لم تعد السماء مجرد لوحة يتأملها عشاق النجوم، بل أصبحت وجهة سياحية متكاملة تحت اسم السياحة الفلكية Astrotourism. هذا التوجه المتنامي يجمع بين المغامرة والترف، سواء من خلال متابعة زخات الشهب في قلب الصحارى، أو خوض تجارب غير مسبوقة في أعالي الغلاف الجوي. وفي زمن يتسارع فيه إيقاع الحياة، تبدو النجوم كأنها الملاذ الأجمل للهروب نحو السكينة.
ويتجلّى هذا البعد في ثلاث تجارب عالمية تمنح السياحة الفلكية طابعًا غير مسبوق، إذ تتحول السماء إلى امتداد طبيعي للترف، والعلم إلى رفيق مثالي للرحلة.

تجربة كونية في قلب السعودية

تحت عباءة الليل في المملكة العربية السعودية، تنكشف سماء عذراء لم تلوثها أضواء المدن، إذ يطل أفق مشروع البحر الأحمر بوصفه أكبر محمية سماوية مظلمة في الشرق الأوسط. هنا، تنساب الإضاءة الذهبية الناعمة نحو الأرض بدقة متناهية، محافظة على إيقاع الطبيعة وسكونها، فيما تتلألأ النجوم في مشهد خلاب يتيح للضيوف استكشاف الكون بصفائه الحقيقي.

هذه التجربة الكونية ليست سوى مقدمة لوجهة سياحية تتجاوز حدود الفخامة التقليدية. فالمشروع يمتد على رقعة طبيعية هائلة، تتشابك فيها الجبال مع الكثبان الرملية وتحتضن شواطئ بيضاء تغازل مياهًا فيروزية تحرسها رابع أكبر شعاب مرجانية في العالم.

وفي قلب هذه الملحمة الجغرافية، تنبض قصص التاريخ والثقافة بروح جديدة؛ ففي منتجع سيكس سينسيز الكثبان الجنوبية Six Senses Southern Dunes تتحول جلسات الفلك إلى رحلة معرفية تمزج بين علم النجوم وحكايات القوافل القديمة. 

أما منتجع ديزرت روك Desert Rock Resort، فيكشف عن تجربة استثنائية بفضل مسابحه المعلّقة التي تتيح للضيوف الاستمتاع بمشاهد نادرة، تتناغم فيها ألوان السماء مع قمم الجبال في لوحة طبيعية آسرة تُجسّد معنى الرفاهية البصرية.

أمام منتجع نجومه - محمية الريتز - كارلتون Nujuma, a Ritz-Carlton Reserve، فيستدرج ضيوفه لاكتشاف السماء من خلال تلسكوبات خاصة داخل كل فيلا، لتصبح النجوم جزءًا من تفاصيل الرفاهية اليومية.

السياحة الفلكية في أبهى صورها.. ثلاث تجارب متفردة تأخذك إلى حدود الكون

The Red Sea

Zephalto.. خطوة نحو الفضاء

تدعو شركة زيفالتو Zephalto ضيوفها إلى تجربة تتجاوز حدود الأرض نفسها. الفكرة تنبض بروح مستقبلية، لكنها تستند في جوهرها إلى إرث عائلي عريق مع المناطيد الهوائية، إذ كان أحد أسلاف مؤسس الشركة قد استخدم منطادًا في عام 1870 للهروب من باريس خلال الحرب الفرنسية–البروسية. اليوم، أعيدت صياغة هذه القصة التاريخية في صورة كبسولة معدنية أنيقة تحمل اسم سيلست Celeste.

داخل هذه الكبسولة المصممة لاستيعاب ستة ضيوف برفقة طيّارين، يبدأ التحليق نحو طبقة الستراتوسفير على ارتفاع يناهز 25 كيلومترًا. 

هناك، تنكشف أمام الناظرين لوحة كونية نادرة: انحناءة الأرض من الأسفل، والفضاء المترامي بلا نهاية من الأعلى، في مشهد يغيّر ملامح الرحلات كما نعرفها.

خلال ست ساعات من التحليق في طبقة الستراتوسفير، لا يعيش الضيوف تجربة مشاهدة فريدة فحسب، بل ينغمسون في برنامج مُصمم وفق أعلى معايير الرفاهية في مجال السياحة الفلكية. 

تبدأ الرحلة بمشهد استثنائي يكشف انحناء الأرض واتساع الفضاء، ثم تتوالى التفاصيل التي ترفع التجربة إلى مستوى غير مسبوق: عشاء فاخر بمستوى ميشلان يُقدَّم وسط الأفق الكوني، وجلسات تصوير احترافية لتوثيق المشاهد النادرة، وفرص لمشاركة الرحلة مع فنانين وموسيقيين يستلهمون إبداعات جديدة من هذا المحيط الكوني.

Zephalto.. خطوة نحو الفضاء/ السياحة الفلكية في أبهى صورها.. ثلاث تجارب متفردة تأخذك إلى حدود الكون

Zephalto

كوكسون أدفنتشرز.. رفاهية تحت النجوم

لطالما اشتهرت شركة كوكسون أدفنتشرز Cookson Adventures بقدرتها على تصميم تجارب متفردة يصعب تكرارها، تتحول فيها كل رحلة إلى مغامرة شخصية مترفة. 

ففي آيسلندا، ابتكرت الشركة مخيمًا استثنائيًا فوق بحيرة جليدية متجمدة، شُيّد على شكل قباب زجاجية شفافة تتيح للضيوف متابعة الشفق القطبي من أسرّتهم مباشرة. ولإكمال المشهد، أُضيف منتجع صحي خاص ومنصة جليدية، لتجمع التجربة بين جمال الطبيعة البرية وأقصى درجات الراحة.

كوكسون أدفنتشرز.. رفاهية تحت النجوم / السياحة الفلكية في أبهى صورها.. ثلاث تجارب متفردة تأخذك إلى حدود الكون

Cookson Adventures

أما في كينيا، فقد امتدت المغامرة إلى الصحراء والسماء معًا؛ فانطلق الضيوف في جولات التزلج على الكثبان الرملية، تلتها رحلة جوية بمروحية فوق بحيرات طيور النّحام، قبل العودة إلى المخيم لمتابعة زخات الشهب تحت إشراف عالم فلك خاص يروي تفاصيل المشهد. 

وحتى التجهيزات تأتي بمستوى رفيع، إذ توفر الشركة تلسكوبات متطورة يسهل استخدامها حتى من قبل المبتدئين، مع تخطيط محكم لمواعيد أهم الظواهر الفلكية المقبلة مثل الكسوف الكلي للشمس المنتظر في غرينلاند، والذي يمكن مشاهدته من طائرة خاصة لضمان رؤية مثالية بعيدًا عن تقلبات الطقس.