّرهم بتجارب إقامة متفردة تعبر بهم إلى ماض زاخر بالتراث الهندي. وإذا ما احتسبنا الحديقة التي تُقدر مساحتها بحوالي 26 فدانًا، فإن هذا الصرح يُعدّ سادس أكبر مبنى سكني خاص في العالم.

يربض هذا القصر التاريخي في أعلى نقطة بمدينة جودبور مستقطبًا مريدي الفخامة والأصالة.

Jaideep Oberoi
يربض هذا القصر التاريخي في أعلى نقطة بمدينة جودبور مستقطبًا مريدي الفخامة والأصالة.

تتجلى هنا مظاهر الإعجاز المعماري في هيكل قصر أوميد بهاوان المشغول من الأحجار الرملية الممزوجة بلمسات عصرية باللون الوردي. وقد نُحتت الحجارة وتشكلت لتصبح بنياناً مرصوصاً دون استخدام الإسمنت لربطها معاً، ما كشف عن أسلوب معماري متفرد جعل من القصر أعجوبة هندسية بامتياز.

وينقسم الفندق الرابض فوق المدينة الزرقاء إلى مقر للأسرة المالكة، ومتحف يعرض ممتلكات الأسرة المالكة، فضلاً عن الفندق الذي يضم 70 غرفة وجناحًا تزدان بزخارف وتصاميم بتوقيع أشهر المهندسين البريطانيين والبولنديين فيما توفّر إطلالات أخاذة على حدائق القصر مترامية الأطراف.

فسحة لاستعادة السكينة وتجديد الطاقة في مسبح زودياك.

Ray Main
فسحة لاستعادة السكينة وتجديد الطاقة في مسبح زودياك.

هنا يستمتع الزائرون أيضًا بأشهى الأطباق الهندية الشهيرة ويستكشفون مجموعة من الأطايب الأوروبية ومذاقات المطبخ المتوسطي التي تتيحها مطاعم الفندق.

كما تشمل مرافق الفندق ناديًا صحيًا، ومركزًا للياقة البدنية واليوغا وملاعب لكرة المضرب. أما المسبح الداخلي للفندق، فيمنح الضيوف الفرصة للاستجمام في فسحة كانت من قبل تشكل ملاذاً حصرياً لسيدات العائلة الملكية وما زالت تحتفظ بطابعها الملكي الذي تستحضره رسوم يدوية للفنان البولندي ستيفان نوربلين.

زخارف هندسية من التراث الهندي تزيّن ردهة القصر.

زخارف هندسية من التراث الهندي تزيّن ردهة القصر.

5- Claridge’s

أبصر فندق كلاريدجز النور في عام 1856 ليرتسم بتصميمه الذي يحتفي بفن الآرت ديكو وبملامح أناقة غير متكلفة جوهرة فندقية تتلألأ في حي ماي فير الراقي وسط لندن لتجتذب العديد من الملوك والشخصيات المرموقة التائقين لإقامة مترفة في واحة تاريخية تزخر بتجليات الإرث البريطاني الأصيل منذ القرن التاسع عشر.

يرتسم الفندق الذي يحتفي بفن الآرت ديكو جوهرة فندقية تتلألأ في حي ماي فير الراقي وسط لندن.

يرتسم الفندق الذي يحتفي بفن الآرت ديكو جوهرة فندقية تتلألأ في حي ماي فير الراقي وسط لندن.

وثقت الزيارة الأولى للملكة فيكتوريا والأمير ألبرت في عام 1860 بداية ارتباط اسم الفندق التاريخي بالتاج البريطاني، وتبلور الدور التاريخي للفندق على مدى العقود التالية وصولاً إلى الحرب العالمية الثانية حين فتح أبوابه ملاذًا آمناً لملوك اليونان والنرويج ويوغوسلافيا بعد نفيهم من بلادهم. 

بل إن ثمة حكاية مفادها أن وينستون تشرشل تخلى بتاريخ 17 يوليو من عام 1945 عن الجناح رقم 212 في فندق كلاريدجز لصالح دولة يوغوسلافيا لتتمكن ألكسندرا، زوجة الأمير بيتر الثاني من ولادة ابنها على "أرض" يوغوسلافية.

عناصر تصميم كلاسيكية توحي بالفخامة تغلب على حجرة النوم في الجناح الملكي.

Ray Main
عناصر تصميم كلاسيكية توحي بالفخامة تغلب على حجرة النوم في الجناح الملكي.

يجسد الفندق اليوم جوهر الأسلوب الإنكليزي في حرصه على إضفاء لمسات عصرية بين الحين والآخر ليبرز أعلى معايير الضيافة مع ضمان توفير أفضل سُبل الراحة للنزلاء، متباهياً بعناصر تصميم كلاسيكية بداية من قاعة الاستقبال الفخمة وقطع الأثاث المختارة بعناية فائقة التي تزين فسحات الإقامة الموزعة على 203 وحدات ما بين غرف وأجنحة.

كما يحتضن الفندق، التابع لمجموعة مايبورن الفندقية، مركزًا للياقة البدنية وناديًا صحيًا، وقاعات فاخرة لعقد الاجتماعات والمؤتمرات، ومجموعة من المطاعم التي تتيح استكشاف مزيج من أطايب قديمة أو جديدة، وفي طليعتها مطعم The Foyer and Reading Room المثالي أيضًا لاختبار طقوس الشاي الإنكليزية.