تبشر القوة الخارقة لمحرّك هذه المركبة بتجربة قيادة مبهجة إلى حد مخيف

 

هبّت رائحة الإسفلت الساخن والمطاط المحترق على المقصورة الداخلية عبر النوافذ المفتوحة لسيارة دودج تشالنجر أس آر تي ديمون الجديدة لعام 2018، فيما كان جيم وايلدر، مدير قسم تطوير المركبات لدى الصانع، يوجّه السيارة الرياضية الحديثة عبر نقطة الانطلاق في حلبة لوكاس أويل رايسواي في إنديانابوليس. بعد أن ضغط وايلدر مطولًا على دواسة الوقود في وضعية التوقف لتنظيف الإطارات وإحمائها، تهيأ لإطلاق سيارة ديمون التي تنتج قوة مقدارها 840 حصانًا عبر خط مستقيم بطول 4٫400 قدم، مستخدمًا لأجل ذلك نظام المكابح الإلكتروني الذي كان قد أسهم هو نفسه في تطويره، والذي يتيح للسائق زيادة سرعة المحرك إلى 2٫350 دورة في الدقيقة دون إنهاك المكابح. على هذا، يصبح المحرك قادرًا على إنتاج أقصى طاقته في غضون مدة زمنية أسرع، محققًا زيادة في عزم الدوران بنسبة 15 في المئة مقارنة بمعدله الطبيعي.

 

 يضمن نظام المكابح الإلكتروني في سيارة ديمون، ونظاما التبريد المبتكران أداء محسنا عند الانطلاق ويعززان كفاءة المحرك في العموم.

 

 

 

 

 

فيما كنت أحكم إغلاق حزام الأمان من مجلسي، متشوقًا إلى اختبار إمكانات السيارة، صرّح وايلدر قائلاً: «لا شيء يضاهي متعة إطلاق هذه المركبة، لكنها أيضًا المهمة الأكثر صعوبة. فتحقيق التوازن الأمثل لدى الضغط على دواسة الوقود بما يضمن أكبر قدر ممكن من التماسك يتطلب دقة متناهية. ما إن تنجح في مهمة الإطلاق، يبدأ التركيز على توجيه قوة العزم إلى العجلتين الخلفيتين فيما السيارة تندفع قدمًا، مع الضغط على دواسة الوقود قدر الإمكان».

 

عندما تحسن الانطلاق بالسيارة وحسب، تتسمر في مقعدك طيلة الجولة التي تقطع في سياقها مسافة ربع ميل، وتختبر أفضل تسع ثوان في عمرك

 

 

 

لدى بلوغنا العلامة التي تشير إلى تجاوز الجزء الثامن عشر الأول من الميل، خفف وايلدر من الضغط على دواسة الوقود وأبطأ من سرعة السيارة ديمون، لكن نبضي ظل يتسارع. كانت الجولات الاثنتا عشرة المماثلة التي قمنا بها في فترة ما بعد الظهر قد جعلت المحرك يسخن بعض الشيء، فيما ظروف القيادة كانت أبعد ما يكون عن الوضع المثالي في ظل حرارة الجو التي كانت تقارب 32 درجة مئوية. لكن على الرغم من ذلك، تسارعت المركبة من صفر إلى 60 ميلاً/ الساعة في غضون 2.8 ثانية، أي بفارق بسيط بصعوبة يعادل خمسة أعشار من الثانية مقارنة بالوقت الأفضل الذي يمكنها تحقيقه.

 

قال لي وايلدر، آنذاك، وابتسامة عريضة تعلو وجهه: «الأمر يظل مثيرًا في كل مرة. عندما تحسن الانطلاق بالسيارة وحسب، تتسمر في مقعدك طيلة الجولة التي تقطع في سياقها مسافة ربع ميل، وتختبر أفضل تسع ثوان في عمرك».

 

لطالما شكل التسارع بالسيارة من نقطة الانطلاق تجربة تروي ظمأ أولئك المولعين بالسرعة في عالم السيارات، وذلك بدءًا من ستينيات القرن الفائت، أي من تلك الحقبة التي حددها تمرد الشباب على النزعات المادية التي كانت غالبة لدى الجيل السابق، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية. آنذاك، تنبّه صنّاع السيارات إلى الأمر وعكفوا على تصميم مركبات تتميز بالمظهر والأداء عن السيارات التي كانت شائعة في خمسينيات القرن الفائت. بسبب تلك المساعي، بزغ فجر السيارات عالية الأداء، أي مركبات السباق المجازة للقيادة على الطرقات العادية والمتميزة بقوة حصانية عالية، لتتحول إذ ذاك رياضة سباقات السيارات إلى ظاهرة شائعة لا تقتصر على الحلبات.

 

قبل عشر سنوات تحديدًا، عندما عكف المهندسون لدى دودج على إعادة تصميم سيارة تشالنجر، استلهموا في مشروعهم الحقبة الأصيلة للسيارات عالية الأداء. بحسب تيم كونيسكيس، رئيس علامات سيارات الركاب لدى مجموعة فيات كرايسلر أوتوموبيلز في أمريكا الشمالية، أجرى المطورون لدى دودج استطلاعًا للسوق وحددوا هوية الجهة المنافسة الرئيسة لمركبتهم، والتي تمثلت آنذاك بالمركبات من طرازي فورد موستانغ وشيفروليه كامارو. اعترف أولئك المطورون بأنهم لن يحققوا إنجازًا يُذكر من ابتكار سيارة تتميز بالمواصفات نفسها التي تتفرد بها تلك المركبات وتوفر تجربة قيادة مماثلة لما تقدمه. عوضًا عن ذلك، أطلقت دودج سيارة تشالنجر 2008 متعمدة أن تجعلها أكبر حجمًا من المركبات المنافسة لها في السوق.

 

وإذ يسترجع كونيسكيس الاستراتيجية التي اعتمدتها الشركة في سياق ابتكار النسخة الأحدث من سيارة تشالنجر، يقول: «كنّا نريد الإتيان بمركبة عالية الأداء أقوى من ذي قبل. بمعنى آخر، كان المطلوب من السيارة أن تكون أكثر مواءمة للقيادة على الشارع ولسباقات الجر في آن، وأن يتجاوز أسلوبها وسلوكها تحقيق وقت أفضل بمقدار أعشار الثانية من مجمل الوقت الذي تستغرقه خلال السباق من نقطة الانطلاق إلى خط النهاية وحسب».

 

عندما عكف المهندسون في الوحدة المعنية بتطوير تقنيات القيادة على الشارع وفي السباقات على بناء سيارة ديمون التي يبدأ سعرها من 84٫995 دولارًا، انطلقوا بداية من تطوير محرك V-8 من ثماني أسطوانات بسعة 6.2 لتر معزز بشاحن توربيني خارق وقادر على إنتاج قوة حصانية تعادل 840 حصانًا وقوة عزم دوران تساوي 1043.97 نيوتن متر. بما أن تصميم السيارة كان يأخذ في الحسبان مشاركتها في سباقات الجر، ركز فريق التطوير على دمج كامل المزايا والإمكانات التي تتشاركها مختلف السيارات المتنافسة في سباقات الجر في مركبة يُسمح قانونيًا بقيادتها على الشوارع العادية. على سبيل المثال، تتميز كل مركبة من سيارات سباقات الجر بنظام تعليق يتيح رفع طرفها الأمامي أوتوماتيكيًا مع الحفاظ على الجزء الخلفي منها ثابتًا على الأرض لتحقيق أقصى قوة سحب. توصل فريق التطوير التقني أس آر تي إلى طريقة تتيح تحقيق هذا الأمر إلكترونيًا، ما أدى إلى ابتكار نظام جر يسمح بنقل أكبر قدر من الثقل إلى العجلتين الخلفيتين.

 

الأمر نفسه ينطبق على نظام المكابح المذكور آنفًا. يقول كونيسكيس: «استنسخنا الطريقة نفسها باستخدام أنظمة إلكترونية. فلدى تفعيل أذرعة نظام تبديل السرعات، يبقي جهاز الحاسوب على مقابض التعشيق كلها في وضعية مغلقة ما يحول دون تحرك السيارة. لدى إطلاق ذراع التبديل، تنطلق السيارة».

 

بالمثل، توصل فريق التطوير التقني أس آر تي إلى طريقة لتعزيز كفاءة تبريد محرك سيارة سباقات الجر قبل تشغيله. ففي الماضي، كان المتسابقون يستخدمون أكياس الثلج لتبريد القسم العلوي من المحرك، ما يتيح تبريد الهواء المتدفق إلى الداخل ويسمح بإنتاج قدر أكبر من القوة الحصانية. أما فريق التطوير التقني أس آر تي، فقد ابتكر نظام تبريد يعمل على تدوير هواء المبرد وتوجيهه إلى محولات الحرارة في الشاحن التوربيني الخارق. يقول كونيسكيس: «عندما تدير مفتاحًا واحدًا وحسب، سيُهيّأ لنظام السيارة أن الجو في الخارج أكثر برودة بمقدار 1.11 درجة مئوية». أضف إلى ذلك أن الصانع زوَّد السيارة بنظام تبريد لمرحلة ما بعد التشغيل يتيح الإبقاء على مروحة المحرك ومضخة تبريد الدوائر منخفضة الحرارة قيد التشغيل حتى بعد إطفاء المحرك. يمكن مراقبة حرارة المبرد عبر شاشة تعمل باللمس مثبّتة إلى لوح العدادات، ما يسمح للسائق بأن يدرك متى يبلغ الشاحن التوربيني الخارق الحرارة المثالية للقيام بجولة ثانية في سباق الجر. يعمل النظامان معًا على خفض حرارة الهواء المتدفق إلى الداخل بمقدار 7.22 درجة مئوية.

 

يقول كونيسكيس: «هذه التدابير لا تشكّل ابتكارًا جديدًا. جل ما فعلناه هو أننا درسنا مختلف التحسينات التي يجريها المتسابقون في سباقات الجر على سياراتهم، فاستلهمنا حيلهم وقمنا بتحديثها».

 

لن تُنتج دودج سوى 3٫300 نموذج من سيارة تشالنجر أس آر تي ديمون، وقد بدأ الطلب على هذه النماذج يبلغ ذروته. بل إن كونيسكيس سمع أخبارًا عن زبائن أبدوا استعدادهم لتكبد زيادة بمقدار 50 ألف دولار على سعر المبيع الأصلي المحدد من قبل الصانع لكي يضمنوا إدراج أسمائهم على لوائح الموزعين المعتمدين للسيارة، ما يجعله يعتقد بأن كثيرًا من الزبائن يرغبون في شراء هذه المركبة كاستثمار من نوع المضاربة. في هذا يقول كونيسكيس: «إن هؤلاء الزبائن لن يعمدوا أبدًا إلى إزالة الكسوة البلاستيكية عن مقاعد السيارة». ويضيف: «إن 50 في المئة من سيارات تشالنجر أس آر تي التي سيتم إنتاجها سُتخزن على الأرجح لوقت طويل ولن ترى النور إلا مع تاريخ دخولها أحد مزادات باريت-جاكسون بعد نحو 20 عامًا».

 

أما وايلدر، فتساوره مشاعر متضاربة لمثل هذا الواقع، إذ يقول: «من الرائع أن نبتكر مركبة متميزة حد النظر إليها بوصفها استثمارًا. لكن إن اكتفيت بالاحتفاظ بهذه السيارة في المرآب، فستفوّت على نفسك تجربة قيادة رائعة».

   

 

 

أرقام

2.3 ثانية المدة التي تستغرقها السيارة للتسارع من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة.

9.65 ثانية الوقت الذي تحتاج إليه سيارة ديمون لكي تجتاز مسافة ربع ميل في خط مستقيم (وفقًا لمصادقة جمعية هوت رود الوطنية المنظمة لقوانين سباقات الجر.

2٫576 رطلاً مقدار الثقل الذي يُحوّل من مقدمة السيارة إلى جزئها الخلفي بما يتيح رفع عجلتيها الأماميتين عن الأرض.

2.92  قدم هي المسافة التي يمكن لسيارة ديمون أن تقطعها على العجلتين الأماميتين فحسب، بدءًا من نقطة الانطلاق (وهو وفقًا لموسوعة غينيس رقم قياسي عالمي لسيارة تُنتج على نطاق واسع).

0.5 ثانية المدة التي تستغرقها السيارة لبلوغ ذروة التسارع.

1.8  مقدار قوة التسارع عند الانطلاق.

173 قدمًا مكعبًا مقدار الهواء الذي يتدفق إلى السيارة ديمون في سباق جرّ بطول ربع ميل (أي ما يعادل سعة الرئتين لما مجموعه 816 شخصًا).

32 حصانًا مقدار القوة الحصانية الإضافية التي يولدها المحرك باستخدام وقود من نوع أوكتان 100 خال من الرصاص مقارنة باستخدام وقود أوكتان 91 من الدرجة الممتازة.

6٫300 دورة في الدقيقة سرعة الدوران القصوى التي يحققها المحرك في دقيقة واحدة.

 

هيلكات الأكبر حجما

عندما أطلقت وحدة أس آر تي لدى مجموعة فيات كرايسلر أوتوموبيلز مؤخرًا سيارة دودج تشالنجر أس آر تي ديمون لعام 2018، أثار ابتكارها الجديد كثيرًا من علامات التعجب. لكن هذه الوحدة كشفت أيضًا عن مركبة حماسية سريعة أخرى تمثلت بسيارة دودج تشالنجر أس آر تي هيلكات وايد بودي لعام 2018.

 

 

حظيت سيارة تشالنجر أس آر تي هيلكات، منذ إطلاقها للمرة الأولى عام 2015، بشعبية فاقت توقعات الشركة التي باعت منها 26 ألف نموذج. كانت سيارة شبه كاملة وتحقق كل ما يريده منها السائقون إلا على مستوى الثبات. لحل مشكلة القصور في الثبات، عمد مؤخرًا المهندسون لدى دودج إلى إعادة صياغة سيارة هيلكات في هيكل يشابه في تصميمه هيكل سيارة ديمون، وجهزوها بعجلات بحجم 11 بوصة وإطارات أكبر حجمًا، كما أعادوا معايرة نظام التعليق المستخدم في سابقاتها، واعتمدوا فيها نظام توجيه إلكترونيًا. كانت النتيجة مأثرة أمريكية على الحلبات مجهزة بنظام تماسك جانبي محسّن وقادرة على تحقيق سرعة أقصاها 195 ميلاً/ الساعة، بل وعلى دخول حلبة المنافسة في حدث سيارة عام 2018 الذي تنظمه مجلة Robb Report.