غياهب الماضي

 

يتعقب المعرض، الذي انطلق قبل تسعة أيام فقط من إغلاق المتحف أبوابه اضطراريًا بسبب جائحة فيروس كورونا، مسيرة ريختر المهنية الممتدة عبر ما يزيد على ستين عامًا والتي برز خلالها من حيث كونه واحدًا من فناني العصر الأشد تأثيرًا والأكثر قبولا. فريختر هو ذاك الفنان الذي لا يشبهه كثيرون والقادر على الانتقال بلا عناء بين الإبداع التمثيلي والفن التجريدي مستعيرًا في كل منهما عناصر من الآخر. تتضافر اهتماماته التي تتنوع بين المفاهيم الانطباعية، والهيمنة الثقافية المتنامية في عالم التصوير، والإمكانات المادية لألوان الطلاء، لتجعل منه فنانًا كبيرًا بما لا يقبل الشك. لكن حسه الإنساني الراسخ هو ما يحتم رؤية هذا المعرض. ففيما يشهد العالم كله نهضة أنظمة استبدادية، يبدو إبداع ريختر معبرًا عن هذا الواقع على نحو غير مسبوق ويصعب نسيانه.

 

Courtesy of Met Breuer

Courtesy of Met Breuer
لوحة July من عام 1983.

تكشف اللوحات عما تصفه الفيلسوفة هانا أرينت بأنه «تفاهة الشر» في ألمانيا النازية، وقد احتجبت هنا على مرأى من العين. تجسد لوحة لعائلة نموذجية على ما يبدو رسمًا لزوجة ريختر الأولى في سن الطفولة وقد جلست مسرورة عند الشاطئ برفقة والدتها، وشقيقتها، ووالدها الطبيب النازي الشهير الذي تحول بعد الحرب لينعم بحياة هانئة دون أن يتحمل عواقب أعماله. تُعرض أيضًا لوحة Uncle Rudi المشغولة على القماش باللونين الأبيض والأسود والتي يبدو فيها العم رودي ضبابيًا ولكن مبتسمًا حقًا، في محاكاة لصورة قديمة لعم الفنان نفسه، وكان جنديًا قُتل على الجبهة الشرقية. يعكس هذا الطابع الضبابي المميز لأعمال ريختر ضبابية الذاكرة واستحالة معرفة ما حدث. قدم ريختر، الذي يتمتع برؤية حادة للتاريخ، اللوحة لقرية ليديس التشيكية، حيث ذبح الجيش الألماني المدنيين، على سبيل الإقرار بالذنب.

 


www.metmuseum.org