في قلب جزيرة السعديات وتحديدًا في المنطقة الثقافية، تستعد أبوظبي خلال شهر ديسمبر 2025 لإطلاق تحفة معمارية وثقافية استثنائية تجسد الروح الحقيقية لدولة الإمارات.
متحف زايد الوطني، الذي صممه استوديو الهندسة المعمارية البريطاني فوستر آند بارتنرز Foster + Partners، ليس مجرد متحف، بل هو سرد بصري وزمني يعكس 300 ألف عام من التاريخ البشري، عبر قطع نادرة تأسر الأبصار، بداية من مصحف عمره أكثر من ألف عام ووصولاً إلى أقدم لؤلؤة طبيعية في العالم.
يمتزج في هذا الصرح الجديد إرث مؤسس الدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مع الحداثة والابتكار، ليشكل تجربة فريدة تفتح أبوابها للعالم، إذ تلتقي فيه القيم الراسخة مع رؤية مستقبلية طموحة. هنا لا تُعرض القطع الفنية فحسب، بل تُحكى قصة أمة في رحلة من الصحراء إلى العالمية، مجسدةً في كل زاوية من زوايا هذا الصرح المهيب.
سُمّي المتحف تيمنًا بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو يركّز على حياته وإنجازاته، كما يقدّم نظرة أوسع على المسار التاريخي للدولة منذ العصور القديمة حتى الماضي القريب، وفقًا لما صرّح به مدير المتحف بيتر ماجي لصحيفة آرت مضيفًا: "المتحف متجذّر في القيم التي أرساها مؤسس الدولة".
يضم المتحف 6 قاعات عرض دائمة موزعة على طابقين، بالإضافة إلى قاعة للمعارض المؤقتة. وستشمل المجموعة معروضات أثرية من مختلف أنحاء الإمارات، من عصور ما قبل التاريخ (الحقب الحجرية والبرونزية والحديدية)، إلى جانب قطع مُعارة من مؤسسات محلية ودولية.
Abu Dhabi Media Office (ADMO)
وأشار المتحف في بيان إلى أن هذه المعروضات تسلط الضوء على مرونة وذكاء المجتمعات الأولى في الدولة، ومن بينها أقدم نظام للري بالفلج وأدلة على التعدين النحاسي في العصر البرونزي.
ومن أبرز معروضات متحف زايد الوطني لؤلؤة أبوظبي التي تعود إلى 8 آلاف عام، والتي تعد من أقدم اللآلئ الطبيعية في العالم، مؤكدة تاريخ مهنة الغوص في الخليج العربي بحثًا عن. تعرض هذه اللؤلؤة بشكل دائم في قاعة "إلى أجدادنا"، التي تسلط الضوء على تاريخ النشاط البشري في المنطقة.
كما يضم المتحف المصحف الأزرق، أحد أرقى المخطوطات الإسلامية التي تعود إلى القرنين الثامن أو التاسع الميلادي، ويحتوي على آيات قرآنية مخفية تحت زخارف مذهبة دقيقة.
كما يعرض المتحف نموذجًا لقارب ماجان القديم، الذي يعد نتيجة أولى الشراكات البحثية مع جامعة زايد وجامعة نيويورك أبوظبي.
Zayed National Museum
صمّم المتحف المعماري الحائز جائزة بريتزكر، نورمان فوستر من فوستر آند بارتنرز، مستلهمًا في إبداع معالمه جناح الصقر في أثناء الطيران، في إشارة رمزية إلى الصقارة بوصفها جزءًا أصيلاً من التراث الإماراتي.
وقد ركّز في رؤيته الهندسية على توظيف عناصر مستوحاة من التراث الإماراتي مع وضع الاستدامة في صميم التصميم، إذ يتكون المبنى من خمسة أبراج زجاجية ضخمة تعمل على توجيه تيارات الهواء الباردة داخله، ما يضمن التهوية الطبيعية ويخفف من حرارة الطقس.
يأتي افتتاح متحف زايد الوطني ضمن استراتيجية الإمارات السياحية 2030، التي تهدف إلى جذب نحو 40 مليون زائر سنويًا بحلول ذلك العام. وسينضم المتحف إلى قائمة المؤسسات الثقافية الكبرى على جزيرة السعديات، مثل اللوفر أبوظبي، وتيم لاب فينومينا أبوظبي، فضلاً عن غوغنهايم أبوظبي والمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، المنتظر افتتاحهما قريبًا.