بيع مبنى فلاتيرون الأيقوني في نيويورك، منتصف شهر مارس، مقابل 190 مليون دولار في مزاد شهد منافسة شديدة على درجات محكمة مانهاتن.

ظل مبنى فلاتيرون الشهير في نيويورك موضوعًا لسنوات من الدعاوى القضائية المثيرة للجدل بين العديد من الأطراف صاحبة المصلحة؛ ما أدى، في نهاية المطاف، إلى عقد مزاد علني بأمر من المحكمة. 
بعد سلسلة من العطاءات، عرض منافس خارجي، يُدعى جاكوب جارليك، وهو شريك في صندوق أبراهام تراست الاستثماري، 190 مليون دولار مقابل امتلاكه المبنى الواقع في قلب مانهاتن عند تقاطع الجادة الخامسة مع برودواي في شارع 23. وكان خصم جارليك في المزاد، جيفري جورال، رئيس GFP Real Estate، وكان لديه فرصة للفوز في المزاد ولو حتى كمالك جزئي للمبنى، لكنه خسر بعد حوالي 40 دقيقة من السجال أمام المحكمة.

كانت عملية البيع تتويجًا لخلاف طويل الأمد بين أصحاب المصلحة في المبنى، وبشكل أساسي بين جورال وصاحب حصة الأغلبية في المبنى ناثان سيلفرشتاين. وعلى غير ما هو مألوف، كان لكل طرف حق النقض (الفيتو) على كل قرار بناء ويستخدمه في كثير من الأحيان؛ ما أدى إلى اضطرابات متعددة في كل شيء متعلق بالمبنى تقريبًا.

بعد دعاوى قضائية عدة، وجد الملاك أنفسهم في مأزق باهظ الثمن؛ فالمبنى مهم لكنه أصبح شاغرًا. لذلك، تدخلت المحكمة لفرض مزاد في محاولة للعثور على مالك واحد.

وعلى الرغم من أن جارليك فاز بالمزاد، إلا أنه كان عليه الوفاء ببعض الالتزامات المالية قبل إتمام استحواذه على مبنى فلاتيرون الشهير. فقد كان عليه أولاً أن يدفع وديعة بنحو 10% من إجمالي العرض الذي قدمه، أي حوالي 19 مليون دولار، وإن لم يفعل يكون لجورال حق شراء العقار على الفور. وفي حال انسحاب الطرفين، فمن الممكن قانونيًا عودة المبنى مرة ثانية إلى ساحة المزاد. 

فات الموعدُ جارليك، ولم يتمكن من إيداع 19 مليون دولار، وحاول تمديد المهلة لكنه لم يفلح في ذلك. ويترك تخلف جارليك عن السداد الخيار أمام جورال لشراء المبنى مقابل عرضه النهائي البالغ 189.5 مليون دولار، وخلاف ذلك، سيعقد مزاد ثانٍ في غضون أسابيع.

قال بيتر أكسلرود، الحكم الذي عينته المحكمة لعملية البيع، والذي قضى الآن باستبعاد جارليك كمشتر: "أظن أنه لم يكن لديه المال، أو أنه أدرك أنه بالغ في عرض السعر، وقرر عدم المضي قدمًا".

أثار العرض المجهض ضجة في دوائر العقارات في نيويورك. و"يبدو غريبًا أن يقدم أحدهم هذا النوع من الأرقام ولا يكون قادرًا على التسليم"، على ما يقول جوناثان ميلر، أحد المثمنين في مانهاتن. ويضيف ميلر: "لقد كان عرضًا صادمًا لحالة العقارات اليوم، وكما اتضح لم يكن حقيقيًا".

تحولت عملية البيع الآن، بعد حرب المزايدة حامية الوطيس، إلى إخفاق تام، تاركة المبنى الذي يبلغ عمره 121 عامًا، وهو أحد أشهر المباني في العالم، بدون مشترٍ واضح.

مصير مبنى فلاتيرون غير واضح!

ShutterStock

تاريخ لامع

وعلى الرغم من ذلك كله، فإن أحد العناصر غير المتنازع عليها هو تاريخ مبنى فلاتيرون اللامع. يُعد المبنى الثلاثي الشكل، المكون من 22 طابقًا، الذي يشبه ناطحة سحاب رائدة عندما صممها المهندس المعماري دانيال بورنهام واكتمل في عام 1902، أحد أكثر المباني شهرة في مدينة نيويورك، كما أنه رمز للقوة الاقتصادية للمدينة في القرن العشرين.

تصميم المبنى المميز، بمنحنياته الأنيقة وواجهته المزخرفة من الحجر الجيري، جعله موضوعًا مفضلاً للمصورين والفنانين على حدٍ سواء. ربما تكون صورة The Flatiron لألفريد ستيغليتز من عام 1903 هي الصورة الأكثر شهرة للمبنى، وتظهر المبنى من زاوية غير عادية، مجسدة الإحساس بالحداثة والديناميكية التي كان يمثلها في ذلك الوقت. بالإضافة إلى ذلك، جرى تصوير المبنى في مشاهد حضرية في نيويورك من قبل الفنانين تشايلد هسام وجون سلون.

استمر مبنى Flatiron في إلهام الفنانين والمصورين في منتصف القرن العشرين، ومن بينهم برنيس أبوت، التي وثقت الأفق المتغير لمدينة نيويورك في ثلاثينيات القرن الماضي، وإدوارد هوبر، الذي صور التصميم الداخلي للمبنى في عمله Office at Night خلال عام 1940.

وعلى مر السنين، ظهر المبنى في عدد لا يحصى من الأفلام والبرامج التلفزيونية والإعلانات، ما عزز مكانته بوصفه رمزًا دائمًا للعمارة الأمريكية.