خلال الفترة الممتدة بين التاسع والثالث عشر من شهر مارس الفائت، استضافت دبي أكبر حدث بحري يُنظم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ تفشي جائحة كورونا.

عند ميناء دبي هاربر الجديد - الذي بدأت معالمه تتبلور لتحقيق الأهداف التطويرية المنشودة وترسيخه وجهة بحرية متكاملة تتجاوز حدود المفهوم التقليدي للموانئ لتشمل مركزًا للتسوق يمتد على مساحة 3.5 مليون قدم مربعة، ومراكز للفعاليات، ومباني سكنية ومكاتب، وفنادق فاخرة، ومركز مراقبة – انعقدت الدورة الثامنة والعشرون من معرض دبي العالمي للقوارب مستقطبة نحو 800 علامة تجارية من 54 دولة مختلفة استعرضت أحدث ابتكاراتها من القوارب واليخوت الفاخرة والمفاهيم التصورية، وغير ذلك من منتجات قطاعات الترفيه البحري، بما في ذلك الألعاب المائية والتقنيات المستقبلية وعلى امتداد رصيف ميناء دبي هاربر، تهادى أكثر من 50 يختًا وقاربًا من إبداع شركات عالمية رائدة في هذا القطاع.

أحدث الإبداعات في معرض دبي العالمي للقوارب

نستعرض في ما يأتي مجموعة من أبرز الابتكارات التي كُشف عن بعضها للمرة الأولى في هذا المعرض:

Pershing 9X

يجسّد اليخت الذي استعرضته علامة بيرشينغ، التابعة لمجموعة فيريتي لليخوت، في ميناء دبي هاربر، الإتقان في المواءمة بين الفخامة والتقنية، مبشرًا بتجربة إبحار ماتعة. فاليخت البالغ طوله 28.04 متر، يعكس حس ابتكار رفيع في مختلف جوانبه، بدءًا من المواد غير التقليدية التي استُخدمت في بنائه، والتي ارتكزت إلى مزيج من ألياف الكربون والراتنج، وليس انتهاء بخطوطه ذات الطابع الرياضي والتي يعززها جناحان جانبيان ضخمان، إلى جانب التصميم المبتكر لقمرة القيادة التي تحمل توقيع علامة بولترونا فراو الشهيرة التي خصت قوارب بيرشينغ منذ عام 2006 بلوحة قيادة تذكر بالطائرات الحربية.

على متن اليخت الذي تولى هندسته البحرية قسم فيريتي الهندسي، يزاوج كل من السطح الأمامي المفتوح وسطح التشميس بين أعلى معايير الراحة والخصوصية القصوى. عبر المساحات الداخلية التي اختار لها فولفيو دي سيموني تصميمًا يعلو فوق التوجهات الآنية، تتوزّع أربع مقصورات وحمّامان، وقطع أثاث فاخرة من ابتكار نخبة من العلامات الإيطالية في طليعتها بولترونا فراو. لكن ما يثير الاهتمام حقيقة في هذا اليخت هو أداؤه المتفوق ومقدرته على الإبحار بصمت حتى عند السرعات العالية التي قد تصل إلى 42 عقدة.

كما أن الدمج المتقن بين أنظمة الدفع التي ترتكز إلى محركين من طراز MTU 16V 2000 M96L، وأذرع التحكم المبتكرة في قمرة القيادة التي تدعمها ثلاث شاشات إلكترونية تعمل باللمس، يسمح لليخت بتحقيق أفضل مناورة حتى عبر الممرات المائية الضيقة.

Evo R4

تأسس حوض السفن Evo Yachts بالقرب من نابولي سنة 2014 نتيجة تلاقي شركة Blu Emme Yachts ومصمم اليخوت فاليريو ريفيلّيني. وفي معرض دبي العالمي للقوارب، استعرضت العلامة نموذجًا من طراز R4 (النسخة الأحدث من اليخت القابل للتمدد Evo 43) صممته بحسب الطلب لأحد زبائنها في منطقة الشرق الأوسط.

يمتد القارب، المثالي للرحلات النهارية، بطول 13 مترًا، وتغلب على مظهره الخارجي خطوط منحوتة توحي بالقوة، ولكنها أنيقة وغير متكلفة في آن. في تصميم الأسطح الخارجية والمساحات الداخلية، جسّد ريفيلّيني مفهوم "الجمع بين الشكل والوظيفة"، فاختار لليخت جؤجؤاً مستقيمًا وجوانب علوية مرتفعة تتمدد بانسيابية وصولاً إلى المؤخرة.

لكن ما يحظى بالاستحسان خصوصًا هو منصة Transformer المدمجة في النادي الشاطئي في الجزء الخلفي من اليخت: يمكن لهذه المنصة أن تتمدد ميكانيكيًا في غضون 30 ثانية لتعزيز مساحة السطح القابلة للاستخدام وتدويرها على محورها الطولي في زاوية تقارب 270 درجة لمزيد من المرونة.

فضلاً عن ذلك، يحضر التناغم بين الشكل والوظيفة في تفاصيل السطح السفلي الذي يحتضن مقصورتين، ويزهو بتصميم مبسط ولكن يعكس معالم فخامة معاصرة تنعكس في المواد المستخدمة مثل خشب الساج، والزجاج، والجلد، والأقمشة الفاخرة. على مستوى الأداء، جُهز اليخت المبني من ألياف الزجاج المدعّمة بالراتنج بمحركين من طراز Volvo Penta IPS 600 لتحقيق سرعة قصوى تصل إلى 38 عقدة ومدى سفر يساوي 300 ميل بحري عند الإبحار بسرعة 30 عقدة.

اليخت Evo R4

Evo Yachts©Andrea Muscatello
أكثر ما يحظى بالاستحسان في اليخت Evo R4 المنصة المدمجة في النادي الشاطئي التي تتمدد ميكانيكيًا في غضون 30 ثانية لتعزيز مساحة السطح القابلة للاستخدام.

Princess F50

ضمن اليخوت الستة التي استقدمتها الشركة البريطانية برينسيس لليخوت Princess Yachts إلى معرض دبي، تألق نموذج من طراز F50 الذي كانت قد أطلقته في عام 2019، مشيرة آنذاك إلى أنه يعد بتجربة إبحار لا تُضاهى ضمن فئة اليخوت المجهزة بقمرات قيادة علوية Flybridge Yachts.

وعلى ما هو عليه حال اليخوت السابقة ضمن خط F Class، يتمايز هذا اليخت، الممتد بطول 15.55 متر، بالتوظيف المبتكر للمساحات، وجودة التصميم والتصنيع، والأداء الديناميكي. حرص استوديو برينسيس للتصاميم ومعه المهندس البحري بيرنارد أولينسكي، الذي تجمعه مشاريع التعاون بالعلامة منذ أربعين عامًا، على تشكيل معالم اليخت في شكل مدمج توحي خطوطه الانسيابية المنحوتة بدقة بمزيج من الأناقة والفخامة.

ويبدو جليًا أن اهتمامًا بالغًا أعطي لسهولة الانتقال بين الأسطح الخارجية والمساحات الداخلية: يرتبط مثلاً المجلس عند قمرة القيادة العلوية بالجزء الخلفي من المطبخ الذي يفضي في مقدمته إلى الصالون المؤثث بأريكة على هيئة الحرف U والذي يتكامل مع طاولة طعام تتسع لستة ضيوف.

في السطح السفلي، خصصت الشركة لهؤلاء مقصورات بواجهات زجاجية تتيح للضوء أن يغمرها، وتتوزع بين جناح للمالك يمتد بطول العارضة، ومقصورة فسيحة في الأمام، فضلاً عن حجرة بسريرين.

الجدير بالذكر أيضًا أن اليخت F50 بُني باستخدام هيكل عميق على هيئة الحرف V مدعّم بالراتنج، ما يتيح له أن يشق طريقه عبر الموج بحيوية بموازاة خفض قوة الجر. ويتكامل أداء الهيكل مع قوة محركين من طراز Volvo IPS 800 يحققان له الكفاءة في استهلاك الوقود ويدفعانه بسرعة تصل إلى 36 عدة.

يخت Princess F50

Princess Yachts
يتمايز هذا اليخت، الممتد بطول 15.55 متر، بالتوظيف المبتكر للمساحات، وجودة التصميم والتصنيع، والأداء الديناميكي.

Heesen YN 20555 Project Serena

في سياق المعرض، كشفت علامة هيسن لليخوت عن المفهوم التصوري لإصدارها الأخير ضمن فئة اليخوت التي يبتكرها حوض السفن الهولندي من الفولاذ بطول 55 مترًا.

وأول ما يلفت الانتباه في اليخت، الذي يُفترض أن يكون جاهزًا للتسليم في نوفمبر عام 2024، هو خطوطه الخارجية التي أبدعها فرانك لوبمان من شركة أوميغا الهندسية Omega Architects في صيغة تزاوج بين الحداثة والطابع التقليدي.

في النموذج التصوري الذي استضافه معرض دبي، تحتضن المساحات الداخلية، التي تحمل توقيع شركة لوكا ديني للتصميم والهندسة Luca Dini Design and Architecture، ست مقصورات للنوم.

لكن المنصة الهندسية لليخت الممتد بطول 55 مترًا تتيح خيارات مختلفة لترتيب المساحة الداخلية بحسب احتياجات الزبائن، مثل تخصيص مقصورة إضافية لطاقم اليخت، أو تحويل النادي الشاطئي إلى مركز للياقة البدنية.

أما على مستوى الأداء، فاليخت سيرينا سيكون مجهّزًا بمحركين من طراز IMO III-compliant MTU 8V 4000 M63 يتيحان تحقيق سرعة قصوى تساوي 15.5 عقدة ومدى سفر عبر المحيطات يصل إلى 4,500 ميل بحري عند الإبحار بسرعة 13 عقدة.

يخت Heesen YN 20555 Project Serena

Heesen Yachts
سيكون اليخت، عند تسليمه في عام 2024، قادرًا على تحقيق سرعة قصوى تساوي 15.5 عقدة ومدى سفر عبر المحيطات يصل إلى 4,500 ميل بحري.

Gulf Craft Nomad 70

تزامن انعقاد معرض دبي العالمي للقوارب هذا العام مع احتفال شركة جلف كرافت الإماراتية بالذكرى الأربعين لتأسيسها، فاستعرضت فيه مجموعة من 14 يختًا وقاربًا من علامات Majesty Yachts وNomad، وOryx Sports Cruiser وSilvercraft، يراوح طولها بين 34 قدمًا و120 قدمًا.

وقد شكل المعرض في هذا السياق مناسبة للكشف عن اليخت الاستكشافي Nomad 70 الذي يُعد خلفًا لطرازي Nomad 65 وNomad 75 من جلف كرافت. يمتد اليخت الجديد، المصنوع من البلاستيك المدعّم بالألياف، بطول 21.5 متر، ويتميز بمعدل إزاحة يساوي 45 طنًا، كما أنه مجهّز بمحركين بقوة 1,200 حصان من طراز MAN، ما يوفّر له القدرة على الانطلاق بسرعة تصل إلى 30 عقدة.

وفيما لم تتوافر معلومات إضافية عن اليخت Nomad 70، عُلم أن مساحاته الداخلية التي تتدثر بمعاني الفخامة تتسع لما مجموعه 12 ضيفًا.

يخت Gulf Craft Nomad 70

Gulf Craft
صُنع اليخت من البلاستيك المدعّم بالألياف بطول 21.5 متر، ويمكنه تحقيق سرعة تصل إلى 30 عقدة.

Sanlorenzo SX88

في دورة هذا العام من المعرض، عادت علامة سان لورينزو الإيطالية لتسلّط الضوء على يختها الهجين الشهير Sanlorenzo SX88 الذي يندرج ضمن أولى الطرز التي أحدثت ثورة في مفهوم العيش في البحر. فاليخت الممتد بطول 27 مترًا يجسّد التآلف المتقن بين يخت تقليدي بمحرك مجهّز بسطح للقيادة وتصنيف اليخوت الاستكشافية، فيما يدمج بين الأسلوب والمزايا الوظيفية ضمن منظومة تصميمية مشتركة.

أما الميزة الثورية الأبرز على متنه، فتتجلى في المساحات المفتوحة الرحبة والواجهات الزجاجية المهيبة التي تبدد الحد الفاصل بين الداخل والخارج. استُحدثت قمرة القيادة في السطح الأعلى، على ما هو عليه الحال في اليخوت العملاقة عادة، مع إمكانية إغلاقها بنوافذ تتحرك صعودًا ونزولاً. يمكن أيضًا إغلاق كامل المنطقة الواقعة في الجزء الخلفي من هذا السطح بما يتيح تعزيز مساحة المجلس الأمامي أو تحويلها إلى مقصورة خاصة للمالك.

أما في ما يتعلق بالتصميم الداخلي، فالخيار متروك لمخيلة مالك اليخت للإتيان بصيغة تتماشى مع ذائقته واحتياجاته. في نموذج Sanlorenzo SX88/00 على سبيل المثال، اعتُمدت في اليخت الذي يتسع لثمانية ضيوف، مقاربة تصميمية تقوم على توازن الأبعاد والمواد التي شملت خشب تانغانيكا الداكن ذا الحبيبات، والجلد، والزجاج الملوّن، والتفاصيل المشغولة من النحاس الأصفر لإضفاء مسحة عتيقة تتناغم مع قطع الأثاث التي تزهو بتصميم عصري في بعضها وبطابع قديم في بعضها الآخر.

لتحقيق سرعة قصوى في الإبحار تصل إلى 23 عقدة، جهّزت سان لورينزو اليخت بثلاثة محركات من طراز IPS3 1050 VOLVO D13B بقوة 800 حصان.

يخت Sanlorenzo SX88

Sanlorenzo
تتجلى الميزة الثورية الأبرز على متن اليخت في المساحات المفتوحة الرحبة والواجهات الزجاجية المهيبة التي تبدد الحد الفاصل بين الداخل والخارج.

Feadship Pure
يخت مستقبلي بمزايا ثورية

لطالما اشتهرت فيدشيب بمقدرتها على ابتكار يخوت فارهة بتصاميم بالغة النقاء يحدد معالمها الزبائن بما يلبي رغباتهم واحتياجاتهم. لكن في المفهوم التصوّري لليخت Pure الممتد بطول 81.75 متر، مضت فيدشيب في توجّه مغاير للإتيان بابتكار يزاوج بين الخبرة الهائلة التي جمعتها في سياق العمل مع الزبائن والرؤى الأكثر جرأة التي لمّا تبصر النور بعد.

وفي هذا السياق، تعاون قسم المعارف والابتكار في الشركة ومهندسوها المتمرّسون مع استوديو دي فوت Studio De Voogt لتقديم مفهوم ليخت سابق لأوانه يكسر قواعد المتعارف عليه في هذا القطاع فيما يزاوج بين الخطوط الخارجية المنحوتة بإتقان، والمساحات الداخلية المفتوحة، والمزايا غير المسبوقة، بل المثيرة للجدل أيضًا، على ما يشهد التخلي عن قمرة القيادة التقليدية لصالح جناح خاص للمالك يمتد في مقدمة السطح.

يخت Feadship Pure

Feadship
يكسر هذا المفهوم التصوري قواعد المتعارف عليه في صناعة اليخوت، على ما يشهد التخلي عن قمرة القيادة التقليدية لصالح مركز قيادة للربان في السطح السفلي يستند إلى تقنيات المحاكاة الافتراضية.

وفيما استعاضت فيدشيب عن هذه القمرة العلوية لصالح "مركز قيادة" للربان في السطح السفلي، ما يذكر بأسلوب الغوّاصات، استبدلت بالسطح التقليدي نظام رادار، ونظامًا لتحديد المواقع تلقائيًا، وخرائط، وأجهزة مسبار، وآلات تصوير تتوزع في مختلف أرجاء اليخت، ودعمت هذه المنصات الإلكترونية بتقنية الواقع المعزز للرؤية الذكية وبرنامجها الاستشرافي Foresight.

تشمل المزايا الأخرى على متن اليخت ردهة زجاجية بيضاوية الشكل تمتد عبر ثلاثة أسطح، وحوض جاكوزي بقعر زجاجي قابل للسحب، فضلاً عن ناد شاطئي فسيح يتكامل مع شرفات قابلة للطي. اللافت أيضًا في اليخت Pure أنه سيكون مجهزًا بنظام دفع هجين مرن يتطور بمرور الوقت بما يتماشى مع التطورات في المجال التقني وتوافر الوقود المستدام، بدءًا من استخدام الديزل والطاقة الكهربائية في عام 2024، ومرورًا بوقود الهيدروجين في عام 2027، وصولاً إلى خلايا وقود الميثانول سنة 2030.