رئيس دار أوميغا ورئيسها التنفيذي يستكشف الاستراتيجيات المثلى في مواجهة تداعيات جائحة كورونا ويستشرف مستقبل صناعة الساعات.



في الأيام الخمسة الأخيرة من شهر يناير كانون الثاني الفائت، كان راينالد آيشلمان يتابع الدورة الثانية والثلاثين من بطولة أوميغا دبي ديزرت كلاسيك للغولف عن بعد هذه المرة بسبب القيود على السفر التي فرضتها جائحة كورونا. وإذا كنت الجائحة قد أبقت رئيس دار أوميغا (الراعية للبطولة منذ عام 2010) ورئيسها التنفيذي خارج دائرة الحدث هذه السنة، إلا أنها تشغل على الأرجح حيزًا كبيرًا من جدول أعماله فيما ينشط مع فريقه في البحث عن الحلول المثلى للتصدي لانعكاسات أزمة أرخت بثقلها على قطاع المنتجات الفاخرة عمومًا، بما في ذلك صناعة الساعات. تدعم هذه المساعي الرؤيةُ المتبصرة التي يتحلى بها آيشلمان والتي أتاحت له منذ تسلمه مقاليد الإدارة سنة 2016 بث حيوية متجددة في إرث الدار والارتقاء بحس الابتكار الطموح لديها. قد يكون خير شاهد على ذلك المبادرات المتفردة التي أطلقها، بما في ذلك بناء متحف جديد للعلامة في سويسرا، وترسيخ حضورها في العالم الرقمي.


في حديث إلى مجلة Robb Report العربية، يكشف راينالد آيشلمان عن التوجهات للمرحلة المقبلة ويستعرض جوانب كثيرة من تجربته الخاصة في هذا القطاع. 

 

كيف تقيمون التحديات التي ينطوي عليها دوركم في الحفاظ على استمرارية إرث يمتد عبر 172 سنة؟


تشتهر أوميغا بطابعها الريادي وحس الابتكار الراسخ لديها. لذا يكمن التحدي الرئيس في الحفاظ على الخارطة الجينية للعلامة. لا شك في أن للدار تاريخًا مجيدًا، لكننا لا نستطيع أن نعتمد على الماضي وحده. يجدر بنا أن نستمر في البحث عن طرائق تتيح لنا تحقيق الأفضل والارتقاء ليس بمعاييرنا الخاصة فحسب، بل بقيم قطاع صناعة الساعات أيضًا. في فترة رئاستي للدار، أشرفت على عدد من المبادرات الرائعة، بما في ذلك إطلاق شهادة ماستر كرونوميتر (شهادة من المعهد الاتحادي السويسري METAS لعلم القياس تصادق على دقة الأداء ومعايير الساعة المتميزة)، وتطوير مواد جديدة، فضلاً عن إضفاء تحديثات تقنية على ساعاتنا الشهيرة مثل طراز Moonwatch والمعيار الحركي Calibre 321. ستبقى مهمتي دومًا الدفع بالعلامة قدمًا والحفاظ على الروح الطموحة التي تشتهر بها.

 

 
يروي متحف La Cité du Temps الذي افتتحته أوميغا في سويسرا سنة 2019 حكاية إنجازات وابتكارات ترتبط ارتباطا وثيقا بإرث العلامة وصنعتها المتقنة.

عندما بدأت جائحة كورونا، بدا أن قطاع الساعات يواجه المجهول. ما الاستراتيجيات التي اعتمدتموها في مواجهة تداعيات الأزمة وفي الاستجابة لوضع السوق الخارج عن المألوف؟


لا يزال الوضع الذي فرضته الجائحة قائمًا، لذا نحاول استكشاف السبل المثلى للتكيف مع الحالة الراهنة، شأننا في ذلك شأن الدور الأخرى. في ظل الظروف القائمة، تبيّن لنا أن العنصر الأكثر متانة لدينا هو حضورنا في العالم الرقمي ومنصتنا للبيع عبر شبكة الإنترنت. كنا قد شرعنا منذ سنوات في تطوير هذا الحضور لأننا أدركنا في مرحلة مبكرة الأهمية الكبرى في قطاع المنتجات الفاخرة لاعتماد استراتيجية خاصة بعالم الإنترنت. لذا كنا مهيّئين جيدًا منذ بدء الجائحة للبقاء على تواصل مع زبائننا وتوفير المبيعات عبر الإنترنت في أسواق كثيرة مثل المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا. كما أننا استكشفنا أساليب مبتكرة، مثل خدمة البث المباشر عبر إنستغرام، لنبقى قادرين على إلهام الهواة والحفاظ على حضور العلامة.

"سيظل مستقبل صناعة الساعات موضوع تساؤلات عدة. لكنها حرفة لا تنفك تثبت جدواها وشهرتها واسعة النطاق. فاقتناء ساعة جميلة يبقى تجربة شخصية وعاطفية للغاية، وهذه سمة لا يمكن للتقنيات الرقمية أن تحل محلها"


فيما يتصدى قطاع المنتجات الفاخرة بأكمله لانعكاسات الجائحة، كيف تتصورون مستقبل صناعة الساعات؟


سيظل مستقبل صناعة الساعات موضوع تساؤلات عدة. لكنها حرفة لا تنفك تثبت جدواها وشهرتها واسعة النطاق. فاقتناء ساعة جميلة يبقى تجربة شخصية وعاطفية للغاية، وهذه سمة لا يمكن للتقنيات الرقمية أن تحل محلها. لذا أعتقد أن صناعة الساعات ستحافظ دومًا على مكانتها. لكن من الضروري بموازاة ذلك التكيف مع إيقاع العصر. أعتقد أن أحد العناصر الرئيسة لتحقيق ذلك يتمثل بإيجاد موطئ قدم للعلامة في العالم الافتراضي والاستفادة من الفرص كافة التي تتيحها هذه المنصة. أما على مستوى المنتجات، فجل ما ينبغي فعله هو المواظبة على الابتكار.


شهدنا مؤخرا طفرة في مبيعات الساعات الفاخرة عتيقة الطراز والمستعملة. كيف تقيمون نمو السوق الثانوية في هذا المستقبل؟


أستحسن الشغف المتنامي عند الهواة تجاه الساعات عتيقة الطراز. فمن الرائع أن تظل هذه الابتكارات التاريخية محل تقدير. صحيح أن نمو هذه السوق يبدو واعدًا، لكني أعتقد أننا نحتاج إلى دعم هذا النمو. فالثقة مسألة مهمة للمشترين والباعة على حد سواء، لذا يجدر بالعلامات أن توفّر كل مساعدة ممكنة على هذا المستوى. لهذا السبب خصوصًا أطلقنا في أوميغا شهادة الأصالة للمصادقة على الساعات، الأمر الذي يعزز الشفافية في السوق. تشكل هذه الشهادة مصدر طمأنينة فيما يتعلق بهذه المسألة المعقدة، وتشجع مزيدًا من الأفراد على الانخراط في هذا المجال.

راينالد آيشلمان

 

ما الذي يغذي ميل الدار إلى رياضة الغولف؟


ثمة قيم كثيرة تجتذب أوميغا إلى عالم الغولف. إنها رياضة تعتمد على الدقة، وكل تفصيل صغير فيها يحدث فرقًا. كما أنها تجمع بين التراث ورقي الأسلوب، فضلاً عن أعلى درجات التميز. إننا نرى في هذه الرياضة كثيرًا من المزايا التي تطبع علامتنا. فضلاً عن ذلك، تشكل بطولات الغولف فرصة رائعة للتواصل مع زبائننا وبناء علاقات متينة معهم. الغولف رياضة عالمية تتيح لنا التواصل مع الأصدقاء والهواة في مختلف أنحاء العالم.

 

"سيظل مستقبل صناعة الساعات موضوع تساؤلات عدة. لكنها حرفة لا تنفك تثبت جدواها وشهرتها واسعة النطاق. فاقتناء ساعة جميلة يبقى تجربة شخصية وعاطفية للغاية، وهذه سمة لا يمكن للتقنيات الرقمية أن تحل محلها"

هل حلمت دوما بالسير على خطى جدك صانع الساعات؟ وما مدى تأثير نشأتك في سانت إيمييه، موطن عدد من أهم دور الساعات، في مسيرتك المهنية؟


عندما يترعرع المرء في هذه المنطقة السويسرية، تصبح صناعة الساعات جزءًا طبيعياً من حياته. أورثني جدي الأفكار المرتبطة بالدقة والحرفية في سن مبكرة. من المرجح أني في عمر الطفولة كنت أفضل أن أصبح جيمس بوند، لكني سلكت لاحقًا دربًا مهنيًا أكثر واقعية. الحقيقة هي أني حزت شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية وعملت بداية خبيرًا استشاريًا في مجال الاستثمارات. قادتني هذه الخطوة إلى عالم المبيعات والتسويق، وعندما تسنت لي الفرصة الرائعة للعمل سنة 1996 في دار أوميغا، لم يكن بوسعي تبديدها. كان الأمر أشبه بمنظومة تناغم بين مكامن شغفي كلها.


ما أكثر ما يستثير شغفك بمهنتك في عالم الساعات؟


إن أكثر ما أقدّره في هذا القطاع هو العنصر البشري. ولا أقصد العقول المبدعة فحسب، ولكن هواة الساعات أيضًا الذين يثرون هذا المجال بحماستهم ومعارفهم. بنيت صداقات رائعة من خلال صناعة الساعات. لكن ما يثير حماستي أيضًا هو مقدرتي على أن أكون شاهدًا على كل تطور يتحقق. في دار أوميغا مثلاً، نسعى دومًا إلى خوض تحديات جديدة، وأجدني مفتونًا بالمساعي التي تبذلها الفرق في الدار لتحديث ساعاتنا وابتكار طُرز جديدة. أذكر على سبيل المثال طراز Ultra Deep Professional Seamaster Planet Ocean الذي أتاحت مزاياه التقنية بالغة التطور الغوص بنموذج منه سنة 2019 إلى أعمق موقع على كوكبنا. شكل هذا الطراز مشروعًا طموحًا حقق رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا وأثبت أيضًا تمايز أوميغا في تصميم ساعات الغوص.

تحتفي ساعة Speedmaster Moonwatch المجهزة بالمعيار الحركي 321 بإرث طراز سبيدماستر الشهير من أوميغا

تحتفي ساعة Speedmaster Moonwatch المجهزة بالمعيار الحركي 321 بإرث طراز سبيدماستر الشهير من أوميغا.


هل تستهويكم عوالم أخرى؟


سويسرا هي وطني الأم، لذا أشعر بميل فطري إلى قضاء الوقت في الهواء الطلق. هناك تحيط بنا مفاتن الطبيعية، من الجبال إلى البحيرات، من كل جانب، ولا يسعك إلا أن تختبر جمالياتها الملهمة. بالإضافة إلى ولعي بالإبحار والرياضات الشتوية، تستهويني أيضًا الأزياء وأحدث التوجهات في عالم الأناقة. يراودني شخصيًا شعور رائع عندما أختار بذلة فاخرة متقنة الحياكة لتنسيقها مع ساعة بديعة التصميم من أوميغا.


في أسفارك الكثيرة، أي البلاد تركت أثرا بالغا في نفسك؟


تستهويني المدن الكبرى بصفة خاصة، على غرار نيويورك ولندن. فما تعد به هذه المدن من حيث الفنادق والطعام والتجارب المتنوّعة متميّز دومًا. كما أنها وجهات تتيح للمرء اختبار تجارب جديدة ومختلفة في كل زيارة. بوصفي أيضًا من هواة الرياضات الشتوية، لا بد لي من أن أضيف إلى اللائحة القمم الجبلية الأخاذة في سويسرا التي تقدّم الأفضل على مستوى هذه الرياضات. أبحرت أيضًا إلى وجهات عدة ساحرة، لكن جزر توباغو كايز تبقى المفضلة عندي.

يتفرد طراز Seamaster Planet Ocean Ultra Deep Professional بمزايا تقنية بالغة التطور أتاحت الغوص بنموذج منه إلى أعمق موقع في جوف المحيطات

 
يتفرد طراز Seamaster Planet Ocean Ultra Deep Professional بمزايا تقنية بالغة التطور أتاحت الغوص بنموذج منه إلى أعمق موقع في جوف المحيطات.


كيف يختبر المرء ذروة الرفاهية؟ وما هي السعادة عندك؟


قد يبدو جوابي تقليديًا، إلا أني أعتقد حقيقة أن الوقت يمثّل ذروة الرفاهية. فيما تزدحم حياتنا بالمشاغل، من الضروري أن نقدّر الأوقات الخاصة التي نبتعد فيها عن هموم الأعمال ومتاعبها. حظيت شخصيًا بامتياز اختبار تجارب رائعة أذكر منها حضور الألعاب الأولمبية، وزيارة مركز كيندي للفضاء، وصحبة العميل البريطاني جيمس بوند. أما السعادة الحقيقية، فيختبرها المرء عندما يكون محاطًا بأفراد عائلته وبأصدقاء رائعين. إن الأوقات التي أمضيها برفقة هؤلاء هي أكثر ما أقدّره.