تحوّل امتلاك اليخوت الفاخرة إلى سمة مشتركة بين كبار رجال عالم التكنولوجيا، ليس بوصفها مجرد وسيلة للترفيه، بل امتدادًا لأساليب حياتهم ورؤاهم الخاصة. تختلف مقارباتهم بين من يفضل التعدد والابتكار، ومن يركّز على التفرّد والتصميم المخصّص، ما يعكس تنوّع الشخصيات خلف هذه المشاريع البحرية.

وفي هذا التقرير، نرصد مجموعة من أبرز اليخوت التابعة لكبار قادة سيليكون فالي في محاولة لفهم كيف تنعكس رؤاهم التقنية على مفاهيم الفخامة والخصوصية في عالم الإبحار.

سيرغي برين.. أسطول فلاي فليت

يمتلك سيرغي برين المؤسس الشريك لغوغل، أحد الأساطيل البحرية الأشد تفرّدًا في عالم المليارديرات، ويُعرف باسم فلاي فليت Fly Fleet، ويضم مجموعة من اليخوت والقوارب ومعدّات الرياضات المائية. أحدث إضافاته إلى المجموعة يتمثل باليخت الفاره "دراغونفلاي" Dragonfly، الذي يُعدّ الأكبر ضمن أسطوله حتى الآن.

يأتي هذا اليخت، الممتد بطول يبلغ 142 مترًا، ليرفع من سقف الطموح البحري لبرين، بعدما تسلّمه في ديسمبر 2024 من حوض لارسن Lürssen الألماني العريق. 

التصميم المتطوّر لليخت لم يمرّ مرور الكرام، إذ نال جائزة Yacht Style لعام 2025 عن فئته، بفضل ما يحتضنه من معاني الرفاهية، بما في ذلك مسبح بقاع زجاجي، وصالة سينما، ونادٍ صحي، ومركز رياضي، ومنصة عمل متكاملة، ومرآب مخصص لمروحية خاصة.

ويُعد يخت دراغونفلاي امتدادًا لطراز سابق يحمل الاسم نفسه كان بطول 73 مترًا، طرحه برين للبيع العام الماضي مقابل 30 مليون دولار، قبل أن تُعاد تسميته إلى "كابريكورن" Capricorn، في دلالة على تغيّر مقارباته البحرية نحو الأكبر والأكثر تفرّدًا.

ولا يقتصر حضور برين البحري على هذا اليخت الفائق فحسب، بل يمتد ليشمل يخت "باترفلاي" Butterfly الممتد بطول 38 مترًا، والذي غالبًا ما يُرصد في خليج سان فرانسيسكو، ويتميّز بمبادراته المجتمعية، إذ يشارك طاقمه في تعليم الأطفال السباحة ورياضات التزلج الشراعي، ما يعكس جانبًا إنسانيًا في هذا الأسطول الفاخر.

ويمتد أسطول فلاي فليت ليشمل قاربًا صغيرًا باسم "فايرفلاي" Firefly، ومجموعة متنوعة من المركبات المائية مثل الدراجات المائية، وألواح التزلج المزودة برافعة هوائية، وزوارق الدعم، وألواح التزلج. ويُشرف على هذا الأسطول فريق متخصص مكوّن من 50 موظفًا دائمًا.

سيرغي برين.. أسطول فلاي فليت

DrDuu

جيف بيزوس.. ثنائية بحرية بمقاييس إمبراطورية

وفيما تتعدّد مقتنيات برين البحرية، يفضّل جيف بيزوس، مؤسس أمازون، أن يُعبّر عن حضوره البحري عبر يخت واحد عملاق يُجسّد فلسفة الندرة. 

في عام 2023، استلم بيزوس يخته الشراعي الضخم "كورو" Koru الذي يمتد بطول 127 مترًا، ليُدخل إلى عالم اليخوت تحفة بحرية بقيمة 500 مليون دولار أمريكي، أثارت الجدل والدهشة على حد سواء. 

على أن اليخت "كورو" لا يُبحر بمفرده، بل ترافقه سفينة دعم بطول 75 مترًا تُدعى "آبيونا" Abeona، مُخصصة لنقل الطاقم والمعدات والمروحيات الخاصة.

يُجسّد اليخت "كورو" فلسفة التصميم الكلاسيكي بلمسة معاصرة، وقد تحوّل بسرعة إلى رمز للفخامة المتنقلة، مستقطبًا أسماء كبرى مثل بيل غيتس وليوناردو دي كابريو ضمن مناسبات خاصة على متنه. 

غير أنّ رحلته إلى البحر لم تكن بلا عقبات. فقد أثار جدلاً في مدينة روتردام حين تردد أن عبوره يتطلّب تفكيك جسر تاريخي، ما دفع بالشركة المصنّعة أوشيانكو Oceanco إلى إعادة النظر في خطط التدشين، تجنبًا لما عُرف باسم "أزمة البيض" الرمزية.

رغم ذلك، يظل كورو مع آبيونا نموذجًا نادرًا لتفوّق التصميم والجرأة في التنفيذ، ورمزًا جديدًا لما يمكن أن تعنيه الفخامة حين تُترجم على هيئة شراع ضخم في عرض البحر.

جيف بيزوس.. ثنائية بحرية بمقاييس إمبراطورية

SuperYachtFan

مارك زوكربيرغ.. منصة بحرية بفكر تقني

بعد شهور من التكهّنات، ظهر يخت "لانشباد" Launchpad إلى العلن عام 2024، ليُعلن دخـول مارك زوكربيرغ مؤسس ميتا، إلى نادي أصحاب اليخوت العملاقة

يبلغ طول اليخت 118 مترًا، وكان في الأصل مشروعًا مصممًا لأحد رجال الأعمال الروس الخاضعين للعقوبات، قبل أن يستحوذ عليه زوكربيرغ ويُعيد تعريفه بوصفه منصة بحرية تحمل بصمته الخاصة.

أبحر اليخت للمرة الأولى في مارس 2024، من جبل طارق إلى سانت مارتن، ثم رسا في فورت لودرديل بولاية فلوريدا. وقد شمل جدول رحلاته لاحقًا التوقف في بنما احتفالاً بعيد ميلاد زوكربيرغ الأربعين، قبل أن يقضي موسم الصيف في البحر الأبيض المتوسط.

رغم التكتّم المُعتاد على تفاصيل المساحات الداخلية، إلا أن الصور المسربة أظهرت ملامح رفاهية واضحة، أبرزها مسبح خارجي كبير ومهبط لطائرة مروحية على السطح. 

أما المفاجأة الأبرز، فتمثّلت في كشف الشركة المصنعة فيدشيب Feadship عن وجود صالة مراقبة بانورامية مغلقة بالكامل، مصمّمة على هيئة كبسولة زجاجية تُقدّم إطلالة شاملة على الأفق البحري. 

مارك زوكربيرغ.. منصة بحرية بفكر تقني

Giovanni Romero/thesuperyachtphoto

إيريك شميت.. رفاهية صامتة على متن ويسبير

لا يبتعد إيريك شميت، المدير التنفيذي السابق لغوغل، عن هذا السياق البحري، إذ اختار عام 2023 اقتناء يخت "كيسميت" Kismet السابق من حوض لارسن، ومنحه اسمًا جديدًا هو "ويسبير" Whisper. 

اليخت البالغ طوله 95 مترًا، يعكس ميل شميت إلى تخصيص المساحات بذكاء، من جناح رئيس يضم حوض جاكوزي خاصًا، إلى نادٍ صحي وقاعة سينما ومسبح رياضي، وموقد خارجي يوفّر أجواءً دافئة في الليالي البحرية الطويلة.

وكان النجم الأمريكي مايك جونسون من أبرز الضيوف الذين اختبروا تجربة "ويسبير" أخيرًا، إذ أمضى عطلة متوسطية كاملة على متنه، شارك خلالها متابعيه بلقطات من التمارين الصباحية على السطح، وحفلة تنكرية بأزياء رومانية جمعت الطاقم والضيوف.

إيريك شميت.. رفاهية صامتة على متن ويسبير

SuperYachtFan

جيم كلارك.. يخت أثينا الشراعي

ومن التجهيزات الحديثة إلى الطراز الكلاسيكي، يتجلّى توجه مختلف لدى جيم كلارك، مؤسس نيتسكيب Netscape وأستاذ علوم الحاسوب السابق في جامعة ستانفورد، الذي يمتلك منذ عام 2004 يخت "أثينا" Athena الممتد بطول 90 مترًا، ليُجسّد شغف كلارك الحقيقي بالإبحار الشراعي.

اليخت يستوعب حتى 10 ضيوف، ويديره طاقم من 21 فردًا. ورغم التعلّق الشخصي به، إلا أن كلارك ألمح إلى تعديل وحيد كان من الممكن أن يُجريه قائلاً: "ربما كنت سأحوّل المكتب في السطح السفلي إلى مقصورة أطفال".

يُذكر أن اليخت عُرض للبيع في عام 2012 مقابل 95 مليون دولار أمريكي، ثم انخفض السعر تدريجيًا إلى 69 مليونًا عام 2016، وحتى 59 مليونًا في 2017، لكنه بقي حتى اليوم ملكًا لرجل التقنية الشغوف باليخوت الشراعية.

جيم كلارك.. يخت أثينا الشراعي

SuperYachtFan

لاري إليسون.. روح يابانية في هيكل فاخر

أما لاري إليسون، مؤسس أوراكل، فيُجسّد ولعه باليخوت في يخت "موساشي" Musashi، علمًا أنه امتلك من قبل يخوت "كاتانا" Katana و"رونين" Ronin و"رايزنغ صن" Rising Sun. 

هذا اليخت الفاخر، الممتد بطول 88 مترًا، يجمع بين التصميم الياباني المستوحى من الساموراي مياموتو موساشي، وبين نفحات من أسلوب الآرت ديكو الكلاسيكي، في توليفة تليق بثروة إليسون وخبرته في الإبحار.

وتعكس تجهيزات اليخت الفاخرة، من المصعد الداخلي إلى ملعب كرة السلة، نزعة إليسون إلى الدمج بين الراحة والأداء، ما يتوافق مع كونه من أبرز ممولي سباقات كأس أمريكا America’s Cup، في تعبير صريح عن علاقة تتجاوز الملكية إلى التفاعل الحقيقي مع البحر.

لاري إليسون.. روح يابانية في هيكل فاخر

SuperYachtFan

يخت فينوس.. رؤية فنية لستيف جوبز

حين رحل ستيف جوبز في عام 2011، ترك وراءه مشروعًا شخصيًا لم يكتمل بعد: يخت "فينوس" Venus، الذي وُلد من رحم رؤيته المثالية للجمال والبساطة. 

وقد استلمت زوجته، سيدة الأعمال والناشطة لورين باول جوبز، هذا الإرث البحري الفريد الممتد بطول 78 مترًا، من حوض فيدشيب الهولندي.

بدأ جوبز تصميم "فينوس" في عام 2007 بالتعاون مع المصمّم الفرنسي الشهير فيليب ستارك، المعروف بتصاميمه التي تمزج بين البساطة والفكر الفلسفي. 

وخلال شراكة امتدت لأكثر من أربع سنوات من الاجتماعات الشهرية، عمل الاثنان على ابتكار يخت يُجسّد مفهوم "الحد الأدنى الرفيع"، إذ تخلو المساحات من أي تعقيد بصري، لكنها تحمل في طياتها دقة متناهية في التفاصيل وجودة استثنائية في المواد والتقنيات.

بلغت كلفة إنجاز "فينوس" عند التسليم نحو 130 مليون دولار، واشتمل التصميم على ست مقصورات متطابقة، مع عزل صوتي كامل يضمن أقصى درجات السكون، إلى جانب أحدث التجهيزات التقنية. 

لقد أراد جوبز سفينة تجسّد أفكاره عن البساطة المثالية، فجاء "فينوس" أيقونة بحرية لا تتكرّر، وأحد أعمق التعبيرات عن التقاء العبقرية التقنية بالجمال النقي.

يخت فينوس.. رؤية فنية لستيف جوبز

SuperYachtFan

تشارلز سيموني.. يخت بطابع عسكري

أما تشارلز سيموني، الموظف السابق في مايكروسوفت، فيبحر على متن يخته "نورِن" Norn الذي تسلّمه من حوض لارسن في عام 2023. 

تشارلز سيموني.. يخت بطابع عسكري

SuperYachtFan

بعد بيعه يخت "سكات" Skat، عاد سيموني إلى النهج نفسه، جامعًا بين التصميم المستوحى من السفن العسكرية والفخامة المتكاملة، في يخت يمتد بطول 90 مترًا ويضم مسبحًا يتحوّل إلى منصة رقص وسينما خاصة، ما يجسد تطورًا أنيقًا لمفهوم القوة البحرية ذات الطابع الشخصي.

وكان سيموني قد أشار سابقًا إلى أنّ تصميم يخته يجب أن يعكس طراز منزله في سياتل، ولكن بطريقة تتماشى مع متطلبات البحر.