طيلة أسبوعين كاملين يقدم مهرجان الممالك القديمة سلسلة من التجارب المبهرة التي تبث الحياة في أساطير واحات العلا، في كنف الجبال والصحاري والوديان شمال غربي الجزيرة العربية. 
تسلط نسخة هذا العام من المهرجان، الذي تستضيفه محافظة العلا خلال الفترة من 16 نوفمبر الجاري إلى 2 ديسمبر 2023، الضوء على المدن القديمة الواقعة على طريق البخور مثل دادان والحِجر، وهي تلك المواقع التي تمتاز بتراث عريق، وتجسّد ملتقى طريق تاريخي ربط بين ثقافات وحضارات شتى، إلى جانب احتضانها مراكز حيوية على طول طريق البخور القديم، حيث كانت تنقل البضائع الثمينة مثل اللُّبَان والمُر والتوابل والحلي.

يمكن للزوار من مختلف الأعمار إلقاء نظرة على اكتشافات جديدة تحدث في جنبات مواقع شتى، بداية من موقع دادان، عاصمة مملكتي دادان ولحيان القديمتين التي بزغ نجمها وصارت مركزًا تجاريًا رئيسًا على طريق البخور. بل إن الزوار سيستكشفون لأول مرة موقعًا جديدًا يُعتقد أنه كان الوادي الذي كان يقصده أهالي دادان قديمًا لصيد طيور النعام.

وفضلاً عن استكشاف الحِجر ودادان، فإن برنامج المهرجان سيزخر بباقة من الفعاليات التي ترجع أصداء حكايات واحة العلا، وقصص واحتي خيبر وتيماء التاريخيتين. كما تنتظر الزوار أنشطة ترفيهية مستوحاة من القصص التراثية، وفعاليات ترتسّخت في تقليد المنطقة، ومأكولات تراثية.

ويتضمن برنامج هذا العام عرضًا مخصصًا للأسرة والمجتمع، مثل تدشين برنامج طموح لطلبة المدارس ومجموعة من وحدات التعلم النشط غايتها تحفيز عقول الأطفال الصغار، إلى جانب فرص العمل التي يتيحها لأبناء المحافظة ونوافذ تنمية المهارات.

مهرجان الممالك القديمة في العُلا

الحِجر، موقع تراث عالمي

يتزامن مهرجان الممالك القديمة مع الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة عشرة لإدراج مدينة الحِجر على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، وهو ما يعد شرفًا عظيمًا لهذه المدينة النبطية التي كانت ملءَ السمع والبصر في يوم من الأيام، واعترافًا بأنها فصلٌ أصيلٌ من تاريخ العالم، وهي أول مدينة تنال هذه المنزلة في المملكة العربية السعودية.

 واحتفالاً بهذه المناسبة، يستحدث المهرجان طرقًا مبتكرة للتعرف على أصالة الحِجر وعراقتها؛ إذ يمكن للزوار الاستمتاع بجولة متميزة بنظارات الواقع المعزز، ليزيحوا الستار عن حكايات الماضي التي لم يطلع عليها قبلهم سوى الخبراء والعلماء، أو يمتعوا أبصارهم بالتراث الطبيعي في جنبات الحِجر في «جولة الحياة البرية والطبيعة» التي ستنطلق في النصف الثاني من المهرجان. 

ولا ينبغي تفويت معرض الآثار: «الحياة في الحِجر» الذي صممه خبراء متخصصون في تراث العلا وتاريخها، بهدف تسليط الضوء على تفاصيل خلابة من حياة الأنباط من خلال خمس عشرة قطعة أثرية اكتشفها علماء الآثار في الحِجر.

مهرجان الممالك القديمة في العُلا

لحظات العلا

من الجدير ذكره أن مهرجان الممالك القديمة يأتي ضمن مبادرة «لحظات العلا» التي تعد بيت العلا الجديد للأنشطة والفعاليات المبهجة. 

خرجت هذه المبادرة إلى النور في نهاية عام 2021، وما زالت قادرة على إبهار الجماهير بمهرجانات جديدة لإسعادهم بحكايات العلا وكشف خباياها والاحتفاء بثقافات المحافظة والجزيرة العربية والعالم. 

تنبع أهمية المبادرة من العلا ذاتها، التي يمتد تاريخها إلى نحو سبعة آلاف سنة، والتي تعاقبت عليها حضارات شتى، وقامت على أرضها بعض أرقى ممالك العصور القديمة. 

 تضم «لحظات العلا» خمسة مهرجانات تطوف بالزوار في دروب الفن والثقافة والموسيقى والطبيعة والرفاه والفروسية والطعام والفلك. فيمتاز مهرجان «العلا للاستجمام والاسترخاء» بأحدث الممارسات لرفاه العقل والجسد والروح، فيما يعد «شتاء طنطورة» احتفال العلا الأصلي بالتراث والثقافة والأزياء والموسيقى.

وفيما يقدم «مهرجان الممالك القديمة» فعاليات ساحرة تعرفنا على الحضارات القديمة التي قامت في العلا وفي جارتيها: واحتي خيبر وتيماء، يزخر مهرجان «سماء العلا» برحلات مناطيد الهواء الشهيرة وتجارب مشاهدة النجوم. أما مهرجان «فنون العلا»، فيجمع بين الفعاليات والتجارب الفنية المعاصرة والقديمة.

وفضلاً عن هذه المهرجانات، تقدم «لحظات العلا» باقة من الفعاليات البارزة، ومنها مهرجان «أزمث» للموسيقى، وبطولة ريتشارد ميل العلا لبولو الصحراء، وبطولة كأس خادم الحرمين الشريفين الدولية للقدرة والتحمل، وكأس العلا للهجن، وفعاليات عالمية للأزياء والمغامرة والرياضة.