تزخر السيرة الذاتية لمولي دينت-بروكلهيرست بمنجزات يُشهد لها في عالم الفن: فقد افتتحت صالة بايس لندن، وأسهمت في تأسيس متحف غاراج للفنون المعاصرة في موسكو، وعملت لبعض الوقت مع صالة غاغوسيان، ودار سوذبيز. أما في الوقت الراهن، فقد تعاونت مع مديرها السابق مارك غليمتشر، رئيس مجلس إدارة صالة بايس غاليري ورئيسها التنفيذي، وذلك لتأسيس معرض سوبربلو Superblue الذي يحمل مفهومًا مستقلاً وجديدًا يتجاوز الفجوة بين الفن والترفيه.

يمثل سوبر بلو نموذجًا شاملاً للعمل التجاري: فهو مشروع ربحي يتعهد معارض فنانين مرموقين للغاية ممن يقدمون أعمالاً تجريبية، بدلاً عن أعمال نمطية، ويشركهم في حصة من عوائد مبيعات التذاكر. سوف يتصدر سوبربلو ، الذي سيُفتتح في ميامي في شهر فبراير شباط، معارض من النوع الغامر بأنشطة واسعة النطاق أصبحت تحظى بشعبية كبيرة في السنوات الأخيرة: دونك معرض Rain Room الذي تنظمه مجموعة راندوم إنترناشيونال، وينتظره الآلاف لساعات في حر قائظ من أجل تجربة أمطار مبرمجة تقنيًا، أو تيم لاب teamLab، وهو معرض جماعي يعتمد التقنية الرقمية في معظمه، وافتتح صالة عرض خاصة في طوكيو عام 2018 واجتذب أكثر من مليوني زائر في عامه الأول. تقول دينت-بروكلهيرست، الرئيس التنفيذي للمشروع: إن سوبربلو يخطب أيضًا ودّ "جمهور أوسع بكثير" مما قد تجتذب صالة عرض اعتيادية أو متحف ما.

لكن دينت-بروكلهيرست تحظى بخبرة ما في اجتذاب جماهير فنية غير تقليدية. في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قدمت هذا الفن النحتي الريادي في معرض حدائق قلعة سودلي التي تعود لأسرتها في المملكة المتحدة، حيث عاشت كاثرين بار، الزوجة الأخيرة لهنري الثامن، وتوفيت ودُفنت هناك. بعد ذلك، في أثناء عملها مع داشا زوكوفا في متحف غاراج للفنون المعاصرة، ساعدت في الوقت نفسه زوج زوكوفا آنذاك، رومان أبراموفيتش، في بناء مجموعته الخاصة. وفي ذلك تقول عن قطب الأعمال الروسي المولد: "كان يعرف ما يريد، على الرغم من أنه كان جديدًا في السوق. لم ينجذب إلى فن البوب الأمريكي أو أي شيء من هذا القبيل. كانت الواقعية الأوروبية واللوحات الفنية الروسية هي محط اهتمامه إلى حد كبير. كان يتحلى بذائقة مميزة وعقل عبقري."

تحدثت دينت-بروكلهيرست إلى مجلة Robb Report عن سبب نشأة فكرة معرض سوبربلو، وخططه التوسعية الطموحة، وعن العثور على داعم وهو المجموعة الاستثمارية إميرسون كوليكتيف التي أسستها المليارديرة لورين باول جوبز.

 

مولي دينت-بروكلهيرست، الرئيسة التنفيذية لمعرض سوبربلو.

Superblue
مولي دينت-بروكلهيرست، الرئيسة التنفيذية لمعرض سوبربلو.

 

ما هو أصل فكرة معرض سوبربلو؟

 كنت أنظر إلى عدد من الفنانين الناشئين في هذا المجال. يمكنك أن تسميهم حركة، لكن قد تكون تسمية مغالاً فيها. كانوا مجموعة من الفنانين تسعى إلى تجاوز المألوف. تكمن كثير من اهتماماتهم في حيز متداخل بين الفن والتقنية، بين الطبيعة والعلوم، ثمة اهتمامات زاخرة بتخصصات متعددة للغاية. كان لديهم جمهور عريض جدًا.

لكن لسوء الحظ، فإن نموذج الصالة الفنية، أي بيع الأشياء وإقامة المعارض الفنية، لم يخدمهم على نحو جيد. تُعد الأشياء التي يصنعونها مذهلة في بعض الحالات، لكنها ليست محور اهتمامهم الرئيس. إنها تقريبًا أشياء منبثقة، أو تذكارية، مستمدة من الصورة الكبرى. رصدنا النجاح المذهل لمساحة العرض الخاصة بمعرض تيم لاب ورأينا أنه بمقدورنا دعم هؤلاء الفنانين ومنحهم حصة دائمة من الإيرادات. كانت تلك طريقة حديثة لإظهار أننا ممثلون عن فنانين، لكننا نستحدث عملاً تجاريًا في الوقت نفسه. 

 

هل أعرب فنانون عن عدم ارتياحهم تجاه الضغط الذي يمكن أن تجلبه مبيعات التذاكر؟

لم نشهد ذلك على الإطلاق. إنها نقطة وثيقة الصلة بالموضوع حقًا. فقد مررنا بمختلف الداعمين المحتملين، وكنا قلقين بشأن الاضطرار إلى إنتاج ما يسعد الجمهور. وجدنا الداعم المثالي: إذ لدى مجموعة إميرسون كوليكتيف اهتمام هائل بالعلاقة بين الفن والتأثير الاجتماعي. من المؤكد أن معظم الفنانين، إن لم يكن جميعهم، يربطون عملهم بالتأثير الاجتماعي، سواء كان الأمر يتعلق بالاستدامة، أو تفاعل مع الذكاء الصناعي، أو بناء مجتمع، أو علاقات عرقية. يدرس جميع الفنانين كيف يمكن لعملهم أن يقود تغييرًا عبر تجربة.

بالطبع، تُعد مجموعة إميرسون كوليكتيف عملاً تجاريًا مستدامًا. الأمر لا يتعلق بتبديد المال هباءً. لكنهم يشعرون أن هناك أشياء أكثر أهمية في الحياة من الأرباح المباشرة.

 

"من المؤكد أن معظم الفنانين، إن لم يكن جميعهم، يربطون عملهم بالتأثير الاجتماعي. إن جميع الفنانين يفكرون كيف يمكن لعملهم أن يقود تغييرًا عبر تجربة."

 

لماذا وقع اختيارك على مدينة ميامي لانطلاقة معرض سوبربلو الأولى؟

 تُعد المدينة المثالية من وجهة نظرنا هي التي تتمتع بتوازن مثالي بين السكان والسياح. قد تكون التركيبة السكانية ملائمة، لكن ينبغي أن يكون نبض الحياة كذلك. ثمة عالم فني مثير للاهتمام حقًا، لكنه قد لا يكون مشبعًا مثل مدينة نيويورك.

 

ما المدن التي تبحثين عنها بهدف التوسع؟ 

لا أستطيع إخباركم بذلك، لكني أعتقد أن المتحف القادم سيكون في الولايات المتحدة أيضًا. نتوقع أن نفتتح مزيدًا من المتاحف خلال السنوات القليلة المقبلة. إن أحد النماذج هو أنه عندما نبدع هذه الأعمال الفنية الرائعة، نعمد إلى تنشيطها في موقع معين، ثم ننقلها بعد ذلك. 

 

ما الذي يمكنك تطبيقه من خلاصة تجاربك في تأسيس المنشآت الناشئة مع متحف غاراج للفنون المعاصرة وقلعة سودلي؟

بالتأكيد، إنه العمل في مساحة كبيرة. كان متحف غاراج للفنون المعاصرة هائلاً. إنه اقتحام لسوق جديدة، والعمل خارج نطاق نموذج صالة عرض نمطية، حيث لم ينصب تركيزنا على المبيعات. كنا نفكر في إمتاع الجمهور وزيادة الأعداد إلى جانب القضايا التشغيلية التي طرأت خلال هذا المشروع أيضًا.

كان معرض قلعة سودلي يحاول مرة أخرى تقديم نوع مختلف من الفن لشريحة مختلفة من الجمهور، وذلك عبر دمج تجربة تدور داخل منزل تاريخي. على الرغم من كونها قلعة رائعة، إلا أنها في غالبها أطلال وحديقة، لكنها تستلهم من ذلك التاريخ وتلك العمارة وتبدع حديقة منحوتات معاصرة للغاية حولها. كانت تلك تجربة حقيقية ساهمت في تكوين ما أعمل عليه في الوقت الراهن.